أحيَت أمطار وثلوج الشتاء المتأخرة نسبياً والتي سقطت خلال الأسبوعين الأخيرين، في معظم المحافظات العراقية، الآمال بموسم أقل جفافاً هذا العام. وكانت مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات قد انخفضت بنحو خطير قبل نحو شهرين في مناطق وسط وجنوب البلاد نتيجة قلة الأمطار في مناطق منابع النهرين في تركيا وسوريا، ما دفع رئيس الوزراء محمد السوداني إلى زيارة تركيا الأسبوع قبل الماضي، وحصل من رئيسها رجب طيب إردوغان على تعهد بزيادة الإطلاقات المائية إلى العراق لضعفين ولمدة شهر واحد على نهر دجلة لتجاوز حالة الجفاف التي يمر بها في جنوب العراق.
الأمطار والثلوج المتأخرة و«الهدية» التركية أنعشت الآمال بالتقليل من حدة مواسم الجفاف المتواصلة منذ سنوات وبموسم زراعي جيد. وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، أول من أمس، إن «الموسم الحالي فاق التوقعات وأمَّن جميع الريّات لمحصولي الحنطة والشعير، ولم نضطر إلى استخدام الخزين المائي في السقي».
وأضاف في تصريحات صحافية، أن «التفاهمات التي حصلت مؤخراً بين العراق وتركيا بشأن المياه مع موسم ذوبان الثلوج ستؤدي جميعها إلى زيادة الخزين المائي العراقي، وأن امتلاء السدود في العراق يدعو إلى التفاؤل بخطة زراعية صيفية».
بدورها، كشفت وزارة الموارد المائية عن أن «الوضع الحالي في منطقة الأهوار (الجنوبية) هو الأفضل» بعد أن أصاب الجفاف مساحات شائعة من تلك المنطقة خلال السنوات الأخيرة وتسبب في هجرة الكثير من سكانها. وقال مدير عام مركز إنعاش الأهوار والأراضي الرطبة في وزارة الموارد المائية حسين علي الكناني، يوم الاثنين، لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، إن «الأهوار تأثرت خلال السنوات الثلاث الماضية بشكل كبير نتيجة قلة الإيرادات من دول المنبع والتغيرات المناخية». وأضاف أن «الوزارة أعدت خطة بداية موسم الأمطار لاستغلال كميات الأمطار في الجداول والأنهار لإطلاقها إلى الأهوار والاستفادة من ري المساحات الزراعية». وأشار الكناني إلى أن «الخطة شملت إطلاق كميات من المياه إلى الأهوار التي تتغذى من نهري دجلة والفرات، وهناك زيادة تدريجية في مناسيب الأهوار». وأكد أن «الوضع في الأهوار حالياً أفضل من العام الماضي نتيجة استغلال مياه الأمطار، والوزارة وضعت خطة لتوسيع وتعميق مغذيات الأهوار ومسالك المياه الداخلة للأهوار بهدف توطين السكان».
من جهة أخرى، وفي إطار مساعيها لإدارة أزمة المياه التي تعاني منها البلاد منذ سنوات ويتوقع تفاقمها في السنوات المقبلة التي في حال استمرت مواسم الجفاف وتأثُّر العراق الشديد بالتغيرات المناخية، أصدرت اللجنة العليا لإدارة المياه، أول من أمس، مجموعة من القرارات والتوصيات بهذا الشأن، من بينها «اعتبار المعلومات المتعلقة بالواقع المائي حساسة ويمنع تداولها أمام العامة»، الأمر الذي أثار استغراب عدد كبير من المراقبين والمتابعين لملف المياه، بوصفه ملفاً حيوياً، ومن حق الجميع معرفة تفاصيله لتعلقه بحياتهم اليومية.
وبهدف إلزام المحافظات العراقية، خصوصاً تلك التي تقع في مقدمة مياه الأنهار، بعدم التجاوز على حصصها المائية، قررت اللجنة «إلزام المحافظات بالحصص المائية التي تقرها وزارة الموارد المائية». كما قررت «الالتزام بالخطة الزراعية وتوجيهات مجلس الوزراء والجهات القطاعية خلال الصيف».
ومن ضمن المقررات الأخرى، القرار المتعلق بـ«تشجيع الفلاحين والمزارعين على اقتناء منظومات الري الحديثة بالتنسيق مع وزارة الزراعة، وتخصيص قوة أمنية تتولى مساعدة الجهات القطاعية المختلفة لتنفيذ رفع التجاوزات على مجاري الأنهر كافة». وتضمن قرارات اللجنة العليا لإدارة المياه، كذلك «قيام المحافظات بدعم مشاريع وزارة الموارد المائية الخاصة بتنظيم وتطوير الري، والحد من تلوث مياه الأنهار من خلال تنفيذ مشاريع محطات معالجة مياه الصرف الصحي وعدم رمي المخلفات الصلبة في مجاريها».
يشار إلى أن العراق أودع نهاية الشهر الماضي، صك الانضمام إلى اتفاقية حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية (المعروفة باسم اتفاقية الأمم المتحدة للمياه) على هامش مؤتمر المياه في نيويورك. وحسب وزارة الموارد المائية، فإن الاتفاقية «تهدف إلى ضمان الاستخدام المستدام لموارد المياه العابرة للحدود من خلال تسهيل التعاون وتحسين إدارة الموارد المائية على المستوى الوطني»، في إشارة إلى مشكلات العراق المائية مع الجارتين تركيا وإيران. وتقول الوزارة إن «العراق يعد أول دولة في الشرق الأوسط تنضم إلى هذه الاتفاقية، والعضو الـ49 في هذا الإطار القانوني الدولي الفريد والحكومي الدولي».
أمطار الشتاء المتأخرة تُحيي آمال العراقيين بموسم أقل جفافاً
أمطار الشتاء المتأخرة تُحيي آمال العراقيين بموسم أقل جفافاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة