قناة السويس الجديدة.. جسر أمل لإنعاش الاقتصاد المصري

توقعات بارتفاع حجم الصادرات إلى 8 مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة

قناة السويس الجديدة.. جسر أمل لإنعاش الاقتصاد المصري
TT

قناة السويس الجديدة.. جسر أمل لإنعاش الاقتصاد المصري

قناة السويس الجديدة.. جسر أمل لإنعاش الاقتصاد المصري

لأول مرة منذ افتتاحها سنة 1869، يتيح مشروع قناة السويس الجديدة الملاحة في اتجاهين معاكسين، مما يقلل زمن العبور من 22 ساعة حاليا إلى 11 ساعة، ويجعلها أسرع قناة في العالم، بحسب تصريحات أدلى بها رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش، وهو ما سيحقق انتعاشا للاقتصاد المصري والعالمي، حسب عدد من الخبراء الاقتصاديين.
وبمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة، أعرب وفد الاتحاد الأوروبي في مصر عن ثقته بأن هذا المشروع سوف يسهم إسهاما مهما في التنمية الاقتصادية لمصر، وتيسير حركة التجارة العالمية. فيما أكدت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن مشروع قناة السويس الجديدة، الذي كلف نحو 8.5 مليار دولار، أثار الحماسة الوطنية للمصريين، وهدأ نفسيتهم التي تعرضت لكبوات خلال الفترة الأخيرة، أما مجلة «فوربس» العالمية فتعتزم نشر تقرير خاص حول آخر التطورات الإيجابية بمصر في ملحقها الخاص «الأفضل في أفريقيا»، وذلك في دلالة جديدة على استعادة مصر لدورها وثقلها الإقليمي والدولي، وثبوت الخطى التي تتخذها نحو الارتقاء بالاقتصاد، ودفع عجلة التنمية وجذب الاستثمار.
وتأمل مصر أن يرفع المشروع الجديد من إيرادات قناة السويس بشكل عام، من نحو 5 مليارات دولار حاليا، إلى 15 مليار دولار بحلول سنة 2023، خاصة أن الحكومة تخطط لبناء مركز صناعي ولوجيستي دولي قرب قناة السويس، يتوقع أن يمثل نحو ثلث حجم الاقتصاد المصري، وأطلق عليه اسم «محور تنمية إقليم قناة السويس».
وفي هذا الصدد قال الدكتور صلاح هلال، وزير الزراعة المصري، إن مشروع قناة السويس الجديدة سيعمل على زيادة حجم الصادرات المصرية من 4.6 مليار دولار حاليًا إلى ما يقرب من 8 مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. أما الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، فقد توقع في دراسة أعدها عن المشروع الجديد عوائد كثيرة له، أهمها توطين الاستثمارات، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية من خلال السماح للشركات العالمية بتمويل المشروعات اللوجيستية، ومن ثم زيادة حجم الاستثمار الأجنبي والعربي في مصر.
وأكد وزير الزراعة المصري أن افتتاح القناة الجديدة سيكون له أثر إيجابي على التنمية الزراعية الشاملة، خاصة في حركة الصادرات الزراعية للخارج، مما يساهم في فتح أسواق جديدة، وزيادة كمية الصادرات، موضحا أن القناة الجديدة ستساهم في تقليل زمن الرحلة وجذب الكثير من شركات الملاحة العالمية الكبرى، وخفض تكاليف النقل، مما يسهل من عمليات تصدير المحاصيل الجديدة، وزيادة التنافسية للسلع المصرية، وجذب محاصيل عالية الجودة.
وقالت دراسة أعدها مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية عن مشروع القناة الجديدة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إنه «تم تدعيم البنية الأساسية وتنمية العلاقات التشابكية، من خلال إنشاء شبكة من الطرق الطولية والعرضية لربط قناة السويس بالمشروع، حيث تعد الاستثمارات والبنية الأساسية والإنشاءات المتوقعة لتنمية إقليم قناة السويس ضخمة جدا، وتقترب من نحو 100 مليار دولار حتى عام 2023».
وأوضحت الدراسة أن تنمية إقليم قناة السويس بوجه عام تتضمن 42 مشروعًا ذا أولوية، منها 6 مشروعات ذات أهمية قصوى وهي: تطوير طرق القاهرة إلى السويس والإسماعيلية وبورسعيد، وتحولها إلى طرق حرة للعمل على سهولة النقل والتحرك بين أجزاء الإقليم والربط بالعاصمة، وإنشاء ثلاثة أنفاق بالإسماعيلية المار بمحور السويس للربط بين ضفتي القناة (شرق وغرب)، وإنشاء ثلاثة أنفاق جنوب بورسعيد، أسفل قناة السويس لسهولة الربط والاتصال بين القطاعين الشرقي والغربي لإقليم قناة السويس، بينهما نفق سكك حديدية، بالإضافة إلى تطوير ميناء نويبع كمنطقة حرة، وتطوير مطار شرم الشيخ، وإنشاء مأخذ مياه جديد على ترعة الإسماعيلية حتى موقع محطة تنقية شرق القناة لدعم مناطق التنمية الجديدة.
وكانت الصحيفة الأميركية «وول ستريت جورنال» قد وصفت في مقال على موقعها الإلكتروني مشروع قناة السويس الجديدة بأنه «إنجاز كبير» لمصر في ظل الصعوبات الاقتصادية، ونقلت عن المهندس المتخصص جولييت شفيق قوله إن المشروع «أعاد بالفعل لمصر هيبتها على الصعيد العالمي»، وإن المصريين «أظهروا للعالم أنهم عندما يريدون إنجاز شيء، فإنهم يستطيعون القيام بذلك»، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن قناة السويس كانت مصدرا هاما للدخل المصري، فإنها كانت بنفس القدر من الأهمية رمزا للاستقلال الوطني منذ عام 1956، وذلك عندما أمم الرئيس جمال عبد الناصر شركة قناة السويس.
وفي السياق ذاته، تعتزم مجلة «Forbes» نشر تقرير خاص حول آخر التطورات الإيجابية في مصر في ملحقها الخاص «الأفضل في أفريقيا»، والمخصص لأهم وأفضل التجارب الناجحة بين الدول النامية، وذلك في عددها لشهر سبتمبر (أيلول) 2015.
وسوف يتناول العدد الإصلاحات والسياسات التي جعلت من مصر تجربة ناجحة يحتذى بها على مستوى الأسواق الناشئة، ومن بينها افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة، الذي سيضاعف حجم السفن العابرة للقناة بمختلف حمولاتها، فضلاً عن أثره الإيجابي على حركة التجارة العالمية، وكذا عقد مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذي نجح في ضخ استثمارات جديدة، وتمويل الكثير من المشروعات المحلية. كما سيستعرض الكثير من أهم التطورات على الساحة السياسية، ومنها دور مصر الإيجابي في مكافحة الإرهاب في المنطقة، وكذا بدء عضويتها بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي سوف تستمر لمدة عامين، من 2016 إلى 2018.



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».