اليمن يقر إصلاح البعثات الدبلوماسية ويشدد على استمرار وحدة الصف

معين عبد الملك يؤكد ضرورة الاستمرار في برنامج الإصلاحات الشاملة

جانب من اجتماع الحكومة اليمنية في مدينة عدن (سبأ)
جانب من اجتماع الحكومة اليمنية في مدينة عدن (سبأ)
TT

اليمن يقر إصلاح البعثات الدبلوماسية ويشدد على استمرار وحدة الصف

جانب من اجتماع الحكومة اليمنية في مدينة عدن (سبأ)
جانب من اجتماع الحكومة اليمنية في مدينة عدن (سبأ)

أقرت الحكومة اليمنية في أحدث اجتماع لها بالعاصمة المؤقتة عدن جملة من الإصلاحات في البعثات الدبلوماسية، بما يكفل تقليص الإنفاق وإلغاء الملحقيات غير الضرورية أو تلك المنشأة بخلاف القانون، في حين شدد رئيسها معين عبد الملك على استمرار تعزيز وحدة الصف لمواجهة الحوثيين وحشد الموارد المالية وتحسين الأوضاع.
اجتماع الحكومة اليمنية يأتي بالتزامن مع مرور نحو عام على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الذي يتزعمه رشاد العليمي إلى جانب سبعة نواب آخرين، في وقت تواصل فيه الميليشيات الحوثية رفض المساعي لتجديد الهدنة وتوسيعها، مع تصعيدها العسكري في عدد من الجبهات.
وبحسب المصادر الرسمية، كُرّس الاجتماع الحكومي لمناقشة تطورات الأوضاع على الساحة الوطنية في الجوانب السياسية والعسكرية والأمنية والخدمية، والجهود المبذولة لقيام الحكومة بواجباتها ومسؤولياتها بموجب توجيهات مجلس القيادة الرئاسي.
ونقلت وكالة «سبأ» أن عبد الملك شدد على جميع الوزراء القيام بواجباتهم ومسؤولياتهم وأن تكون خدمة المواطن وتخفيف معاناته الهدف والغاية لكل الأعمال، كما وجه بمضاعفة التنسيق مع السلطات المحلية والعمل وفق مبدأ تكاملي لمعالجة التحديات التي تواجه المواطنين في الجوانب الخدمية والمعيشية. وفي حين طلب عبد الملك التركيز على القضايا الحيوية التي تمسّ حياة ومعيشة المواطنين اليومية، أكد «ضرورة الاستمرار في تنفيذ برنامج الإصلاحات الشاملة وإصلاح المالية العامة وتعزيز الإيرادات». وتطرق رئيس الوزراء اليمني إلى الحراك الأممي والإقليمي والدولي لدعم الحل السياسي في اليمن، وما تواجهه هذه التحركات من تعنت وصلف من قبل الميليشيات الحوثية الإرهابية والخيارات القائمة أمام الدولة والحكومة للتعامل مع ذلك.
وأوردت المصادر الحكومية أن عبد الملك شدد على أهمية استمرار وحدة الصف الوطني والاستعداد لكل الاحتمالات لتحقيق تطلعات الشعب في استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.
إلى ذلك، أفادت المصادر بأن الحكومة اليمنية ناقشت الإجراءات الجديدة التي اتخذتها جمهورية مصر العربية لتنظيم الدخول والإقامة التي شملت اليمنيين، وأكدت أنه يجري التواصل على جميع المستويات لبحث إمكانية تسهيل الإجراءات، لا سيما أن مصر هي الوجهة الأولى لليمنيين.
وكانت السلطات المصرية فرضت حصول الرعايا اليمنيين من 16 إلى 50 عاماً القادمين إلى البلاد على تأشيرة دخول مسبقة، كما فرضت أن يحصل القادمون لغرض العلاج على تقرير طبي من مستشفى حكومي في مصر، واشترطت على القادمين من غير اليمن الحصول على تأشيرة مسبقة من السفارات والقنصليات المصرية أو موافقة أمنية.
وأثارت هذه التدابير جدلاً واسعاً، إذ قال سياسيون وناشطون يمنيون إن القاهرة فرضت هذه الشروط الجديدة لدخول اليمنيين وإقامتهم رداً على زيارة وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك إلى إثيوبيا وتصريحاته هناك، وهو الأمر الذي نفاه الوزير اليمني. على صعيد آخر، أقرت الحكومة اليمنية توصيات اللجنة المكلفة بمراجعة شروط وحيثيات إنشاء الملحقيات الفنية، وقرارات التعيين وطلبات التمديد في سفارات اليمن في الخارج، وأكدت على سرعة استكمال تنفيذ ما ورد في التقرير من توصيات، إضافة إلى استيعاب توجيهات رئيس مجلس القيادة الرئاسي بشأن الالتزام بضوابط التعيينات في السلك الدبلوماسي وإنفاذ قرارات الاستدعاء وتقليص أعداد كوادر البعثات وتقليص النفقات.
وقالت الحكومة إنها تدعم «إجراءات وزارة الخارجية لتصحيح أوضاع البعثات الدبلوماسية، ضمن مسار الإصلاحات الشامل في الجوانب المالية والإدارية، وتقليص النفقات إلى الحد الأدنى وتوجيهها نحو الخدمات الأساسية التي تمس حياة ومعيشة المواطنين».
على الصعيد العسكري، أفاد الإعلام الرسمي بأن وزير الدفاع الفريق محسن الداعري قدم إلى اجتماع الحكومة اليمنية تقريراً عن نتائج الزيارات الميدانية التي نفذها مع رئيس هيئة الأركان العامة وقائد قوة الدعم والإسناد بالتحالف الداعم للشرعية بعدد من جبهات القتال والمناطق والمحاور العسكرية في مأرب والمهرة وسقطرى والساحل الغربي. ونقلت المصادر أن الداعري أشار إلى وجود خطة لدى وزارته «لتنسيق أعمال المحاور والجبهات في غرفة عمليات مشتركة موحدة على امتداد المناطق المحررة، إضافة إلى الاحتياجات اللوجيستية للحفاظ على الجاهزية العسكرية».
في الاجتماع نفسه، اطلعت الحكومة اليمنية على خطة الإنفاق للموازنة العامة للدولة للنصف الأول من العام الجاري بناء على العرض المقدم من وزارة المالية؛ حيث تضمنت الخطة تشخيصاً للوضع المالي الراهن وتوقعات الفترة المقبلة في ضوء التطورات والمخاطر المتوقعة مع بيان السياسات والمقترحات بالمعالجات واجبة التنفيذ لتجاوز الصعوبات وتجنب المخاطر.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».