المعارضة التونسية تتخوف من «اعتقالات» بعد إثارتها شغور منصب الرئيس

نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة (إ.ب.أ)
نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة (إ.ب.أ)
TT

المعارضة التونسية تتخوف من «اعتقالات» بعد إثارتها شغور منصب الرئيس

نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة (إ.ب.أ)
نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة (إ.ب.أ)

باتت المعارضة التونسية تتخوف من موجة اعتقالات جديدة ومساءلات قانونية، بعد إثارتها شغور منصب الرئيس، إثر حديث بعض الأوساط عن مرضه وغيابه عن الأنظار لأكثر من أسبوع، وهو ما قد يفتح الأبواب لمحاكمات جديدة تضاف لملف «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي»، وهو الملف المفتوح منذ أكثر من شهرين، والذي اعتُقل على خلفيته عدد من الناشطين السياسيين والإعلاميين والقضاة والمحامين.
تأتي هذه المخاوف بعد أن أذِنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية في العاصمة أمس بـ«إجراء ملاحقات قضائية ضد كل الأشخاص والصفحات التي تقف وراء نشر الأخبار الزائفة، التي من شأنها الإضرار بسلامة الأمن العام للبلاد، واتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم». كما تأتي بعد أن انتقد الرئيس قيس سعيد بشدة إثارة المعارضة قضية شغور منصب الرئيس، ودعوتها إلى ضرورة اعتلاء الجيش الحكم، بسبب ما اعتبرته «حالة شغور في أعلى هرم السلطة»، وأكد أن «التنسيق والمكالمات متواصلة ومستمرة بين كل أجهزة الدولة، عكس ما يتم الترويج له»؛ مفنداً حالة الشغور في منصب الرئيس بقوله: «لقد شخَّصوا الداء وقدموا وصفات الدواء والأرقام والتحاليل التي لا علم لي بها أصلاً».
وأضاف الرئيس متوعداً خلال لقاء مباشر عقده مساء أول من أمس مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن: «هناك دولة وقانون، ولا بد من أن تقضي المحاكم في الدعوة إلى الانقلاب على السلطة. وهذه الدعوات لن تمر دون حساب»، مؤكداً أن «من تحدثوا عن شغور منصب الرئاسة لا يثيرون إلا الازدراء والاحتقار وعدم الاحترام».
وتابع سعيّد متحدثاً عن «الإخوان» قائلاً: «إنهم يحاولون اختلاق الأزمات الأزمة تلو الأزمة. وقد وصل بهم الأمر إلى حد أنهم باتوا يتحدثون عن إنزال الجيش للحكم»، متوعداً «الإخوان» بمحاسبة كل من روَّج الإشاعات.
وكان وزير الخارجية الأسبق، رفيق عبد السلام، صهر زعيم «إخوان تونس»، راشد الغنوشي، والهارب خارج تونس من الملاحقة القضائية، قد صرح قبل 3 أيام، بأن الرئيس سعيّد يرقد حالياً في المستشفى العسكري بسبب أزمة قلبية، زاعماً أن قصر قرطاج «بات خالياً إلا من الأمن الرئاسي».
ورداً على هذه المزاعم، اعتبر الرئيس سعيد أن المس بالسلم الأهلي «أمر غير مقبول»، وأكد مجدداً وجود «جهات تسعى إلى خلق الأزمات في تونس»، مشدداً على أنّ المسّ بالسلم الأهلي بالبلاد «مرفوض بالمرة».
ولئن حسم سعيد التساؤلات الكثيرة التي رافقت غيابه خلال الأيام الأخيرة بظهوره مع رئيسة الحكومة، فقد خلّفت ردة فعله تجاه معارضيه مخاوف جديدة لدى المعارضة؛ خصوصاً إثر دعوته الصريحة للمحاكم التونسية إلى البت فيما قيل عن وجوب تسلّم الجيش للسلطة والدعوات إلى الانقلاب. كما أوضح مكتب الإعلام والاتصال بالمحكمة الابتدائيّة بتونس، في بلاغ، أن هذا الإجراء «تم اتخاذه تبعاً لما يتم تداوله من شائعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي من شأنها المس والإضرار بسلامة الأمن العام للبلاد واستقراره، والتسبب في بث الفتنة والتحريض على إحداث الفوضى والاضطرابات».
وانتقد الرئيس التونسي خلال لقائه مع نجلاء بودن تكالب المعارضة -ممثلة خاصة في «جبهة الخلاص الوطني» التي تدعمها حركة «النهضة»- على السلطة، قائلاً: «إن الهدف بالنسبة إليهم هو الشغور، وهم لا يفرقون بين حالة الشغور والتعذر المؤقت؛ لكن لم يحدث لا هذا ولا ذاك»؛ مضيفاً أن «ما يؤلم هو عدم وجود حد أدنى من العقلانية لدى البعض، وقد بلغنا تقريباً درجة من درجات الجنون التي لم نعرفها في تونس من قبل»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.