لماذا يرتبط الصيام بالانخفاض المؤقت لضغط الدم؟

باحث يعزي أسبابه لتغير «التمثيل الغذائي»

لماذا يرتبط الصيام بالانخفاض المؤقت لضغط الدم؟
TT

لماذا يرتبط الصيام بالانخفاض المؤقت لضغط الدم؟

لماذا يرتبط الصيام بالانخفاض المؤقت لضغط الدم؟

من بين الفوائد التي دائماً ما تُذكر للصيام، أنه يساعد على تخفيض ضغط الدم، ولكن بقيت الأسباب التي تجعله يقوم بهذا الدور مجالاً للجدل بين العلماء.
وذهب رامي الجعفر من «إمبريال كوليدج» بلندن، إلى أن السبب يعود إلى حدوث تغير في التمثيل الغذائي، بينما حدد استشاري مصري في أمراض الباطنة، 3 أسباب أخرى.
وكان رامي الجعفر قائداً لدراسة نشرتها قبل عامين مجلة «جمعية القلب الأميركية»، درست فوائد الصيام في تحقيق انخفاض مؤقت لضغط الدم، ولكن هذه الدراسة التي أثبتت تلك العلاقة إحصائياً، لم تشر للأسباب.
وقام الفريق البحثي خلال الدراسة بتقييم 85 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 29 و61 عاماً من 5 مساجد في لندن، وقياس ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأعلى) والانبساطي (الرقم السفلي) قبل رمضان، ومرة أخرى بعده مباشرة.
بالإضافة إلى ذلك، طلبوا من المشاركين الاحتفاظ بقوائم طعامهم لمدة 3 أيام، قبل وأثناء شهر رمضان.
وبعد ضبط متغيرات مثل العمر والجنس، اكتشفوا انخفاضاً متوسطاً قدره (7.29 ملّم زئبقي) في ضغط الدم الانقباضي و(3.42 ملم زئبقي) في ضغط الدم الانبساطي، في الأيام التالية لشهر رمضان.
وكانت النتائج صحيحة بالنسبة للأشخاص الأصحاء، وكذلك الأشخاص الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري.
وقال جعفر، في بيان صحافي نشره حينها موقع «جمعية القلب الأميركية»، إنه يعتقد أن «فوائد الصيام تعود إلى التغيير الذي يحدثه في نمط التمثيل الغذائي».
وقال إنه «بعد 8- 12 ساعة من الصيام، يبدأ الجسم في حرق الكيتونات بدلاً من الغليكوجين، وهذا قد يكون سبباً لانخفاض ضغط الدم». والكيتونات هي مواد كيميائية يفرزها الكبد في جسم الإنسان، ويتم إفرازها كمصدر بديل لإنتاج الطاقة، بينما الغليكوجين هو بوليمر متعدد الوحدات، يشكل الغلوكوز وحدة البناء الأساسية فيه، ويعمل كمخزن للطاقة.
ويتفق كثير من الخبراء مع ما ذهب إليه الجعفر من أهمية التغير الذي يحدث في التمثيل الغذائي، كسبب لانخفاض الضغط؛ لكنهم أضافوا أسباباً أخرى يمكن أن تكون مساعدة.
ويقول سامح عبد العليم، استشاري الباطنة بوزارة الصحة المصرية، إن «تقييد السعرات خلال الصيام يرتبط بخفض ضغط الدم، فغالباً ما يرتبط الصيام بتناول سعرات حرارية منخفضة بشكل عام، مما قد يساعد في تفسير بعض آثاره».
وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «من الأسباب الأخرى المرجحة، حالة الاسترخاء التي يكون عليها الجهاز العصبي خلال الصيام، على النقيض من حالة اليقظة المتزايدة في الأيام العادية».
ويضيف أن «الصيام قد يؤثر أيضاً على ضغط الدم من خلال (ميكروبيوم الأمعاء)، وهي مجموعة البكتيريا التي تعيش في الجهاز الهضمي، والتي لها تأثيرات تتراوح من الهضم إلى جهاز المناعة».



مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».