أعرب جاك لانغ، وزير الثقافة الفرنسي السابق ورئيس معهد العالم العربي منذ 2013، عن إعجابه بالتطورات التي تشهدها السعودية. كما اعتبر لانغ، المرشح لولاية رابعة على رأس المعهد، أنَّه أكثر رؤساء هذا الصرح الثقافي شعبية.
وقال لانغ في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تربطنا بالسعودية علاقات طيبة للغاية، وقد كنت قد تعرفت على مشروع (العلا) منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة حين كان في بداياته، وأعربت حينها عن إعجابي بالمشروع، وبعد سنوات طُلب مني المشاركة في المجلس الاستشاري، وقد سعدت بهذه الدعوة، وما زلت أذكر كلمات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بمناسبة حفل أقيم بهذه المنطقة، حيث شكرني على دعمي، وأؤكد هنا أنّني معجب بالتطور المذهل والسريع الذي يشهده هذا البلد، وبكل مظاهر الثقافة التقليدية والمعاصرة وفنانيها الموهوبين المتألقين».
وعن المعهد، يقول لانغ: «علاقتي بهذه المؤسسة لم تبدأ حين تسلَّمت مهامي رئيساً، بل قبل ذلك بسنوات حين عُينت وزيراً للثقافة في مايو (أيار) 1981. الكل يعلم أنَّ هذه الفترة المعروفة بـ(المشروعات المعمارية الضخمة) شهدت تشييدَ صروحٍ ثقافية كالهرم الزجاجي في متحف اللوفر، وأوبرا الباستيل، والمكتبة الوطنية الجديدة، ومركز بومبيدو، وغيرها كثير، ولكن قليل من يعلم أنَّ أول اقتراح تقدَّمت به للرئيس (ميتران) حين تسلَّمت مهامي تضمَّنَ إيجاد مقر لمعهد العالم العربي في قلب باريس، ثم قمت بإطلاق مسابقة للمعماريين الشباب لتصميم مبنى المعهد، فاز بها جون نوفيل، وكان وقتها معمارياً مبتدئاً، وهو الآن أشهر من نار على علم، كما تعلمين، ولكل هذه الأسباب وغيرها أعدّ نفسي أكثرَ رؤساء المعهد العربي شرعية».
جيروم باول يظهر على شاشة في بورصة نيويورك (أرشيفية - رويترز)
نيويورك :«الشرق الأوسط»
TT
20
نيويورك :«الشرق الأوسط»
TT
تحسباً لتقلبات السوق... هل يلجأ «الفيدرالي» لأدوات 2020 مجدداً؟
جيروم باول يظهر على شاشة في بورصة نيويورك (أرشيفية - رويترز)
مع تصاعد القلق في الأسواق جراء النهج المتقلب لإدارة الرئيس دونالد ترمب في السياسات الاقتصادية، يعكف المتعاملون على محاولة استشراف ما قد يفعله «الفيدرالي» إذا ما فقدت الأسواق توازنها، واحتاجت إلى تدخل فوري لاستعادة الاستقرار.
وقد أثار هذا القلق أسابيع من التداولات المتقلبة والتراجعات الحادة في أسعار مجموعة واسعة من الأوراق المالية، نتيجة التصريحات المتضاربة للرئيس بشأن الرسوم الجمركية، التي يُعتقد على نطاق واسع أنها ستؤدي إلى ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو والتوظيف. وازدادت وتيرة التقلبات مؤخراً بعد انتقادات ترمب العلنية لـ«الفيدرالي» بسبب عدم خفض أسعار الفائدة منذ عودته إلى السلطة في يناير (كانون الثاني)، وتلميحه إلى إمكانية إقالة رئيس «الفيدرالي» جيروم باول، وفق «رويترز».
وقد ذكّر هذا الوضع بعض المشاركين في السوق ببداية أزمة جائحة «كورونا»، حين تدخّل «الفيدرالي» بشكل قوي، فخفض أسعار الفائدة إلى مستويات تقارب الصفر، وأطلق برنامجاً ضخماً لشراء سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، إضافة إلى برامج لدعم قطاعات معينة.
وفي حال استدعت الظروف، يُمكن لـ«الفيدرالي» أن يعيد تفعيل هذه الأدوات، معززاً إياها بأدوات جديدة وتعديلات تنظيمية تجعل من خط الدفاع الأول هذا شبه تلقائي.
رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية (أ.ب)
تقول باتريشيا زوبل، الرئيسة السابقة لفريق تنفيذ السياسة النقدية في بنك الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك، التي تعمل حالياً رئيسة لأبحاث الاقتصاد الكلي واستراتيجيات السوق لدى «غوغنهايم إنفستمنتس»: «لدينا بالفعل مجموعة أدوات جاهزة، إذا ما توقفت الأسواق فعلياً عن العمل». وأشارت إلى مرفق إعادة الشراء الدائم، وهو أداة إقراض طارئة ترتبط حالياً بأعلى نطاق معدل الفائدة الفيدرالية، إضافة إلى مرفق إعادة الشراء الخاص بالبنوك المركزية، ضمن وسائل تساهم في دعم كفاءة السوق عندما تكون السيولة شحيحة.
وأضافت زوبل أن برنامج إعادة شراء ديون الخزانة يمكن أن يلعب دوراً في إدارة السيولة إذا لزم الأمر، مشيرة إلى أنه «في حالات الطوارئ القصوى، إذا واجهت الأسواق النقدية مشاكل في العمل، فإن إيقاف عملية تقليص الميزانية العمومية سيكون على الأرجح أول خطوة يتخذها (الفيدرالي)».
حتى الآن... لا نية للتدخل
في الوقت الراهن، لا يبدو أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي مستعدون للتدخل. فعندما سُئل باول الأسبوع الماضي عن إمكانية تدخل البنك في حال شهدت سوق الأسهم انهياراً، أجاب: «الإجابة لا... وسأشرح السبب».
وأوضح أن الاضطراب في الأسواق يعكس تفاعل المستثمرين مع التغيرات الجذرية في السياسات التي تتبعها إدارة ترمب. لكن من وجهة نظر «الفيدرالي»، فإن الأهم هو أن البنية التحتية للأسواق لا تزال تعمل، والتداولات تسير بطريقة «منظمة».
ويجمع الخبراء على أن «الفيدرالي» قد يستخدم ميزانيته العمومية الضخمة أداة دعم في حال اشتدت الأزمة، لكنه سيتردد في اللجوء إلى ذلك، لأن العودة إلى شراء السندات قد تُفسر على أنها تحول نحو سياسة نقدية توسعية، في وقت لا يزال التضخم فيه أعلى من المستهدف عند 2 في المائة.
ويقترح البعض أن «الفيدرالي» يمكن أن يحذو حذو بنك إنجلترا، الذي لجأ في عام 2022 إلى شراء أصول مؤقتاً لتهدئة الأسواق التي اهتزت بسبب مقترحات الموازنة لحكومة ليز تراس في بريطانيا.
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
يقول جيريمي ستاين، العضو السابق في مجلس محافظي «الفيدرالي» وأستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد: «شراء السندات يجب أن يكون الملاذ الأخير»، مضيفاً: «لكن هذه الخطوة اليوم أكثر حساسية، لأنك لا تريد أن توحي بتخفيف السياسة النقدية في وقت لا تزال فيه المخاوف من التضخم مرتفعة».
وقد شارك ستاين مع مجموعة من الاقتصاديين في ورقة بحثية حديثة دعوا فيها إلى إنشاء آلية تسمح لـ«الفيدرالي» بشراء وبيع السندات لمعالجة الاختلالات الناجمة عن تداولات صناديق التحوط، بهدف فصل عمليات استقرار السوق عن التحفيز الاقتصادي المباشر.
شعار نظام الاحتياطي الفيدرالي وعلم الولايات المتحدة (رويترز)
الخط الدفاعي الأول
قبل أن يلجأ «الفيدرالي» إلى شراء الأصول، من المرجح أن يستخدم ما يُعرف بـ«المثبتات التلقائية»، مثل مرفق إعادة الشراء الدائم، وهو أداة تتيح للمؤسسات المؤهلة تحويل سندات الخزانة إلى سيولة نقدية بسرعة. وقد أُطلق هذا المرفق في عام 2021 بهدف تفادي أزمات نقص السيولة، ولم يُستخدم إلا في مناسبة بارزة واحدة حتى الآن.
كما يمكن للبنوك المتعثرة الاستفادة من «نافذة الخصم»، وهي أداة إقراض طارئة طويلة الأمد يحاول «الفيدرالي» إزالة وصمة العار عنها وتشجيع استخدامها.
وقد يلجأ «الفيدرالي»، كما فعل في عام 2020 إلى عمليات إعادة شراء مرنة، أي شراء سندات الخزانة مع اتفاق لإعادة بيعها، لفترات أطول من الليل؛ لتعزيز السيولة في النظام المالي.