هناء مال الله تنقل ضحايا ملجأ العامرية إلى شيكاغو

الفنانة العراقية تواصل اشتغالها بفكرة الحضارة في مواجهة الحرب

سترة مدماة (الشرق الأوسط)
سترة مدماة (الشرق الأوسط)
TT

هناء مال الله تنقل ضحايا ملجأ العامرية إلى شيكاغو

سترة مدماة (الشرق الأوسط)
سترة مدماة (الشرق الأوسط)

مثل الزئبق، تنبع هناء مال الله بين الأماكن تاركة بصماتها وكأنها حاضرة فيها كلها. فمن مشغلها في المنامة حيث استقرت لسنوات، إلى محاضرة في الجامعة الأميركية في بيروت، مروراً بمعارضها في لندن واهتمامها بزقورة أور، قرب الناصرية، وأخيراً لوحاتها في المركز الثقافي في شيكاغو. لا تتوقف الفنانة التشكيلية العراقية عن تقديم كل ما هو مدهش ومبتكر. إنها تتقن الجمع بين الأصالة المستندة إلى حضارة الرافدين والحداثة المستمدة من النظريات الغربية في الفن.
ومشاركتها الأخيرة في الترينالي الثاني للفنون في شيكاغو هو نوع من التحدي السافر للحرب وما خلّفته من مآسٍ في بلدها. إن عملها المعروض على امتداد جدار كامل هو صرخة في وجه الخراب. ليس هناك من تحدٍ أكبر من أن تأخذ الفنانة ملامح العشرات من ضحايا قصف ملجأ العامرية في بغداد وتصفع بها وجوه جمهور أميركي ما زال يتصور أن جيش بلاده قام بمهمة إنسانية عظيمة في العراق.

لقطة مقربة لتفصيل من اللوحة (الشرق الأوسط)

وعنوان العمل «بدون أسماء وإنما أرقام». وهو يتجاوز مفهوم اللوحة أو التجهيز الفني ليقارب ملحمة اشتغلت عليها هناء مال الله بكثير من الدأب والصبر. وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، أوضحت الفنانة أنها بحثت عن الصور الشخصية لنحو 100 شهيد من ضحايا قصف ملجأ العامرية، واشتغلت عليها بالكانفاس المحروق. أما الذين لا صور لهم فقد صنعت لهم لوحات معدنية تعكس وجوه زائري المعرض، أي مشاهدي العمل. وهناك شاشة تعرض ما أنجزه الحاسوب بعد تغذيته بالمعلومات عن الضحايا، مع واجهة صغيرة لكتب فنية تم إنجازها بورق «الكلينكس» الشفاف. وكانت غارة أميركية قد استهدفت الملجأ الواقع في حي العامرية في بغداد، في شباط (فبراير) 1991 وخلفّت أكثر من 400 قتيل مدني.
إن تقديم هذا العمل في مدينة أميركية كبرى مثل شيكاغو يعني الكثير لهناء مال الله. وهو سيبقى معروضاً في مركزها الثقافي حتى 4 يونيو (حزيران) المقبل. وهي تشكر منظم المعرض، آرون هوغس، الذي اتخذ القرار الجريء بعرضه. وهي ليست المرة الأولى التي تقدم فيها الفنانة العراقية عملاً يتصدى للخراب، فمن أعمالها المضادة للحرب سترة ضد الرصاص، من النوع الذي يستخدمه المجندون، غير أنها جعلت السترة مضرجة بالدم. وهي لم تجد بأساً في ارتدائها والتقاط صورة بها.
شاهدت هناء مال الله صورة مكبرة للزقورة تحتل جداراً من جدران المتحف البريطاني، وخطرت في بالها فكرة أن هذا الأثر المهم معرض للقصف والتدمير، كما يحصل في الحروب عادة. كانت تسمع عن تلك الطائرات الصغيرة التي تحلق من دون طيار، والتي تتجسس وتضرب وتقتل البشر، دون مخاطرة بأرواح المهاجمين. ماذا لو أن طائرة مشبوهة منها ضربت زقورة أور، تلك التي تقع قريباً من مسقط رأسها؟ تقول إنها تخيلت المشهد ولم تستطع النوم. واستيقظت في الصباح واتصلت بتلميذة سابقة لها في معهد الفنون، من أهالي الناصرية. حكت لها عن طائرات صغيرة من دون طيار موجودة في الدول المتقدمة. وجاء جواب التلميذة: «أتقصدين الدرون؟ إنها تباع عندنا في سوق الحبوبي». وبمساعدة تلميذتها وبطائرة مسيرة صغيرة تمكنت من تصوير زقورة أور من زاوية مرتفعة، للتعبير عن القلق من الغارات التي قد تقصف واحدة من أقدم الشواهد العمرانية للبشرية.
ولدت هناء مال الله، التلميذة النجيبة للتشكيلي العراقي الكبير شاكر آل حسن، في الناصرية بالعراق ودرست في معهد الفنون الجميلة ثم في أكاديمية الفنون في بغداد وأكملت دراسات عليا في الفن الإسلامي والفن المعاصر وحصلت على «الدكتوراه» من جامعة بغداد. وقد عرضت أعمالها في كثير من البلدان ودخلت المجموعة الدائمة لمقتنيات المتحف البريطاني. وأصبحت أعمالها ممثلة في المجموعة الدائمة للمتحف، كما توجد أعمالها أيضاً بالمجموعة الدائمة في متحف الأردن للفنون الجميلة بعمّان ومركز الفن المعاصر ببغداد والمتحف العربي للفن المعاصر بالدوحة، وأخيراً مؤسسة برجيل في الشارقة.



غارات إسرائيلية تقتل العشرات في غزة وسط مساعٍ أميركية لوقف إطلاق النار

جثامين القتلى نتيجة غارات إسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني بالقطاع (رويترز)
جثامين القتلى نتيجة غارات إسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني بالقطاع (رويترز)
TT

غارات إسرائيلية تقتل العشرات في غزة وسط مساعٍ أميركية لوقف إطلاق النار

جثامين القتلى نتيجة غارات إسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني بالقطاع (رويترز)
جثامين القتلى نتيجة غارات إسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني بالقطاع (رويترز)

​أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الأربعاء، أن 51 فلسطينياً قتلوا خلال الـ24 ساعة الماضية، فيما ارتفعت حصيلة القتلى الإجمالية إلى 45936 قتيلاً منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، قبل ستة عشر شهراً. وقالت الوزارة، في بيان، إن الجيش الإسرائيلي «يرتكب 6 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 51 شهيداً خلال الـ24 ساعة الماضية»، مشيرة إلى أن «حصيلة العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 45936 شهيداً و109274 إصابة»، منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وذكر مسعفون أن إحدى الغارات الجوية قتلت 10 أشخاص على الأقل في منزل متعدد الطوابق في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، اليوم الأربعاء، فيما قتلت غارة أخرى خمسة أشخاص في حي الزيتون القريب.

وفي مدينة دير البلح بوسط قطاع غزة، حيث لجأ مئات الآلاف من الفلسطينيين، أسفرت غارة جوية إسرائيلية عن مقتل ثلاثة أشخاص. وفي جباليا، حيث ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، قال المسعفون إن غارة جوية قتلت أربعة أشخاص.

كما ذكر مسعفون أن الغارات الجوية الإسرائيلية قتلت 24 فلسطينياً على الأقل في أنحاء قطاع غزة، أمس الثلاثاء، وأصابت غارتان جويتان خياماً في المواصي، إلى الغرب من مدينة خان يونس بجنوب القطاع، مما أسفر عن مقتل 18 شخصاً. وكان من بين القتلى عدد من النساء والأطفال.

رجل من أقارب ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني اليوم (رويترز)

إلى ذلك، كثفت الولايات المتحدة جهودها للتغلب على نقاط الخلاف بين إسرائيل وحركة «حماس» للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ينهي الحرب، وفي حين تواصل إسرائيل قصفها، تبذل الولايات المتحدة وقطر ومصر جهوداً حثيثة، هي الأشد كثافة منذ شهور، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وقال مصدر قريب من المحادثات إنها المحاولة الأكثر جدية للتوصل إلى اتفاق حتى الآن، وفق ما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

ودعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى دفع الجهود مرة أخيرة للتوصل إلى اتفاق قبل مغادرته منصبه، ويرى كثيرون في المنطقة أن تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) هو موعد نهائي غير رسمي لتلك المساعي.

وقال المصدر لـ«رويترز»: «الأمور أفضل من أي وقت مضى، لكن لا يوجد اتفاق حتى الآن». لكن مع قرب انتهاء ولاية بايدن، يتهم كل جانب الآخر بعرقلة الاتفاق من خلال التمسك بشروط نسفت كل الجهود السابقة لتحقيق هدنة لما يزيد على عام.

وأمس الثلاثاء، تمسكت «حماس» بمطلبها المتمثل في إنهاء إسرائيل الحرب، وسحب كل قواتها من غزة لإطلاق سراح الرهائن المتبقين. وتقول إسرائيل إنها لن تنهي الحرب حتى تقضي على «حماس» مع تحرير جميع الرهائن. ووصفت «حماس» ترمب بالتهور عندما توعد بأن «أبواب الجحيم ستنفتح على مصراعيها» ما لم يتم الإفراج عن الرهائن بحلول موعد تنصيبه، ورداً على ذلك قال أسامة حمدان، القيادي في «حماس»، خلال مؤتمر صحافي في الجزائر، أمس الثلاثاء: «أظن أن رئيس الولايات المتحدة يجب أن يصدر تصريحات مسؤولة وأكثر دبلوماسية».