نتنياهو ينجح في تجنيد شخصيات في الحزب الديمقراطي الأميركي ضد إيران

السفير السابق في واشنطن يدق الأسافين بين أوباما واليهود الأميركيين

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو
TT

نتنياهو ينجح في تجنيد شخصيات في الحزب الديمقراطي الأميركي ضد إيران

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو

نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تجنيد أربع شخصيات مهمة في الحزب الديمقراطي الأميركي ضد الاتفاق النووي مع إيران. وقد اعتبر مايكل أورن، السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، أن هذا التطور يشكل انعطافا في المعركة ضد المصادقة على الاتفاق في الكونغرس.
وقال أورن إنه لا يستطيع القول إن الاتفاق سيسقط، بعد، خصوصا أن الرئيس باراك أوباما لا يزال يستطيع استخدام حق الفيتو. ولكنه أضاف: «هذا التطور يحدث قلقا جديا في البيت الأبيض. وليس صدفة أن الرئيس ومساعديه يدلون في كل يوم بتصريحات صحافية. فهم يدركون بأن شعبية الاتفاق تتراجع. وفي نهاية المطاف، الرأي العام الأميركي هو الذي سيحسم في شكل تصويت النواب».
وكان أبرز سيناتور ديمقراطي في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، تشاك شومر، قد أعلن أمس أنه قرر معارضة الاتفاق. وأضاف في بيان صحافي قائلا: «بالنسبة لي فإن الخطر الحقيقي جدًا هو أن إيران لن تعتدل وبدلا من ذلك فإنها ستستخدم الاتفاق سعيًا إلى تحقيق أهدافها الشريرة. لذلك، قررت أنه يتعين علي أن أعارضه». وكان قد سبق شومر في ذلك، العضو الديمقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي إليوت إنغيل.
كما أن اثنين من كبار الأغنياء اليهود الأميركيين، المعدودين على الجناح اليساري، والممولين بسخاء لحملات الحزب الديمقراطي الانتخابية، حايم صبان وجاك روزين، أعلنا تأييدهما لجهود نتنياهو إجهاض الاتفاق. وموقفهما يؤثر على النواب الديمقراطيين، خصوصا عشية الانتخابات الأميركية.
وحسب مراسلين إسرائيليين في واشنطن، فإن الحزب الجمهوري من جهة واللوبي الإسرائيلي «آيباك» في الولايات المتحدة من جهة ثانية، يستغلان العطلة الصيفية في الكونغرس لـ«حراثة» الشارع في الولايات البعيدة عن واشنطن حيث يوجد نواب غير بارزين ومترددون في الموضوع. ويؤكد هؤلاء الصحافيون أن كل نائب يتلقى ألوف الرسائل من الناخبين في كل يوم حول الموضوع، يعبر فيها الكاتبون عن قلقهم من الاتفاق. ويحذرون من التصويت إلى جانبه: «اعرف أن هذا الموقف سيسجل عليك إلى الأبد»، يكتبون في الرسائل. وعلى سبيل المثال فإن النائب شومر، الذي عرف عنه أنه يظهر ويتكلم في كل سنة في مؤتمر «آيباك» وفي السنة الماضية قال في المؤتمر إن «اسمي شومر ويعني بالعبرية (حارس) ولذلك أعتبر نفسي حارس إسرائيل»، تحدث عن هذه الرسائل لأحد المراسلين الإسرائيليين فقال: «من بين كل 10 رسائل تصلني، توجد 9 رسائل من أناس يعارضون الاتفاق».
وبالإضافة إلى ذلك، يتوقع أن يصل إلى إسرائيل في الشهر القادم نحو 20 سيناتورا من الولايات المتحدة، تم استدعاؤهم للحديث عن الاتفاق الإيراني وأخطاره. فيما يواصل نتنياهو ومساعدوه اتصالاتهم اليومية مع المسؤولين والمشرعين الأميركيين. ويمضي د. دوري غولد، المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أياما طويلة في الولايات المتحدة لإقناع النواب بالتصويت ضد الاتفاق. فيما يقيم السفير الإسرائيلي يوسي دريمر، في الكونغرس كل وقت عمله للغرض نفسه.
وحسب السفير السابق، أورن، فإن الرئيس أوباما بات في حالة ضغط شديد من جراء هذا النشاط: «لذلك سمح لنفسه بأن يتفوه بكلمات غاضبة تهدد مكانة اليهود الأميركيين». وقال، خلال مقابلة مع الإذاعة الرسمية، ظهر أمس «في خطابه الأخير قال أوباما إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعارض الاتفاق مع إيران. وهذا ليس صحيحا. ولكنه أضاف في الخطاب نفسه أن الذين دفعوا بالولايات المتحدة إلى الحرب في العراق هم الذين يدفعونها اليوم للحرب مع إيران». واعتبر أورن هذا التصريح خطيرا لأنه يثبت التهمة الرائجة على اليهود الأميركيين بأنهم هم الذين دفعوا إلى التورط الأميركي الحربي في العراق. وقال: «هذا ليس افتراء عاديا. إنه أخطر اتهام يوجهه رئيس أميركي لليهود الأميركيين في التاريخ».
من جهة ثانية وجه وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، تهديدا مبطنا باغتيال علماء الذرة الإيرانيين. ففي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية، سئل عن الخيار العسكري ضد إيران، فأجاب: «سيكون علينا أن نبحث ونفحص كل الخيارات. نحن نفضل أن تحل القضية بالاتفاق، ولكن باتفاق جيد وليس الاتفاق الحالي. فإذا رفضت، يجب أن تعرف إيران أي ثمن ستدفع». فسئل عن علماء الذرة وإن كانوا سيشعرون بالأمان بعد الاتفاق، فأجاب: «أنا لست مسؤولا عن حياة علماء الذرة الإيرانيين».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.