قوات الشرعية تستعيد عاصمة أبين.. وتقترب من تحرير تعز

الحوثيون يقرون بزرع ألغام خلال انسحابهم من المدن الجنوبية

عناصر من المقاومة الشعبية الموالية للرئيس هادي منتشية بالانتصارات الأخيرة في لحج (أ.ف.ب)
عناصر من المقاومة الشعبية الموالية للرئيس هادي منتشية بالانتصارات الأخيرة في لحج (أ.ف.ب)
TT

قوات الشرعية تستعيد عاصمة أبين.. وتقترب من تحرير تعز

عناصر من المقاومة الشعبية الموالية للرئيس هادي منتشية بالانتصارات الأخيرة في لحج (أ.ف.ب)
عناصر من المقاومة الشعبية الموالية للرئيس هادي منتشية بالانتصارات الأخيرة في لحج (أ.ف.ب)

واصلت قوات الجيش الوطني مدعومة بالمقاومة الشعبية الموالية للشرعية في اليمن تقدمها أمس، إذ تمكنت من بسط سيطرتها على مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين، الواقعة إلى الشرق من عدن. وقالت مصادر محلية إن ﻗﻮﺍﺕ الجيش الوطني دخلت مدينة زنجبار ملتحمة مع المقاومة، مضيفة أن العشرات من الميليشيات الحوثية وحلفائها من أتباع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ﻓﺮﻭﺍ ﻣﻦ معسكر اللواء 15 ﻭﻣﻮﺍﻗﻌﻪ ﻓﻲ مدينتي ﺯﻧﺠﺒﺎﺭ ﻭﺷﻘﺮﺓ بمحافظة أبين، ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ محافظة البيضاء. وأضافت المصادر أن المتمردين فروا من مواقعهم، بسبب تقدم ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ووحدات الجيش الوطني في عدة ﺟﺒﻬﺎﺕ ﻓﻲ المحافظة ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ ﻗﻮﺍﺕ الجيش الوطني ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ إلى اﺳﺘﻌﺎﺩﺗﻬﺎ ﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﺗﺄﻣﻴﻦ عدن.
في غضون ذلك، اعترفت قناة «المسيرة» التابعة لجماعه الحوثي بأن مسلحيها زرعوا الألغام الأرضية قبل أن انسحابهم من المواقع التي كانوا يسيطرون عليها في محافظتي لحج وأبين وعدن في جنوب اليمن. ونشرت القناة الليلة قبل الماضية «خبرًا عاجلا» على شاشتها قالت فيه إن عشرات القتلى من المقاتلين الموالين للرئيس هادي سقطوا خلال 48 ساعة بفعل الألغام الأرضية التي زرعها أعضاء اللجان الشعبية. وتعد هذه المرة الأولى التي يعترف فيها الإعلام التابع للحوثيين بقيام ميليشياتهم بزرع مئات الألغام في المناطق التي انسحبوا منها في المحافظات الجنوبية.
بدورها، أصدرت القيادة العليا للجيش الوطني والمقاومة، أوامرها للمحور الثاني الذي يقوده العميد عبد الله الصبيحي، بالتوجه مباشرة بعد تحرير زنجبار إلى تعز لمساندة الوحدات العسكرية هناك في حربها ضد ميليشيات الحوثي وحليفهم علي صالح.
ويتوقع، بحسب مختصين في الشأن العسكري، أن صدور هذه الأوامر لتحريك المحور الثاني باتجاه تعز له مدلولات عسكرية، حول عزم الجيش الموالي للرئيس هادي على طرد الحوثيين من آخر معاقل الجنوب، والتوجه نحو صنعاء في الأيام المقبلة، بدعم ومساندة طيران التحالف العربي، موضحين أن الأولوية التي يعتمد عليها الجيش الوطني في الوقت الراهن هي تأمين المناطق المحررة لإكمال السير في اتجاه الشمال والشمال الشرقي.
وقال العميد عبد الله الصبيحي قائد «اللواء 15» قائد عملية تحرير عدن لـ«الشرق الأوسط» إن المحور الذي يقوده أصبح على مشارف تعز ويبعد قرابة 70 كيلومترا، ويتوقع أن تدخل القوة خلال الفترة المقبلة تعز لدعم الوحدات الموالية للشرعية، لافتا إلى أن قواته تسيطر الآن على جعار التي تقع في جنوب غربي اليمن والتي تعد العاصمة الإقليمية لزنجبار، وسقوطها، بحسب العميد الصبيحي، يزيد من دعم الجيش الوطني في سيره نحو المدن الأخرى من خلال وضع وحدات في هذه المدينة لسلامة ظهر الجيش ومنع دخول الحوثيين في حال عادوا مرة أخرى.
وأضاف العميد عبد الله الصبيحي أن القيادة المركزية للجيش النظامي في عدن جنوب اليمن، تدرس كل الخيارات المتاحة في مواصلة الزحف نحو صنعاء أو صعدة، وذلك بعد أن رفعت القيادات الميدانية تقريرا حول قدرتها على الاستمرار ومواصلة الحرب على الانقلابيين متى ما طلب منها ذلك.
وقال قائد عملية تحرير عدن إن المحورين اللذين انطلقا من اللحظات الأولى لتحرير عدن، ويرتكز عليهما الجيش الوطني الموالي للرئيس هادي، بمساندة المقاومة الشعبية، يسيران وفق الخطة المرسومة في تحرير جميع المدن الجنوبية، ومنها إلى باقي المدن التي يسيطر عليها الحوثيون وحليفهم صالح، فيما نجح الجيش الوطني في أسر أعداد كبيرة من الميليشيات وجارٍ التعامل معهم وفق القواعد الدولية.
في هذه الأثناء، قصفت قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية مواقع الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي صالح، في تعز تمهيدا لتقدم القوات الموالية للرئيس هادي، الذي يتوقع أن يكون خلال الساعات المقبلة في مواقع تسيطر عليها الميليشيات تشمل «منطقة الدمنة، الحوبان، الصالح» شرق المدينة.
وذكر مصدر عسكري أن ميليشيات الحوثي وحليفهم صالح، عمدت خلال الساعات الماضية إلى إلزام قُصر على حمل السلاح، لمواجهة زحف الجيش الوطني على المدن باتجاه الشمال، موضحا أن تكتيك الميليشيات خلال الأيام الماضية تغير جذريا من الهجوم إلى الدفاع، ومن ثم الانسحاب من تلك المواقع بعد تدميرها تماما.
وعاد العميد الصبيحي ليؤكد أن ما قامت به قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، كان له دور بارز في تقدم القوات الموالية للرئيس هادي، والمقاومة الشعبية، من خلال الغطاء الجوي وضرب معاقل الحوثيين وحليفهم صالح، ودعم الجيش النظامي بأسلحة متطورة ساعدت المقاتلين على كسب المواجهات الميدانية، موضحا أن التنسيق جارٍ في كل الخطوات عبر غرفة عمليات مشتركة مع القائد الأعلى الذي يدرس كل الخيارات للتقدم أو البقاء في تعز بعد تحريرها.
وحول تعامل الجيش مع الأسرى، أكد العميد الصبيحي أن الجيش يقدم كل الرعاية الطبية ويقدم الغذاء وحسن التعامل تمهيدًا لنقلهم إلى مواقع مخصصة للاحتجاز، ولم يسجل الجيش أو المقاومة أي حالة تقصير في تقديم العون لهم ويعاملون كأسرى حرب وفق الشريعة الإسلامية والأنظمة الدولية المتعارف عليها في هذا الشأن.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».