المتطرفون اليهود يصعّدون في الأقصى بدعوات لذبح القرابين

الفلسطينيون يطلقون حملة «افتحوا الاعتكاف»

امرأة تقرأ القرآن خارج  قبة الصخرة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان (أ.ف.ب)
امرأة تقرأ القرآن خارج قبة الصخرة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان (أ.ف.ب)
TT

المتطرفون اليهود يصعّدون في الأقصى بدعوات لذبح القرابين

امرأة تقرأ القرآن خارج  قبة الصخرة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان (أ.ف.ب)
امرأة تقرأ القرآن خارج قبة الصخرة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان (أ.ف.ب)

اقتحم مستوطنون، اليوم الخميس، المسجد الأقصى ضمن سلسلة اقتحامات متواصلة في شهر رمضان بدأت تتكثف وتأخذ طابعاً متحدياً، مع دعوات واسعة لاقتحام جماعي، سبقت دعوات حاخامات لذبح قرابين الفصح في المسجد خلال الأعياد القريبة التي تتداخل مع رمضان، فيما دعا مسؤولون فلسطينيون ومرجعيات دينية إلى حماية الأقصى والنفير له.
واقتحم عشرات المستوطنين المسجد على شكل مجموعات متتالية وأدّوا طقوساً تلمودية عند أبوابه وفي الساحات، وقرب باب الرحمة، محميين بقوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية التي قيدت وصول المصلين المسلمين إلى المسجد قبل ذلك، ولا تزال تمنع الاعتكاف في داخله.
الاقتحام الجديد جاء فيما يبدو بداية تصعيد من قبل الحاخامات والجماعات المتطرفة المعروفة باسم «جماعات الهيكل» التي بدأت دعوة أنصارها إلى تحضير أنفسهم لاقتحامات واسعة وجماعية وذبح القرابين، وهي خطوة غير مسبوقة من شأنها أن تشعل المنطقة.
وفيما دعت منظمات شبابية أنصارها لتنظيم اقتحام جماعي كبير للأقصى، الأحد المقبل، احتفالاً باليوم العاشر من شهر أبريل (نيسان) وفق التقويم العبري، وهو اليوم الذي يرمز إلى الهجرات اليهودية إلى فلسطين، كتب 15 حاخاماً رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، يدعونهما فيها للسماح لليهود بتقديم قرابين عيد الفصح في الأقصى.
وجاء في الرسالة التي وقعها حاخامات من حزب «الصهيونية الدينية» المتطرف الذي يقوده وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إن «تقديم قربان الفصح يُعد من أهم الوصايا في التوراة، وهي الوصية الأولى التي نفذها كل شعب إسرائيل عندما غادروا مصر كعلامة على الحفاظ على العهد مع خالق العالم، ويتجدد هذا العهد كل عام».
وأضافت الرسالة: «إن مكان الهيكل تحت السيطرة اليهودية، وطالما أن دولة إسرائيل ترى تقديم قربان الفصح مصلحة وطنية، كما ينبغي، فسنكون قادرين على تقديم قربان الفصح في مكانه ووقته رغم كل الصعوبات».
ودأب متطرفون في السنوات الأخيرة على محاولة إحضار قرابين للأقصى أثناء عيد الفصح اليهودي، وطالبوا بالسماح لهم بإدخالها، لكن مثل هذه الطلبات لم تكن تلقى استجابة من قبل المسؤولين الإسرائيليين، وذلك لاعتبارات متعلقة بالوضع الأمني، وأخرى يتضمنها الاتفاق الأردني الإسرائيلي بالحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس.
غير أن الحكومة الحالية تشمل في تركيبتها ولأول مرة حزب «الصهيونية الدينية» المتطرف، الذي يرى بعض المتطرفين في وجوده منفذاً للحصول على الموافقة على مطلبهم الآن.
وحتى قبل تلقي الجواب، دعت «منظمات الهيكل» أنصارها إلى إحضار قرابينهم الحيوانية والتجمع، مساء الأربعاء المقبل، عند أبواب المسجد الأقصى المبارك، عشية «عيد الفصح» العبري، وحددت ساعة التجمع بالساعة العاشرة والنصف ليلاً.
وجاء إعلان «منظمات الهيكل» تحت عنوان إعلان «حالة طوارئ»، داعياً «الأنصار للمساهمة، وألا يفوتوا قربان الفصح في جبل الهيكل». وتضمنت الدعوة أيضاً عبارة «ممنوع علينا أن نيأس من تقديم قربان الفصح في الهيكل».
تصعيد المتطرفين في هذا الوقت يعزز مخاوف أجهزة الأمن الإسرائيلية، من تصعيد في رمضان الحالي، خصوصاً مع بدء عيد الفصح اليهود، نهاية الأسبوع المقبل.
ورفعت إسرائيل مع بداية رمضان حالة التأهب إلى مستوى عالٍ، وحذر كبار مسؤولي الأمن من هجمات فلسطينية محتملة خلال الفترة الحساسة.
ورداً على الدعوات اليهودية، دعا مسؤولون فلسطينيون ومرجعيات دينية إلى حماية الأقصى والنفير له، فيما أطلق ناشطون حملة تحت عنوان «افتحوا الاعتكاف في الأقصى». ويخشى الفلسطينيون أن اقتحامات المسجد قد تتواصل وتتكثف وتأخذ طابعاً أكبر ومتحدياً، مع رفض وزير الأمن الإسرائيلي القومي المتطرف إيتمار بن غفير اتخاذ إجراءات خاصة فيما يتعلق بالأقصى خلال رمضان.
وسمح بن غفير للمستوطنين باقتحام الأقصى فترة أطول خلال شهر رمضان، ويخطط للسماح لهم باقتحام المسجد حتى في العشر الأواخر من الشهر، وهو إجراء تجنبه مسؤولون سابقون في السنوات الماضية، خشية من تفجر الأوضاع. ولا يعرف كيف سيرد بن غفير على طلب إدخال القرابين بالغ الحساسية.


مقالات ذات صلة

للمرة الثانية خلال أسبوع... بن غفير يقتحم المسجد الأقصى

شؤون إقليمية بن غفير مع المستوطنين في باحة المسجد الأقصى في 8 أكتوبر الجاري (رويترز) play-circle

للمرة الثانية خلال أسبوع... بن غفير يقتحم المسجد الأقصى

 اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، صباح اليوم الثلاثاء، المسجد الأقصى المبارك، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير وعدد من المستوطنين خلال اقتحام المسجد (رويترز)

السعودية تدين اقتحام مسؤولين ومستوطنين إسرائيليين المسجد الأقصى

أعربت السعودية عن إدانتها اقتحام مسؤولين ومستوطنين إسرائيليين باحات المسجد الأقصى الشريف بحمايةٍ من قوات الاحتلال، مجددةً استنكارها بأشد العبارات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستقبلاً وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في مكتبه بالقدس يوم الاثنين (د.ب.أ)

برفقة روبيو... نتنياهو يفتتح للمرة الثانية نفقاً نحو الأقصى

للمرة الثانية في غضون ثلاثة شهور، افتتح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفقاً يمتد من حي «مدينة داود» حتى حائط البراق بمحاذاة المسجد الأقصى

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مفتي القدس والأراضي الفلسطينية الشيخ محمد حسين (وكالة الأنباء الفلسطينية)

إسرائيل تبعد مفتي القدس والأراضي الفلسطينية 6 أشهر عن المسجد الأقصى

أصدرت الشرطة الإسرائيلية اليوم الأربعاء قراراً يقضي بإبعاد مفتي القدس والأراضي الفلسطينية الشيخ محمد حسين لمدة ستة أشهر عن المسجد الأقصى.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
شؤون إقليمية بن غفير في الأقصى (القناة 12)

هل يمهِّد بن غفير لتقسيم «الأقصى» على غرار الحرم الإبراهيمي؟

وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، يقود أول صلاة علنية مصورة له في الأقصى، متحدياً الوضع القائم. فهل يمهِّد لتقسيم المسجد مثل الحرم الإبراهيمي في الخليل؟

كفاح زبون (رام الله)

مشاريع سعودية واتفاقيات حيوية لتعزيز التعافي في اليمن

مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)
مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)
TT

مشاريع سعودية واتفاقيات حيوية لتعزيز التعافي في اليمن

مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)
مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)

كثف مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من تنفيذ برامجه الإنسانية والتنموية في عدد من المحافظات اليمنية، حيث نفذ نحو 12 مشروعاً ووقّع اتفاقيتين جديدتين في مجالات التعليم، والصحة، والمياه، والتمكين المهني، والزراعة، في إطار الجهود السعودية المستمرة لدعم الشعب اليمني وتحسين سبل العيش وتعزيز التعافي الاقتصادي.

وشملت التدخلات مجالات متعددة تستهدف مختلف شرائح المجتمع، وتعمل على تحقيق التنمية المستدامة، ودعم القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والخدمات والمياه، إضافة إلى تمكين النساء والشباب مهنياً واقتصادياً في المحافظات المحررة.

وفي هذا السياق، احتفى مشروع إعادة إدماج الأطفال المرتبطين سابقاً بالنزاع المسلح بتخريج الدفعة الثالثة المكونة من 25 طفلاً ضمن برنامج "كفاك" للعام 2024–2025، الممول من المركز، ليصل إجمالي المستفيدين إلى 150 طفلاً.

وشملت البرامج المقدمة لهم أنشطة تعليمية وثقافية ورياضية، إضافة إلى جلسات الدعم النفسي والاجتماعي والرعاية الصحية، فيما أُدرج أولياء الأمور في برامج تدريب مهني ومنحوا أدوات تمكين اقتصادي لتحسين أوضاعهم المعيشية وتعزيز استقرار أسرهم.

وفي العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، دشنت وزارة الصحة العامة والسكان مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا بتمويل من المركز، وتنفيذ مؤسسة طيبة للتنمية، بالتنسيق مع وزارة النقل وهيئة الطيران المدني.

ويستفيد من المشروع أكثر من مليون و153 ألف شخص في المناطق الأكثر تضرراً، ويستمر لمدة ستة أشهر، بهدف خفض معدلات الإصابة والحد من انتشار الوباء، من خلال إنشاء فرق طبية متخصصة لفحص ومراقبة المسافرين في أربع محافظات بينها عدن وحضرموت، وتعزيز الإجراءات الوقائية في المنافذ الجوية والبرية.

تمكين اقتصادي ومهني

شهدت محافظات شبوة ومأرب وتعز ولحج تنفيذ مشروعات متنوعة في مجال التمكين المهني والاقتصادي بتمويل من مركز الملك سلمان، وتنفيذ مؤسسة ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية. ففي مدينة عتق بمحافظة شبوة، سُلّمت حقائب أدوات المهنة لـ80 امرأة من خريجات الدورات التدريبية الهادفة إلى تحسين سبل العيش.

وفي مأرب، تسلّمت 90 متدربة أدوات مهنية بعد استكمالهن برامج تدريب استمرت 184 يوماً في مجالات الصناعات الغذائية والخياطة والتصوير وصناعة العطور والبخور وتغليف الهدايا، إلى جانب دورة إضافية في ريادة الأعمال لتأهيلهن لإدارة مشاريعهن الخاصة.

أما في تعز، فقد دُشن مشروع جديد يستهدف تدريب وتوزيع أدوات المهنة لـ125 متدربة في سبعة مجالات مختلفة لتأهيلهن لسوق العمل وتعزيز فرص الدخل المستدام.

مركز الملك سلمان يقود حراكاً تنمويا لمساعدة الشعب اليمني (سبأ)

وفي محافظة لحج، تم توزيع أدوات المهنة للنساء ضمن مشروع التمكين الاقتصادي لتحسين سبل العيش، الذي يهدف إلى خلق فرص عمل مدرّة للدخل في مجالات الخياطة والصناعات الغذائية والتجميلية وتربية المواشي، بما يسهم في رفع مستوى الدخل وتحقيق الاستقرار الاجتماعي للأسر المستفيدة.

كما سلّم المركز أدوات مهنية لـ650 مستفيدة في سبع محافظات هي مأرب، حضرموت، لحج، المهرة، شبوة، تعز وسقطرى، ضمن مشروع التمكين المهني لتحسين سبل العيش الذي يستهدف 1500 مستفيد ومستفيدة.

تعزيز التعليم

في قطاع التعليم، وزّع مركز الملك سلمان حقائب تعليمية ورياضية وإسعافات أولية على ثمان مدارس في مديريتي الحوطة وتبن بمحافظة لحج، ضمن مشروع تعزيز العملية التعليمية، الهادف إلى تحسين بيئة التعليم ودعم الأنشطة المدرسية ورفع جاهزية المدارس للاستجابة للحالات الطارئة. كما شمل المشروع توزيع زي مدرسي وحقائب للطلاب وتنفيذ دورات تدريبية للكادر التربوي لرفع الكفاءة التعليمية.

مشروعات السعودية في اليمن عززت من جودة الخدمات الصحية (سبأ)

وفي محافظتي أبين ولحج، وزّع المركز 270 حقيبة تدريبية للمعلمين و61 سبورة جدارية وحقائب نظافة مدرسية في سبع مدارس ضمن مشروع تحسين البيئة التعليمية للأطفال النازحين والمجتمع المضيف، الذي يشمل أربع محافظات هي أبين، لحج، تعز، والضالع.

كما جرى في مديريتي المخا وموزع بمحافظة تعز توزيع المستلزمات التعليمية على أكثر من 3 آلاف طالب وطالبة، تضمنت الزي المدرسي وحقائب النظافة الشخصية لتشجيعهم على مواصلة التعليم وتخفيف الأعباء عن أسرهم.

الصحة والخدمات

في المجال الصحي، دشّن المركز في هيئة مستشفى سيئون مشروع "بداية" لتقديم خدمات صحية تخصصية للنساء وأسرهن عبر مؤسسة الأمل الثقافية الاجتماعية النسوية، مستفيداً منه 21 أسرة في وادي حضرموت.

ويقدم المشروع استشارات وفحوصات طبية وأدوية مجانية، إلى جانب جلسات توعية صحية وتطعيم الأطفال وتحسين خدمات الرعاية الأولية لـ180 حالة في مجالات الصحة الإنجابية والنفسية.

تدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن ساهمت في رفع مستوى الخدمات الصحية (المركز)

أما في محافظة مأرب، فتم مناقشة متطلبات مشروع تحسين خدمات المياه في هيئة مستشفى مأرب العام، والذي تنفذه مؤسسة يماني بتمويل من المركز.

ويشمل المشروع إعادة تأهيل بئر قائمة وربطها بمنظومة طاقة شمسية، وحفر بئر جديدة بعمق 180 متراً، وإنشاء خزانين برجين ومحطة تحلية بقدرة إنتاجية 20 ألف لتر في الساعة، بما يضمن توفير مياه آمنة لأكثر من 24 ألف فرد من الكادر الطبي والمرضى والزوار.

وفي السياق ذاته، وقّع مركز الملك سلمان اتفاقية تعاون جديدة مع مؤسسة محلية لتأهيل شبكة المياه في مستشفى مأرب، تشمل إنشاء بئرين ومنظومة طاقة شمسية وخزانين برجين ومحطة تحلية متكاملة.

كما وُقّعت اتفاقية أخرى لتأهيل المياه في منطقتي الحرج وهمام بمديرية الخب والشعف في محافظة الجوف، تتضمن إنشاء شبكتي ضخ وتوزيع للمياه، وحفر بئر جديدة، وتأهيل محطة التحلية القائمة، وإنشاء نقاط لتوزيع المياه المحلاة للسكان المحليين والمارين.

العمل الإنساني السعودي في اليمن انتقل من الإغاثة الطارئة إلى التنمية المستدامة (سبأ)

وفي القطاع الزراعي، شهدت محافظة حضرموت تدشين مشروع الزراعة المستدامة والتمكين الزراعي والسمكي، الهادف إلى رفع إنتاجية المزارعين وتعزيز الأمن الغذائي.

وشمل التدخل تسليم 55 آلية زراعية متنوعة بينها حراثات وآلات رشّ وجزّ المحاصيل، إلى جانب تدريب المزارعين على استخدامها وصيانتها، وتوفير المحروقات اللازمة لتشغيلها بما يضمن الاستفادة المستدامة منها.

وتأتي هذه المشاريع ضمن الجهود الإنسانية والتنموية المتواصلة التي تقدمها السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الهادفة إلى تحسين مستوى الخدمات الأساسية، وتخفيف معاناة اليمنيين، وتعزيز الاعتماد على الذات في مختلف المجالات التنموية، بما يسهم في تحقيق التعافي الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي في البلاد.


الحكومة اليمنية تُحذّر من تهديدات الحوثيين للطيران المدني

الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)
الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)
TT

الحكومة اليمنية تُحذّر من تهديدات الحوثيين للطيران المدني

الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)
الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)

حذّرت الحكومة اليمنية من تصاعد تهديدات الحوثيين لقطاع الطيران المدني، مؤكدة أن استمرار سيطرة الجماعة على مركز الملاحة الجوية في صنعاء يُمثل خطراً مباشراً على أمن وسلامة الطيران في اليمن والدول المجاورة.

وجاءت التصريحات اليمنية على لسان وزير النقل عبد السلام حُميد خلال لقائه في العاصمة المؤقتة عدن، المستشار الاقتصادي لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن ريديك جان؛ حيث ناقش الجانبان -حسب الإعلام الرسمي- الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، وجهود الحكومة في إدارة قطاعي النقل والملاحة.

وأشار وزير النقل اليمني إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن تسببت في رفع رسوم التأمين البحري إلى 16 ضعفاً، داعياً الأمم المتحدة إلى التدخل لخفض هذه التكاليف التي تُثقل كاهل الاقتصاد اليمني والسكان.

وقال حميد: «إن ميليشيات الحوثي لا تزال تستولي على مركز الملاحة الجوية في صنعاء، وتستخدمه لابتزاز شركات الطيران وتهديد حركة الطيران المدني»، محذّراً من أن ذلك يُشكّل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية المتعلقة بأمن وسلامة الطيران.

وزير النقل اليمني يطلب من الأمم المتحدة المساعدة في خفض رسوم التأمين (إعلام حكومي)

ودعا الوزير اليمني الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط جدية على الحوثيين لإيقاف تهديداتهم للطيران المدني ونقل هذه الانتهاكات ضمن إحاطة المبعوث الأممي المقبلة أمام مجلس الأمن.

وأشار إلى أن الجماعة الحوثية تسعى إلى استغلال المطارات والمنافذ في أغراض غير مشروعة، من بينها تهريب شحنات عسكرية ومعدات لتصنيع الطائرات المسيّرة. واستشهد بضبط 50 حاوية تضم مواد ومعدات عسكرية في ميناء الحاويات بعدن خلال الأشهر الماضية.

منفذ للجميع

ولفت وزير النقل اليمني عبد السلام حميد إلى أن مطار عدن يُمثل منفذاً وطنياً لجميع اليمنيين، إذ إن غالبية المسافرين عبره من المحافظات الخاضعة للحوثيين، مؤكداً أن الحكومة ملتزمة بتوفير الخدمات لجميع المواطنين دون تمييز.

كما استعرض الجهود الحكومية، بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، لإيداع مبلغ تأميني في بنك لندن عام 2023 بقيمة 50 مليون دولار لتغطية رسوم التأمين البحري، وخفض تكلفته على السفن المتجهة إلى المواني اليمنية بعد تصنيفها مناطق عالية الخطورة.

غير أن الوزير أوضح أن الحكومة اضطرت لاحقاً إلى سحب الوديعة لتغطية احتياجات طارئة بسبب توقف صادرات النفط وتأثير حرب غزة، وما تلتها من تهديدات حوثية للتجارة والملاحة الدولية.

تكلفة التأمين البحري تضاعفت بسبب استهداف الحوثيين الملاحة في البحر الأحمر (إعلام حكومي)

وقال إن هذه التهديدات تسببت في ارتفاع غير مسبوق في رسوم التأمين البحري تجاوز 16 ضعفاً، وهو ما انعكس سلباً على أسعار السلع والمواد الغذائية والمعيشة اليومية للمواطنين.

وطالب وزير النقل اليمني الأمم المتحدة بالقيام بدور أكثر فاعلية في خفض رسوم التأمين على المطارات والمواني والمنافذ اليمنية، عبر تنسيق الجهود مع المنظمات الدولية وشركات التأمين لتخفيف المعاناة الإنسانية، خصوصاً في ظل تراجع التمويل الإنساني بنسبة وصلت إلى نحو 70 في المائة من البرامج الأممية داخل اليمن.

جهود الإصلاحات

وحسب المصادر الرسمية اليمنية، تطرّق لقاء حميد مع المسؤول الأممي أيضاً إلى جهود الحكومة في الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتعزيز موارد الدولة وتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي اليمني في عدن، تنفيذاً لتوجيهات مجلس القيادة الرئاسي بمعالجة الاختلالات المالية وإغلاق المنافذ غير المشروعة.

وأشار الوزير إلى أن الحكومة في بلاده بدأت تنفيذ قرارات لإغلاق مشروعات ومنافذ تستخدم في التهريب، مثل مشروع ميناء قنا في شبوة، وتحويل ميناء الشحر إلى ميناء سمكي فقط، إضافة إلى إغلاق منفذ رأس العارة الذي استُخدم سابقاً في تهريب البضائع.

ورأى الوزير حميد أن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية يُمثل خطوة ضرورية لاستعادة التوازن المالي وقدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين، مشدداً على أهمية تطوير البنية التحتية للنقل البري.

حطام طائرة يمنية في مطار صنعاء إثر ضربات إسرائيلية (أرشيفية - رويترز)

وأكّد حميد أن إعادة تأهيل طريق «عدن - الضالع - صنعاء» تُمثل أولوية كبرى لتسهيل حركة النقل التجاري والإنساني وتعزيز نشاط ميناء عدن الحيوي، داعياً إلى تمويل دولي لمشروع الصيانة، بالتنسيق مع وزارة الأشغال العامة وصندوق صيانة الطرق.

ونسب الإعلام الرسمي إلى المستشار الاقتصادي لمكتب المبعوث الأممي أنه أثنى على وضوح الطرح اليمني، وتحديد التحديات بدقة، مؤكداً حرص المبعوث الأممي على نقل هذه القضايا في إحاطته المقبلة أمام مجلس الأمن، ودعم الجهود الحكومية الرامية إلى خفض تكاليف التأمين وتحسين الطرقات وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية بما يُسهم في دعم الاستقرار الإنساني والاقتصادي في البلاد.


اتهامات للحوثيين بتحويل أكبر شركة اتصالات إلى غنيمة لكبار القادة

المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)
المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)
TT

اتهامات للحوثيين بتحويل أكبر شركة اتصالات إلى غنيمة لكبار القادة

المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)
المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

تمرُّ شركة «يمن موبايل»، أكبر شركة اتصالات خاضعة للحوثيين، بمرحلة غير مسبوقة من التدهور الإداري والمالي والفني، وسط صراع نفوذ محتدم بين أجنحة الجماعة التي حوّلت الشركة إلى غنيمة مالية وسياسية تخدم مصالحها، على حساب الموظفين والمساهمين والمشتركين. وفق ما أفادت به مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

وإذ تطرق أحدث تقرير لفريق الخبراء الأمميين إلى هيمنة الحوثيين على قطاع الاتصالات وتحويله إلى أداة للقمع والسيطرة والإثراء، فإن المصادر تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن ما يتم داخل الشركة «ليس مجرد سوء إدارة»، بل عملية تدمير ممنهجة تهدف إلى إقصاء الكفاءات، وتفريغ المؤسسة من خبراتها الوطنية، وإحلال عناصر حوثية تفتقر إلى المؤهلات، لكنها تتمتع بالولاء المطلق للجماعة.

وأوضحت المصادر أنه منذ تعيين الجماعة القيادي عبد الخالق الحسام رئيساً لمجلس إدارة الشركة، بدأت مرحلة جديدة من الانحدار. فالحسام - بحسب المصادر - لا يمتلك أي مؤهل إداري أو فني، وكان قد أُقيل في عام 2019 من منصب نائب مدير فرع؛ بسبب تورطه في قضايا فساد، قبل أن يُعاد إلى الواجهة ليتحكم في شركة يبلغ دخلها اليومي أكثر من مليار ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً في مناطق سيطرة الحوثيين).

قادة الجماعة الحوثية استغلوا شركات الاتصالات للإثراء وتمويل المجهود الحربي (إعلام حوثي)

وتشير المصادر إلى أن الحسام، بدلاً من إنقاذ الشركة (يمن موبايل)، بدأ منذ توليه المنصب بسحب صلاحيات المديرين التنفيذيين، وحرمانهم من الحوافز والمكافآت؛ لدفعهم إلى الاستقالة، تمهيداً لتعيين عناصر حوثية من خارج الشركة، لا تحمل سوى الولاء للجماعة.

ولم يتوقف الانحدار عند حدود الإدارة، بل شمل - وفق المصادر- تعطيل العقود والشراكات السابقة مع شركات ومقاولين من خارج منظومة الحوثي؛ بهدف إسقاط الثقة بالشركة، وتهيئة الطريق أمام متعهدين تابعين للجماعة.

هذه القرارات - وفقاً لمصادر اقتصادية - أدت إلى انهيار مشروعات استراتيجية وتعطيل التزامات قائمة، وتراجع حاد في سمعة الشركة التي باتت بوابة لقادة الجماعة من أجل الإثراء.

فساد صارخ

في الوقت الذي تتراجع فيه الإيرادات وتنهار الخدمات التي تقدمها الشركة، تقول المصادر إن القيادي الحوثي الحسام يصرف مئات ملايين الريالات اليمنية من أموال الشركة لصالح قيادة الجماعة، تحت ذرائع مشروعات وهمية ونفقات شخصية باهظة تشمل شراء سيارات فارهة، وتأثيث فلل وشقق خاصة.

وطبقاً لتعبير أحد الموظفين: «لم تعد الشركة تُدار بوصفها مؤسسةً وطنيةً، بل صندوقاً مالياً تحت تصرف القيادات الحوثية، في ظل غياب تام للرقابة والمساءلة».

وتشير تقارير داخلية إلى أن «يمن موبايل» فقدت نحو 15 في المائة من إيراداتها خلال 4 أشهر فقط من تولي الحسام المنصب، وهو تراجع غير مسبوق منذ تأسيس الشركة. كما ازدادت شكاوى المشتركين من سوء الخدمة، وانقطاع الشبكة حتى في العاصمة المختطفة، صنعاء.

طفل يمني في مقبرة بصنعاء أنشأها الحوثيون لقتلاهم (إ.ب.أ)

وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقها خبراء الاتصالات بشأن خطورة ما يحدث، فإن قيادة الجماعة تجاهلتها تماماً، لأن الهدف - وفقاً للمراقبين - يتمثل في إعادة تشكيل الشركة بما يخدم مشروعها الانقلابي مالياً وسياسياً.

وامتدت تداعيات الفساد - وفق المصادر - إلى كل الأطراف ذات العلاقة بالشركة، حيث حُرم الموظفون من حقوقهم، وتضرر المشتركون من تراجع الخدمة، وواجه التجار والمقاولون عراقيل متعمَّدة لتنفيذ العقود الموقَّعة معهم، وهو ما انعكس على قيمة أسهم الشركة وثقة المساهمين فيها.

وتضيف المصادر أن خطة الجماعة الحوثية مستمرة منذ سنوات في إحكام السيطرة على مفاصل الشركة عبر تعيين موالين لها في المواقع الحساسة، وتحويلها إلى ذراع مالية تموّل أنشطتها، بما في ذلك أعمال التعبئة العسكرية والطائفية.

نهب مستمر

تقول المصادر في صنعاء إن الشركة قبل رئيس مجلس إدارتها الجديد الحسام، كانت تخضع لإدارة عصام الحملي، وهو الآخر من القيادات الحوثية. وفي عهده تم صرف نحو 16 مليار ريال يمني (نحو 30 مليون دولار) تحت غطاء «تأهيل مباني الشبكات وأبراج الاتصالات»، رغم أن غالبية تلك المباني ليست مملوكة للشركة، بل مؤجَّرة.

مليارات الريالات اليمنية تنفقها الجماعة الحوثية على أعمال الحشد والتعبئة والتطييف (أ.ف.ب)

وكان موظفو «يمن موبايل» يأملون أن تكون مرحلة الحسام مختلفة، لكنهم فوجئوا - بحسب قولهم - باستمرار نهج الفساد ذاته، مع إضافة سياسة إقصاء وتهميش ممنهجة طالت حتى أصحاب الخبرات الطويلة في الاتصالات.

وأمام هذا الانهيار المتسارع، يرى موظفو «يمن موبايل» أن شركتهم أصبحت رهينةً لأطماع الجماعة الحوثية، وأن إنقاذها لم يعد مطلباً إدارياً فحسب، بل أصبح ضرورة وطنية لحماية ما تبقَّى من مؤسسات الدولة، ووقف العبث الذي يهدد قطاع الاتصالات، ويمس حياة ملايين اليمنيين.

دعم أممي للاتهامات

يأتي ذلك في ظل ما أكده تقرير الخبراء الأمميين الأخير بشأن اليمن، من أن الحوثيين «يسيطرون بالكامل على قطاع الاتصالات في مناطق نفوذهم، ويحولون عائداته إلى تمويل عملياتهم العسكرية والسياسية». وأشار التقرير إلى أن الجماعة تمتلك منظومة متقدمة من أدوات المراقبة والتنصت، تُمكّنها من اعتراض المكالمات والبيانات ومراقبة الناشطين والإعلاميين.

مقر شركة «تيليمن» المزوّد الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

كما كشف التقرير عن أن إيرادات الاتصالات - بما فيها من شركات مثل «يمن موبايل» و«تيليمن» - تُحوَّل إلى ما تُعرف بـ«الهيئة العامة للزكاة» التابعة للجماعة، خارج أي رقابة مصرفية أو حكومية، لتصبح أحد أهم مصادر التمويل المستقلة للحوثيين. وأكد أن الجماعة تمنع أي تدقيق مالي أو إداري على موارد القطاع، وتستخدم تلك الموارد لتمويل «أنشطة التجنيد والتعبئة العسكرية».

وربط تقرير الخبراء الأمميين بين هذا الاستحواذ الحوثي وتفشي الفساد في مفاصل الاتصالات، مشيراً إلى أن القطاع بات يُدار من قبل شبكة مالية مغلقة ترتبط بمكتب زعيم الجماعة مباشرة. وأوضح أن هذه السيطرة مكَّنت الحوثيين من استخدام البنية التحتية للاتصالات أداةً للهيمنة والقمع، من خلال مراقبة الاتصالات، وحجب المواقع الإلكترونية، وإقصاء الكفاءات الوطنية.