استعدادات روسية لمواجهة هجوم أوكراني مضاد بعد تسريب «وثائق» أميركية عنه

ترجيحات بفتح جبهة زابوريجيا لتخفيف الضغط على باخموت

مدرعات أوكرانية لنقل الجنود على إحدى الطرق الرئيسية المؤدية إلى باخموت (إ.ب.أ)
مدرعات أوكرانية لنقل الجنود على إحدى الطرق الرئيسية المؤدية إلى باخموت (إ.ب.أ)
TT

استعدادات روسية لمواجهة هجوم أوكراني مضاد بعد تسريب «وثائق» أميركية عنه

مدرعات أوكرانية لنقل الجنود على إحدى الطرق الرئيسية المؤدية إلى باخموت (إ.ب.أ)
مدرعات أوكرانية لنقل الجنود على إحدى الطرق الرئيسية المؤدية إلى باخموت (إ.ب.أ)

مع تواصل المعارك الضارية في باخموت وتضارب المعلومات حول حجم تقدم قوات مجموعة «فاغنر» في المدينة الاستراتيجية، وترجيح قرب الإعلان عن سقوطها بشكل نهائي في أيدي القوات الروسية، تركزت الأنظار (الجمعة)، على استعدادات روسية لمواجهة هجوم أوكراني مضاد توقعت مصادر الانفصاليين الأوكرانيين، أن يمتد من زابوريجيا إلى عدد من المناطق الأخرى. وتزامنت تقارير قادة عسكريين ميدانيين، حول هذا الشأن، مع نشر تسريبات أميركية أشارت إلى الهجوم المرتقب. وحملت تصريحات نُسبت إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مؤشرات جديدة إلى عزم الغرب على دعم التوجه الأوكراني.
وكانت قوات «فاغنر» قد نشرت صوراً وتسجيلات فيديو خلال اليومين الماضيين من مناطق في وسط باخموت في مسعى لتأكيد فرض سيطرة كاملة على المدينة، كما تحدثت تقارير عن إحكام قبضة القوات على محطة سكك الحديد في المدينة بعد إجبار القوات الأوكرانية على الابتعاد عن خطوط التماس حولها، ما يعني قطع آخر خطوط الإمداد إليها.
ووصفت أوكرانيا الوضع في باخموت بأنه «صعب»، لكنها أشارت إلى أنها صامدة رغم التفوق العددي للقوات الروسية. وأفاد المتحدث باسم القيادة العسكرية الشرقية سيرهي تشيرفاتي، لـ«رويترز»، بأن أوكرانيا تسيطر على الوضع في باخموت وتدرك النيات الروسية، وأن موسكو حققت نجاحاً تكتيكياً في بعض الأماكن لكنها تدفع ثمناً باهظاً مقابل ذلك. وقال تشيرفاتي: «الوضع صعب، العدو يبذل أقصى جهوده للاستيلاء على باخموت. لكنه يعاني من خسائر فادحة ولم يحقق نجاحاً استراتيجياً». وأردف قائلاً إن «جميع القرارات تُتخذ بهدف عدم السماح للعدو باختراق دفاعنا وبهدف إلحاق أكبر قدر من الضرر به والحفاظ على الأفراد».
لكن القوات روسية أحرزت تقدماً في السيطرة على أراضٍ في مدينة «باخموت»، طبقاً لجهاز الاستخبارات البريطاني.
وذكرت وزارة الدفاع البريطانية، (الجمعة)، في تحديث منتظم لها بشأن الحرب، أن القوات الروسية ربما شقت طريقها بوسط المدينة وسيطرت على الضفة الغربية من نهر «باخموتكا». وأضاف التقرير أن هذا يعني أن طريق إمداد أوكرانياً رئيسياً إلى غرب البلدة «ربما تعرّض لتهديدات بشكل خطير». وتابع التقرير أنه بعد عدم إحراز القوات الروسية أي تقدم في باخموت، منذ نهاية مارس (آذار) الماضي، زادت موسكو بشكل كبير وجودها في المنطقة ونشرت أيضاً المزيد من المدفعية. وذكر جهاز الاستخبارات البريطاني أن هناك أيضاً «احتمالاً واقعياً» أن تهدأ التوترات بين موسكو وقوة «فاغنر» المرتزقة الروسية، «محلياً»، حيث حسّن الجانبان من التعاون.
ومع توقع أن مسألة سقوط المدينة غدت «مسألة وقت»، كما قال مسؤولون عسكريون، تحدثوا عن انسحابات واسعة للقوات الأوكرانية من التحصينات التي أُقيمت حولها، اتجهت الأنظار (الجمعة)، إلى احتمال اشتعال جبهة جديدة، مع بروز معطيات عن تجهيزات دخلت مراحلها النهائية لشن هجوم أوكراني مضاد على عدة محاور.
ونقلت وسائل إعلام حكومية روسية تفاصيل عن وثائق أميركية مسرَّبة وُصفت بأنها «بالغة السرية»، وقامت صحيفة «نيويورك تايمز» بنشر تفاصيل حولها. وعلى الرغم من إشارة المصادر الروسية إلى صعوبة التحقق من صحة الوثائق المنشورة، لكن مضمونها أشار -كما قالت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية- إلى دخول تحضيرات الهجوم المضاد مراحلها الأخيرة. وقالت الوكالة إن التسريبات تتحدث عن عدد القوات الأوكرانية، ومستوى إمدادها بالمعدات العسكرية، وما تحتاج إليه القوات المسلحة الأوكرانية للهجوم الذي كان مخططاً له أن ينطلق بداية الشهر الماضي. كما أشارت الوثائق المسربة إلى أن خسائر أوكرانيا منذ اندلاع الحرب بلغت بالفعل 71 ألف جندي.
وحوت الوثائق معلومات مختصرة حول 12 لواء أوكرانياً قيد التشكيل، بدا أن 9 منها قد تم تدريبها وتزويدها بالعتاد من الولايات المتحدة وحلفاء «الناتو» الآخرين. كما تفترض المواد السرية أن 6 من الألوية باتت جاهزة بحلول نهاية مارس لشن الهجوم، في حين تحتاج الألوية الأخرى إلى فترة شهر إضافي لاستكمال استعداداتها. كما تشير الوثائق إلى حاجة أوكرانيا إلى أكثر من 250 دبابة و350 مدرعة لاستكمال دعم هذه التشكيلات.
ونقلت الوكالة الروسية عن مصادر في الولايات المتحدة أن وزارة الدفاع الأميركية فتحت تحقيقاً لكشف آليات تسريب وثائق سرية للبنتاغون تصف حالة الجيش الأوكراني وخطط الولايات المتحدة و«الناتو» لدعم قوات كييف.
اللافت أن هذه المعطيات وجدت تأكيداً رسمياً، عبر تصريحات أطلقها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مقابلة مع النسخة الفرنسية من «Ouest – France»، وتحدث فيها عن هجوم أوكراني مضاد من أوكرانيا يُنتظر أن ينطلق في الأسابيع المقبلة. وعلى حد قوله، فإن الدول الغربية التي تدعم نظام كييف وضعت هدفين يتعلقان بالتدخل في الأزمة الأوكرانية.
وأشارت «نوفوستي» إلى تأكيد بلينكن أن بلاده وضعت هدفين لتحركها في المرحلة المقبلة: «أولاً، يجب القيام بكل شيء ممكن لمساعدة أوكرانيا على استعادة الأراضي، بما في ذلك الهجوم المضاد المتوقع في الأسابيع المقبلة. لكن الهدف الثاني هو مساعدة أوكرانيا على بناء قدراتها على المديين المتوسط والطويل».
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تعتزم دعم كييف في رغبتها في القتال من أجل الاستيلاء على شبه جزيرة القرم ودونباس بالقوة، قال وزير الخارجية إن مسؤولية مثل هذا القرار تقع على عاتق أوكرانيا.
ووفقاً لبلينكن: «هذا قرار أوكرانيا. الرئيس (فولوديمير) زيلينسكي يحقق إرادة الشعب الأوكراني. في الواقع، هذا قرار للأوكرانيين. جنباً إلى جنب مع الكثير من البلدان الأخرى، ندعم أوكرانيا في جهودها».
في هذا السياق، كانت وكالة «رويترز» قد نشرت قبل أيام معطيات عن انتهاء أوكرانيا من مرحلة تدريب ثمانية ألوية هجومية ضمن ما يسمى «الحرس الهجومي»، والتي يبلغ مجموع أفرادها 40 ألف جندي. ونقلت عن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، قوله إن الهجوم المضاد يمكن أن يبدأ عندما يتوقف الانهيار الطيني، أي مع بداية فصل الصيف. ووفقاً لوكالة «نوفوستي» الروسية فإن خبراء عسكريين وسياسيين في أوكرانيا والغرب كرروا خلال الفترة الماضية، أن منطقة زابوريجيا تعد «أحد اتجاهات الضربات المضادة المحتملة من أجل الوصول إلى ساحل بحر آزوف وقطع الممر البري إلى شبه جزيرة القرم».
في هذا الإطار، قال الزعيم الانفصالي فلاديمير روغوف الذي يترأس حركة «نحن مع روسيا»، إن مجموعة من الضباط الأميركيين والبريطانيين قامت بوضع وتصميم خطة هجوم القوات الأوكرانية عبر آزوف. وزاد: «خطة هجوم آزوف في مقاطعة زابوريجيا، التي يحضر لها نظام كييف، تم وضعها وتصميمها من مجموعة عسكرية تابعة للناتو في الولايات المتحدة وبريطانيا». ووفقاً له، فإن الدور الرئيسي في الخطة، سيعود إلى المدرعات والدبابات التي يتوجب عليها تحقيق اختراق سريع بهدف الوصول إلى ساحل بحر آزوف، مع تجاوز المدن والبلدات الكبيرة. وقال روغوف: «هدفهم الرئيسي يكمن في قطع الممر البري مع القرم وقطع إمداد مجموعتنا العسكرية في الجبهة. ووفقاً لخطتهم سوف يسبق الهجوم قصف صاروخي كثيف وضربات بطائرات انتحارية من دون طيار تستهدف مواقع البنية التحتية، ومن ثم يبدأ الاختراق بالمدرعات. يبقى السؤال فقط عن اتجاه الضربة». وشدد روغوف على أن «القيادة العسكرية الروسية تعلم جيداً بالخطط الأوكرانية وتحضيرات العدو». وقال: «نتخذ كل التدابير الضرورية لحماية منطقتنا». وكان روغوف قد أعلن قبل يومين أن القوات الأوكرانية «حشدت مجموعة كافية من الجنود، لشن هجوم على خطوط التماس في المقاطعة». وزاد: «تلقت استخباراتنا معلومات دقيقة حول توريد الدبابات الغربية الجديدة لأوكرانيا، وندرك أن الغرب يدفع بالرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي للهجوم، ويطالبونه بإظهار مدى فاعلية المعدات الغربية، فهم بحاجة إلى نتائج سريعة».
وأشار روغوف إلى أن وسائل الإعلام الأوكرانية تنشر حملات إعلامية تهدف لتهيئة الرأي العام لهجوم مضاد، موضحاً أن الحملات تهدف لإثارة بلبلة بين المدنيين وخفض الروح المعنوية للجنود الروس، وقال: «هذه الخدعة لن تخيف رجالنا، وسوف يتلقى العدو رداً قاسياً جداً». وكانت روسيا قد ضمت مقاطعة زابوريجيا في الخريف الماضي، وحالياً تسيطر القوات الروسية على نحو 70 في المائة من أراضي المقاطعة لكن لا تزال مدينة زابوريجيا عاصمة الإقليم تحت السيطرة.


مقالات ذات صلة

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، فيما يدرس تعيين مبعوث خاص لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.