الخلافات السياسية بين الجزائر وباريس تؤجل التفاوض حول الغاز

مصادر أكدت أن الحكومة الجزائرية «غير متحمسة للتفاوض مع الفرنسيين حول إمدادهم بالطاقة»

وزير الطاقة الجزائري مستقبلا مديرة «إنجي» الفرنسية (وزارة الطاقة الجزائرية)
وزير الطاقة الجزائري مستقبلا مديرة «إنجي» الفرنسية (وزارة الطاقة الجزائرية)
TT

الخلافات السياسية بين الجزائر وباريس تؤجل التفاوض حول الغاز

وزير الطاقة الجزائري مستقبلا مديرة «إنجي» الفرنسية (وزارة الطاقة الجزائرية)
وزير الطاقة الجزائري مستقبلا مديرة «إنجي» الفرنسية (وزارة الطاقة الجزائرية)

بحثت مديرة الشركة الفرنسية للطاقة «إنجي»، كاترين ماكريغور، أمس الثلاثاء واليوم الأربعاء في الجزائر العاصمة، بعث المفاوضات المؤجلة بخصوص توريد حصة إضافية من الغاز إلى فرنسا، التي تسعى للاستغناء كليا عن الغاز الروسي. لكن ترك الحسم في هذه القضية للمباحثات التي ستجمع رئيسي البلدين في باريس مطلع مايو (أيار) المقبل.
وتناول وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب، أمس بالعاصمة مع مديرة الشركة الفرنسية «حالة العلاقات القائمة بين مجمع سوناطراك وإنجي في مجال الغاز الطبيعي، وسبل وآفاق تعزيز التعاون بين الشركتين»، حسب بيان لوزارة الطاقة، الذي لفت إلى أنهما «بحثا واقع السوق الدولية للغاز الطبيعي وتطوره، فضلا عن الفرص التجارية، والآفاق المستقبلية للاستثمار في مجال تصدير الكهرباء الخضراء، والطاقات الجديدة والمتجددة، ولا سيما تطوير الهيدروجين، وإنجاز محطات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى التعاون في مجال التكنولوجيات الجديدة والتكوين». وأفادت مصادر تابعت زيارة ماكريغور بأنها طلبت من المسؤولين الجزائريين إحياء المباحثات حول صفقة توريد الغاز، المتوقفة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بسبب خلافات سياسية مرتبطة بتخفيض حصة الجزائر من التأشيرات الفرنسية، ورفض باريس النزول عند رغبة الجزائريين تقديم الاعتذار عن جرائم الاستعمار.
وبحسب ذات المصادر فإن الحكومة الجزائرية «ما زالت غير متحمسة للتفاوض مع الفرنسيين حول إمدادهم بالغاز، ولذلك تم إرجاء القضية إلى الزيارة التي ستقود الرئيس تبون إلى فرنسا بعد شهرين، فقد يتمخض عنها تطورات سياسية في العلاقات الثنائية، وحينها قد يفسح المجال لمباحثات حول توريد الغاز». ووقعت «سوناطراك» و«إنجي» العام الماضي عقدا أحدث تعديلا في عقود شراء وبيع الغاز الطبيعي، من خلال خط أنابيب الغاز الواصل بين الجزائر وأوروبا «ميدغاز». وتضمن العقد مراجعة سعر بيع الغاز على مدى ثلاث سنوات، حتى سنة 2024، أخذاً بتطورات ظروف السوق. واشتغلت «سوناطراك» خلال العام الماضي على تعديل العقود مع شركائها الإيطاليين والإسبان والسلوفينيين لرفع أسعار الغاز الجزائري، في محاولة للاستفادة من الارتفاع القياسي للأسعار في السوق، وذلك في سياق الحرب في أوكرانيا. وباتت الطاقة ورقة في يد الجزائر، تستعملها لتحقيق مكاسب دبلوماسية وسياسية.
وعشية زيارتها للجزائر في أكتوبر(تشرين الثاني) الماضي، صرحت الوزيرة الأولى الفرنسية إلزابت بورن في الإعلام الفرنسي أن بلادها تعتمد على الغاز بشكل أقل من باقي البلدان الأوروبية، قياسا إلى اعتمادها على الطاقة النووية. وأبرزت أن الغاز الجزائري يمثل 9 بالمائة من واردات فرنسا من الطاقة، و«مع ذلك نأمل في مواصلة تطوير شراكتنا مع الجزائر في هذا المجال، وخصوصا في الغاز الطبيعي المسال، وذلك بغرض مضاعفة القدرات الإنتاجية الغازية للجزائر، ما سيسمح بمضاعفة صادراتها إلى أوروبا». لكن بورن لم تتمكن في نهاية زيارتها من الحصول على تعهد جزائري ببعث المفاوضات حول زيادة الإمدادات الطاقوية. وكان التفاوض بهذا الخصوص يسير في اتجاه إيجابي عام 2021، لكن طرأ عارض سياسي تسبب في غضب الجزائريين، تمثل في تصريحات للرئيس إيمانويل ماكرون، تساءل فيها «إن كانت الجزائر أمة» قبل الغزو الفرنسي عام 1830.
كما خاض في علاقة الرئيس بقادة الجيش. وعبّرت الجزائر وقتها عن استياء شديد من هذه التصريحات. كما تدهورت العلاقات السياسية بين البلدين، بعد قرار باريس تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى النصف، بسبب الهجرة غير النظامية. وكانت تقارير متخصصة أوضحت أن الجزائر تواجه مشكلات في الإنتاج، تمنعها من الوفاء بتعهداتها مع إيطاليا، لإمدادها بكميات إضافية من الغاز الطبيعي، بدءاً من شتاء 2023 لتعويض الغاز الروسي. علماً بأن إيطاليا طلبت كمية 9 مليارات متر مكعب على مرحلتين، لكن نصف الإنتاج الجزائري من الغاز يستهلك محلياً، بحسب مسؤولين جزائريين.



هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».