تحذيرات من كارثة صحية في تعز.. في ظل الحصار المفروض من المتمردين

حمى الضنك وانعدام مياه الشرب يتسببان في هلاك العديد من المدنيين في المدينة

يمنيون يقفون لتسلم مساعدات غذائية من جهات خيرية في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يقفون لتسلم مساعدات غذائية من جهات خيرية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تحذيرات من كارثة صحية في تعز.. في ظل الحصار المفروض من المتمردين

يمنيون يقفون لتسلم مساعدات غذائية من جهات خيرية في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يقفون لتسلم مساعدات غذائية من جهات خيرية في صنعاء (إ.ب.أ)

بينما تشهد مدينة تعز الواقعة وسط اليمن معارك عنيفة بين المسلحين الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والمقاومة الشعبية المسنودة بالجيش الوطني المساند لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، حذرت جهات إنسانية محلية من حدوث كارثة صحية بسبب الحصار المفروض على المدنية من قبل المتمردين. وكشفت «شبكة إنقاذ للإغاثة» في مدينة تعز، في بيان، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، «عن وفاة أكثر من عشرة مواطنين بحمى الضنك خلال الأسبوع الماضي نتيجة تراكم النفايات داخل المدنية وانعدام المياه الصالحة للشرب».
وقال رئيس الشبكة بليغ التميمي لـ«الشرق الأوسط» إن «أكثر 80 في المائة من أبناء حافظة تعز يعانون من انعدام الغذاء والدواء، مما ينذر بمجاعة وشيكة، و90 في المائة من المواطنين توقفت عنهم مصادر الدخل، بالإضافة إلى ما يصل إلى المليون ونصف المليون من المواطنين لا يحصلون عن المياه الصالحة للشرب». وأضاف: «نخشى وقوع كارثة صحية وشيكة بسبب الحصار التي تشهده مدينة تعز لأن أكثر من 300 ألف طفل بتعز مهددون بسوء التغذية، وأكثر من 100 ألف طفل مهددون بالموت، وأكثر من 120 ألف من الأمهات مهددات بمخاطر الحمل والولادة هناك عن نزوح أكثر من 85 ألف أسرة نزحت من المدنية وهم بحاجة إلى الاحتياجات الأساسية».
وعسكريًا، حققت المقاومة الشعبية في تعز تقدمًا، وتمكنت من السيطرة على عدد من المواقع التي كانت تسيطر عليها جماعة الحوثي المسلحة مما جعل هذه الأخيرة تتراجع. وقال فؤاد قائد أحمد، أحد عناصر المقاومة لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقاومة الشعبية استطاعت السيطرة على مرتفعات جبل صبر وموقع العروس وعدد من المداخل الحيوية والمهمة لمدينة تعز بالإضافة إلى سيطرتهم على عدد من التلال المحيطة بالمدينة التي كانت تسيطر عليها جماعة الحوثي المسلحة وأنصار صالح، وإن مسلحي المقاومة تمكنوا من إعطاب دبابة خاصة بالمسلحين الحوثيين في منطقة حوض الأشرف كان يتم قصف الأحياء السكنية بها». وأضاف: «شهدت مناطق النقطة الرابعة وعصيفرة وشارع الأربعين، اشتباكات عنيفة بين المقاومة الشعبية والمسلحين الحوثيين وأنصار صالح، مما أسفر عن مقتل 11 مسلحا حوثيا وجرح أكثر من 30 مسلحا، ومقتل أحد المقاومة بالإضافة إلى جرح 7 آخرين، بالإضافة إلى مقتل مواطن وجرح آخرون نتيجة القصف العشوائي على المدينة من قبل المسلحين الحوثيين»، مؤكدا أن جماعة الحوثي المسلحة وأنصار صالح مستمرة في قصفها العشوائي على أحياء الضبوعة والأشبط وأحياء أخرى، كما احترقت إحدى الشاحنات جوار مطعم ليالي العرب نتيجة للقصف».
وفي الوقت الذي تشهد فيه محافظة تعز انتهاكات ترتكبها جماعة الحوثي المسلحة وأنصار صالح، وانتشار مرض حمى الضنك في أوساط الأهالي، أوضحت شبكة الراصدين المحليين بتعز، خلال مؤتمر صحافي لها، أنها رصدت عدد القتلى والجرحى لشهر يوليو (تموز) الماضي، وكانت الحصيلة 93 قتيلا بينهم 24 طفلا و10 نساء و59 من الرجال الذين حصدت أرواحهم جميعا جماعة الحوثي المسلحة، وأن عدد الجرحى وصل إلى 1027 جريحًا خلال شهر يوليو فقط من بينهم 124 طفلا و92 امرأة و811 رجلا، وإلى أن 155 جريحا في حالة حرجة.
وفي غرب اليمن، تستمر جماعة الحوثي المسلحة وأنصار الرئيس السابق صالح بعمليات الملاحقة والاعتقالات لجميع المناوئين لهم في محافظة الحديدة، حيث تستمر المقاومة الشعبية التهامية في هجماتها في مختلف مدن ومحافظات إقليم تهامة ضد المسلحين الحوثيين وأنصار صالح، وأكد مصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «المسلحين الحوثيين المتمركزون بنقطة الضحي، إحدى مديرات محافظة الحديدة، قاموا باعتقال عدد من الشخصيات الاجتماعية الساعة الواحدة والنصف صباح الجمعة، أثناء توجههم إلى مدينة المنيرة للمشاركة في مراسيم دفن عبد الباري الأهدل، رئيس فرع التجمع اليمني للإصلاح بمديرية المنيرة».
وقال مقرب من المقاومة الشعبية التهامية لـ«الشرق الأوسط» إن «المقاومة مستمرة في تنفيذ عملياتها النوعية ضد المسلحين الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في إقليم تهامة، وأنهم قاموا، أمس، بتنفيذ هجوم على (يان هايلوكس)، خاصة بالمسلحين الحوثيين، على متنها عدد من المسلحين في منطقة اللوحة في بني قيس محافظة حجة فجر بسلاح الكلاشنيكوف وأنباء عن سقوط قتلى وجرحى». وأضاف: «استهدفت المقاومة أيضًا دورية خاصة للمسلحين الحوثيين بقنبلة يدوية بجولة السمكة أمام مصلى العيد في الحديدة، وسقط فيها قتلى وجرحى من الحوثيين، بالإضافة إلى استهدافهم تجمعًا للمسلحين الحوثيين ببيت الشباب في مديرية السخنة، جنوب الحديدة، بقنبلة يدوية، وأسفر الهجوم عن إصابات بالغة في أوساط الحوثيين».
وشنت طيران التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية غاراته، مساء أول من أمس، ويوم أمس، على عدد من المقار العسكرية للمسلحين الحوثيين وأنصار صالح في مدينة الحديدة، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الحوثيين. وقال شهود محليون لـ«الشرق الأوسط» إن «مقاتلات التحالف شنت غاراتها على مبنى مكافحة الملاريا الذي يسيطر عليه الحوثيون في مديرية حيس، جنوب الحديدة، وتجمعا لهم في مزرعة شمال غربي مديرية الدريهمي بالحديدة، وقتلوا فيها أكثر من 16 مسلحًا حوثيًا بالإضافة إلى جرح آخرين، وإنه شوهدت جثث متفحمة للحوثيين تحت أنقاض المبنى».
وأضافت المصادر نفسها: «قصفت البارجات البحرية تجمعات للحوثيين في مديرية الدريهمي ومعسكرا للمسلحين الحوثيين في الساحل الذي كانت فيه كتيبة النصر التابعة للواء 180 الذي استولت عليه جماعة الحوثي». وأكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» مصرع قياديين حوثيين من محافظة عمران في الغارة التي استهدفت مركز الملاريا بمدينة حيس، ويعتقد أنهما المدعو أبو بدر والمدعو مرزاح».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.