تشهد السنغال توتراً سياسياً وأمنياً بسبب محاكمة زعيم المعارضة عثمان سونكو (المقرر لها الخميس)، وهو ما تسبب في احتجاجات بدأت أمس (الأربعاء) واستمرت إلى اليوم (الخميس)، وأنه حال إدانته يمكن للسلطات منع سونكو من خوض الانتخابات الرئاسية عام 2024.
ورغم حظر السلطات الأمنية الاحتجاجات، جددت المعارضة، أمس، دعوتها للتظاهر غداً، خلال محاكمة زعيم المعارضة ورئيس ديوان المراجعة السنغالي السابق بتهم «التشهير والاغتصاب». وشهدت مظاهرات أمس إطلاق قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق أنصار المعارضة، الذين حاولوا التجمع في العاصمة دكار. ويتهم سونكو وأنصاره الحكومة بـ«تلفيق تهم عديدة له لمنعه من خوض الانتخابات».
وخلال الشهر الحالي، خرجت احتجاجات، إثر استدعاء سونكو للمحكمة على خلفية اتهامه بـ«اغتصاب عاملة في صالون تجميل في عام 2021»، إضافة إلى قضية أخرى المدعي فيها هو وزير السياحة السنغالي أليون سار (وهو أحد قيادات الحزب الحاكم) بتهمة «التشهير والسب والتزوير»، بعد أن اتهمه سونكو بالاختلاس. وداهمت الأجهزة الأمنية منزل سونكو، وتم اقتياده إلى المحكمة، قبل أن تُفرج عنه، لتتم محاكمته، اليوم (الخميس). وشهدت الاحتجاجات التي تلت اعتقاله مواجهات بين مؤيدي سونكو والأجهزة الأمنية، واستهدف المتظاهرون الممتلكات العامة، وبعض المؤسسات الفرنسية.
واستمر سونكو بعد الإفراج المؤقت عنه في دعوة الشباب لمزيد من الاحتجاج، وهو ما أدى إلى قيام الحكومة بـ«تعزيزات أمنية، مع الإعلان عن المظاهرات المتزامنة مع المحاكمة». واتسعت الاضطرابات إلى خارج العاصمة، بعد أن اتخذت السلطات قراراً بـ«حظر ومنع عدد من لقاءاته الجماهيرية»، وقامت الحكومة برفع الحصانة عن سونكو تمهيداً لمحاكمته.
وعثمان سونكو سياسي سنغالي ومؤسس حزب الوطنيين (باستيف) المعارض. وكان سونكو أصغر مرشح للرئاسة في 2019، وحصل على المركز الثالث، كما كان نائباً برلمانياً في الفترة ما بين عامي 2017 و2022، وتتزايد شعبيته، لا سيما في أوساط الشباب الذين يمثلون ما يزيد على 50 في المائة من سكان البلاد.
ويروج سونكو لنفسه على أنه «ضد الفساد»، ويتبنى مشروعاً سياسياً يتمحور حول التوجه إلى «الاستقلال الوطني ومناهضة فرنسا، الحليف التقليدي للسنغال، وهو ما يجد صدى لدى الأوساط المدنية والشبابية والطلابية على نطاق واسع، إلا أن النخب الحاكمة ترى أن ذلك لا يخدم مصلحة البلاد».
ويدعو سونكو إلى تحرر الاقتصاد السنغالي، عبر الدعوة إلى الخروج من النظام المالي الإقليمي الذي تديره باريس ضمن مجموعة 7 دول في غرب أفريقيا، وتستخدم عملة تُعرف بـ«سيفا فرانك».
وتُعرَف السنغال بكونها نموذجاً للاستقرار والتداول السلمي للسلطة في أفريقيا طيلة 60 عاماً أعقبت استقلالها. ولم تشهد البلاد نزاعات إلا نادراً، وهو ما ساهم في تحقيق استقرار دستوري وسياسي واقتصادي. وتغير الأمر منذ أن جرت الانتخابات التشريعية في السنغال، في يوليو (تموز) 2022، حيث بدأت الأوساط السياسية بمناقشة سباق الانتخابات الرئاسية في 2024، بعدما تسربت أنباء عن نية الرئيس ماكي سال الترشح لولاية ثالثة، وبعدها أعلن سونكو نيته الترشح للرئاسة.
وشهدت الانتخابات التشريعية السابقة التي جرت في أغسطس (آب) الماضي، إعلان فوز الحزب الحاكم، لكن بأغلبية ضئيلة جداً، في اقتراع ادعت قوى المعارضة، ومن بينها ائتلاف قاده سونكو، أنها «فازت به، وأن النتائج الرسمية تم تزويرها».
ويرى المحلل المتخصص في شؤون الساحل، محمد الأمين ولد الداه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحرك الحكومة ضد سونكو ومحاولة إدانته بهذا الشكل يعكسان خوفاً من شعبيته ومشروعه السياسي الذي يلقى قبولاً كبيراً لدى الشباب»، مضيفاً: «يجتذب سونكو قطاعات كبيرة من الشباب من خارج المؤسسة السياسية والحزبية التقليدية».
توتر في السنغال على خلفية محاكمة معارض سياسي
دعوات لاستمرار الاحتجاجات رغم قرار حكومي بحظرها
توتر في السنغال على خلفية محاكمة معارض سياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة