البشير لثابو مبيكي: لن نفاوض الحركة الشعبية إلا على وقف إطلاق النار

قطع برفض المفاوضات مع حركات دارفور المسلحة خارج اتفاق الدوحة

البشير لثابو مبيكي: لن نفاوض الحركة الشعبية إلا على وقف إطلاق النار
TT

البشير لثابو مبيكي: لن نفاوض الحركة الشعبية إلا على وقف إطلاق النار

البشير لثابو مبيكي: لن نفاوض الحركة الشعبية إلا على وقف إطلاق النار

رفضت الحكومة السودانية بشكل قاطع المشاركة في أي جولات تفاوض بينها وبين معارضيها خارج البلاد، عدا التفاوض على وقف إطلاق النار الشامل مع الحركة الشعبية - الشمال، ومواصلة التفاوض مع حركات دارفور المسلحة، وفقًا لاتفاقية الدوحة.
وقال رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى الجنوب أفريقي ثابو مبيكي في مؤتمر صحافي عقد بالخرطوم أمس، إنه أتى الخرطوم بدعوة من الرئيس عمر البشير لمواصلة الجهود المتعلقة بالحوار بين الفرقاء السودانيين، والتي توقفت بعد فشل الاجتماع التحضيري، الذي كان مقررًا عقده في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال مارس (آذار) الماضي.
ووصل مبيكي للخرطوم الخميس الماضي في زيارة رسمية يتوقع أن تنتهي اليوم لبحث قضية الحوار بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية – الشمال، وحركات دارفور المسلحة وقضية الحوار الوطني، والقضايا العالقة بين السودان وجنوب السودان، وفقًا للتفويض الممنوح له للتوسط بين الفرقاء السودانيين، وبين السودان وجنوب السودان من مجلس السلم والأمن الأفريقي.
والتقى مبيكي خلال الزيارة الرئيس عمر البشير ومساعده إبراهيم محمود وأحزاب المعارضة، وآلية الحوار الحكومية المعروفة بآلية (7+7)، وبحث معهم القضايا المدونة في أجندة زيارته، موضحا أن الرئيس البشير أبلغه في اجتماعه به أول من أمس برغبته في استمرار الحوار، باعتباره خيارًا استراتيجيا لحكومته، وأن هناك خطوات عملية تجري الآن، يلتقي خلالها آلية الحوار الوطني التي ستجتمع اليوم الأربعاء للاتفاق على تكوين الآلية القومية للحوار الوطني، والتي تتكون من شخصيات قومية لتحديد بداية ومواقيت الحوار الوطني.
وكان مقررًا أن يجتمع الفرقاء السودانيون في أديس أبابا للاتفاق على تحضيرات مؤتمر الحوار الوطني، إلا أن الحزب الحاكم والأحزاب الحليفة معه تراجعت عن الحضور في اللحظة الأخيرة، في الوقت الذي عقدت فيه المعارضة المدنية والمسلحة لقاء تشاوريًا مع الوساطة.
وأوضح مبيكي أن اجتماع مارس الماضي كان مقررًا له بحث الوسائل التحضيرية للحوار الوطني، وفقًا لموافقة الأطراف كافة، وقال إن «الأحزاب المعارضة حضرت إلى جانب المجموعات المسلحة والمجتمع المدني، لكن آلية 7+7 وحزب المؤتمر الوطني لم يحضرا للأسف».
وأكد مبيكي أن الرئيس البشير وعده بترك «الباب مفتوحًا» للراغبين في المشاركة في الحوار، وإمكانية التحاقهم به في أي وقت حتى بعد بدايته، وحتى لو لم يشاركوا فيه من البداية، مع توفير الضمانات كافة لقوى المعارضة المسلحة المدنية والمسلحة للحضور للخرطوم قصد المشاركة في الحوار الوطني، مضيفا أن البشير أبلغه بشكل قاطع رفض حكومته لأي حوار خارج السودان، بما في ذلك المشاركة في المؤتمر التحضيري الذي تطالب المعارضة بعقده لتحديد قضايا الحوار.
وفي ذات الوقت أبدى الرئيس البشير لمبيكي استعداد حكومته للتفاوض مع الحركة الشعبية - الشمال بشأن منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق فورًا، مشترطًا أن تقبل التفاوض على بند واحد هو «وقف إطلاق النار الشامل»، وقال في هذا الشأن «نحن مستعدون للجلوس مع الحركة الشعبية لبحث مبدأ واحد هو وقف إطلاق النار الشامل، أما إذا كانوا يريدون بحث شيء آخر فنحن نرفضه، وحال موافقتهم على وقف إطلاق النار سنجلس لنبحث معهم الضمانات المطلوبة لمشاركتهم في الحوار الوطني».
ووفقًا لمبيكي، فإن البشير جدد تأكيد موقف حكومته بشأن الحوار مع حركات دارفور المسلحة الرافض لأي تفاوض خارج «اتفاقية سلام الدوحة»، الموقعة بين الخرطوم وبعض حركات دارفور المسلحة، وفي منبر العاصمة القطرية الدوحة، ورفضه المطلق لفتح الحوار بشأن النزاع في دارفور مجددًا، وقال البشير بهذا الخصوص «إذا أراد المسلحون الحوار فالدوحة هي الطريق الوحيد، وإذا أرادوا وقف إطلاق النار فالحكومة مستعدة للحل السلمي لو كانت الحركات مستعدة له، فلتتفاوض على وثيقة الدوحة.. فقط وثيقة الدوحة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم