واردات «الساعات الفاخرة» في الخليج تصل إلى مليار دولار سنويًا

خبير عالمي لـ«الشرق الأوسط»: السعودية الأولى عالميًا في نمو محلات التجزئة

إحدى أسواق الساعات في السعودية («الشرق الأوسط»)
إحدى أسواق الساعات في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

واردات «الساعات الفاخرة» في الخليج تصل إلى مليار دولار سنويًا

إحدى أسواق الساعات في السعودية («الشرق الأوسط»)
إحدى أسواق الساعات في السعودية («الشرق الأوسط»)

تشهد مبيعات سوق الساعات الفاخرة في الخليج نموا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، حيث يفصح صناع هذا القطاع لـ«الشرق الأوسط» عن تفاؤلهم بالأسواق الخليجية بصفتها تسجل ارتفاعا كبيرا في استهلاك المنتجات الفاخرة، وعلى رأسها الساعات الثمينة المرصعة بأنقى الأحجار والمجوهرات، إذ تأتي كل من (السعودية، الكويت، دبي) ضمن البلدان العشرة الأكثر استهدافا لتجار التجزئة العالميين في قطاع الساعات الفاخرة.
ويكشف مارك شباط، مدير العمليات وشريك بشركة Money Watches لبيع الساعات الفاخرة، أن حجم سوق الساعات الفاخرة في دول مجلس التعاون الخليجي يصل إلى ما قيمته مليار دولار من الواردات سنويا، ويتابع حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «الطلب على الساعات الفاخرة مرتفع لأنها تظل محتفظة بقيمتها».
في حين يفصح جون مارك بونتروي، الرئيس التنفيذي لدار «روجيه دوبوي» للساعات السويسرية الفاخرة، بأن سوق منطقة الشرق الأوسط شهد نموا في معدلات استيراد الساعات السويسرية، خاصة في منطقة الخليج، قائلا: «التقارير العالمية تؤكد نمو السوق بشكل إيجابي رغم التحديات الاقتصادية، ومن المريح أن نرى توازنا بين تراجع بعض الأسواق الكبيرة ونمو الأسواق الأصغر».
ويشير بونتروي خلال حديثه الخاص لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «حجم سوق السلع الفاخرة بالخليج بلغ 14.6 مليار دولار»، مضيفا: «تعد السوق السعودية من أهم الأسواق للساعات الثمينة والسلع الفاخرة والأسرع نموا في العالم، مما جعل مُصنعي هذه السلع يتهافتون لفتح مراكز ومتاجر في المملكة، حيث احتلت السعودية المرتبة الأولى عالميا من حيث افتتاح محلات تجزئة جديدة وهي تبقى مع الكويت ودبي ضمن البلدان العشرة الأكثر استهدافا لتجار التجزئة العالميين».
وبالسؤال عن المنافسة العالمية في مجال تصنيع الساعات الفاخرة، يقول بونتروي «السوق السويسرية للساعات لا يوجد لديها منافس، فهي الأقدر منذ سنوات على إنتاج ساعات ثمينة ذات قيمة عالية تعيش لأجيال عدة، وبالنسبة لدار الساعات روجيه دوبوي فرغم حداثة العلامة فإنها من خلال جودة الساعات السويسرية الصنع 100 في المائة والموثقة بدمغة علامة جنيف، نجحت في اكتساب الثقة وجذب قطاع الأفراد».
من ناحية ثانية، تواجه صناعة الساعات الفاخرة أزمة تتمثل في إغراق الأسواق العالمية بالساعات المقلدة، وهنا يعود خبير الساعات مارك شباط للقول: «تضرب الساعات المقلدة بشكل هائل الأسواق عالميا، ولكن ذلك لا يؤثر علينا في Money Watches حيث إننا نعرض للبيع من خلال موقعنا على الإنترنت فقط الساعات الأصلية بعد أن يعاينها فنيون مختصون ويتحققون منها، بالإضافة إلى كونها تتوفر على شهادات أصلية».
وبسؤال شباط إن كانت شبكة الإنترنت تتمتع بالموثوقية الكافية لشراء الساعات الفاخرة، يقول: «بات التسوق عبر الإنترنت في الوقت الحاضر أكثر ملاءمة وسهولة وأمنا، وهناك دراسات تبين أن المبيعات عبر الإنترنت في تزايد في جميع أنحاء العالم وحتى في دول مجلس التعاون الخليجي».
ويضيف «شراء الساعات الفاخرة على الإنترنت قد يكون صعبا، خصوصا إذا كان عن طريق أفراد أو مواقع إلكترونية لمحلات تجارية كبرى، ومع ذلك، فإن اقتناء الساعات الفاخرة يكون آمنا إذا تم عبر مواقع موثوقة وذات سمعة جيدة كموقعنا الذي يتخصص فقط في الساعات الفاخرة التي تتوفر على علبها الأصلية وشهادات، نؤكد على هذين الشرطين الأساسيين».
تجدر الإشارة إلى أنه وفقا لأحدث إحصاءات الاتحاد السويسري لصانعة الساعات، حافظت هونغ كونغ على مركز الصدارة في قائمة الدول الأكثر استيرادًا للساعات السويسرية بواقع 307 ملايين فرنك سويسري، مقارنة بمبلغ 291 مليون فرنك في العام الماضي 2014 بنمو سنوي قدرة 5.4 في المائة.
وجاءت الولايات المتحدة الأميركية في المرتبة الثانية بواقع 182 مليون فرنك، مقارنة بمبلغ 187 مليونا في 2014، أما الصين فقد سجلت وارداتها من الساعات السويسرية مطلع العام مبلغ 115 مليون فرنك بنمو 4.1 في المائة عن عام 2014، وسجلت سنغافورة واردات بلغت قيمتها 90.7 مليون فرنك سويسري بنمو 9.9 في المائة، فيما سجلت الإمارات مبلغ 89.3 مليون فرنك سويسري لتحل خامسة متقدمة 4 مراتب على ترتيب الدول العشر الأكبر استيرادا للساعات السويسرية الفاخرة في 2015.
وحلت ألمانيا في المرتبة السادسة بمبلغ 87.3 مليون فرنك سويسري بتراجع سنوي نسبته 8.5 في المائة، فيما حلت فرنسا سابعة بتراجع طفيف مسجلة واردات بلغت قيمتها 81.1 مليون فرنك سويسري، وسجلت إيطاليا نموا بنسبة 9.9 في المائة لتصل وارداتها إلى 79.5 مليون مطلع العام الجاري متقدمة على بريطانيا التي تصدرت القائمة العام الماضي التي تراجعت إلى المرتبة التاسعة بواقع 77 مليون فرنك سويسري، في حين حلت اليابان عاشرة بواقع 73.5 مليون فرنك سويسري.
وعربيا، جاءت السعودية في المرتبة الرابعة عشرة بواردات بلغت قيمتها 27.3 مليون فرنك، وقطر في المرتبة 23 بواردات قيمتها 11.3 والكويت 8.1 مليون فرنك سويسري عن نفس الفترة، وأفصح الاتحاد السويسري لصناعة الساعات بأن سويسرا باعت خلال العام الحالي 2015 نحو 34.6 ألف ساعة مصنوعة من الذهب بقيمة 497 مليون فرنك، فيما باعت 1.146 مليون ساعة من الستانلس ستيل، بقيمة 623 مليون فرنك، و100 ألف ساعة معدنية مذهبة بقيمة 308 ملايين فرنك.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.