تصريحات للعبادي تغضب المكوّن السنّي

شكك بوجود مفقودين في معارك العراق ضد «داعش»

رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي (واع)
رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي (واع)
TT

تصريحات للعبادي تغضب المكوّن السنّي

رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي (واع)
رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي (واع)

أدلى رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، بتصريحات حول المفقودين في المعارك ضد تنظيم «داعش»، أدت إلى غضب واسع في الأوساط السُّنية. وفي لقاء تلفزيوني مع قناة «دجلة» التي يملكها السياسي السني جمال الكربولي، زعيم حزب «الحل»، نفى العبادي تقريباً وجود مغيبين أو مفقودين من العرب السنة، مشككاً في صحة كل الروايات التي يجري الحديث عنها منذ عام 2014 بأن المفقودين يقدَّرون ببضعة آلاف، وفق الإحصائيات التي قدمها العرب السنة.
والتزم العبادي الصمت حيال الغضب السني، فيما جاء أشد الانتقادات لتصريحات العبادي من قادة حزب «تقدم» بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وليس من أتباع حزب «الحل»، وهو ما يعني عدم وجود وحدة موقف بين القادة السنة حول ما يعدونها قضية رئيسية ضمن المطالب التي يتمسكون بها والتي تم تضمينها في ورقة الاتفاق السياسي الذي تشكّلت بموجبه الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.
ورغم أن العبادي منح المفاوض الشيعي ورقة رابحة بشأن هذا الملف، كونه كان هو رئيساً للوزراء بين عامي 2014 و2018 لا سيما أن تحالف «السيادة» بدأ يصعد في الآونة الأخيرة لجهة التأخير في حسم هذا الملف من الحكومة الحالية، فإنه وضع العرب السنة في زاوية حرجة عندما أعلن عن قيامه وقتذاك بتشكيل لجنة لم تسفر عن العثور على أيٍّ من المفقودين أو المغيبين.
ولم يقف العبادي عند هذا الحد، بل ذهب أبعد في تشكيكه بأن المفقودين أو المغيبين قسراً من الميليشيات والفصائل الشيعية، حسب اتهامات العرب السنة، ربما يكونون ممن ينتمي إلى تنظيم «داعش» وتم قتله في المعارك، بينما يطالب أهاليهم الآن بالبحث عنهم أو تعويضهم في حال ثبوت قتلهم. وتساءل العبادي ما إذا كان المنتمون العرب لتنظيم «داعش» قد قُتلوا في معارك خارج البلاد أو هُزموا في معارك التحرير داخل العراق، قائلاً: «فأين هم الدواعش العراقيون؟»، ما يعني أنه يتهم هؤلاء المطلوب البحث عنهم بأنهم دواعش ولقوا مصيرهم.
وحقيقةً إن غالبية من انتقد العبادي بشدة هم من قادة حزب «تقدم»، الأمر الذي يعكس انقساماً سنياً حيال الكثير من الملفات، من بينها ملف المغيبين والمفقودين كونه إحدى أهم القضايا التي يمكن استخدامها ورقة سياسية، خصوصاً أن انتخابات مجالس المحافظات ستُجرى نهاية العام الحالي، علما بأن انتخابات المجالس المحلية بمثابة «بروفة» للانتخابات البرلمانية العامة في العراق، لأنها تحدد أوزان القوى والأحزاب السياسية.
وفي مقابل تصريحات العبادي التي نفى فيها وجود مغيبين ومفقودين، فإن تصريحات رئيس تحالف «السيادة» خميس الخنجر، بشأن أهمية إقرار قانون للعفو العام وعودة مهجري جرف الصخر، قد أثارت انتقادات شيعية غاضبة هي الأخرى، لا سيما من الفصائل المسلحة التي تسيطر على هذا الملف وتعد عودة أهالي جرف الصخر خطاً أحمر، كونها تتهم أولئك الأهالي بأنهم «دواعش».
من جهته أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في مقابلة تلفزيونية، مساء أول من أمس، أن «مطالب المكون السني هي التدقيق الأمني في المناطق المحررة، والذي أُقر العمل به بعد تحرير تلك المناطق من سيطرة (داعش)، وقد ألغيناه». وأضاف: «كذلك هناك مطالب بتعديل ملف المساءلة والعدالة والنازحين والمفقودين، وهذه مطالب ليست مستحيلة أو غير قابلة للتحقيق، وكان يُفترض أن تنجَز منذ سنوات»، مشيراً إلى «إنجاز 31 في المائة من برنامجه الحكومي».
ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في المحافظات السنية، وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها، كانت تشكّل مصدر قلق وأزمة لديهم. كما يطالب عدد من السياسيين السنة باستعادة ناحية جرف الصخر في محافظة بابل من قوات «الحشد الشعبي» التي يقولون إنه يسيطر على الناحية ويمنع الأهالي من العودة إلى مناطقهم، فيما تؤكد قيادات «الحشد» أن من عليهم مؤشرات أمنية، هم فقط الذين ما زالوا يسكنون المخيمات.
لكن النواب الشيعة رفضوا تصريحات خميس الخنجر حول «الحشد الشعبي». وقال عضو البرلمان العراقي عن «الإطار التنسيقي» ثائر الجبوري، إن «اتهام خميس الخنجر للحشد الشعبي والقوات الأمنية بالتقصير في عملهم خلال الحرب ضد (داعش)، غير دقيق وغير مسؤول». وأشار إلى أن «البعض حصل على المناصب السياسية والمغانم جراء التصعيد الطائفي والتشجيع على الاقتتال الداخلي في الفترة السابقة. فالبعض يرى أن النجاح في الانتخابات القادمة يكمنُ في اللعب على الوتر الطائفي وتفعيل الملفات غير الموجودة من الأساس». وأضاف أن «هناك من يريد أن يجسد مشروع الاحتلال الأميركي بخطابه عبر الحديث عن القوات الأمنية والحشد الشعبي ودورهم في تحرير العراق».
أما المتحدث الرسمي لـ«ائتلاف النصر» سلام الزبيدي، وهو أحد مكونات الإطار التنسيقي فقال إن «تصريحات خميس الخنجر محاولة لتصدير المشكلات والصراعات إلى العملية السياسية من أجل التغطية عليها». وأضاف الزبيدي أن «هناك انقسامات كبيرة داخل المكون السني ظهرت على السطح، خصوصاً بعد تلويح الحلبوسي بإجازة مفتوحة غامضة من أجل الضغط على باقي القوى السياسية»، مشيراً إلى أن «المتاجرة بملف المغيبين وأرواح المواطنين والشهداء من أجل المصالح الضيقة، هو خطأ كبير يجب أن تبتعد عنه القيادات السياسية السنية».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.