تفشي «ماربورغ» في أفريقيا يثير جدلاً حول أولويات إنتاج اللقاحات

أستاذ مناعة أميركي أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يتم إهمال الأبحاث

فيروس «ماربورغ» ينتقل للبشر عن طريق الخفاش (غيتي)
فيروس «ماربورغ» ينتقل للبشر عن طريق الخفاش (غيتي)
TT

تفشي «ماربورغ» في أفريقيا يثير جدلاً حول أولويات إنتاج اللقاحات

فيروس «ماربورغ» ينتقل للبشر عن طريق الخفاش (غيتي)
فيروس «ماربورغ» ينتقل للبشر عن طريق الخفاش (غيتي)

في وقت يعاني فيه العالم -راهناً- من نقص حاد في لقاح الكوليرا، لأنه «لا يحقق أرباحاً كبيرة للشركات بسبب انخفاض سعره وارتباط الطلب عليه بالبلدان الفقيرة»، يواجه العالم حالياً أزمة تتعلق بمرض آخر، يسببه فيروس «ماربورغ» والذي لم يتم اعتماد لقاح له حتى الآن، رغم اكتشافه عام 1967.
ومثل الكوليرا، تتهم دول أفريقية دولاً غربية بأنها لم تولِ اهتماماً كبيراً بهذا الفيروس يقود لإنتاج لقاح له، لأن تفشيه مرتبط بأفريقيا فقط، وهو الاتهام الذي يراه روبرت كروس، الأستاذ في قسم علم الأحياء الدقيقة والمناعة بجامعة تكساس الأميركية، «غير عادل»، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك اهتماماً بحثياً كبيراً منذ سنوات بهذا الفيروس، الذي ينتقل للبشر عن طريق الخفاش، وقدم تفسيراً لأسباب عدم تحول هذا الاهتمام البحثي للقاح معتمد.
ويقول تامر سالم، أستاذ الفيروسات بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «منذ تم اكتشاف هذا الفيروس في مدينة ماربورغ الألمانية، في أثناء إجراء الأبحاث على قرود جاءت من أفريقيا بغرض الأبحاث العلمية، لم تظهر إصابات به في الغرب إلا في حالات محدودة للغاية، وكانت ترتبط بزيارة هؤلاء المصابين لبلدان أفريقية، وهذا ما يجعل هناك شعور أفريقي بوجود تقصير من جانب الغرب، لأن حالات تفشي الفيروس تكون بعيدة عن حدودهم».
ورغم اعتراف سالم بصحة الاتهام، من واقع تجربة الاهتمام مؤخراً بإنتاج لقاحات الجدري، بعد توقف طويل، لخروج جدري القردة من أفريقيا إلى دول العالم المختلفة، فإنه يرفض في الوقت ذاته، حالة الاعتماد الواضح على الغرب في كل شيء.
ويضيف سالم أن «الاعتماد أكثر من اللازم على الغرب ليس الحل المثالي، فعدم اهتمامهم بتوفير لقاح لفيروس (ماربورغ) ليس مفاجئاً، ولكن ستكون المفاجأة أن يهتم العلماء الأوروبيون والأميركيون بتوفير لقاح لفيروس لا يعانون منه».
والحل من وجهة نظر سالم هو عمل الدول الأفريقية على «تحسين الأمن البيولوجي في القارة، أي تحمي نفسها من مسببات الأمراض، عبر تطوير مراقبة الأمراض المجتمعية، وبناء القدرة على إنتاج المعدات الوقائية واللقاحات من أدوات مكافحة الأوبئة، وزيادة الاستثمار في العاملين بمجال الرعاية الصحية».
ويمتلك «معهد سابين للقاحات» في واشنطن لقاحاً مرشحاً لاعتماده في مكافحة انتشار الفيروس، يَستخدم فيروسات غدّية تصيب الشمبانزي، تم تعديلها لتوصيل تعليمات للخلايا لصنع بروتين فيروس «ماربورغ»، كما أن هناك لقاحاً آخر صنعته شركة «يانسن» في بلجيكا، يستخدم التقنية ذاتها، ولكن بتوظيف نوع آخر من الفيروسات، وهو (الفيروس الغدّي البشريّ) الذي استخدمته الشركة المذكورة، التابعة لشركة «جونسون & جونسون» في تصنيع لقاح «كوفيد – 19».
وتستند ثلاثة لقاحات أخرى إلى فيروس التهاب الفم الحويصلي، ومن بينها لقاح لـ«جامعة كامبريدج» البريطانية، و«المبادرة الدولية للقاح الإيدز (IAVI)» في مدينة نيويورك، وشركة «أورو» في بيرل ريفر بنيويورك.
من جانبه، يرى روبرت كروس، الأستاذ في قسم علم الأحياء الدقيقة والمناعة بجامعة تكساس الطبية بأميركا، أن هذه اللقاحات، التي توجد في مراحل مختلفة من التطوير (أغلبها في التجارب الحيوانية، واثنان فقط أُجريت المرحلة الأولى من تجاربهما السريرية وهما لقاحا «يانسن» و«سابين»)، هي خير دليل على الاهتمام الغربي بتوفير لقاح.
ويقول كروس لـ«الشرق الأوسط»: «بينما أوافق على أنه يمكن بذل المزيد من الجهود لدفع الكثير من العلاجات واللقاحات عبر خط النهاية، فلن يكون من العدل القول إنه لا يوجد اهتمام بتطوير إجراءات طبية مضادة للكثير من الفيروسات الناشئة ذات الأولوية العالية، بما في ذلك فيروس ماربورغ».
ويضيف أنه «في حين أن طبيعة تفشي فيروس ماربورغ تجعل تجارب الفاعلية صعبة، بسبب الطبيعة المتفرقة لتفشي الفيروس، وانتهاء الفاشيات سريعا بإجراءات الحجر الصحي، فإنه ليس من المستحيل إجراء تقييمات للقاحات المرشحة عبر طريق بديل أقرته إدارة الغذاء والدواء».
ويمكن وفق هذا الطريق، كما يوضح كروس، إجراء التجارب ما قبل السريرية (دراسات النماذج الحيوانية)، والمرحلة الأولى من التجارب السريرية، في حالة عدم وجود فاشيات نشطة، لإثبات ملامح السلامة والفاعلية الواعدة التي يمكن أن تسمح بنشر اللقاح في حالة تفشي المرض، حيث يمكن وفق لوائح إدارة الغذاء والدواء الأميركية الموافقة على بعض اللقاحات باستخدام بيانات سلامة الإنسان (المرحلة الأولى من التجارب السريرية) والبيانات قبل السريرية فقط.
ولا تعكس إجابة كروس، في رأي هلال فؤاد حته، مدرس الميكروبيولوجيا الطبية والمناعة بجامعة أسيوط (جنوب مصر)، رغبة حقيقية في توفير لقاح، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأبحاث الغربية في هذا الإطار لا تعدو أن تكون بهدف توفير أداة محتملة لمواجهة الفيروس».
ويضيف أنه «يمكن أن يتم تفعيل هذه الأداة لتتحول إلى منتج في حال تفشي الفيروس عالمياً، أو في حالة استخدامه لأغراض عسكرية، وهو ما يفسر سبب تمويل بعض أبحاث اللقاحات من وزارة الدفاع الأميركية».
وفي تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، استبعد أحمد سالمان، مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات في «معهد إدوارد جينر» بجامعة «أكسفورد» البريطانية، انتشار فيروس «ماربورغ» عالمياً، وتحوله إلى حالة طوارئ عالمية، بسبب آلية العدوى، التي تختلف عن الفيروسات التنفسية مثل فيروس كورونا المستجد، حيث لا تحدث العدوى إلا عند لمس السوائل الجسدية لشخص مصاب، مثل الدم واللعاب والصديد والعرق، كما يمكن أن تنتشر أيضاً عن طريق العلاقات الجنسية، لذلك، فإن إجراءات الحجر الصحي مثل عزل المصابين ومخالطيهم، يمكن أن تكون مفيدة في السيطرة على الفيروس، ومنع انتشاره».


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.