مظاهرات الخدمات في العراق جرس إنذار للحكومة

انطلقت من البصرة.. وأكبرها في «ذي قار»

مظاهرات الخدمات في العراق جرس إنذار للحكومة
TT

مظاهرات الخدمات في العراق جرس إنذار للحكومة

مظاهرات الخدمات في العراق جرس إنذار للحكومة

الحبوبي (الشاعر محمد سعيد الحبوبي) أحد أبرز قادة ثورة العشرين في العراق التي انطلقت ضد الاحتلال الإنجليزي، وفي عام 1973 ميلادية أقامت مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار (375 كم جنوب العاصمة العراقية بغداد)، تمثالاً له، حيث صنعه النحات عبد الرضا كشيش، تعبيرًا عن امتنانهم له على دوره في تلك الحقبة الزمنية، كشيش اقترن اسمه بهذا التمثال، لكن لم يتصور هو أو أي أحد من أبناء تلك المدينة التي تعد مركز رابع محافظة عراقية بعدد السكان، أن يعود الحبوبي مجددًا ويلهمهم شيبًا وشبابًا حتى يخرجوا بأكبر مظاهرة شهدها العراق على الخدمات مؤخرا، بعد أن خرج الآلاف المواطنين وانطلاقًا من ذات الميدان الذي يقوم عنده التمثال.
المظاهرات في العراق، وخصوصًا على الخدمات في أكثر من مدينة عراقية، حملت شعارات متشابهة ومطالب أيضا متشابهة، حيث ردد المتظاهرون في بغداد والبصرة وذي قار والنجف وبابل عبارات «نواب الشعب كلهم حرامية»، و«باسم الدين باكونة الحرامية»، و«يا بايعين العراق أيامكم معدودة»، و«اصحى يا شعب باكوك نوابك»، و«ليش السياسي يعين بصحبانه وعدنه الشباب من القهر تعبانة»، و«الما يطفي كيزره خسران دنيه وآخره»، و«رجع صوتي أنت حرامي»، و«ليش اتبوكونه الشعب الأمن بيكم»، فيما دعوا إلى توفير الخدمات وخصوصًا الكهرباء ومحاسبة المقصرين والفاسدين.
وقال أحمد الغزي، أحد المتظاهرين الذين خرجوا في ساحة الحبوبي بمدينة الناصرية في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن: «المظاهرات تتعلق بمصير وطن وليس محافظة واحدة ولم تكن بفعل حزب معين أو جماعة معينة، لكن خرج أهل الناصرية للتعبير عن غضبهم من سوء الخدمات التي تقدم لهم وهي حق دستوري». وأضاف أن «الحبوبي كما عودنا ملتقى لأهل ذي قار كان حاضرًا معنا هنا بالخروج ضد المفسدين فثورته لا تزال مستمرة فيها إلى يومنا هذا».
إلى ذلك، قال غازي فيصل، متظاهر آخر من الناصرية، إن: «المظاهرات حق مشروع، لكن الغريب في الأمر أن الحكومة المركزية مع مطالب المتظاهرين، الحكومة المحلية معها، كبار السياسيين والبرلمانيين ورجال الدين والدولة معها، طيب نحن تظاهرنا ونتظاهر ضد من إذن؟ فقط أريد أفهم، ضد إسرائيل مثلاً أو ضد دولة جاره حتى الكل مؤيد». وأضاف: «هؤلاء السياسيون تنطبق عليهم المقولة الشهيرة (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) والحمد لله لم يدعوا شيئًا لم يفعلوه بشعبهم».
وبعد خروج أكبر مظاهرة في العراق بتلك المدينة، قال رئيس مجلس محافظة ذي قار حميد الغزي في مؤتمر صحافي حضرته «الشرق الأوسط»، إن «الحكومة المحلية تعمل على تلبية مطالب المتظاهرين من أبناء المحافظة، من خلال إقالة المفسدين في دوائر الدولة، وتوفير الخدمات وفقًا للإمكانيات المتاحة بما فيها زيادة تجهيز الطاقة الكهربائية». وأضاف أن «المجلس سيعمل حال اكتمال نقل الصلاحيات الوزارية على استجواب وإقالة المديرين المفسدين والمتلكئين في دوائر الدولة مهما كانت انتماءاتهم السياسية والحزبية».
وتابع أن «المحافظة تلقت وعدًا من وزارة الكهرباء خلال زيارتنا الأخيرة لها بتجهيز المحافظة بمائة ميغاواط من خط (الرميلة - بصرة) والذي من المرجح أن يكتمل في غضون عشرة أيام فقط».
بعض نواب البرلمان العراقي من محافظة ذي قار صمتوا ولم يكن لهم صوت في تلك المظاهرات، فيما تحدث البعض الآخر مطالبين بحلول سريعة لأبرز مشكلة وهي الكهرباء، حيث قال النائب عن «دولة القانون» علي الصافي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «المظاهرات حق مشروع للمواطن شرط أن تكون سلمية، ومظاهرات أبناء ذي قار الأخيرة كانت ضد الكهرباء بعد أن عانوا كثيرًا من قلة تجهيز المحافظة بالطاقة».
وأضاف: «يجب إيجاد حلول سريعة وعاجلة لمشكلة الكهرباء في ذي قار، ونطالب رئاسة الوزراء بتشكيل فريق من الخبراء لتشخيص الأزمة».
يذكر أن العراق يشهد حراكًا جماهيريًا واسعًا وخلال الفترة الأخيرة احتجاجًا على تردي الخدمات وتفشي الفساد وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة معالجة ذلك وخرجت أولى المظاهرات في البصرة لتعم بعد ذلك جميع المدن الواقعة تحت سيطرة الحكومة العراقية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.