وزير خارجية اليمن: الحوثيون مستاؤون من إيران لعدم وقوفها معهم خلال الفترة الأخيرة

ياسين قال لـ {الشرق الأوسط} إن طهران باتت تنظر إلى المتمردين على الشرعية اليمنية كـ«أدوات غير منضبطة»

ياسين والعطية خلال اجتماعهما في الدوحة أمس ({الشرق الأوسط})
ياسين والعطية خلال اجتماعهما في الدوحة أمس ({الشرق الأوسط})
TT

وزير خارجية اليمن: الحوثيون مستاؤون من إيران لعدم وقوفها معهم خلال الفترة الأخيرة

ياسين والعطية خلال اجتماعهما في الدوحة أمس ({الشرق الأوسط})
ياسين والعطية خلال اجتماعهما في الدوحة أمس ({الشرق الأوسط})

قال الدكتور رياض ياسين، وزير الخارجية اليمني، إن الميليشيات الحوثية المتمردة على الشرعية تعيش فترة استياء من حليفها القوي إيران، وذلك بعد الانتصارات التي حققتها المقاومة الشرعية والجيش الوطني الموالي لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، مشيرًا إلى أن طهران ابتعدت عن المتمردين، خصوصا بعد اتفاق الدول الغربية مع طهران حول برنامجها النووي، وباتت تعتبرهم «أدوات عبر منضبطة».
وأوضح ياسين في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، عقب لقائه مع نظيره القطري الدكتور خالد العطية في الدوحه أمس، أن إيران ستواجه مشكلات كبيرة في كيفية التعامل مع الميليشيات الحوثية المدربة وإخضاعهم لها، وذلك بعد توصل دول مجموعة «5+1» مع طهران إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، إذ ستكون «أمام الإيرانيين مشكلة حقيقية»، خصوصا بعد الانتصارات التي تحققت في تحرير بعض المدن اليمنية في الجنوب، مؤكدًا أن الميليشيات الحوثية «مستاءة من حليفها الإيراني بسبب عدم الوقوف معهم خلال الفترة الأخيرة».
وأشار وزير الخارجية اليمني إلى أن إيران تعتبر أن الميليشيات الحوثية التي دعمتم خلال الفترة الماضية بالمعدات العسكرية والسلاح والمدربين، «أدوات غير منضبطة لطهران، بسبب عدم قدرتهم على النجاح في تنفيذ المخطط الفارسي في سيطرة الحوثيين على الدولة اليمنية».
ولفت الدكتور ياسين إلى أن الضمانات الأميركية خلال الفترة السابقة كانت تتسم بالغموض، لكن التطورات التي حصلت، واستجابة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لرسالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بطلب التدخل لإنقاذ اليمن، وبدء عمليات عاصفة الحزم العسكرية، ثم عمليات إعادة الأمل التي لا تزال مستمرة، «كانت في قمة الصواب، إذ جرى التعامل مع الموقف بواقعية، أكثر من التحليلات الأميركية التي أكدت أنه ليس هناك خطورة من هذه الميليشيات المسلحة».
وقال وزير الخارجية اليمني إن لقاءه مع الدكتور خالد العطية، وزير الخارجية القطري، كان «مثمرًا». وأشاد بالدبلوماسية القطرية التي «سعت إلى جانب شقيقاتها في الدول الخليج تحت لواء التحالف لإنقاذ اليمن سياسيًا وعسكريًا»، إذ تباحث الطرفان حول المستجدات الأخيرة على المشهد اليمني، و«بارك الدكتور العطية الانتصارات التي تحققت أخيرًا في تحرير عدن». وأضاف ياسين: «لقد تناقشنا حول كيفية الموقف الدولي بالنسبة لتنفيذ القرار الأممي 2216»، وأكد العطية أن هناك تأكيدا بأن الانتصارات التي تحققت على الأرض مرحب بها، وأنها عملت على تغير كثير من المعادلات التي كان ينظر لها الدول الغربية، وأن قرار مجلس الأمن الدولي الذي وافق عليه 14 دولة هو قيد التفعيل، وأن المحاولات السابقة لتجاوز ذلك القرار لم يكتب لها نصيب من النجاح».
وذكر الدكتور ياسين أن وزير خارجية قطر «وصف بأن الموقف الأميركي بالنسبة إلى اليمن أكثر إيجابية، خصوصا أن الملف اليمني لا يزال بيد السعودية، إذ اعترفت واشنطن بأن الميليشيات الحوثية إرهابية، وما تعمله داخل الأراضي اليمنية هو مثل أي ممارسات إرهابية تريد الانقلاب على الدولة، وأن رفض المتمردين على الشرعية الدخول في الإطار السياسي خلال الفترة الماضية، خصوصا حوار جنيف تحت مظلة الأمم المتحدة، جعلهم يخسرون كثيرا».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.