بالتزامن مع إعلان السفارة الأميركية في ليبيا دعمها مساعي محاسبة منتهكي القانون الدولي في البلاد، انضم حقوقيون ونشطاء ليبيون إلى دعوات مماثلة، وذلك بعد أسبوع من إصدار البعثة المستقلة لتقصي الحقائق تقريرها، الذي يؤكد تورط بعض الأطراف المحلية في «جرائم» يتعلق معظمها بالمهاجرين غير النظاميين والنساء. ويوثق الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، التي ارتكبتها جميع الأطراف في ليبيا منذ 2016.
ويرى حقوقيون، ومنهم رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة، أن السلطات الليبية مطالبة باتخاذ خطوات جادة وحاسمة لمعالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نُشيد ونُرحب بما جاء في التقرير النهائي لبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق الخاصة بليبيا، ونؤكد أن ما جاء في التقرير ما هو إلا نسبة قليلة أمام الكم الهائل والسجل الطويل والمروع لانتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا». داعياً إلى اتخاذ خطوات جادة وحاسمة من جانب أطراف الصراع، بهدف تعزيز سيادة القانون والعدالة، وإنهاء الإفلات من العقاب، وضمان حقوق الضحايا والمتضررين، والأخذ بما جاء في التوصيات الختامية للتقرير، وهي المطالب التي ينادي بها عديد الحقوقيين في البلاد.
وتضمن التقرير قائمة طويلة من التوصيات، منها التحقيق مع الأفراد المتهمين بارتكاب انتهاكات وتجاوزات تتعارض مع القانون، ونزع السلاح والتسريح، وإعادة الإدماج وإعادة التأهيل بشكل فعال لإنشاء قوات مسلحة وأمنية موحدة، تماشياً مع المعايير والممارسات الدولية. إضافة إلى وقف جميع المحاكمات العسكرية للمدنيين، ووقف تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية ضد المدنيين، وإنهاء تجريم الدخول والإقامة غير النظامييْن للمهاجرين في ليبيا، والإفراج الفوري عن المهاجرين المحتجزين تعسفياً، مع إغلاق السجون السرية، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفياً.
في السياق نفسه، غردت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا معلنة مساندة جهود تعقب الجناة المتورطين في جرائم حقوقية. وجاء في التغريدة أن الولايات المتحدة «تشارك القلق العميق، الذي أعربت عنه بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة. وسنواصل الوقوف إلى جانب الشعب الليبي، واستخدام الأدوات والسلطات المتاحة لنا لمساءلة منتهكي حقوق الإنسان».
كما نشر السفير السويسري لدى تونس وليبيا، جوزيف رينجلي، تغريدة عبر حسابه على «تويتر»، أعرب فيها عن قلقه إزاء ما توصل إليه التقرير النهائي لبعثة تقصي الحقائق في ليبيا، والذي عُرض في مجلس حقوق الإنسان في جينيف. وقال إن السلام «سيكون بعيداً إذا لم يتم التركيز على المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، ولذلك يتوجّب وجود متابعة وخطوات ملموسة».
في المقابل، علق أحمد حمزة على رد وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، بالقول إنه يفتقر إلى «الحقائق والأدلة، وهو سرد تعبيري لا يرقى لمستوى الرد الفني والموضوعي».
وفيما يقول التقرير إن سلطات الدولة والكيانات التابعة لها «شاركت مراراً وتكراراً في الانتهاكات التي نشأت في سياق الاحتجاز»، يرى المحلل السياسي الليبي محمد الأسمر، أن الحالة الأمنية غير المستقرة هي التي تجعل الليبيين أنفسهم عرضة للجريمة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن السياسيين في السلطة التنفيذية «فشلوا فشلاً ذريعاً في إرساء دعائم الأمن والسلام، لأن ليبيا ما زالت تعاني على مستوى سكانها، أو الوافدين».
وفي بيان لها، دعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى تعيين مقرر دولي خاص بحقوق الإنسان في ليبيا، أو اعتماد إنشاء آلية دولية دائمة، تعنى برصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في البلاد، من أجل ضمان متابعة مدة التزام السلطات الليبية بالتزاماتها إزاء كل ما تضمنه تقرير تقصي الحقائق الأخير. وتأتي هذه التطورات في الملف الحقوقي، بينما يتواصل العد التنازلي أمام أفرقاء الصراع والبعثة الأممية نحو إجراء الانتخابات العامة المأمولة خلال العام الحالي، كما سبق وأعلن المبعوث الأممي لدى ليبيا، عبد الله باتيلي.
حقوقيون يطالبون بمحاسبة «منتهكي القانون الدولي» في ليبيا
حقوقيون يطالبون بمحاسبة «منتهكي القانون الدولي» في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة