اتفاق عسكري وأمني ليبي على توحيد الجيش وتشكيل حكومة موحدة

باتيلي دعا قادة ليبيا إلى توطيد دعائم السلام

المبعوث الأممي يتوسط القيادات العسكرية والأمنية بعد انتهاء اجتماعهم في طرابلس (البعثة)
المبعوث الأممي يتوسط القيادات العسكرية والأمنية بعد انتهاء اجتماعهم في طرابلس (البعثة)
TT

اتفاق عسكري وأمني ليبي على توحيد الجيش وتشكيل حكومة موحدة

المبعوث الأممي يتوسط القيادات العسكرية والأمنية بعد انتهاء اجتماعهم في طرابلس (البعثة)
المبعوث الأممي يتوسط القيادات العسكرية والأمنية بعد انتهاء اجتماعهم في طرابلس (البعثة)

أكدت بعثة الأمم المتحدة، أن اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، الذي شهدته طرابلس، مع مجموعة من قادة الوحدات العسكرية والأمنية من الشرق والغرب والجنوب، وبعض قادة الميليشيات المسلحة بالمنطقة الغربية، برعاية المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، يعد الأوسع الذي يُعقد داخل ليبيا منذ عقدٍ من الزمن.
وأوضحت البعثة الأممية في بيان اليوم (الاثنين) أن هذا الاجتماع استهدف متابعة الالتزام الذي عبّر عنه المشاركون، خلال اجتماع مماثل في تونس منتصف الشهر الجاري، بشأن العمل معاً لتهيئة الظروف المواتية لإجراء الانتخابات هذا العام.
وجدد باتيلى دعوته لـ«جميع القادة في الشرق والغرب والجنوب إلى توطيد دعائم السلام في ليبيا»، مشيراً إلى أن «قادة الوحدات الأمنية والعسكرية سيضطلعون بدورٍ مهمٍ في التوافق حول الترتيبات الأمنية، والقضايا الرئيسية الأخرى، التي ترافق المسار الانتخابي».
وحسب البعثة، فقد أكد المجتمعون في طرابلس على تسع نقاط، أبرزها، أن يكون الحوار ليبياً - ليبياً وداخل البلاد، ورفض التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، بالإضافة إلى الالتزام الكامل بكل ما نتج عن الحوار بين القادة العسكريين والأمنيين مع اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في اجتماعها الأول في تونس والثاني في طرابلس.
كما اتفق المجتمعون على نبذ الاقتتال والعنف بكافة أشكاله على كامل التراب الليبي، ومواصلة العمل في طريق توحيد المؤسسات العسكرية من خلال رئاسات الأركان، وتوحيد المؤسسات الأمنية وبقية مؤسسات الدولة، وإيجاد حكومة موحدة لكل مؤسسات الدولة الليبية، وزيادة المجهودات لحل مشكلات المهجرين والنازحين والمتضررين من الحروب.
وشمل الاتفاق استكمال جهود المصالحة الوطنية، وجبر الضرر، والمضي في مسعى الانتخابات، وحث مجلسي «النواب» و«الدولة» على استكمال الإجراءات المنوطة بهما، وعقد الاجتماع القادم خلال شهر رمضان في مدينة بنغازي بشرق البلاد.
وكان عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» المؤقتة، قد أعلن أنه ترأس الاجتماع الذي عقد، مساء (الأحد)، بمجمع قاعات ريكسوس بالعاصمة طرابلس؛ بحضور باتيلي وأعضاء لجنة «5+5»، وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية بالمنطقتين الغربية والشرقية؛ لافتاً النظر إلى أن الاجتماع استهدف توحيد الجهود من أجل تنظيم الانتخابات، ووضع الآليات للتواصل بين الوحدات الأمنية والعسكرية لتأمينها، ونبذ الفرقة للخروج بالبلاد لبر الأمان.
كما أعلن مكتب الطرابلسي أنه أكد للمبعوث الأممي جاهزية وزارته لتأمين الانتخابات.
وعقب انتهاء الاجتماع، رأى عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة المؤقتة، أن ما وصفه باستقرار العاصمة طرابلس، أعطى فرصة لتقدم المسارات المحلية والدولية لجهود توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، والتقدم في استعدادات إنجاز الانتخابات الوطنية، وفق قوانين عادلة ونزيهة تنهي المراحل الانتقالية، وتُحقق حلاً سلمياً لحالة الانقسام والحروب، التي هددت وحدة ليبيا، وتماسك المجتمع.
وقال الدبيبة في بيان مقتضب عبر «تويتر» في ساعة مبكرة من صباح اليوم (الاثنين): «ثوابتنا واضحة، نعم للدولة المدنية، لا للدولة العسكرية، نعم للانتخابات، لا للتمديد، نعم للسلام، لا للحروب».
وفي أول رد فعل، رحبت حكومة «الاستقرار» الموازية برئاسة فتحي باشاغا، بالاجتماع، ورأى وزير دفاعها أحميد حومة، أن هذه الخطوة تأتي استكمالاً لخطوات سابقة على مدى العامين الماضيين، بهدف توحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، واصفاً اللقاء بأنه «سلام الشجعان، وتعالٍ عن الجراح التي أنهكت الوطن، وكادت تودي بسيادته واستقلاله».
ودعا حومة في تصريحات لوكالة الأنباء الليبية الموالية لحكومة «الوحدة»، كافة الليبيين إلى الالتفاف حول هذه الخطوات وتعزيزها، وصولاً إلى وحدة الصف، ولمّ الشمل، وتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية، مشدداً على أن المؤسسة العسكرية في حال توحيدها، ستكون هي الضامن لإنجاح أي انتخابات، كذلك لقبول كافة الأطراف لنتائجها بقوة القانون، لا بقوة العنف والاقتتال.
وأشاد حومة بمساعي المبعوث الأممي لإخراج ليبيا من الأزمة العالقة فيها منذ سنوات، داعياً الجميع لعدم الإنصات لأي أصوات من شأنها إثارة الفتن بين الليبيين.
ومن جهة أخرى، قال الدبيبة، إن العقد الذي أبرمته شركة «زلاف» التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط مع شركة أميركية لإنشاء مصفاة بمنطقة أوباري، ومصنع لغاز الطهو؛ سيسهم في توفير الوقود والغاز، ويتيح فرص عمل لشباب الجنوب.
وقالت شركة «زلاف» إنه تم التوقيع على أول عقود مشروع إنشاء مصفاة بالجنوب مع ائتلاف شركة «هاني ويل - يو أو بي» الأميركية، التي ستقوم في العقد بالأعمال الهندسية الأولية لوحدات التكرير، ومنح تراخيص تقنية للوحدات المرخصة.
وأصدر الدبيبة تعليماته لوزارة الداخلية بإلزام كافة محطات توزيع الوقود بفتح أبوابها لمعالجة مشكلة الازدحام، كما طالب بضرورة التنسيق مع وكيل وزارة الداخلية لشؤون المديريات، الذي يترأس اللجنة المشكلة بالخصوص، ورئيس مجلس إدارة شركة البريقة لتسويق النفط لمعالجة هذا الازدحام.
وفي شأن آخر، أعلنت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، أنها بحثت هاتفياً مع وزير الشؤون الخارجية الإيراني حسین أمیر عبداللهیان، مساء (الأحد)، تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات، خصوصاً الجانب الاقتصادي، وقالت في بيان إنهما بحثا أيضاً، الترتيبات اللازمة لعودة السفارة الإيرانية لمباشرة مهامها من العاصمة طرابلس.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.