«التخفيضات الطوعية» ترفع النفط 5 %... وروسيا تراها «مهمة» وأميركا تصفها بـ«غير منطقية»

خام برنت يتخطى 86 دولاراً للبرميل بدعم من خطط «أوبك بلس»

صهاريج تخزين وناقلة نفط في مصفاة بومونت التابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية في 18 مارس 2023 (رويترز)
صهاريج تخزين وناقلة نفط في مصفاة بومونت التابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية في 18 مارس 2023 (رويترز)
TT

«التخفيضات الطوعية» ترفع النفط 5 %... وروسيا تراها «مهمة» وأميركا تصفها بـ«غير منطقية»

صهاريج تخزين وناقلة نفط في مصفاة بومونت التابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية في 18 مارس 2023 (رويترز)
صهاريج تخزين وناقلة نفط في مصفاة بومونت التابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية في 18 مارس 2023 (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس (الاثنين)، بأكثر من 5 دولارات مسجلة أكبر زيادة يومية منذ نحو عام، بسبب التخفيضات الطوعية في الإنتاج التي أعلنت عنها دول أعضاء في «أوبك بلس»، بهدف «دعم استقرار السوق».
وقفز خام برنت 5.31 دولار، أو 6.7 في المائة، إلى 85.20 دولار للبرميل بحلول الساعة 14:10 بتوقيت غرينيتش، بعد أن لامس أعلى مستوى في شهر عند 86.44 دولار في وقت سابق من الجلسة.
وارتفع أيضاً خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 5.10 دولار، أو 6.7 في المائة، إلى 80.77 دولار للبرميل، بعد أن سجل في وقت سابق أعلى مستوى منذ أواخر يناير (كانون الثاني).
وبلغ حجم التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط نحو 1.1 مليون برميل يومياً، من دون روسيا، التي قررت تمديد خفض إنتاجها هي الأخرى 500 ألف برميل يومياً، ليصل إجمالي التخفيضات إلى 1.6 مليون برميل يومياً.
وقالت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، يوم الأحد، إنها ستخفض الإنتاج 500 ألف برميل يومياً اعتباراً من مايو (أيار) حتى نهاية 2023. وعلى الفور، قررت دول أعضاء في «أوبك» تخفيضاً طوعياً أيضاً، إذ قررت الإمارات تخفيضاً بـ144 ألف برميل يومياً، والكويت 128 ألف برميل يومياً، والعراق 211 ألف برميل يومياً، وسلطنة عمان 40 ألف برميل يومياً، والجزائر 48 ألف برميل يومياً.
وقالت السعودية، يوم الأحد، إن التخفيضات الطوعية في الإنتاج هي «تدبير احترازي يهدف إلى دعم استقرار السوق». وذكر ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي، أمس (الاثنين)، أن التدخل في متغيرات السوق أحد أسباب التخفيضات الجديدة.
تأتي «التخفيضات الطوعية» التي تبدأ من شهر مايو المقبل حتى نهاية العام، وسط خطط أميركية ببدء سحب 26 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي للنفط من بداية أبريل (نيسان) حتى يونيو (حزيران) المقبل.

تراجع حصة «أوبك بلس»
نتيجة لذلك، خفّض بنك غولدمان ساكس توقعاته لإنتاج «أوبك بلس» بنهاية 2023 بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً، ورفع توقعاته لسعر خام برنت إلى 95 دولاراً للبرميل في 2023، و100 دولار في 2024. حسبما قال في مذكرة.
وقال غولدمان ساكس: «الخفض المفاجئ (للإنتاج) يتفق مع نهج (أوبك بلس) الجديد بالتصرف بشكل استباقي، لأنها تستطيع فعل ذلك دون تكبد خسائر كبيرة في حصتها السوقية». وأضاف أنه بينما كانت هذه الخطوة مفاجئة، فإن القرار يعكس اعتبارات اقتصادية مهمة وسياسية محتملة.
وأشار البنك إلى أن قرار «أوبك بلس» جاء بعد إعلان الولايات المتحدة وفرنسا عن تحرير مخزونات من احتياطياتهما البترولية الاستراتيجية.
وقال: «رفض إعادة ملء الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأميركي في السنة المالية 2023، رغم بلوغ خام غرب تكساس الوسيط (القياسي الأميركي) مستويات متدنية، كانت توصف بأنها كافية لإعادة الملء، ربما يكون قد ساهم في قرار (أوبك بلس) بشأن الخفض أيضاً».
من جانبه، قال بارني شيلدروب، المحلل في «إس إي بي»، وفق «رويترز»: «التخفيضات الجديدة تظهر أن مجموعة (أوبك بلس) قوية، وأن روسيا ما زالت جزءاً مهماً ولا يتجزأ منها».
وقالت ريستاد إنرجي إنها تعتقد أن التخفيضات ستزيد شح المعروض في سوق النفط، وسترفع الأسعار إلى أعلى من 100 دولار للبرميل لبقية العام، وقد تدفع خام برنت إلى تسجيل 110 دولارات للبرميل هذا الصيف. ويتوقع «يو بي إس» أن يصل خام برنت إلى 100 دولار بحلول يونيو.
من جانبه، تساءل ريكاردو إيفانجليستا، محلل أول بشركة ActivTrades للوساطة المالية: «هل هذا الارتفاع الصغير في سعر البرميل مستدام؟ خاصة أن خفض المعروض ليس ضماناً حقيقياً لدعم الأسعار، لأنه على الجانب الآخر من المعادلة تظل مستويات الطلب غير ثابتة».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ديناميكية البنوك المركزية القائمة على رفع سعر الفائدة لخفض التضخم قد تؤدي إلى تراجع توقعات النمو الاقتصادي، وبالتالي تراجع الطلب على النفط».

أميركا تنتقد
قالت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إن التخفيضات الطوعية «المفاجئة» في إنتاج النفط «لا نعتقد أنها منطقية في هذا التوقيت بالنظر إلى حالة عدم اليقين التي تكتنف السوق، وقد أوضحنا ذلك».
وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي، أمس، إن تخفيضات الإنتاج لا يُنصح بها نظراً للضبابية في السوق. موضحاً أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع المنتجين والمستهلكين لضمان النمو وخفض الأسعار للمستهلكين.
وأضاف كيربي: «نركز على الأسعار للمستهلكين الأميركيين، وليس البراميل، وقد انخفضت الأسعار بشكل كبير منذ العام الماضي، بأكثر من 1.50 دولار للغالون، من ذروتها الصيف الماضي».
ووفقاً لنادي اتحاد السيارات الأميركي (إيه إيه إيه)، بلغ متوسط أسعار البنزين بأنحاء الولايات المتحدة نحو 3.50 دولار للغالون يوم الأحد. ويمثل ذلك انخفاضاً 30 في المائة عن أعلى مستوى بلغه في يونيو الماضي حين تجاوز 5 دولارات للغالون.

روسيا ترى التخفيضات مهمة
قال الكرملين، أمس، إن دعم أسعار النفط والمنتجات النفطية يصبّ في مصلحة قطاع الطاقة العالمي، وذلك بعد يوم من إعلان روسيا أنها ستمدد خفضاً لإنتاجها النفطي بواقع 500 ألف برميل يوميا حتى نهاية العام.
وروسيا عضو في مجموعة «أوبك بلس» للدول المنتجة للنفط التي أعلنت تخفيضات مجمعة بنحو 1.16 مليون برميل يومياً يوم الأحد.
ورداً على سؤال حول الانتقادات الأميركية، قال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين للصحافيين: «في هذه الحالة، من مصلحة (قطاع) الطاقة العالمي الحفاظ على الأسعار العالمية للنفط والمنتجات النفطية عند المستوى المناسب. وهذا ما يجب التركيز عليه. وسواء أكانت البلدان الأخرى راضية أم لا، فهذا شأنهم الخاص».
وأضاف بيسكوف أنه من المهم الحفاظ على الأسعار عند مستوى معين، لأن هذا القطاع كثيف الاستثمار، ولأنه في المستقبل المنظور ليس من الممكن تلبية احتياجات جميع البلدان من مصادر متجددة.
ولدى سؤاله عما إذا كانت روسيا قد نسقت إجراءاتها مع «أوبك بلس»، قال: «روسيا على اتصال دائم مع عدد من دول مجموعة (أوبك بلس)، هذه عملية طبيعية، لكن لا شيء أكثر. وفي هذا الصدد، يكون للدول خط مستقل، مصلحة مستقلة في استقرار السوق».

1.66 مليون برميل يومياً
أوضحت لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لتحالف «أوبك بلس»، التي انعقدت افتراضياً أمس، أن إجمالي تخفيضات إنتاج النفط الطوعية الإضافية التي أعلنتها بعض دول التحالف سيبلغ 1.66 مليون برميل يومياً من مايو حتى نهاية العام الحالي.
وأشارت، في بيان صحافي، إلى التزام دول التحالف بتخفيضات إنتاج النفط في يناير وفبراير (شباط)، كما جددت التزامها باتفاقية خفض الإنتاج الممتدة حتى نهاية العام.
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط الكويتي بدر الملا، أمس، إن الخفض الطوعي للإنتاج من الدول المشاركة باتفاق (أوبك بلس) يُعّد تحركاً استباقياً لدعم استقرار الأسواق النفطية وسط تطورات الأوضاع الاقتصادية العالمية وتأثيراتها المتسارعة.
وذكر الملا أن من بين تلك التطورات الوتيرة السريعة لارتفاع معدلات الفائدة العالمية ومستويات الدين العالمي والأزمة المصرفية والتطورات الجيوسياسية، مشيراً إلى أن «أوبك بلس» تركز على دعم استقرار أسواق النفط.
من جانبه، أكد وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب أن ظروف سوق النفط تتطلب الحذر، بسبب عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي العالمي، وعودة المخزونات التجارية إلى أعلى مستوى لها منذ عامين.
وقال: «رغم الإشارات الإيجابية القادمة من الصين، تتطلب ظروف السوق الحذر، فقد يؤدي عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي العالمي إلى تباطؤ الطلب على النفط. ويتم إمداد سوق النفط بشكل كافٍ جداً حيث عادت المخزونات التجارية إلى أعلى مستوى لها منذ عامين».
وأضاف: «قررت بعض الدول الأعضاء في (أوبك) وغير الأعضاء في (أوبك) في إعلان التعاون، بشكل وقائي، ومن أجل ضمان استقرار سوق النفط، إجراء تخفيض طوعي في إنتاجاتها، بالإضافة إلى ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الوزاري الـ33 لـ(أوبك) وغير الأعضاء في (أوبك) في 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2022».


مقالات ذات صلة

«السوق المالية» السعودية في مأمن من الأعطال التقنية العالمية

الاقتصاد مستثمران يتابعان أسعار الأسهم على شاشة «تداول» السعودية (رويترز)

«السوق المالية» السعودية في مأمن من الأعطال التقنية العالمية

أكدت هيئة السوق المالية السعودية سلامة الأنظمة التشغيلية من الأعطال التقنية التي تأثرت بها معظم الجهات حول العالم، وجاهزيتها لتقديم الخدمات لكل المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسافرون في مطار «دالاس فورت وورث الدولي» في تكساس (أ.ب)

شركات الطيران تستأنف عملياتها بعد أكبر عطل تقني في التاريخ

يعود الوضع تدريجياً إلى طبيعته، السبت، عقب عطل تقني هو الأكبر في التاريخ، أدى إلى اضطرابات لدى شركات طيران عالمية ومصارف ومؤسسات مالية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا ألغت شركة «الخطوط الجوية التركية» 84 رحلة بسبب العطل التقني (الخطوط التركية)

الخطوط الجوية التركية تلغي 84 رحلة وتعوّض الركاب

ألغت شركة «الخطوط الجوية التركية» 84 رحلة بسبب العطل التقني في نظام «كراود سترايك» للأمن السيبراني نتيجة أعمال التحديث الفني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل رئيس وزراء النيجر على الأمين زين في أنقرة فبراير (شباط) الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا تسارع لملء الفراغ الغربي في النيجر بشراكة متعددة الأبعاد

كشفت زيارة الوفد التركي رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية هاكان فيدان، إلى النيجر عن استمرار التركيز من جانب أنقرة على ترسيخ حضورها في أفريقيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص تراجع التضخم إلى 2.4 في المائة مع انخفاض الزيادات بتكلفة البقالة والزيادات الإجمالية بالأسعار لأكبر اقتصادين ألمانيا وفرنسا (رويترز) play-circle 00:49

خاص كيف أنهكت حربان اقتصاد العالم وغذاءه؟

أضافت الحرب الروسية الأوكرانية مزيداً من الأعباء على الاقتصاد العالمي المنهك منذ وباء كورونا، فيما أثرت حرب غزة سلباً على ميزانيات الدول والتجارة العالمية.

مالك القعقور (لندن)

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
TT

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)

يرى المستثمرون أن خطة دونالد ترمب لخفض قيمة الدولار إذا فاز في الانتخابات الأميركية «من غير المرجح للغاية» أن تنجح حيث سيجري تقويضها من خلال سياسات مثل التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب.

في الأسابيع الأخيرة، تحدث الرئيس السابق وزميله في الترشح، جيه دي فانس، عن فوائد إضعاف العملة لتعزيز التصنيع في البلاد وخفض العجز التجاري.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذرون من أن خطط خفض قيمة الدولار ستكون مكلِّفة وقصيرة الأجل، في حين أن السياسات الشعبوية مثل الرسوم الجمركية على السلع الخارجية من شأنها أن تعاكس تأثيرها، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

أوراق نقدية بالدولار الأميركي (د.ب.أ)

وقال مدير صندوق في «إدموند دي روتشيلد» مايكل نيزارد: «هناك تناقض كبير في السوق اليوم - كان ترمب صريحاً بشأن خفض قيمة الدولار ولكن سياساته يجب أن تدعم العملة، على الأقل في الأمد القريب».

كان ترمب قد قال في مقابلة مع «بلومبرغ» الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لديها «مشكلة عملة كبيرة» فرضت «عبئاً هائلاً» على الشركات المصنعة التي تبيع السلع في الخارج.

وتتركز رؤية فانس لأميركا، التي وضعها في خطابه في المؤتمر الوطني الجمهوري الأسبوع الماضي، أيضاً على ضعف الدولار -إعادة بناء التصنيع الأميركي على البر والتراجع عن بعض العولمة في العقود الماضية.

وتأتي دعوات ترمب لإضعاف العملة في الوقت الذي ارتفع فيه الدولار، على الرغم من الانخفاض الأخير، بنسبة 15 في المائة مقابل سلة من العملات منذ تولى الرئيس جو بايدن، منصبه في يناير (كانون الثاني) 2021، والعجز التجاري الأميركي أكبر بمقدار الثلث مقارنةً بعام 2019 وبلغ 773 مليار دولار العام الماضي. ويرجع ذلك أيضاً إلى قوة الاقتصاد الأميركي ووصول أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها في 23 عاماً.

وقال رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «يو بي إس» شهاب غالينوس، إنه لا توجد طريق واضحة للرئيس لاتخاذها لخفض قيمة العملة. وقال: «المشكلة الأساسية هي أنه لا يوجد شعور بأن الدولار الأميركي مُبالَغ في قيمته».

إن العقبة الكبيرة التي يواجهها ترمب وفانس في محاولتهما لإضعاف العملة هي أن سياساتهما الأخرى قد تدعم الدولار، وفق «فاينانشيال تايمز». وقال ترمب إنه يريد فرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية ورسوم بنسبة 10 في المائة على الواردات من بقية العالم إذا عاد إلى البيت الأبيض.

مبنى بورصة نيويورك (أ.ب)

ويقول الاستراتيجيون إن هذا يفرض عبئاً أكبر على العملات خارج الولايات المتحدة، حيث التجارة عبر الحدود أكبر نسبياً لحجم الاقتصاد.

وهذا يشير إلى أن التعريفات الجمركية المرتفعة من شأنها أن تُلحق مزيداً من الضرر بالاقتصادات غير الأميركية، وتحدّ من نموها وتُضعف عملاتها. في الأسبوع الماضي، أوضحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، أن التعريفات الجمركية من المرجح أن تدفع البنك المركزي الأوروبي نحو خفض أسعار الفائدة وإضعاف اليورو.

وقد تؤدي التعريفات الجمركية أيضاً إلى زيادة التكاليف المحلية، مما يدفع التضخم إلى الارتفاع ويُبقي أسعار الفائدة مرتفعة. وفي حين يصعب التنبؤ بالتأثير، قدّر رئيس أبحاث العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «ستاندرد تشارترد» ستيف إنغلاندر، أن اقتراح ترمب للتعريفات الجمركية قد يرفع الأسعار بنسبة 1.8 في المائة على مدى عامين، في غياب تأثيرات الجولة الثانية.

وقال رئيس النقد الأجنبي العالمي في «مورغان ستانلي» جيمس لورد: «ستؤدي التعريفات الجمركية، إذا كان كل شيء آخر متساوياً، إلى زيادة قوة الدولار، خصوصاً إذا أدى الانتقام من الشركاء التجاريين في شكل تعريفات جمركية إلى زيادة مخاطر النمو الإضافية للاقتصاد العالمي».

كما قال ترمب إنه سيمدد التخفيضات الضريبية التي من المقرر أن تنتهي العام المقبل، ولمّح إلى مزيد من التخفيضات الضريبية التي قد تضيف ضغوطاً إلى العجز المالي الهائل في الولايات المتحدة وتبطئ وتيرة دورة خفض أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذّرون أيضاً من أن خيارات ترمب الأخرى لخفض قيمة الدولار محدودة بسبب الاضطرابات التي قد تشعر بها الأسواق العالمية.

لم تتم محاولة خفض قيمة الدولار منذ اتفاق بلازا في عام 1985، الذي حقق بعض النجاح ولكنه كان مدعوماً بانخفاض أسعار الفائدة الأميركية.

يمكن لترمب أن يضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، حتى لو لم يكن تآكل استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسةً رسميةً لحملته... ومع ذلك، من المرجح أن يثير هذا قلق الأسواق.

وحسب رئيس أبحاث النقد الأجنبي في «دويتشه بنك» جورج سارافيلوس، فإن الدولار يجب أن ينخفض ​​بنسبة تصل إلى 40 في المائة لإغلاق العجز التجاري الأميركي.

وقال استراتيجي أسعار الفائدة العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل» إدوارد الحسيني: «إن تكلفة الاضطراب هائلة للغاية... السوق هنا ستكون قوة موازنة قوية»، مضيفاً أن أي تدخل لإضعاف الدولار «غير مرجح للغاية».

كان أحد المقترحات لإضعاف العملة هو أن تستخدم الولايات المتحدة صندوق تثبيت سعر الصرف التابع لوزارة الخزانة. ومع ذلك، فإن الصندوق لديه نحو 200 مليار دولار من الأصول لشراء العملات الأجنبية، التي يخشى المحللون أن تنفد قريباً.

وقد يواجه ترمب وفانس مشكلات مع ناخبيهما. وقال غالينوس: «الطريقة الأكثر وضوحاً لحدوث هذا التخفيض في القيمة هي أن تفقد الولايات المتحدة استثنائيتها الاقتصادية. لكنَّ الدولار يظل عملة الاحتياطي العالمي وملاذاً في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. ومن بين تعهدات الحزب الجمهوري لعام 2024 الحفاظ على الدولار الأميركي عملةً احتياطية عالمية».