أفادت مصادر يمنية مطلعة بأن الميليشيات الحوثية تواصل للأسبوع الثاني، بإشراف مباشر من زعيمها عبد الملك الحوثي، حملة التنكيل بسكان مدينة إب (193 كيلو متراً جنوب صنعاء) عقب المظاهرة الحاشدة التي شهدتها المدينة رداً على تصفية الناشط في مواقع التواصل الاجتماعي حمدي عبد الرزاق (المكحل)، الذي كان موقوفاً لدى إدارة أمن الميليشيات على خلفية انتقاداته لنظام حكمها العنصري، والفساد الذي يمارس في المحافظة، ونهب أموال السكان وقطع رواتبهم.
وبحسب مصادر سياسية في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية تحدثت مع «الشرق الأوسط» فإن المظاهرة الضخمة التي شارك فيها الآلاف من سكان مدينة إب عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، فاجأت زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي الذي قرر انتداب رئيس جهاز المخابرات الداخلية عبد الرب جرفان، فبدأ بدوره استهداف الحي القديم من المدينة مسقط رأس المكحل، حيث نشر العشرات من الجنود وأغلق المداخل المؤدية إليه، ونفذ حملة دهم واعتقالات طالت العشرات من الشبان بتهمة المشاركة في المظاهرة المناوئة لسلطة الانقلاب.
وذكرت مصادر في مدينة إب لـ«الشرق الأوسط» أن القيادي جرفان وصل إلى المدينة غداة المظاهرة، وتولى إدارة حملة القمع، تنفيذاً لتوجيهات زعيم الميليشيات الذي تعهد بالتعامل مع الاحتجاجات باعتبارها حالة حرب، وأنه تعهد بإخضاع المدينة، مستنداً إلى خبرته في ارتكاب انتهاكات فظيعة بحق المعارضين عند توليه مهمة إدارة جهاز الأمن القومي عقب الانقلاب، حيث أوكلت له مهمة قيادة المجاميع التي هاجمت مبنى جهاز الأمن القومي، وإطلاق سراح الخبراء الإيرانيين واللبنانيين المعتقلين فيه منذ سنوات.
عناصر الميليشيات لا تزال تتمركز في مداخل الحي القديم وتفرض تفتيشاً دقيقاً على الداخلين إلى ذلك الحي أو الخارجين منه للتأكد من هوياتهم، وتركز على شبان حارات الميدان (مسقط رأس الناشط المكحل)، والجامع الكبير والراكزة، والجبانة العليا، والمشنة، حيث يتولى عناصر ينتمون إلى السلالة الحوثية مهمة إبلاغ هذه القوات عن النشطاء المعارضين للميليشيات كي تتربص بهم وتعتقلهم، وفقاً لما ذكرته المصادر.
وذكر اثنان من النشطاء في المدينة أن عناصر المخابرات وبمساعدة عناصر سلالية من «أسرة الغرباني» قامت بإعداد قوائم بأسماء الناشطين والمناوئين لسلطة الانقلابيين، وأن مخابرات الميليشيات تتولى مهمة البحث عنهم في حواجز التفتيش المستحدثة؛ لأنها لا تستطيع اقتحام حارات ذلك الحي؛ خشية المواجهة مع السكان بعد أن فشلت محاولة سابقة لاقتحامه.
مخابرات الميليشيات أظهرت عدم ثقة بأداء الحارس الشخصي السابق لعبد الملك الحوثي، أبو علي الكحلاني، الذي عين مديراً لأمن المحافظة قبل نحو عام، ولهذا تولى فريق جرفان مهمة تحليل مقاطع الفيديو المسجلة لجنازة المكحل، التي تحولت إلى مظاهرة غير مسبوقة منددة بميليشيات الحوثي، طبقاً للمصادر التي زادت بالقول إن العناصر تتولى وبموجب القوائم التي رفعت لها من العناصر السلالية التدقيق في حسابات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بحثاً عن أي دليل يقود إلى اعتقال مزيد منهم بهدف إرهاب السكان ومنع أي احتجاجات مقبلة.
وجرى التعرف على هويات 6 من أبرز النشطاء جرى اعتقالهم على ذمة المشاركة في المظاهرة التي رافقت جنازة الناشط المكحل، وهم محمد النجار وهيثم أحمد الحضرمي وبهجت الشرعبي وهيثم حسن دهاق، إلى جانب علي السياغي ومحمد الشيبة، وذكرت المصادر ذاتها أن آخرين اعتُقلوا وأُخفوا قسراً، ولم يتم التعرف على هوياتهم حتى الآن؛ لأن أسرهم لا تعرف مصيرهم، أو لأنهم سكان عاديون تم اعتقالهم بحكم سكنهم في ذلك الحي الذي أصبح معقلاً للمعارضة.
وطبقاً لما ذكره سكان في المدينة، فإن ميليشيات الحوثي وفي محاولة لإشعار السكان بأنها لا تزال قوية، استعانت بعناصرها السلالية في المدينة لمراقبة النشطاء ورواد المساجد، حيث فوجئ المصلون في جامع النور الواقع في قلب المدينة بمداهمته من قبل عناصر الميليشيات، واقتياد أحد المصلين بعد أن مزق شعار «الثورة الخمينية» الذي كان ملصقاً على جدار المسجد بواسطة قطعة قماش.
وذكر السكان أن ما لفت انتباههم هو وصول قوات الميليشيات الحوثية خلال دقائق معدودة إلى الجامع واعتقال الرجل، ما يؤكد أن العناصر السلاليين يعملون باعتبارهم جزءاً من مخابرات الميليشيات حتى في المساجد.
وأفاد سكان في إب بأن المصلين تجمعوا في محاولة لمنع اعتقال الرجل الذي لم تعرف هويته بعد، إلا أن عناصر الميليشيات أطلقوا الرصاص الحي في الهواء لتفريقهم واقتادوه.
وشهد «مسجد بلال بن رباح» بعد صلاة التراويح حادثة مماثلة، إذ وقف أحد الشباب أمام جموع المصلين وألقى خطبة هاجم فيها الميليشيات وشعار الثورة الخمينية، إلا أن إمام الجامع قام بمقاطعته وإسكاته وطلب منه مغادرة الجامع.
وشكا ناشطون في المدينة اتصلت بهم «الشرق الأوسط» من نشاط مشبوه يقوم به اثنان من العناصر السلالية في الحي القديم، هما أحمد الغرباني وعبد الخالق الغرباني، حيث يقومان بالوشاية بأسماء الناشطين وعناوين إقامتهم ورصد منشوراتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وقالوا إنهما يعملان لصالح مخابرات الميليشيات، كما قدما قوائم بأسماء ناشطين يتهمانهم بالوقوف وراء المظاهرة المناهضة للميليشيات، التي رافقت جنازة الناشط المكحل.
ووفقاً للناشطين فإن الوشاية تجاوزت عملية حدود المشاركة في اعتقال مجاميع من شبان الحي القديم، إلى التهديد بالتصفية لعدد من المتضامنين مع الناشط المكحل الذي تمت تصفيته في إدارة أمن الميليشيات، حيث أرسلت رسائل عبر وسائل مواقع التواصل الاجتماعي تهدد ناشطين بسبب ترحمهم على المكحل وإشادتهم بالمظاهرة المنددة بسلطة الميليشيات، وهي المظاهرة التي اعتُبرت بمثابة استفتاء شعبي لما يحمله سكان محافظة إب من مشاعر كراهية للحوثيين.
زعيم الانقلابيين يشرف على حملة قمع اليمنيين في إب
انتدب رئيس المخابرات... واستخدم عناصر سلالية مخبرين سريين
زعيم الانقلابيين يشرف على حملة قمع اليمنيين في إب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة