بين الذهب والدولار... أين يحفظ المصريون قيمة أموالهم؟

ترقب لشهادات بنكية بفوائد مرتفعة لجذب السيولة

عملات مصرية من فئات مختلفة أمام عملات دولية (أ.ف.ب)
عملات مصرية من فئات مختلفة أمام عملات دولية (أ.ف.ب)
TT

بين الذهب والدولار... أين يحفظ المصريون قيمة أموالهم؟

عملات مصرية من فئات مختلفة أمام عملات دولية (أ.ف.ب)
عملات مصرية من فئات مختلفة أمام عملات دولية (أ.ف.ب)

باتت قرارات رفع «البنك المركزي المصري» لأسعار الفائدة، والتي جاء أحدثها (الخميس) محل ترقب المصريين، فحسبما تتجه سياسته النقدية تتأثر قراراتهم الادخارية، والتي عادة ما تتأرجح، حسب تقييم الخبراء، ما بين «الشهادات البنكية، والمشغولات الذهبية، وكذلك الدولار، والعقارات».
وحظيت قرارات «المركزي» برفع سعر الفائدة 2 في المائة بمناقشات واسعة بين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً فيما يتعلق بسبل حفظ قيمة الأموال أو المدخرات.
وجاء أول ردود الأفعال في سوق الذهب، التي ارتفعت أسعار عياراته بدرجات متفاوتة، وفي صباح اليوم (الجمعة) سجل جرام الذهب قفزة قياسية بزيادة نحو 50 جنيهاً، في عيار 21 (الأكثر تداولاً في مصر)، والذي قفز إلى 2200 جنيه مصري، (الدولار 30.9 جنيه مصري)، مقارنة بـ2150 جنيهاً يوم الخميس.
ويعتقد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أن «السلوك الادخاري لدى المصريين يتجه نحو ثلاثة مسارات تتوزع بين الذهب، والدولار والبورصة»، مضيفاً لـ «الشرق الأوسط» أنه «في 22 مارس (آذار) الحالي حصل المودعون على فوائد الشهادات البنكية ذات عائد الـ18 في المائة (طرحت قبل عام) لتتجه هذه الأموال نحو المسارات الثلاثة، وقد انعكست تلك التوقعات على ارتفاع سعر الذهب والدولار في السوق الموازية، وكذلك انتعاشة البورصة على مدار الأسبوع الماضي».
بدرة قال كذلك إن «السوق الموازية للدولار حقيقة لا يمكن غض الطرف عنها، لا سيما بعد تحول بعض شركات الصرافة إلى معاملات شبه فردية يصعب إحكامها، وشهد الأسبوع الماضي ارتفاعاً في سعر الدولار لا سيما في العقود الآجلة».
ولا يتفق بدرة مع توقعات بعض الخبراء باتجاه البنوك لإصدار شهادات بنكية بعائد يتخطى 25 في المائة، ويقول: «المنتظر حسب تصريحات البنك الأهلي طرح شهادات ادخار بعائد 18.5 في المائة، غير أن الحديث عن شهادات بعائد 30 في المائة غير واقعي، لا سيما بعد نفي البنك الأهلي وبنك مصر».
وتواجه مصر تراجعاً في قيمة العملة المحلية (الجنيه) أمام الدولار الأميركي، بلغ نحو 50 في المائة منذ مارس الماضي، كما شهدت أسعار السلع ارتفاعاً قياسياً حتى وصل المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 40.3 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، مقابل 31.2 في المائة في يناير (كانون الثاني)، حسب إفادة رسمية صدرت عن البنك المركزي المصري في مارس.
وبدوره، رأى الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن قرار «المركزي المصري» برفع الفائدة جاء «للحد من آثار ارتفاع معدل التضخم، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تخطي التضخم حاجز الـ40 في المائة، واستمرار أسعار الفائدة في معدلاتها السابقة كانا يعنيان تآكل أموال المودعين».
وعن اتجاهات الادخار المتوقعة لدى المصريين بعد الإجراءات الأخيرة، يقول جاب الله: «أتوقع تقديم القطاع المصرفي منتجات تجزئة متعددة الأنماط بأسعار فائدة مجزية تضمن بقاء المبالغ الادخارية صامدة أمام التضخم».
كما يذهب الخبير الاقتصادي إلى احتمالية انتعاش قطاع العقارات، ويدلل «خلال الفترة القريبة الماضية ارتفعت أسعار مواد البناء ما يعني ارتفاع مرتقب في سوق العقارات، كما أن شركات العقارات تعاني نقص السيولة النقدية، لذلك من المتوقع أن ينتعش هذا القطاع كوسيلة تحظى بضمانات أكثر مقارنة بأنماط ادخارية أخرى».
ويشكك جاب الله كذلك في مسار الاستثمار في الذهب ويقول: «أسعار الذهب متذبذبة، صحيح أن المصريين يلجأون إليه، غير أن الاستثمار في المعدن الأصفر يحقق أرباحاً للمحترفين، وليس الهواة».
ويعتقد الخبير الاقتصادي أن الاستثمار أو الادخار في الدولار «مخاطرة» قائلاً إن «الدولار راهناً يمر بمرحلة لن تستمر، فالولايات المتحدة الأميركية تدعمه من خلال رفع سعر الفائدة، التي وصلت للمرة الأولى في تاريخها إلى 5 في المائة، غير أن هذه المعدلات لن تستمر إلى الأبد».
ويردف: «ستأتي اللحظة التي يتراجع فيها البنك الفيدرالي عن رفع سعر الفائدة ليعود الدولار إلى السيولة في العالم بعد تجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة، وبالنسبة للمواطن العادي لن تتوافر لديه المعلومات والرؤية لتوقع هذه اللحظة، من ثم فالادخار في الدولار مخاطرة غير محسوبة».


مقالات ذات صلة

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مسؤولو «مدن» الإماراتية و«حسن علام» المصرية خلال توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مشروع رأس الحكمة (الشرق الأوسط)

«مدن القابضة» الإماراتية توقع مذكرة تفاهم في البنية التحتية والطاقة بمشروع رأس الحكمة

وقعت «مدن القابضة» الإماراتية، اليوم الثلاثاء، مذكرة تفاهم مع مجموعة «حسن علام القابضة» المصرية، لتعزيز أفق التعاون في مشروع رأس الحكمة في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الشمس أثناء الغروب خلف أعمدة خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي (رويترز)

الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل الانقطاعات

ترى الشركة المنفذة لأعمال الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، أن الربط الكهربائي بين البلدين سيحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل من انقطاعات الكهرباء.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد اللواء الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء (الشرق الأوسط)

محافظ جنوب سيناء: نتطلع لجذب الاستثمارات عبر استراتيجية التنمية الشاملة

تتطلع محافظة جنوب سيناء المصرية إلى تعزيز موقعها كمركز جذب سياحي، سواء على مستوى الاستثمارات أو تدفقات السياح من كل أنحاء العالم.

مساعد الزياني (دبي)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.