المحتجون يلجأون إلى السخرية لإيصال رسالتهم

نددوا بفساد الحكومة والبرلمان

متظاهر عراقي يرفع لافتة مكتوبا عليها تحذير صحي من البرلمان («الشرق الأوسط»)
متظاهر عراقي يرفع لافتة مكتوبا عليها تحذير صحي من البرلمان («الشرق الأوسط»)
TT

المحتجون يلجأون إلى السخرية لإيصال رسالتهم

متظاهر عراقي يرفع لافتة مكتوبا عليها تحذير صحي من البرلمان («الشرق الأوسط»)
متظاهر عراقي يرفع لافتة مكتوبا عليها تحذير صحي من البرلمان («الشرق الأوسط»)

لم تغب الفكاهة والسخرية عن شعارات المتظاهرين الغاضبين والمحتشدين في ساحات الاحتجاج السلمي والشعبي التي اجتاحت عددًا كبيرًا من مدن العراق؛ إذ رفع المحتجون لافتات وشعارات أشارت إلى مظلوميتهم بطريقة متفردة وجديدة تفاعل معها الجمهور وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي وحصدت الآلاف من المشاركات.
بعض اللافتات بدت جريئة نسبيًا أمام تحفظ المجتمع العراقي، مثل «أكبر موقع إباحي مجلس النواب العراقي»، بينما حاول شاب آخر التعبير عن احتجاجه بطريقة التحذير الصحي للمنتجات الغذائية، وكتب لافتة تحذر من البرلمان العراقي، وتقول: «الرجاء عدم التعامل مع هذا المنتج المنتهي الصلاحية لأنه أصبح سمًا قاتلاً!»، وأخرى كتب عليها: «البرلمان سبب رئيس لأمراض القلب والسرطان».
ولم تكن اللافتات وحدها بطلة الاحتجاجات التي عمت البلاد، فقد تشاركت معها تعبيرات رمزية حاول من خلالها المحتجون التعبير بطريقة سردية فكاهية عن معاناتهم، عندما حملوا أجهزة السخانات العاطلة في إشارة ساخرة لحديث سابق لوزير الكهرباء بأن سبب شحة الكهرباء هو تشغيل السخانات الكهربائية في البيوت، مع أن الموسم هو موسم الصيف ولا حاجة لتشغيل هذا الجهاز، وآخرون حملوا نعشًا كبيرًا أسود كتب عليه «خدمات الشعب»، و«ضمير السياسي» للدلالة على وفاتهما منذ فترة.. ولم تغب اللافتات التي انتقدت تمسك السياسي بالدين لأجل استمراره بالفساد وسرقة المال العام، من بينها لافتة تقول «باسم الدين باعونا الحرامية».
ولعل الأطرف من ذلك، ما ارتداه أحد الشباب من لباس يشبه زي الإنسان القديم بشعره الأشعث ولحيته الطويلة، وهو يحمل عصًا كتب عليها «هذا حال الإنسان العراقي عام 2020». وللعشاق أيضًا في العراق حصة من الاحتجاج، فقد رفعت شابة عراقية لافتة تقول: «السياسيون الفاسدون لا يعرفون الحب».
وتقول الشاعرة والناشطة المدنية فالنتينا هدو التي شاركت في المظاهرات الأخيرة: «النقد الساخر هو أحد أشكال التعبير عن المظلومية، وهو ثقافة شعبية لا يمكن إغفالها، كما أن طبيعة المكتوب في لافتات الاحتجاج تعكس تجاوز النقد التقليدي والشعارات الجاهزة القديمة إلى أسلوب شعبي يقترب من معاناة الناس، ويحاول إيصال فكرته للمسؤول بكل بساطة».
أما الإعلامي مصطفى سعدون، فقد كتب في صفحته على «الفيسبوك» أجمل ما في التظاهرات العراقية أنها خرجت من الشعب وعبرت عما في قلوبهم من لوعة لم يدع لها أحد، ولذلك وصلت للجميع وحققت ردود أفعال لا يستهان بها لدى الفاسدين».
الإعلامي أحمد الجابري استشهد بقول الروائي البريطاني جورج أورويل: «النكتة ثورة صغيرة»، مضيفًا أن «كل ما ذهب له المحتجون من شعارات ولافتات لا يمكن الاستهانة به، وهو تعبير حي وصادق عن معاناتهم الطويلة، كما أنه عكس شجاعتهم في الطرح والتعبير عما يشعرون به تجاه السياسيين الذين يحكمون البلاد اليوم». وأضاف: «مواقع التواصل الاجتماعي، وأهمها (الفيسبوك) و(تويتر)، حركت الشارع أكثر وحفزته على الشجاعة في طرح أفكاره، بطريقة كانت لافتة ومميزة في ساحات الاعتصام».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.