دونالد ترامب يعرض إمبراطوريته للخطر مقابل {بيت أبيض} صغير في واشنطن

السياسة تقود إلى ازدهار الأعمال بنظر قطب القطاع العقاري

دونالد ترامب (أ.ف.ب)
دونالد ترامب (أ.ف.ب)
TT

دونالد ترامب يعرض إمبراطوريته للخطر مقابل {بيت أبيض} صغير في واشنطن

دونالد ترامب (أ.ف.ب)
دونالد ترامب (أ.ف.ب)

يؤكد دونالد ترامب الملياردير الذي يعتبر من أكبر أقطاب القطاع العقاري في الولايات المتحدة أنه نموذج للنجاح على الطريقة الأميركية. فما الذي يمكن أن يدفعه إلى تعريض إمبراطوريته للخطر في محاولة للفوز بمنزل أبيض صغير في واشنطن.
يملك دونالد ترامب، نجم برامج تلفزيون الواقع، في سن التاسعة والستين، فنادق ومباني وملاعب غولف في الولايات المتحدة والخارج، وقدر بنفسه ثروته بعشرة مليارات دولار لدى الإفصاح عنها للجنة الانتخابية الفيدرالية، ولو أن مجلة «فوربس» المتخصصة قدرتها بأربعة مليارات وبلومبرغ بـ2.9 مليار. بدأ مساره ترامب بالعمل مع والده، المليونير في مجال العقارات، في مكتب في بروكلين حيث تقيم اليوم مجموعة كبيرة قدمت من الاتحاد السوفياتي سابقا.
نشأ في المنطقة المجاورة لكوينز وكانت والدته اسكوتلندية. أما جداه لوالده، فقدما من ألمانيا وبدلا اسمهما من درامف إلى ترامب عملا بتقليد شائع في تلك الفترة لجعل الأسماء تبدو إنجليزية.
واليوم يكتظ السياح في متجر التذكارات في برج ترامب على الجادة الخامسة، حيث تغلف أبسط قبعة في كيس ذهبي ضخم. ويعلو المحل فندق باهظ ومطعم بثلاثة نجوم بحسب تصنيف ميشلان.
واسم ترامب في كل مكان في نيويورك، بين «ترامب بارك» و«ترامب بالاس» و«ترامب بلازا» وبرج «ترامب بارك افنيو».
وهو قام بترميم الواجهات الخارجية لمحطة غراند سنترال، وكان يملك فندق «بلازا هوتيل» الشهير قبل أن يبيعه، حتى إنه كان يملك حتى 2002 الأرض التي يرتفع عليها برج إمباير ستايت بيلدينغ.
وبحسب تصريحه للجنة الانتخابية الفيدرالية، فهو يتقاضى مبالغ تصل إلى 450 ألف دولار لقاء خطاب. ويملك كذلك كروما للعنب في فرجينيا.
وتميز ترامب الذي يتصدر استطلاعات الرأي بين الجمهوريين المرشحين لتمثيل حزبهم في السباق إلى البيت الأبيض عام 2016، منذ دخوله الحملة الانتخابية بمواقف صاخبة وتصريحات مدوية بعضها أثار موجة استنكار، ولا سيما حين وصف المكسيكيين بأنهم لصوص ومغتصبون وشتم خصومه، ما جعله يخسر عدة عقود أعمال.
لكن الأعمال هي على الأرجح ما يبرر قرار ترامب الترشح للبيت الأبيض، برأي الخبراء، وهم يوضحون أن البيت الأبيض ليس ما يطمح إليه ترامب الذي هو أبعد ما يكون عن شخصية المرشح المقبول للرئاسة، بل هو يسعى للحصول على الدعم الذي يمكن أن يساعده على توسيع ثروته.
وقال لاري تشاغوريس أستاذ التسويق في جامعة بايس في نيويورك، متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «دونالد ترامب يعمل على زيادة وهج علامة ترامب التجارية وهو يعرف أنه لن يكون رئيسا».
وفي مقال بعنوان «عبقرية ترامب الوقحة» رأت مجلة «ذي إيكونوميست» أنه يطمح إلى الحصول على أرضية سياسية «تساوي ثروة»، تدعم مصالحه لدى الدوائر العقارية.
ورأى لاري تشاغوريس أنه إذا اكتسب نفوذا كافيا وحصد ما يكفي من الاهتمام فسيكون في موقع يسمح له بالحصول على مكسب من المرشح الذي سيعينه الحزب مستقبلا.
وتابع أنه سيبقى حتى النهاية، حين لا يعود هناك سوى مرشحين اثنين، ويمكن عندها أن يقدم دعمه لأي من الاثنين.
ويصف دونالد ترامب نفسه بأنه مفاوض لا مثيل له. وتساءلت «ذي إيكونوميست» عما يمكن أن يطالب به لقاء دعمه. هل يطلب إعفاء ضريبيا كبيرا؟ أو بناء كازينو أو وقف كازينو منافس؟
ويشير تشاغوريس إلى إمكانية أن تكون أهدافه تشمل كوبا ومنتجعا سياحيا جديدا في الجزيرة. وقال: «قد يريد ترامب أن تهيمن علامته التجارية على المشهد الكوبي، وسيكون ذلك أسهل عليه في حال كان رئيس الولايات المتحدة داعما لعلامة ترامب التجارية».
وأوضح ريك ويلسون محلل وسائل الإعلام لدى المرشحين الجمهوريين أنه ليس هناك لدى ترامب ما يوحي بأنه يتمتع بحس سياسي متين. ويقول إنه ليس جمهوريا تقليديا ولا محافظا نموذجيا، مشيرا في هذا الصدد إلى موقفه من الأسلحة النارية ومن الإجهاض، وإلى المبالغ المالية التي قدمها لمرشحي الحزبين في الماضي. وهو في كل الأحوال كان ديمقراطيا في فترة ما.
ورأى ويلسون أن «الخيار السيئ» هو أن يصمد حتى المؤتمر الجمهوري حيث سيعين الحزب مرشحه لانتخابات 2016، مضيفا أن «الخيار الكارثة» سيكون أن يتقدم كمرشح مستقل، فيقسم الأصوات الجمهورية ويضمن عندها فوز هيلاري كلينتون.
وحتى لو أنه خسر بعض العقود على أثر تصريحاته حول المكسيكيين، فإن ترامب الذي يمول بنفسه حملته الانتخابية ليس لديه ما يقلقه.
فإمبراطورية ترامب متشعبة للغاية تشمل إلى جانب العقارات والفنادق وملاعب الغولف شتى وسائل الترفيه وصولا إلى الكتب عن سبل جني المال والفرش والعطور.
وفي تصريحه للجنة الانتخابية الفيدرالية، أدرج ترامب قائمة بأملاك يقارب عددها العشرين وتتخطى قيمتها 50 مليون دولار.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.