«الشيوخ» الأميركي يلغي «تفويض الحرب في العراق»

جمهوريون يحذّرون من تأثير القرار على «ردع إيران»

أوائل الجنود الأميركيين الذين دخلوا إلى جنوب العراق في 21 مارس 2003 (رويترز)
أوائل الجنود الأميركيين الذين دخلوا إلى جنوب العراق في 21 مارس 2003 (رويترز)
TT

«الشيوخ» الأميركي يلغي «تفويض الحرب في العراق»

أوائل الجنود الأميركيين الذين دخلوا إلى جنوب العراق في 21 مارس 2003 (رويترز)
أوائل الجنود الأميركيين الذين دخلوا إلى جنوب العراق في 21 مارس 2003 (رويترز)

بعد أكثر من عشرين عاماً من بدء حرب العراق، أقرّ مجلس الشيوخ إلغاء تفويض الحرب في العراق للعام 2002. وصوّت 66 لصالح إلغاء التفويض وعارضه 30 بعد نحو أسبوعين من بدء النقاش حوله رسمياً في المجلس.
وبهذا يقترب الكونغرس الأميركي من إلغاء تفويض الحرب الذي أقرّه في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2002 بعد لجوء الرئيس السابق جورج بوش الابن إلى الكونغرس للحصول على موافقته بشنّ العمليات العسكرية ضد نظام صدام حسين. ويتوجه التفويض الآن إلى مجلس النواب الذي يجب أن يقرّه قبل إرساله إلى مكتب الرئيس الأميركي جو بايدن.
واحتفل الديمقراطيون الذين دفعوا جاهدين لإلغاء التفويض، بإقراره، فقال زعيمهم في مجلس الشيوخ تشاك شومر «إن الولايات المتحدة والعراق وكل العالم تغير جذرياً منذ العام 2002، وحان الوقت للقوانين أن تتعدل بناءً على ذلك».
لكن المعارضين لهذه الخطوة، وغالبيتهم من الجمهوريين، لا يوافقونه الرأي، على العكس، بل يهددون من تداعيات هذه الخطوة، وهذا ما تحدث عنه زعيم الجمهوريين في المجلس ميتش مكونيل عندما أعلن عن معارضته الإلغاء قائلاً «أعارض إلغاء الكونغرس أي تفويض لاستعمال القوة العسكرية في الشرق الأوسط. أعداؤنا الإرهابيون لم يلغوا حربهم ضدنا». وتابع مكونيل «تفويض العام 2002 يتطرق مباشرة إلى التهديدات التي نواجهها اليوم في العراق وسوريا من إرهابيين مدعومين من إيران».
ولهذا السبب تحديداً سعى الجمهوريون إلى إقرار سلسلة من التعديلات في إطار إلغاء التفويض للحرص على الاستمرار بالتصدي للتهديد الإيراني، خاصة في ظل الاعتداءات المتكررة على القوات الأميركية من قِبل الميليشيات المدعومة من إيران في كل من سوريا والعراق.
فحاول السيناتور الجمهوري تيد كروز تمرير تعديل يشير بوضوح إلى أن «الرئيس الأميركي لا يحتاج إلى تفويض الحرب في العراق للعام 2002 لشنّ ضربات عسكرية ضد وكلاء إيران واتخذ الخطوات اللازمة لإنهاء التصعيد الإيراني للاعتداءات على المصالح الأميركية».
لكنها جهود باءت بالفشل؛ فالبيت الأبيض الذي دعم إلغاء التفويض المذكور يقول، إنه ليس في حاجة إلى تفويض من هذا النوع لتنفيذ ضربات من هذا النوع، رغم أن الرئيس السابق دونالد ترمب ارتكز عليه كحجة قانونية لقتل قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني.
وبحسب بيان البيت الأبيض، فإن «إلغاء هذه التفويضات لن يؤثر على وضع العمليات العسكرية الأميركية الحالية، وسيعزز من التزام الإدارة بعلاقة قوية ومتكاملة مع شركائنا العراقيين». وذلك في إشارة إلى التفويضين اللذين شملهما قرار الإلغاء: تفويض الحرب في العراق للعام 2002، وتفويض آخر أقرّه الكونغرس في العام 1991 للسماح للرئيس جورج بوش الأب باستعمال القوة العسكرية في العراق إثر غزو الكويت.
وتابع البيان الصادر عن البيت الأبيض «إن هذه الشراكة التي تتضمن التعاون مع قوى الأمن العراقية مستمرة بناءً على دعوة من الحكومة العراقية استناداً إلى دور الاستشارة والدعم والإشراف».
ويقول داعمو الإلغاء، إن الإدارة تتمتع بالصلاحيات اللازمة في إطار الحرب ضد الإرهاب، بفضل تفويض آخر أقرّه الكونغرس في العام 2001، بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). وهذا تفويض لا يسعى المشرعون لإلغائه.
فقد أقرّه الكونغرس لإعطاء الرئيس السابق جورج بوش الابن صلاحية واسعة لغزو أفغانستان في إطار الحرب ضد الإرهاب. وعلى عكس تفويض الحرب في العراق، فإن التفويض هذا لا يذكر أي بلد على وجه التحديد، بل يوافق على استعمال القوة «ضد أي أمة أو تنظيم أو أشخاص» خططوا للاعتداء أو ساعدوا في شنّ اعتداء على الولايات المتحدة».
لكن مشوار تفويض الحرب في العراق لم ينته مع تصويت مجلس الشيوخ؛ إذ ينتقل بعد ذلك إلى الجهة المقابلة من المبنى، حيث يقع مجلس النواب، هناك لا يزال مصيره غامضاً رغم تأكيد رئيس المجلس الجمهوري كيفين مكارثي على أنه ينوي طرحه للنقاش «قريباً» وقال مكارثي «أدعم إبقاء تفويض العام 2001 كي تتمكن الإدارة من التصرف في حال حصول اعتداء راهبي في أي مكان في العالم. لكن فيما يتعلق بتفويض الحرب في العراق، وبعد 20 عاماً من تلك الحرب، فأنا لا أرى مشكلة في إلغائه».
تجدر الإشارة إلى أن القانون الأميركي يعطي الرئيس حق شنّ ضربات عسكرية لأسباب متعلقة بالأمن القومي الأميركي، لكنه يلزمه بإبلاغ الكونغرس خلال فترة 48 ساعة من شنّ أي ضربة، كما أنه يمنع بقاء أي قوات أميركية في أرض المعركة أكثر من ستين يوماً من دون إقرار تفويض.
لكن الرئيس لا يستطيع الإعلان رسمياً عن «شنّ حرب»؛ فهذا من صلاحيات الكونغرس الأميركي بحسب البند الأول من الدستور.



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.