مصر... «معرض فيصل للكتاب» يسعى لاجتذاب جمهوره الرمضاني

في دورته الـ11

مصر... «معرض فيصل للكتاب» يسعى لاجتذاب جمهوره الرمضاني
TT

مصر... «معرض فيصل للكتاب» يسعى لاجتذاب جمهوره الرمضاني

مصر... «معرض فيصل للكتاب» يسعى لاجتذاب جمهوره الرمضاني

يسعى معرض فيصل للكتاب لاجتذاب سكان محافظة الجيزة المصرية، بدورته الـ11، عبر فعاليات ثقافية وأدبية واستعراضية متنوعة، بعد افتتاح المعرض مساء الأحد، من قبل وزيرة الثقافة ومحافظ الجيزة، بمقر المعرض الرمضاني السنوي، بأرض الهيئة المصرية العامة للكتاب بحي فيصل بالجيزة.
ويضم المعرض الذي يستمر حتى 12 أبريل (نيسان) الحالي، 30 دار نشر، وورش الحرف اليدوية، وركن الطفل، ومسرحاً للعروض الفنية والاستعراضية.
وقالت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة نيفين الكيلاني، في بيان صحافي، إن «المعرض يُمثل تظاهرة ثقافية، ينتظرها أبناء محافظة الجيزة كل عام، في تجسيد لاستراتيجية الوزارة لتحقيق العدالة الثقافية». وأوضحت الكيلاني أن الوزارة حرصت هذا العام على إعداد برنامج ثقافي وفني متميز مصاحب لبيع الكتب ليكون بمثابة هدية رمضانية لأبناء الجيزة. ودعت وزيرة الثقافة، الجمهور، لحضور المعرض والاستفادة من الخصم الكبير على الإصدارات، الذي يصل لـ50 في المائة على بعض إصدارات قطاعات الوزارة، وذلك ضمن مبادرة «الثقافة والفن للجميع» التي انطلقت من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وستستمر لتصل لكل محافظات مصر لضمان تقديم المنتج الثقافي للجميع.

المعرض يعد متنفساً ثقافياً لسكان الجيزة

واعتبر محافظ الجيزة اللواء أحمد راشد، المعرض، «نافذة سنوية لمحبي الكتاب والثقافة والفنون»، مشيراً إلى أنه «يتواكب هذا العام مع احتفالات المحافظة بالعيد القومي لها، ليواصل مسيرة بناء الإنسان، وغرس قيم المواطنة، من خلال سلسلة من الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة».
وإلى جانب أكثر من 30 دار نشر، تشارك قطاعات وزارة الثقافة بعرض إصداراتها المتنوعة، والمشاركة في العروض الفنية التي تشمل الإنشاد والفنون الشعبية وورش حكي، بالإضافة لسلسلة من الندوات الثقافية لرموز الثقافة والأدب، حسب الدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، الذي أضاف في بيان أنه «يحرص في هذه الدورة على تقديم وجبة ثقافية رمضانية تناسب كل الفئات العمرية، وتهتم بشكل خاص بالشباب والنشء».
وشهد معرض فيصل للكتاب في أولى ليالي افتتاحه إقبالاً كبيراً من الأطفال وأسرهم على أنشطة المعرض وفعالياته المتنوعة، وحظيت ورش الحرف اليدوية كصناعة الإكسسوارات وإعادة التدوير وتعليم الرسم والتلوين باهتمام الأسر التي حرصت على اصطحاب أبنائهم للاستمتاع بأجواء المعرض المميزة. وتجتذب عروض فرق «التنورة التراثية»: «النيل للإنشاد الديني» و«الشرقية للفنون الشعبية» و«الحرية للفنون الشعبية» و«القومية للموسيقى والآلات الشعبية» جمهور المعرض. ويقام المعرض بمنطقة حكومية تطل على شارع الملك فيصل بالجيزة، وهو موازٍ لشارع الهرم، وسُمي بهذا الاسم نسبة للملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز.
وشهدت الدورة العاشرة من المعرض إقبالاً لافتاً من الجمهور، العام الماضي، لا سيما أنه يعد متنفساً فنياً وثقافياً مهماً لسكان إحدى أكثر مناطق القاهرة الكبرى ازدحاماً، في شهر رمضان كل عام.



«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
TT

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.

على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.

يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.

الأب يؤدي دوره من داخل أحد البراميل (مسرح الطليعة)

في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».

يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.

على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.

الأب والأم في أحد مَشاهد المسرحية (مسرح الطليعة)

يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».

الفنان محمود زكي في مشهد من العرض (مسرح الطليعة)

وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».