مشاهدات وانطباعات من مهنة المتاعب في عدن

مشاهدات وانطباعات من مهنة المتاعب في عدن
TT

مشاهدات وانطباعات من مهنة المتاعب في عدن

مشاهدات وانطباعات من مهنة المتاعب في عدن

الإعلام مهنة «المتاعب، والمصاعب، والمخاطر».. يمكن تلمس ذلك في واقع العمل الصحافي المحفوف بالموت والخطر بشكل دائم كما هو الواقع في حرب غزو الميليشيات وقوات المخلوع صالح لعدن والجنوب، فالذين اختاروا هذا العمل وهو بطبيعة الحال لا يخلو من المغامرة على علم بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم. فالصعوبات والمشكلات التي تواجه الإعلاميين لا تقل في مستوى تحدياتها عن التحديات التي يواجهها العسكر، لأنهم دائما في المواجهة وعلى خطوط التماس بين أطراف الحرب.
يمكننا القول من واقع ميداني إن التغطية الإعلامية في عدن استطاعت نقل صورة الأحداث التي تشهدها المدينة منذ غزو الميليشيات لعدن أواخر مارس (آذار) الفائت بإيجابية، وكانت أكثر موضوعية، في ظل انعدام كامل لأبسط أساسيات نجاح أي عمل إعلامي وغياب البيئة المناسبة لذلك.
خلال فترة الحرب التي شنتها ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح على عدن في الأشهر الأربعة الفائتة، والتي عمدت من خلالها إلى قطع شبكات الاتصالات والإنترنت بشكل دوري لضمان عدم تمكن الإعلام من نقل جرائمها من قصف وقتل ودمار وحصار لسكان المدينة المسالمة، فقد كانت التغطية الإعلامية لتلك الفترة إيجابية وأكثر من مرضية للجميع.
وإن وجدت مقومات الاتصال الإعلامي لنقل الأحداث التي تشهدها المدينة فإن الواقع المعيش للتحرك الميداني للإعلام على الأرض غير مهيأ في ظل الحرب التي تلتهم الجميع فيكون الصحافي معرضا للخطر، ونقل الأحداث في هكذا أوضاع يعد مخاطرة حياة أو موت.
لقد أثبتت الحرب الظالمة على عدن تخطي الإعلام كل الصعوبات والمعوقات التي فرضت عليه، وتمكن الكثيرين من تجاوزها، واستطاعوا بذلك إظهار ما حل بالمدينة من قتل وحصار ودمار وجرائم ضد الإنسانية، إلا أن انقطاع شبكة الاتصالات والإنترنت قد أضاعت توثيق الكثير من مجازر الميليشيات بحق المدنيين، كما هي مجزرة البحر ونازحي مدينة التواهي.
وفي غضون ذلك يقول لـ«الشرق الأوسط» بشير الغلابي، مصور وإعلامي جنوبي، إنه خلال فترة 120 يوما من الحرب الظالمة على عدن فقد كان للجانب الإعلامي دوره الإيجابي رغم كل الصعوبات والمعوقات التي مرت بها المدينة، فالإعلام سلاح ذو حدين، على حده تعبيره، موضحا أنه ولأول مرة يجد الإعلام العربي يبرز بقوة لنقل الأحداث في عدن والجنوب بأفق وانفتاح هو الأول من نوعه.. «ونشكرهم على ذلك وفي مقدمتهم صحيفتكم (الشرق الأوسط)»، مشيرا إلى أن البيئة التي يعمل فيها الصحافيون لا تتوافر فيها عوامل التهيئة المناسبة لإنجاح أي عمل إعلامي.
وأشار الغلابي إلى أن وجود إعلاميين جنوبيين كمراسلين للقنوات والصحف الدولية كان له بالغ الأثر في نقل الأحداث بصورة طيبة في ظل انعدام شبه كامل لأبسط ركائز العمل الإعلامي في عدن والمدن الجنوبية المجاورة كانقطاعات الإنترنت والاتصالات بشكل مستمر، لكن رغم ذلك استطاع الإعلام نقل جرائم الميليشيات وما أحدثته من قتل ودمار وتشريد لمئات الآلاف من السكان المدنيين، مبينا لـ«الشرق الأوسط» أن الإعلام استطاع أن يكون جبهة رديفة لدحر الميليشيات في عدن.
ويذهب فتحي بن لزرق، ناشر ورئيس تحرير صحيفة وموقع «عدن الغد»، في معرض حديثه مع «الشرق الأوسط»، إلى القول «خلال الفترة الماضية مررنا بأوضاع صعبة للغاية من حيث التغطية الإعلامية، وكانت حياة الإعلاميين مهددة للغاية، وأصيب عدد منهم خلال هذه الحرب الظالمة». وحول أبرز المصاعب التي واجهتهم بحسب بن لزرق يقول «ممارسة العمل الإعلامي وسط ظروف حرب مستمرة ومعارك.. وكان النزول إلى الجبهات من أصعب الأمور، لأن المراسلين والإعلاميين كانوا يواجهون خطر الموت المباشر.. أضف إلى ذلك غياب أي حماية أمنية للإعلاميين خلال التغطيات الميدانية».
واستطرد بالقول إن وسائل الاتصال أيضًا تعد إحدى أبرز المشاكل التي واجهتهم في عدن، حيث تعرضت شبكات الاتصال عبر اإنترنت للانقطاع لأسابيع، وكذلك وسائل الاتصال عبر الهاتف، وهو ما عرقل عمل الإعلام بشكل كبير.
وتحدث لـ«الشرق الأوسط» قائلا إنه «رغم كل هذه التحديات أستطيع أن أقول إن الإعلاميين في عدن تمكنوا من تجاوز الصعاب ونقلوا لحظة بلحظة كل الأحداث والانتهاكات التي مارستها ميليشيا الحوثي وقوات صالح بحق المدنيين في عدن ومحافظات الجنوب الأخرى».
من جانبه، يتحدث لـ«الشرق الأوسط» ماجد الشعيبي، وهو مراسل ميداني لقناة «صوت الجنوب»، قائلا «التغطية الإعلامية مهتمة بتغطية أحداث الحرب بين الأطراف المتقاتلة، لكنها لم تلتفت إلى الحرب الأخرى التي يعاني منها المواطن والتي جعلت منه ضحية لكل ما يحدث». ويشير الشعيبي إلى أن موقفا صعبا يتكرر بالنسبة له يوميا حينما يشاهد أغلب الشباب الذين كان برفقتهم في خط النار «استشهدوا» في أكثر من معركة ولم يبق من ذكرياته معهم سوى صورهم المعلقة على قارعة الطريق وعليها «الشهيد» فلان و«الشهيد» فلان، مضيفا «خلال فترة تغطية الحرب في عدن والضالع كان المقاتلون الذين كنت موجودا معهم بالجبهة يحرصون على سلامتي أولا، وكان هذا الأمر يزعجني قليلا لأنني كنت أريدهم أن يتصرفوا كما لو أنني غير موجود». وتابع قائلا «صحيح في عدن كان الوضع مخيفا، خصوصا في الأيام الأولى، لأنه لم تكن المقاومة قد ظهرت بالشكل الذي هي عليه اليوم، وكنا نعمل في كل نزول على رفع معنويات الناس، وأن المقاومة موجودة بكل مكان».
ويتذكر الشعيبي أنه «في اليوم الأول للحرب في عدن تحديدا في 25 مارس كان المقاتلون بعدد الأصابع، والحوثيون استطاعوا اجتياح نصف مديريات عدن، ووصلوا إلى أهم المراكز الاستراتيجية للمدينة، وقمنا خلال ثلاثة تقارير ميدانية لقناة (صوت الجنوب) ومواقع التواصل الاجتماعي بخلق واقع جديد في الميدان.. لأن أغلب المواطنين الذين كانوا يتواصلون معنا كانوا محبطين جدا، لكننا استطعنا تجاوز مرحلة الإحباط.. وفي اليوم الثاني زرنا بعض المعسكرات التي كانت خالية من العسكر بعد اختفاء الجنود واللجان الشعبية، وكانت هناك عشرات الدبابات في معسكر (بير أحمد) اللواء 31، وتحتاج من يشغلها، وعملنا على توجيه نداء عبر القناة، وبعدها بساعات جاء إلى المعسكر أكثر من 70 سائقا جنوبيا وقاموا بتدريب عشرات الشباب على قيادة الدبابات، وتم توزيعها على المديريات التي لم يتمكن الحوثي وصالح من دخولها».
واستشهد بالقول «أيام الحرب في عدن صعبة. في جبهة المطار تعرضنا لقنص مباشر. شعرت في البداية بالخوف، وانبطحت أرضا بحسب توجيهات المقاومين، وظللت أكثر من ساعة، لكني حينما شاهدت قوة المقاومة وتكبيرها تعاملت مع الوضع بشكل طبيعي، ومر اليوم بسلام.. واستطعت توثيق أهم اللحظات».
وأشار إلى أن «أصعب موقف تعرضنا له أيضًا خلال تغطيتنا الإعلامية لأيام الحرب هو تعرضنا لإطلاق نار في مناطق تسيطر عليها المقاومة، وتحديدا يوم مجزرة رصيف التواهي، حيث كان الناس مستائين من الإعلام ولا يريدون من المصور أكثر من أن يلتقط صور المعاناة التي يعانيها النازحون، لأن الإشاعات كانت تنتشر بأن الإعلاميين هم من ينشرون الإحداثيات.. وبعدها بأيام تفهم الناس أننا ننقل معاناتهم للعالم، وكانوا بمجرد أن يشاهدونا يهرعون إلينا ويرحبون بنا ويقدمون لنا المساعدات في أي مكان».



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.