كبار قادة «داعش» اليوم من نتاج «الحملة الإيمانية» التي أطلقها صدام في التسعينات

البغدادي جند بعض ضباط الجيش السابق في السجن وأصبحوا الآن ضمن دائرته المقربة

جنديان أميركيان يمران أمام تمثالين عملاقين من البرونز للرئيس العراقي السابق صدام حسين في بغداد في 20 مارس 2009 (أ.ب)
جنديان أميركيان يمران أمام تمثالين عملاقين من البرونز للرئيس العراقي السابق صدام حسين في بغداد في 20 مارس 2009 (أ.ب)
TT

كبار قادة «داعش» اليوم من نتاج «الحملة الإيمانية» التي أطلقها صدام في التسعينات

جنديان أميركيان يمران أمام تمثالين عملاقين من البرونز للرئيس العراقي السابق صدام حسين في بغداد في 20 مارس 2009 (أ.ب)
جنديان أميركيان يمران أمام تمثالين عملاقين من البرونز للرئيس العراقي السابق صدام حسين في بغداد في 20 مارس 2009 (أ.ب)

يتذكر علي عمران جيدا ضابطا برتبة رائد حين كان ملتحقا بمدرسة المدفعية التابعة للجيش العراقي قبل نحو عشرين عاما. ولأن الضابط كان متدينا فإنه وبخ عمران لدخوله الحمام وهو يرتدي مشبكا يحمل العلم العراقي لأنه مكتوب عليه عبارة «الله أكبر».
لم ير عمران الرائد طه العاني مرة أخرى إلا بعد سنوات وتحديدا في عام 2003 وقت الغزو الأميركي للعراق واقتحام القوات الأميركية لبغداد. ففي قاعدة عسكرية متواضعة شمال بغداد، كان العاني يتولى الإشراف على شحن أسلحة وذخيرة في سيارات نقل. وأخذ تلك الأسلحة معه عندما انضم إلى جماعة التوحيد والجهاد، وهي نواة تنظيم القاعدة في العراق.
والعاني حاليا قائد في تنظيم داعش، على حد قول عمران، الذي ارتقى في المناصب إلى أن أصبح لواء في الجيش العراقي ويقود حاليا الفرقة الخامسة التي تقاتل تنظيم داعش. وتتبع عمران رفيقه السابق من خلال شبكة القبائل العراقية واستنادا إلى المعلومات الاستخباراتية التي جمعها جهاز مكافحة الإرهاب الرئيسي بالحكومة والذي يعمل به حاليا.
ويعد هذا مسارا شائعا للأحداث، إذ يهيمن على القيادة العليا لتنظيم داعش، تحت قيادة العراقي أبو بكر البغدادي، ضباط سابقون في الجيش العراقي وأجهزة استخبارات في عهد صدام حسين وذلك بحسب ضباط عراقيين رفيعي المستوى يقاتلون تنظيم داعش على خطوط المواجهة الأمامية، وكذلك مسؤولين استخباراتيين رفيعي المستوى، من بينهم رئيس وحدة رئيسية تابعة لاستخبارات مكافحة الإرهاب.
وتعد الخبرة التي يسهمون بها من الأسباب الرئيسية لنجاح التنظيم في السيطرة على مناطق شاسعة من العراق وسوريا. وقد أسهم الضباط بمهاراتهم في التنظيم والانضباط اللازمين من أجل تماسك ووحدة المقاتلين القادمين من مختلف أنحاء العالم، والجمع بين الوسائل الإرهابية مثل العمليات الانتحارية وبين العمليات العسكرية. وقد تولوا مسؤولية جمع المعلومات الاستخباراتية، والتجسس على القوات العراقية، وكذلك صيانة وتطوير الأسلحة ومحاولة وضع برنامج لتصنيع الأسلحة الكيماوية.
وقال باتريك سكينر، مسؤول سابق في الاستخبارات المركزية الأميركية، عمل في العراق، إن «ضباط الجيش والاستخبارات الذين قضوا خدمتهم إبان حكم صدام حسين كانوا (عنصرا ضروريا) في معادلة النجاح المذهل المفاجئ الذي حققه تنظيم داعش على أرض المعركة خلال العام الماضي والذي أسهم في تحول التنظيم من جماعة إرهابية إلى شبه دولة». وأوضح سكينر، الرئيس الحالي للمشروعات الخاصة في شركة «صوفان غروب» الخاصة لخدمات الاستخبارات الاستراتيجية، قائلا: «لم تكن النجاحات التي حققوها خلال العام الماضي نجاحات إرهابية بل نجاحات عسكرية».
وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» تفسر الأحداث المتشابكة التي شهدها العقدان الماضيان كيف اندمج ضباط سابقون خدموا خلال حقبة نظام صدام حسين، الذي كان علمانيا بالأساس، في واحد من أكثر التنظيمات تطرفا وتشددا في العالم. ومن بين تلك الأحداث ما سمي بـ«الحملة الإيمانية» التي أطلقها صدام في التسعينات، والغضب الذي كان يعتمل في نفوس الضباط السنة نتيجة حل الولايات المتحدة للجيش العراقي عام 2003، وما أعقبه من ظهور حركة التمرد.
كان سعود محسن حسن، نائب البغدادي، رائدا في جيش صدام حسين. ويعرف باسم «أبو معتز»، و«أبو مسلم التركماني» بحسب ما أوضح رئيس الاستخبارات. كذلك من أسماء حسن الأخرى فاضل الحيالي وهو الاسم المستعار الذي كان يستخدمه قبل سقوط صدام حسين، طبقا لما قاله رئيس الاستخبارات لوكالة «أسوشييتد برس». ومثل آخرين رفض ذكر اسمه في المقال لمناقشته قضايا تتعلق بالاستخبارات.
وبعد عام 2000 سجن حسن في سجن «بوكا»، الذي كانت الولايات المتحدة تتولى إدارته، وكان هو مركز الاعتقال الرئيسي لأعضاء حركة التمرد وحيث كان البغدادي أيضا معتقلا. وكان السجن بمثابة حضانة لتفريخ تنظيم داعش، حيث سمحت لمسلحين مثل البغدادي بالاتصال بضباط سابقين في جيش صدام حسين، من بينهم أفراد في القوات الخاصة، والحرس الجمهوري الذي يعد من النخبة، والقوة شبه العسكرية التي تسمى «فدائيو صدام».
في العنبر رقم 6 بسجن بوكا (قرب البصرة) كان البغدادي يلقي خطبه، وبرز حسن كشخص قادر على التنظيم، إذ كان يقود السجناء في إضرابات من أجل إجبار السجانين الأميركيين على تقديم تنازلات، على حد قول رئيس الاستخبارات. وينتشر نزلاء «بوكا» السابقون حاليا ضمن صفوف قيادة تنظيم داعش ومن بينهم «أبو علاء العفري»، أحد العسكريين السابقين في الجيش العراقي، والذي كان يوما في تنظيم القاعدة، ويعمل حاليا مسؤولا عن «بيت المال» في تنظيم داعش، بحسب وثيقة يعتقد أنها توضح ترتيب المناصب داخل التنظيم عرضها رئيس الاستخبارات.
واستقطب البغدادي هؤلاء الرفاق الموثوق فيهم، وقربهم إليه بعد إصابته في إحدى الهجمات الجوية في وقت سابق من العام الحالي، بحسب ما أوضح رئيس الاستخبارات. كذلك عين عددا منهم في المجلس العسكري للتنظيم، ويعتقد أن عددهم يتراوح بين سبعة وتسعة، أربعة منهم على الأقل كانوا ضباطا في جيش صدام حسين. كذلك قرّب إليه رفاقا سابقين في سجن «بوكا» وجعلهم ضمن دائرته المقربة وأمنه الخاص. كذلك ولى البغدادي بعض الضباط القدامى من حقبة صدام على 12 «ولاية» أقامها التنظيم في المنطقة التي يسيطر عليها في العراق، طبقا لما قاله رئيس الاستخبارات.
وأقر مسؤولون عراقيون بأن تحديد قيادة تنظيم داعش مهمة غير مؤكدة النتائج، فإلى جانب البغدادي ذاته، لا يكشف التنظيم عن أي من قياداته أو مناصبهم تقريبا ولا حتى بأسمائهم المستعارة. وعندما يتم قتل القادة، لا يكون معلوما في أكثر الحالات الأشخاص الذين تولوا المنصب محلهم. وقد وردت تقارير عن مقتل عدد من القيادات، ليتبين فيما بعد أنهم لا يزالون أحياء. ويعتقد أن الشخصيات القيادية تغير أسماءها المستعارة مما يجعل من غير الواضح ما إذا كانت شخصية قيادية أخرى قد تولت المنصب أم لا. ويقول عميد في الاستخبارات العسكرية رفض الإفصاح عن اسمه لمناقشته موضوعا حساسا: «فاق أداء تنظيم داعش العسكري كل التوقعات. وكانت قيادة ضباط سابقين في جيش صدام حسين للمعارك أمرا صادما». وأضاف قائلا: «من الناحية الأمنية، لا نستطيع في أكثر الأحوال معرفة الشخصيات التي تحل محل غيرها في صفوف القيادة. نحن لا نستطيع اختراق التنظيم. إن هذا لأمر مرعب».
وبحسب التقديرات المتاحة، يتراوح عدد الضباط السابقين، الذين انضموا إلى تنظيم داعش، بين 100 و160 ضابطا وأكثرهم يشغلون مناصب متوسطة ورفيعة وذلك بحسب مسؤولين، في حين أن أكثر ضباط الاستخبارات من محافظة الأنبار، وأكثر ضباط الجيش من مدينة الموصل. وينتمي أفراد الأجهزة الأمنية إلى عشيرة صدام حسين المحيطة بمدينة تكريت مسقط رأس صدام حسين، على حد قول العميد عبد الوهاب الساعدي، أحد المحاربين القدامى المشاركين في القتال ضد تنظيم داعش في شمال وغرب بغداد.
وعلى سبيل المثال، قاد عاصم محمد ناصر، العميد السابق في القوات الخاصة إبان حكم صدام حسين، والذي يعرف أيضا باسم ناجي بركات، هجوما جريئا عام 2014 في مدينة حديثة في محافظة الأنبار أسفر عن مقتل نحو 25 ضابط شرطة، والسيطرة مؤقتا على مبنى المجلس المحلي للمدينة.
وهناك علاقات قوية تربط بين الكثير من الضباط السابقين خلال فترة حكم صدام حسين وبين العشائر أو هم أنفسهم من أبناء شيوخ العشائر في مناطقهم، وهو ما يوفر لتنظيم داعش شبكة دعم حيوية مهمة، ويساعده في تجنيد أفراد في صفوفه. ويعتقد أن هذه العلاقات العشائرية من أسباب الانهيار المفاجئ لقوات الأمن العراقية حين استولى تنظيم داعش على مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، خلال شهر مايو (أيار).
وقال الكثير من الضباط، الذين أجرت وكالة «أسوشييتد برس» مقابلات معهم، إنهم يعتقدون أن قادة تنظيم داعش قد أقنعوا رجال العشائر المنضمين إلى قوات الأمن بالتخلي عن مواقعهم دون قتال. ولاحظ سكينر، المسؤول السابق في الاستخبارات المركزية الأميركية، مدى تفوق ضباط الاستخبارات، الذين كانوا يعملون خلال فترة حكم صدام حسين، ممن قابلهم في العراق، ولاحظ القدرات الاستخباراتية التي يتمتع بها تنظيم داعش في الرمادي، والموصل، ومدينة الرقة في سوريا، والتي اتخذها التنظيم عاصمة لدولته المزعومة. وأوضح سكينر قائلا: «إنهم يقومون بعمليات اختراق استخباراتية كلاسيكية. ولديهم خلايا نائمة. كذلك ينفذون عمليات اغتيال كلاسيكية تعتمد على الاستخبارات»، مشيرا إلى موجة من الاغتيالات استهدفت ضباط شرطة وجيش عراقيين، وشيوخ عشائر، وأفرادا في قوات الصحوات السنية المدعومة من الحكومة خلال عام 2013. ويحتاج اختيار الشخص الذي يتم اغتياله، وكيفية الوصول إليه قدرا كبيرا من المعلومات، على حد قول سكينر. ومن الواضح أن تنظيم داعش يعلم جيدا كيفية الحصول على تلك المعلومات.
شهد منتصف تسعينات القرن الماضي واحد من المبادرات، التي أسفرت في النهاية عن اندماج رجال صدام حسين السابقين في صفوف تنظيم داعش. كان ذلك عندما تخلى صدام عن المبادئ العلمانية الصارمة، التي يقوم عليها حزب البعث الحاكم آنذاك، ودشن ما يعرف بـ«الحملة الإيمانية». وبدأت أجهزة أمن صدام حسين المخيفة في التسامح مع مظاهر التدين بل وحتى مع الآراء الدينية المتشددة في صفوف الجيش رغم مراقبتهم لأصحابها لضمان عدم وصولهم إلى مناصب قيادية. في ذلك الوقت، كانت ينظر إلى تلك الخطوة باعتبارها محاولة للحصول على دعم سياسي من المؤسسة الدينية بعد هزيمة العراق في حرب الخليج عام 1991 وما تبعها من انتفاضات الأكراد والشيعة.
ويقول رئيس الاستخبارات: «أكثر ضباط الجيش وأجهزة الاستخبارات الذين يعملون في صفوف تنظيم داعش من أولئك الذين بدت عليهم إمارات التدين إبان حكم صدام حسين. لقد شجعتهم الحملة الإيمانية».
وقبيل الغزو الأميركي للعراق عام 2003 دعا صدام حسين المقاتلين الأجانب علنا إلى القدوم للعراق من أجل مقاومة المحتلين. وأتى الآلاف إلى العراق، وتباهى المسؤولون العراقيون بهم أمام وسائل الإعلام بينما يتلقون تدريبا على أيدي مدربين عراقيين. وبقى الكثيرون وانضموا في النهاية إلى حركة مقاومة القوات الأميركية وحلفائهم من العراقيين. وبعد سقوط نظام صدام حسين، اندفع مئات الضباط في الجيش العراقي، نتيجة الشعور بالغضب من قرار الولايات المتحدة بحل الجيش العراقي، نحو الانضمام إلى صفوف حركة التمرد. وخلال الأيام الأولى، كانت الكثير من جماعات المقاومة علمانية الطابع نسبيا، لكن تنامى نفوذ المسلحين المتطرفين، خاصة مع تأسيس تنظيم القاعدة في العراق وتزايد قوته.
وكان أبو مصعب الزرقاوي، المسلح الأردني، يقود تنظيم القاعدة في العراق في البداية، وكان هناك حضور أجنبي قوي في صفوف قيادات التنظيم، لكن بعد وفاة الزرقاوي في إحدى الهجمات الجوية الأميركية عام 2006، بدأ خليفته العراقي أبو عمر البغدادي في استقطاب المزيد من العراقيين خاصة الضباط السابقين في حقبة صدام حسين. وتنامى هذا التوجه عندما تولى أبو بكر البغدادي القيادة بعد مقتل سلفه عام 2010 في إحدى الهجمات الجوية. وكان أول نائبين لأبو بكر البغدادي، اللذان اضطلعا بدور مهم في الإعداد إلى العمليات التي أسفرت فيما بعد عن اجتياح سوريا والعراق، من ضباط حقبة صدام حسين بحسب من تم إجراء مقابلات معهم. وهذان النائبان هما سامر الخلفاوي، العقيد السابق في القوات الجوية الذي قتل في إحدى المعارك في سوريا عام 2014، وعبد الله البيلاوي، ضابط استخبارات سابق قتل في الموصل على أيدي الجيش العراقي في مايو 2014 قبل شهر من سقوط المدينة في أيدي تنظيم داعش وحل حسن محله.
وقال مايكل رايان، مسؤول تنفيذي سابق رفيع المستوى في وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين: «من الواضح أن بعضهم (ضباط صدام حسين) كان في قلب التمرد منذ البداية». وأضاف: «لقد باتت معرفتهم جزء لا يتجزأ من بنية تنظيم داعش. ونتج عن دمج هذه الخبرة العراقية، وما يمكن تسميته بالخبرة العربية الأفغانية، تنظيم داعش، الذي حقق نجاحا أكبر مما حققه تنظيم القاعدة في العراق. وهو حتى هذه اللحظة على الأقل أقوى من تنظيم القاعدة في سوريا».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».