معركة باخموت تتواصل... وموسكو تحرز تقدماً طفيفاً

مواجهات عنيفة جنوب دونيتسك وروسيا تدمر رادارين أميركيين

جنود أوكرانيون من اللواء 28 يسيرون معاً في موقعهم على خط المواجهة بالقرب من باخموت (أ.ب)
جنود أوكرانيون من اللواء 28 يسيرون معاً في موقعهم على خط المواجهة بالقرب من باخموت (أ.ب)
TT

معركة باخموت تتواصل... وموسكو تحرز تقدماً طفيفاً

جنود أوكرانيون من اللواء 28 يسيرون معاً في موقعهم على خط المواجهة بالقرب من باخموت (أ.ب)
جنود أوكرانيون من اللواء 28 يسيرون معاً في موقعهم على خط المواجهة بالقرب من باخموت (أ.ب)

مع استمرار المعارك في محيط مدينة باخموت الاستراتيجية التي شهدت مواجهات ضارية لأشهر وباتت عقبة أمام تقدم القوات الروسية في المناطق المجاورة، اتجهت الأنظار الثلاثاء نحو جنوب دونيتسك، حيث عززت موسكو هجومها بهدف السيطرة على مدينة أوغليدار. وبعد مرور ساعات على إعلان القوات الموالية لموسكو عن إحراز تقدم في محيط هذه المدينة، قال رئيس إقليم دونيتسك دينيس بوشيلين، إن القوات الأوكرانية حاولت شن هجوم مضاد على طول خطوط التماس لإحباط محاولات موسكو التقدم نحو المدينة. وأفاد المسؤول الموالي لموسكو، بأن «الفصائل المسلحة الأوكرانية فقدت مساء الاثنين، نحو 30 عسكرياً، وقطعاً عدة من المعدات الحربية على محور أوغليدار». وأوضح في حديث مع الصحافيين، الثلاثاء، أن «الجيش الأوكراني تكبّد هذه الخسائر، أثناء محاولته جس نبض خطوط الدفاع الروسية وتنفيذ عمليات استطلاع قتالي على الاتجاه المذكور». وأضاف «حاول العدو تنفيذ محاولات لاختبار مدى متانة خطوطنا الدفاعية عن طريق هجمات قتال استطلاعية لكن هذه المحاولات تكللت بالفشل». وشدد بوشيلين على أن أوغليدار التي تقع جنوب غربي مدينة دونيتسك عاصمة الإقليم الانفصالي، «تبقى من المحاور المهمة للغاية»، وأكد أن الوضع في محيط هذه المنطقة يخضع بالكامل لسيطرة القوات الروسية. وكان مسؤول في دونيتسك قال في وقت سابق، إن القوات الروسية أحكمت سيطرتها على مواقع في أطراف مدينة أوغليدار وتحدث عن مواجهات ضارية تجري في المنطقة. وأفاد إيغور كيماكوفسكي، مستشار رئيس الإقليم المعين من جانب موسكو، بأن «قواتنا دخلت ضواحي أوغليدار وتحصنت هناك؛ ما أدى إلى تقييد قوات العدو. مدفعيتنا تقصف العدو الذي يحاول شن هجوم مضاد». في المقابل، أكد متحدث باسم الأركان الأوكرانية، أن أوغليدار تشهد معارك عنيفة، وأن القوات الروسية «تحاول اقتحام المدينة». وفي باخموت، حيث تواصلت محاولات موسكو إحراز تقدم، قال بوشيلين إنه «تم تطهير المنطقة الصناعية في المدينة بالكامل» وزاد، أن الوحدات الأوكرانية انتقلت إلى مصنع لمعالجة المعادن في المدينة. ووفقاً لبوشيلين، فقد «كان من المهم تطهير المنطقة الصناعية. ويمكننا التحدث عن تحقيق ذلك بشكل كامل تقريباً. ويقوم العسكريون هناك بالقضاء على المقاتلين، وهذه مجموعات منفردة فقط. وانتقل العدو الآن إلى مواقع معدة مسبقاً خارج المصنع، في مبنى إداري». وأضاف، أن القوات الأوكرانية «تحاول تأخير تحرير أرتيموفسك (باخموت)»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الجانب الأوكراني «ليست لديه احتياطيات جدية قادرة على تغيير الوضع في المدينة». كما أكد أنه «مع الأخذ بعين الاعتبار السيطرة على جميع الطرق المؤدية إلى المدينة، تشكلت في أرتيموفسك بالنسبة للجنود الأوكرانيين ظروف لا تطاق ولا تسمح حتى بنقل الاحتياطيات بحذر شديد وإخراج الجرحى». ويحتل «مصنع أرتيموفسك لمعالجة المعادن» مساحة كبيرة وسط مدينة باخموت. وصُمم هذا المصنع في خمسينات القرن الماضي ليكون قادراً على احتمال وقوع صراع نووي، وهو يضم شبكة واسعة من المرافق تحت الأرض. وقال قائد القوات البرية الأوكرانية في مقطع مصور نُشر اليوم (الثلاثاء)، إن أوكرانيا تسعى إلى إلحاق خسائر فادحة بالقوات الروسية التي تحاول السيطرة على مدينة باخموت. وفي المقطع الذي يُظهره وهو يخاطب الجنود فيما يبدو أنه مستودع صناعي كبير، قال الجنرال أولكسندر سيرسكي، كما نقلت عنه «رويترز»، إن روسيا تواصل التركيز على منطقة باخموت بعد أشهر من القتال. وقال سيرسكي في المقطع المصور المنشور عبر تطبيق «تلغرام»: «إنهم لا يتوقفون عن محاولة محاصرة المدينة والاستيلاء عليها». وأضاف «اعتباراً من اليوم، مهمتنا الرئيسية هي إنهاك قوات العدو وإلحاق خسائر فادحة بها. وسيخلق ذلك الظروف اللازمة للمساعدة في تحرير الأراضي الأوكرانية وتسريع انتصارنا». ويجري سيرسكي لقاءات مع القوات بالقرب من خط المواجهة في حين تستعد أوكرانيا لهجوم مضاد محتمل بعد 13 شهراً من الحرب. وقال، الاثنين، إن الدفاع عن باخموت ضرورة عسكرية. وقال سيرسكي، إن زياراته للقاء القوات بالقرب من خط المواجهة ضرورية له ولقادته للاتفاق على خطط سيكون لها «نتائج حقيقية في ساحة المعركة، ولكن ليس على الخرائط». وأكدت تصريحاته مرة أخرى رغبة أوكرانيا في التمسك بباخموت بدلاً من الانسحاب للحد من الخسائر. على محور آخر، استهدفت القوات الأوكرانية صباح الثلاثاء، منطقة كويبيشيف في وسط مدينة دونيتسك، بـ3 قذائف مدفعية ثقيلة. وأفاد المكتب التمثيلي لمدينة دونيتسك في «المركز الروسي المشترك لمراقبة جرائم الحرب في أوكرانيا» في بيان، بأن «القوات المسلحة الأوكرانية استأنفت صباح الثلاثاء قصف مدينة دونيتسك بعد توقف استمر 9.5 ساعة، وتم استهداف منطقة كويبيشيف الساعة 7:30 صباحاً بتوقيت موسكو». وأضاف البيان، أنه نتيجة للقصف الأوكراني، أصيب رجل يبلغ من العمر 77 عاماً. وكانت القوات الأوكرانية، استهدفت المدينة بقصف مدفعي مكثف، الاثنين، وفقاً لبيانات المركز الروسي. على صعيد مواز، أفاد رئيس المكتب الصحافي لمجموعة «جنوب» للقوات الروسية إيفان بيغما، بأن قواته نجحت في تدمير رادارين بالقرب من بلدة أفدييفكا. وقال بيغما في حديث لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية «في منطقة مدينة أفدييفكا دمرت وحدات لواء المدفعية التابع للمنطقة العسكرية الجنوبية رادارين مضادين للبطارية زودت واشنطن بهما القوات الأوكرانية، وفي منطقة التجمع السكني نوفوباخموتوفكا دمرت مدافع الهاون من طراز «مستا بي» موقعاً لإطلاق النار ومنصة أوكرانية لإطلاق القذائف. وأضاف، أن العسكريين الروس «قضوا في مدينة دونيتسك على مجموعة من العسكريين الأوكرانيين يصل عددهم إلى 10 أفراد. وفي الاتجاه نفسه أيضاً دمرت القوات الروسية وحدتين من مدفعية العدو». وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية، في تحديثها اليومي عن الحرب في أوكرانيا، كما نقلت عنها الوكالة الألمانية للأنباء أمس، أن روسيا تكبدت خسائر فادحة في هجماتها على مدينة أفدييفكا بمنطقة دونيتسك، شرقي أوكرانيا. ويعتقد أن فوجاً واحداً فقد نسبة كبيرة من مركباته المدرعة في محاولة تطويق أفدييفكا، وهي مدينة تحاول موسكو تطويقها والسيطرة عليها، من الجنوب. وقال المحللون، إن الفوج جزء من تشكيل للجيش تم تكوينه خصيصاً لدعم الحرب على أوكرانيا. وهناك مؤشرات على أن الفوج يعاني من ضعف الانضباط والروح المعنوية. ويعتقد أن الجنود تدربوا في بيلاروس، ومن المرجح أن تكون قوتهم القتالية محدودة للغاية. وقالت الوزارة، إن الخسائر ربما ترجع إلى حد كبير إلى أخطاء تكتيكية في ساحة المعركة، كما كان الحال أيضاً في القتال من أجل بلدة ووهليدار، في دونيتسك أيضاً. وتحاول روسيا السيطرة على دونيتسك، التي تشكل مع لوهانسك منطقة دونباس، وهي واحدة من مناطق أوكرانيا التي يسعى الكرملين إلى الاستيلاء عليها. وتنشر وزارة الدفاع البريطانية تحديثاً يومياً عن مسار الحرب منذ بداية الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا العام الماضي. وتهدف لندن إلى مواجهة الرواية الروسية بشأن الحرب، وتتهم موسكو الحكومة البريطانية بشن حملة تضليل عن الحرب.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: 800 ألف جندي روسي منتشرون في أوكرانيا

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس وزراء إستونيا كريستين ميشال لدى اجتماعهما في كييف الاثنين (أ.ب)

زيلينسكي: 800 ألف جندي روسي منتشرون في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انتشار مئات الآلاف من الجنود الروس حالياً في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في كييف بأوكرانيا 9 ديسمبر 2024 (أ.ب)

زيلينسكي منفتح على انتشار قوات غربية في أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه منفتح على الانتشار المحتمل لقوات غربية في كييف لضمان أمن البلاد في إطار جهود أوسع نطاقاً لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: حصيلة قتلى القوات الأوكرانية تسجل زيادة قدرها 12 ألف جندي

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن عدد الجنود الأوكرانيين القتلى ارتفع إلى 43 ألف جندي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه السبت (د.ب.أ)

ترمب يلوّح بالانسحاب من «الناتو» وخفض المساعدات إلى أوكرانيا

دعا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الأحد، إلى «وقف فوري لإطلاق النار»، والشروع في مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا التي أودت بحياة 400 ألف جندي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - موسكو - باريس)
أوروبا جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)

«البنتاغون»: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بـ988 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 988 مليون دولار، في حين تسابق واشنطن الوقت لتقديم دعم لكييف قبل تولي ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
TT

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)

قال دبلوماسيون أميركيون وروس، يوم الاثنين، إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة، وذلك بعد اجتماع مغلق بشأن سيطرة قوات المعارضة على العاصمة دمشق والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحفيين بعد اجتماع المجلس المؤلف من 15 عضوا "أعتقد أن المجلس كان متحدا إلى حد ما بشأن الحاجة إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها، وضمان حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين". وأكد نائب السفير الأميركي روبرت وود أن أغلب الأعضاء تحدثوا عن هذه القضايا، وقال للصحفيين إن المجلس سيعمل على إصدار بيان. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة المجلس في ديسمبر (كانون الأول). وقال وود "إنها لحظة لا تصدق بالنسبة للشعب السوري. والآن نركز حقا على محاولة معرفة إلى أين يتجه الوضع. هل يمكن أن تكون هناك سلطة حاكمة في سوريا تحترم حقوق وكرامة الشعب السوري؟"

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك للصحفيين خارج المجلس إن بعثته وكل السفارات السورية في الخارج تلقت تعليمات بمواصلة القيام بعملها والحفاظ على مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية. وقال "نحن الآن ننتظر الحكومة الجديدة ولكن في الوقت نفسه نواصل العمل مع الحكومة الحالية والقيادة الحالية"، مضيفا أن وزير الخارجية السوري بسام صباغ - المعين من قبل الأسد - لا يزال في دمشق. وقال للصحفيين خارج المجلس "نحن مع الشعب السوري. وسنواصل الدفاع عن الشعب السوري والعمل من أجله. لذلك سنواصل عملنا حتى إشعار آخر". وأضاف "السوريون يتطلعون إلى إقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية، وسوف نتكاتف في سبيل إعادة بناء بلدنا، وإعادة بناء ما دمر، وبناء المستقبل، مستقبل سوريا الأفضل".

وتحدث نيبينزيا وود عن مدى عدم توقع الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع في سوريا. وقال نيبينزيا "لقد فوجئ الجميع، بما في ذلك أعضاء المجلس. لذلك يتعين علينا أن ننتظر ونرى ونراقب ... ونقيم كيف سيتطور الوضع". ووفرت روسيا الحماية الدبلوماسية لحليفها الأسد خلال الحرب، واستخدمت حق النقض أكثر من 12 مرة في مجلس الأمن، وفي العديد من المناسبات بدعم من الصين. واجتمع المجلس عدة مرات شهريا طوال الحرب لمناقشة الوضع السياسي والإنساني في سوريا والأسلحة الكيميائية.

وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ بعد اجتماع المجلس "الوضع يحتاج إلى الاستقرار ويجب أن تكون هناك عملية سياسية شاملة، كما يجب ألا يكون هناك عودة للقوى الإرهابية". وبدأت هيئة تحرير الشام الهجوم الذي أطاح بالأسد. وكانت تُعرف سابقا باسم جبهة النصرة التي كانت الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا حتى قطعت صلتها به في عام 2016. وتخضع الجماعة لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون إنه لم تحدث أي نقاشات بشأن رفع هيئة تحرير الشام من قائمة العقوبات.