«الرئاسي» الليبي ينتقد تقريراً أممياً بشأن الهجرة غير الشرعية

اعتمد صيغة «منحازة بشكل ظالم» ضد الدولة

قوات حرس السواحل بغرب ليبيا تعيد مهاجرين غير نظاميين إلى البلاد (رئاسة أركان قوات حكومة «الوحدة»)
قوات حرس السواحل بغرب ليبيا تعيد مهاجرين غير نظاميين إلى البلاد (رئاسة أركان قوات حكومة «الوحدة»)
TT

«الرئاسي» الليبي ينتقد تقريراً أممياً بشأن الهجرة غير الشرعية

قوات حرس السواحل بغرب ليبيا تعيد مهاجرين غير نظاميين إلى البلاد (رئاسة أركان قوات حكومة «الوحدة»)
قوات حرس السواحل بغرب ليبيا تعيد مهاجرين غير نظاميين إلى البلاد (رئاسة أركان قوات حكومة «الوحدة»)

أثار التقرير الأممي بشأن الهجرة غير الشرعية في ليبيا، انتقادات واسعة، خصوصاً من «المجلس الرئاسي»، الذي اعتبر أن التقرير «معيب» و«منحاز بشكل ظالم ضد الدولة».
وكانت البعثة المستقلة لتقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، أعلنت أنها «وثّقت عدداً من حالات الاعتقال التعسفي، والاغتصاب، والاسترقاق، والقتل خارج نطاق القضاء»، كما وثقت «حالات اختفاء قسري لمهاجرين»، كما أشارت إلى أن «تهريب المهاجرين المستضعفين، واستعبادهم، وعملهم القسري، وسجنهم، وابتزازهم، بات يدرّ عائدات كبيرة على الأفراد والجماعات ومؤسسات الدولة، ويحفز على استمرار المتاجرة بهم».
واعتبر «المجلس الرئاسي»، على لسان لجنته المعنية بملف الهجرة غير الشرعية، التقرير الأممي «معيباً وشابته مغالطات»، لافتاً إلى أن هذه البعثة جاءت إلى ليبيا بناء على طلب من حكومة «الوفاق الوطني» السابقة (برئاسة فائز السراج)، وجددت ولايتها من حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة (برئاسة عبد الحميد الدبيبة) في 4 يوليو (تموز) الماضي، ولمدة تسعة أشهر.
وأشارت اللجنة إلى أن التقرير اعتمد «صيغة غير محايدة، بل منحازة بشكل ظالم» ضد الدولة الليبية. وأضافت أن البعثة الأممية قدّمت ليبيا «على أن أمرها انتهى إلى مرتع لكافة الانتهاكات ضد الإنسانية»، وأن «جميع الليبيين تفرغوا لصب حمم العنف ضد المهاجرين، وتخصصوا في الاستعباد، وارتكاب مختلف الجرائم ضد الإنسانية بحق هؤلاء».
وعبرت اللجنة التابعة لـ«المجلس الرئاسي»، عن أسفها لكون «مثل هذا المصير يواجه بعض المهاجرين غير الشرعيين الذين تسللوا إلى ليبيا بشكل غير قانوني عبر شبكات دولية للتهريب تنشط عبر القارات»، مستغربة من أن تقرير البعثة الأممية «أغفل نشاط الشبكات الإجرامية الدولية، والتي تروّج لمختلف الجرائم العابرة للحدود، بما في ذلك تهريب المهاجرين، والاتجار بالبشر، وأيضاً طبيعة العلاقة التي تربط هذه الشبكات بالمجموعات الإجرامية المحلية».
ورأت اللجنة الليبية أن من واجبها «توضيح بعض المغالطات التي شابت هذا التقرير، وإبراز الحقائق التي تفنّد ما تضمنه»، مركزة على «زاوية الهجرة غير الشرعية، وما عاب التقرير من إجحاف وتقصير وغياب لبعد واسع، والتي يفترض أن فريق البعثة قام بالتقصي بشأنها».
وتحدثت اللجنة عما اعتبرته «مجموعة من الثغرات»، من بينها أن «التقصي جرى في غياب الأطراف الفاعلة (الحكومية أو المجتمع المدني) التي تجتهد لتدارك تداعيات الوضع المتدهور في البلاد، على الضيوف من عابري الأراضي الليبية». كما تجاهل التقرير، وفقاً للجنة، «الجهود الوطنية السياسية التي تسعى لحث الأطراف الدولية على رسم سياسات مشتركة تسمح باقتلاع الظاهرة من جذورها».
ونوّهت اللجنة السيادية إلى أن «ليبيا سبق أن انتقدت رسمياً سياسة الاتحاد الأوروبي المقتصرة على دعم خفر السواحل الليبية، وإغفال الدعم العاجل والضروري لحرس الحدود الجنوبية». وقالت: «لو كان هناك استجابة، لقُطع الطريق أمام نشاط المهربين وتجار البشر الذين استغلوا الوضع السياسي الهش لليبيا خلال الفترات الماضية، وتوظيف جغرافيا البلد لارتكاب أغلب الجرائم المشار إليها في التقرير».
ولفتت اللجنة، إلى أن هناك «خلطاً مجحفاً بين مراكز التوقيف الرسمية، وإن كانت في ظروف غير مثالية، وبين السجون العشوائية التي يديرها المهربون وتجار البشر»، معربة عن استغرابها من «عدم إشارة التقرير إلى تقاعس الاتحاد الأوروبي عن التعاون مع ليبيا؛ أبعد من حدود دعم حرس السواحل بمزيد من القوارب لصد المهاجرين القاصدين أوروبا، وإعادتهم للبلد».
ولفتت اللجنة إلى أنها «تعمل على تدارك الصعاب، ومعالجة أوضاع هؤلاء الذين تدفع بهم الظروف للوجود على الأراضي الليبية».
ورأت اللجنة، أنه «كان من الممكن أن تسهم نتائج التقرير في المساعدة بشأن ملف الهجرة»، إلا أنه «لم يقدم غير تفاصيل مجتزأة من سياقها، في جمل صادمة تتحدث عن جرائم ضد الإنسانية، تتهم فيها جهات أمنية ليبية، ومن دون تقديم أدلة بصددها، أو تحديد مكان أو زمان أو فاعليها».
واستدركت اللجنة: «هذا أمر جلل سنؤجل الخوض فيه الآن»، مشيرة إلى أنها ستعمل على «اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بشأنه».


مقالات ذات صلة

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

العالم العربي تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

أعلن النائب التونسي ثابت العابد، اليوم (الثلاثاء) تشكيل «الكتلة الوطنية من أجل الإصلاح والبناء»، لتصبح بذلك أول كتلة تضم أكثر من 30 نائباً في البرلمان من مجموع 151 نائباً، وهو ما يمثل نحو 19.8 في المائة من النواب. ويأتي هذا الإعلان، بعد المصادقة على النظام الداخلي للبرلمان المنبثق عمن انتخابات 2022 وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي برلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية، لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي. ومن المنت

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي مصر تبدأ تحريكاً «تدريجياً» لأسعار سلع تموينية

مصر تبدأ تحريكاً «تدريجياً» لأسعار سلع تموينية

بدأت مصر في مايو (أيار) الحالي، تحريكا «تدريجيا» لأسعار سلع تموينية، وهي سلع غذائية تدعمها الحكومة، وذلك بهدف توفير السلع وإتاحتها في السوق، والقضاء على الخلل السعري، في ظل ارتفاعات كبيرة في معدلات التضخم. وتُصرف هذه السلع ضمن مقررات شهرية للمستحقين من أصحاب البطاقات التموينية، بما يعادل القيمة المخصصة لهم من الدعم، وتبلغ قيمتها 50 جنيهاً شهرياً لكل فرد مقيد بالبطاقة التموينية.

محمد عجم (القاهرة)
العالم العربي «الوطنية للنفط» في ليبيا تنفي «بشكل قاطع» دعمها أطراف الحرب السودانية

«الوطنية للنفط» في ليبيا تنفي «بشكل قاطع» دعمها أطراف الحرب السودانية

نفت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا «بشكل قاطع»، دعمها أياً من طرفي الحرب الدائرة في السودان، متوعدة بتحريك دعاوى قضائية محلياً ودولياً ضد من يروجون «أخباراً كاذبة»، وذلك بهدف «صون سمعتها». وأوضحت المؤسسة في بيان اليوم (الاثنين)، أنها «اطلعت على خبر نشره أحد النشطاء مفاده أن المؤسسة قد تتعرض لعقوبات دولية بسبب دعم أحد أطراف الصراع في دولة السودان الشقيقة عن طريق مصفاة السرير»، وقالت: إن هذا الخبر «عارٍ من الصحة». ونوهت المؤسسة بأن قدرة مصفاة «السرير» التكريرية «محدودة، ولا تتجاوز 10 آلاف برميل يومياً، ولا تكفي حتى الواحات المجاورة»، مؤكدة التزامها بـ«المعايير المهنية» في أداء عملها، وأن جُل ترك

جمال جوهر (القاهرة)
العالم العربي طرفا الصراع في السودان يوافقان على تمديد الهدنة

طرفا الصراع في السودان يوافقان على تمديد الهدنة

أعلن كلّ من الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» تمديد أجل الهدنة الإنسانية في السودان لمدة 72 ساعة إضافية اعتباراً من منتصف هذه الليلة، وذلك بهدف فتح ممرات إنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين. ولفت الجيش السوداني في بيان نشره على «فيسبوك» إلى أنه بناء على مساعي طلب الوساطة، «وافقت القوات المسلحة على تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة، على أن تبدأ اعتباراً من انتهاء مدة الهدنة الحالية». وأضاف أن قوات الجيش «رصدت نوايا المتمردين بمحاولة الهجوم على بعض المواقع، إلا أننا نأمل أن يلتزم المتمردون بمتطلبات تنفيذ الهدنة، مع جاهزيتنا التامة للتعامل مع أي خروقات». من جهتها، أعلنت قوات «الدعم السريع» بقيادة م

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
العالم العربي «السفر عكس التيار»... سودانيون يعودون إلى الخرطوم رغم القتال

«السفر عكس التيار»... سودانيون يعودون إلى الخرطوم رغم القتال

في وقت يسارع سودانيون لمغادرة بلادهم في اتجاه مصر وغيرها من الدول، وذلك بسبب الظروف الأمنية والمعيشية المتردية بالخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، يغادر عدد من السودانيين مصر، عائدين إلى الخرطوم. ورغم تباين أسباب الرجوع بين أبناء السودان العائدين، فإنهم لم يظهروا أي قلق أو خوف من العودة في أجواء الحرب السودانية الدائرة حالياً. ومن هؤلاء أحمد التيجاني، صاحب الـ45 عاماً، والذي غادر القاهرة مساء السبت، ووصل إلى أسوان في تمام التاسعة صباحاً. جلس طويلاً على أحد المقاهي في موقف حافلات وادي كركر بأسوان (جنوب مصر)، منتظراً عودة بعض الحافلات المتوقفة إلى الخرطوم.


ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.