عُمان تدخل على خط الوساطة لحلّ الأزمة السورية وتستقبل وليد المعلم

تتم في ظل السعي لـ«إنضاج» تسوية.. ودمشق تتحدث عن لقاء محتمل مع الجبير

صورة وزعتها وكالة الأنباء العمانية أمس بعد استقبال الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي للوزير وليد المعلم (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وكالة الأنباء العمانية أمس بعد استقبال الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي للوزير وليد المعلم (أ.ف.ب)
TT

عُمان تدخل على خط الوساطة لحلّ الأزمة السورية وتستقبل وليد المعلم

صورة وزعتها وكالة الأنباء العمانية أمس بعد استقبال الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي للوزير وليد المعلم (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وكالة الأنباء العمانية أمس بعد استقبال الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي للوزير وليد المعلم (أ.ف.ب)

دخلت سلطنة عُمان على خط الوساطة للوصول إلى حلّ سياسي للأزمة السورية المندلعة منذ أكثر من أربعة أعوام، حيث حطّ أمس وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، رحاله في مسقط، والتقى الوزير العُماني المسؤول عن الشؤون الخارجية، يوسف بن علوي عبد الله. هذا في الوقت الذي يترافق فيه هذا الحراك مع تصويت مجلس الأمن اليوم الجمعة، على اقتراح أميركي يطلب من الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، تشكيل فريق من المحققين لتحديد المسؤول عن هجمات بغاز سام في سوريا، بحسب اتفاق أميركي روسي أمس في العاصمة الماليزية.
والزيارة هي الأولى لوزير الخارجية السوري إلى دولة خليجية منذ بدء الأزمة في سوريا، في شهر مارس (آذار) 2011، في ظل تصاعد الكلام عن مساع إقليمية ودولية لـ«إنضاج» تسوية سياسية تنهي أربع سنوات من الصراع السياسي المحتدم هناك. ويرافق المعلم في هذه الزيارة نائب وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد.
وقالت الوكالة السورية للأنباء إنه خلال الاجتماع اتفق المعلم ووزير الخارجية العماني يوسف بن علوي على أن الوقت حان «لتضافر الجهود البناءة» لإنهاء الأزمة. وأضافت أن الرجلين قالا إن أي حل ينبغي أن يكون «على أساس تلبية تطلعات الشعب السوري لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية».
وليس من الواضح حتى الآن صورة الدور الذي من الممكن أن تلعبه مسقط التي نأت بنفسها عن الصراع السوري طيلة أربعة أعوام من عمر الأزمة، لكنها تحتفظ بسجل وافر من الجهود الدبلوماسية السرية لحل الأزمات. ولم تقطع سلطنة عُمان علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق أسوة بشركائها الخليجيين.
وتحدثت أنباء عن جهود تبذلها السلطنة من أجل استضافة محادثات إقليمية تضم إيران ودول خليجية نافذة، وجرى تحديد السعودية، للانخراط في محادثات تستهدف تقريب وجهات النظر بالنسبة لإيجاد حلول لأزمات المنطقة، وبينها الأزمة السورية. وسبق للمسؤولين العمانيين السعي لتنظيم جولات مباحثات بين الرياض وطهران.
وسارعت صحيفة «الوطن» السورية في عددها، أمس، للحديث عن معلومات «حول إمكان عقد لقاء ثلاثي بين وزراء خارجية سوريا والسعودية وإيران» في مسقط.
ووصل المعلم مسقط قادمًا من طهران التي تحدثت عن مبادرة «معدّلة» طرحتها الحكومة الإيرانية لحلّ الأزمة السورية، وقالت إنها ناقشتها مع روسيا ودول عربية، وأنها ستقدم هذه المبادرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وقد ناقش المعلم هذه الخطة مع المسؤولين الإيرانيين، وبينهم الرئيس حسن روحاني، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، كما التقى في طهران ممثل الرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف.
ولم تفصح الحكومة الإيرانية عن خطتها المعدّلة لإحلال السلام في سوريا، لكنّ مصادر قريبة من طهران أوضحت أن هذه الخطة تقترح «وقفًا فوريًا لإطلاق النار في سوريا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتعديل الدستور بهدف ضمان حقوق الأقليات الإثنية والدينية، وإجراء انتخابات يشرف عليها مراقبون دوليون».
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا» عن الرئيس الإيراني حسن روحاني، قوله خلال استقباله وليد المعلم، بأن «طريق الحل لمشكلة سوريا هو الحل السياسي فقط»، وليس العمل العسكري، مضيفًا: «إننا وفي المجال السياسي سنستخدم كل طاقاتنا وإمكاناتنا السياسية لمعالجة المشكلات وإرساء الأمن والاستقرار وتحقيق مطالب الشعب السوري». معربًا عن أمله في أن يتم إرساء الأمن والاستقرار التام في سوريا في القريب العاجل.
لكن مراقبين لاحظوا أن الوزير السوري ركّز في زيارته لطهران على الجهود المبذولة للقضاء على الجماعات الإرهابية التي تشكل التهديد الأكبر لبلاده.
ونقل التلفزيون السوري عن المعلم قوله إن «سوريا تدعم أي جهود للتصدي لتنظيم داعش إذا جرت بالتنسيق مع دمشق»، لكنه حذر من خرق السيادة السورية، في إشارة لمشاركة القوات التركية في الحرب ضد «داعش» في سوريا، وضد قوات حزب العمال الكردستاني.
وسبق زيارة وليد المعلم إلى طهران، جولة مباحثات ثلاثية ضمت وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والروسي سيرجي لافروف، والسعودي عادل الجبير، في العاصمة القطرية الدوحة، تركزت على حلّ القضية السورية، دون مزيد من التفاصيل.
وقالت وسائل إعلام إيرانية إن مساعد وزير الخارجية الروسية، ميخائيل بوغدانوف، وضع المعلم في صورة المباحثات الثلاثية التي شارك فيها وزير الخارجية الروسي.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.