هل تنجح «الوعود الأميركية» في استمالة أفريقيا؟

كامالا هاريس أكدت العمل على تعزيز النمو والأمن الغذائي

هاريس تتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية بواشنطن في 15 ديسمبر (أ.ب)
هاريس تتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية بواشنطن في 15 ديسمبر (أ.ب)
TT

هل تنجح «الوعود الأميركية» في استمالة أفريقيا؟

هاريس تتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية بواشنطن في 15 ديسمبر (أ.ب)
هاريس تتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية بواشنطن في 15 ديسمبر (أ.ب)

استهلّت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، جولتها الأفريقية بإطلاق المزيد من التعهدات لدعم جهود التنمية في أفريقيا، لكن مهمتها التي تأتي ضمن استراتيجية أميركية طويلة المدى، تستهدف الحد من النفوذ المتزايد لبكين وموسكو في القارة الغنية بالموارد، تظل «موضع اختبار»، حسب مراقبين.
وتزور هاريس حالياً غانا، في مستهلّ جولة تشمل كذلك تنزانيا وزامبيا، وتستمر حتى الثاني من أبريل (نيسان) المقبل.
وجاء استقبال هاريس، الذي يرافقها زوجها دوغلاس إيمهوف، حافلاً في العاصمة الغانية أكرا، حيث رحّب طلاب غانيون بنائبة الرئيس الأميركي وسط رقص وقرع للطبول، رافعين أعلاماً غانيّة في مطار كوتوكا الدولي.
وعشية لقائها الرئيس الغاني نانا أكوفو – أدو (الاثنين)، لمناقشة التحديات الاقتصادية والأمنية، قالت هاريس إن «زيارتها تمنحها الفرصة لتعميق العلاقة بين الولايات المتحدة والشركاء الأفارقة»، مؤكدةً أنها «تتطلع إلى هذه الرحلة بوصفها تعبيراً إضافياً عن العلاقة طويلة الأمد والمستمرة وبالغة الأهمية والصداقة بين شعب الولايات المتحدة وأولئك الذين يعيشون في قارة أفريقيا». وتابعت: «أنا متحمّسة للغاية بشأن مستقبل أفريقيا... أنا متحمسة للغاية لتأثير مستقبل أفريقيا على بقية العالم بما في ذلك الولايات المتحدة».
وتأتي زيارة هاريس ضمن جولات مكوكية للقادة الأميركيين في القارة السمراء، منذ بداية العام، شملت زيارة وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، في يناير (كانون الثاني) الماضي، للسنغال وزامبيا وجنوب أفريقيا، ثم زارت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، غانا وموزمبيق وكينيا، تلتها زيارة جيل بايدن السيدة الأولى، ناميبيا وكينيا. وأخيراً زار وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إثيوبيا والنيجر، بانتظار الرئيس جو بايدن، الذي وعد بجولة أفريقية هذا العام.
وترغب واشنطن في تأكيد وجودها داخل القارة الأفريقية، بموازاة منافسة دولية، خصوصاً من جانب روسيا والصين، حسب الدكتور عبد الرحمن أحمد محمد، الخبير الإثيوبي في العلاقات الدولية، وعضو «المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية»، الذي يَعد هذا الاهتمام الدولي المتزايد في الفترة الأخيرة أمراً جيداً لأفريقيا، شرط أن تتحقق تلك الوعود بالتنمية، وألا تثقل هذا الدول القارة بمزيد من الديون.
وطالب عبد الرحمن محمد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الولايات المتحدة بأن تقدم بديلاً حقيقياً للصين باتفاقيات تجارة ميسّرة، وتخفيض حجم الديون، ضارباً المثل بإثيوبيا التي تأمل في استئناف العمل مع أميركا بقانون النمو والفرص الأفريقية، بعد توقف خلال الأشهر الماضية بسبب حرب «تيغراي»، والذي يتيح لمعظم منتجاتها إمكانية الوصول من دون رسوم جمركية إلى أكبر قوة اقتصادية في العالم، لكنّ الولايات المتحدة لم تقدّم أي التزامات في هذا الصدد حتى الآن.
ويعد النشاط الدبلوماسي الحالي نتاجاً للقمة الأميركية - الأفريقية الأخيرة التي عُقدت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بواشنطن، بمشاركة ما يقارب 50 من القادة الأفارقة، والتي وعد فيها بايدن بدعم تطلعات القارة الأفريقية لمزيد من المشاركة العالمية، كما يشير الخبير الإثيوبي.
وفي عام 2021 كانت التجارة بين الصين وأفريقيا جنوب الصحراء أكبر بخمس مرات من التجارة مع الولايات المتحدة.
وتندرج رحلة نائبة الرئيس الأميركي في إطار استراتيجية واشنطن الهادفة إلى الحد من النفوذ المتزايد لبكين وموسكو في القارة الغنية بالموارد، وتوجيه رسالة أكثر إيجابية من جانب الولايات المتحدة، حسب المسؤولين الأميركيين.
وتمرّ غانا بأسوأ كارثة مالية منذ عقود. وتسعى البلاد إلى إعادة هيكلة ديونها وسط ارتفاع كبير في معدلات التضخم التي بلغت أكثر من 50 في المائة. وقد عاد وزير المالية الغاني كين أوفوري - أتا مؤخراً من بكين بعد أن أجرى مفاوضات مع الحكومة الصينية.
وكتب وزير المالية في تغريدة على «تويتر»: «حتى الآن، أجرينا اجتماعات إيجابية ومشجعة للغاية في الصين»، معرباً عن تفاؤله إزاء الحصول على ضمانات خارجية «في القريب العاجل». والبلاد بحاجة إلى ضمانات من أجل الحصول على مساعدات من صندوق النقد الدولي.
وليس واضحاً ما إذا كان بإمكان هاريس المساعدة في هذا الشأن، لكنها ستتعرض لضغوط لكي تتصرف كشريك متأهب للمساعدة في أعقاب زيارة أوفوري - أتا للصين.
وبعد غانا، من المقرر أن تزور هاريس (الأربعاء) تنزانيا ثم (الجمعة) زامبيا. ولهاريس خصوصية في تلك الزيارة، فهي أول شخص أسود وأول امرأة تصل إلى منصب نائب الرئيس في الولايات المتحدة. وسبق أن زارت زامبيا حين كانت طفلة حيث كانت تعمل جدتها (والدة أمها) المنحدرة من الهند.
وتُعلي الحكومة الأميركية مسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان في علاقتها مع دول القارة، بعكس الصين وروسيا غير المعنيتين بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان.
ومن المقرر أن تلتقي كامالا هاريس مع سامية صلوحو حسن، أول سيدة تشغل منصب الرئاسة في تنزانيا.
ووفق أحد كبار المساعدين في برنامج أفريقيا التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، كاميرون هدسون، فإنه في زيارة نائبة الرئيس في الولايات المتحدة لأفريقيا، «لن يقول المسؤولون الأميركيون إنّهم في منافسة مع الصين أو روسيا في أفريقيا». لكنه أضاف لوكالة «بلومبرغ»: «واشنطن تستخدم الزيارات لرسم تمييز واضح عن منافسيها».
وذكرت «بلومبرغ» أنّ «الولايات المتحدة وعدت بإعطاء مبلغ 165 مليون دولار لدعم انتخابات نزيهة في أفريقيا. هذا المثال هو دليل على سعيها لتعزيز نفوذها».
وقبل أيام، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تقريراً تحدثت فيه عن تصاعد التنافس بين روسيا والغرب في أفريقيا بسرعة، وقالت إن أحدث نقطة اشتعال هي تشاد، وهي دولة صحراوية مترامية الأطراف على مفترق طرق القارة.



فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».