مصر: مزاد على لوحات السيارات يثير تباينات اجتماعية واقتصادية

ضجّت حسابات مستخدمين مصريين لمواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات عدة بشأن تباينات اجتماعية واقتصادية في البلاد على خلفية الإعلان عن وصول مزايدة على لوحة معدنية برقم مميز إلى 50 مليون جنيه مصري (الدولار 30.80 جنيه في المتوسط).
وحسبما أورد موقع «لوحتك» التابع لبوابة مرور مصر الإلكترونية (حكومي) فإن شخصين يتنافسان على اقتناء لوحة سيارة تحمل الترقيم (م ي ر 555)، وبلغت المزايدة حتى منتصف نهار (الاثنين) 50 مليون جنيه فيما لا يزال التسابق مفتوحاً حتى (الثلاثاء).
وتعد المنافسة والمزايدات على «اللوحات المعدنية المميزة» مساراً جديداً نسبياً في مصر، بعدما طرحته وزارة الداخلية المصرية ضمن خطتها لتعزيز مصادر الدخل المالي.
ولا تضع «الداخلية» شروطاً خاصة بشأن المزايدات على اللوحات سوى الرغبة في الحصول على لوحة معدنية مميزة، ويمكن لأي شخص تسجيل بياناته على موقع «لوحتك» والدخول في مزايدة إلكترونية.
وتعد اللوحة التي سجَّلت المزايدة عليها 50 مليون جنيه غير مسبوقة، إذ سجلت «بوابة مرور مصر الإلكترونية» في فبراير (شباط) الماضي مزايدة على لوحة معدنية بلغ سعرها 4 ملايين و350 ألف جنيه مصري، وحسب بيانٍ نُشر في صحف محلية، فإن هذا الرقم كان «هو الأعلى في تاريخ المزايدات» حينها.
وتفرض أزمة اقتصادية لافتة نفسها على أسواق المصريين منذ شهور، وتُرجعها الحكومة إلى «أسباب عالمية» تتمثل في الحرب الروسية - الأوكرانية، وجائحة «كورونا»، وتجسدت في ضغوط تضخمية حادة في عدد من السلع الأساسية سجلت زيادات غير مسبوقة في الأسعار، الأمر الذي دفع كثيراً من المعلقين إلى المقارنة بين الضغوط المعيشية وتنافس البعض بعشرات الملايين لشراء لوحة معدنية.
وكشف «البنك المركزي المصري»، منتصف مارس (آذار) الجاري، عن ارتفاع معدل التضخم الأساسي ليسجل 40.3 في المائة خلال فبراير الماضي، مقابل 31 في المائة في يناير (كانون الثاني). فيما أعلن «الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء»، ارتفاع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مدن مصر ليصل إلى 31.9 في المائة في فبراير مقارنةً بـ25.8 في المائة في يناير الماضي.
لكن اللواء أحمد هشام، الخبير المروري، يرى أن «خدمة (لوحتك) هي نموذج للاستثمار الذي اتجهت إليه (الداخلية المصرية) خلال الفترة الأخيرة». ويقول هشام لـ«الشرق الأوسط» إن «ثمة اتجاهاً عاماً نحو تعزيز الدخل تقوم به وزارات عدة، لا سيما الداخلية التي يتعامل معها المواطن يومياً في شكل خدمات».
ويضيف أن «الهدف هو تطوير خدمات الوزارة، وانعكس ذلك على تجديد أقسام الشرطة وتسهيل الخدمات، وتطوير خدمات جديدة مثل السيارات المتنقلة التي تصل إلى المواطن في منزله لتوفير الخدمات بمقابل مادي مناسب».
وعن المزايدة التي تصدرت «الترند»، يقول هشام إن «خدمة (لوحتك) تشهد إقبالاً متزايداً من المواطنين، بدعوى الرغبة في التميز، وصحيح أن المبلغ محل الجدل مبالغ فيه، غير أنه ربما يكون انعكاساً لارتفاع أسعار السيارات مؤخراً، لا سيما الفارهة والتي باتت رائجة بين فئة رجال الأعمال المصريين، وكذلك بعض العرب والأجانب المقيمين في مصر».
وبشأن الدلالات الاجتماعية للمزايدات بمبالغ كبيرة، ترى الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع، أن «رواج تلك الوقائع سيثير بطبيعة الأمور ضيق قطاع واسع من المصريين الذين يعانون تبعات الغلاء». وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «القانون يحمي الحريات الشخصية، غير أن ثمة مسؤولية مجتمعية تقع على عاتق جميع المواطنين بضرورة مراعاة مشاعر السواد الأعظم في مصر».
وترى أستاذة علم الاجتماع أن «تبادل الحديث عن تلك الوقائع له آثار اجتماعية أبعد من مجرد تصدر الترند، وهذا النموذج السلوكي ربما يؤثر على مفاهيم التطور والكفاح لتحقيق الكسب ويرسخ في (جيل السوشيال ميديا) مفهوم الكسب السريع»، وفق تقييمها.