سباق تسلح متسارع على تخوم الحرب الأوكرانية

دول بارزة عززت نفقاتها العسكرية قبل المعارك وبعدها

سباق تسلح متسارع على تخوم الحرب الأوكرانية
TT

سباق تسلح متسارع على تخوم الحرب الأوكرانية

سباق تسلح متسارع على تخوم الحرب الأوكرانية

أجبر النزاع الروسي- الغربي على الساحة الأوكرانية منذ انطلاقه بدايات العام الماضي، العالم على إعادة حساباته في كثير من المجالات. فبالإضافة إلى الأزمات التي فجرتها في قطاعات الطاقة أو الغذاء، فضلاً عن موجة التضخم العالمية، أدخلت المواجهات دولاً مختلفة في سباق تسلح غير مسبوق منذ نهاية الحرب الباردة.
وأظهرت إحصائيات متخصصة وإفادات رسمية، زيادة كثير من الدول -سواء على تخوم الحرب في أوكرانيا أو على بعد آلاف الأميال منها- إنفاقها العسكري بنسب قياسية، تتسابق التقارير ومراكز الفكر والدراسات في العالم من أجل رصدها وتحليلها. وذكر تقرير لـ«معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام» (SIPRI) أنه للمرة الأولى يتجاوز حجم الإنفاق العسكري عالمياً (تدريباً، وتسليحاً، وأجوراً) تريليوني دولار، حسبما تم رصده في عام 2021؛ العام السابق على الحرب. وجاءت قيمة تجارة السلاح فقط في العام نفسه 592 مليار دولار.
أشار التقرير الصادر يوم 13 مارس (آذار) الحالي، إلى التأثير البالغ للحرب الروسية- الأوكرانية على تدفقات الأسلحة إلى أوروبا؛ إذ كشف أن واردات الدول الأوروبية من الأسلحة الرئيسية زادت بنسبة 47 في المائة بين الفترتين الخماسيتين (2013- 2017) و(2018- 2022). وأوضح أن الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) زادت وارداتها من الأسلحة في عام 2022 بنسبة 65 في المائة، سعياً لتعزيز ترساناتها التي واجهت صعوبات حقيقية في الوفاء بمتطلبات القتال على الجبهة الأوكرانية.
وفي الفترة من 2013 إلى 2017 مقابل الفترة من 2018 إلى 2022، زادت حصة الولايات المتحدة من صادرات الأسلحة العالمية من 33 إلى 40 في المائة، بينما انخفضت حصة روسيا من 22 إلى 16 في المائة، وسجلت فرنسا نسبة 11 في المائة مقابل 7 في المائة سابقاً، وفقاً للبيانات الجديدة حول عمليات نقل الأسلحة العالمية التي نشرها «معهد استوكهولم». وتزداد صادرات الأسلحة الأميركية والفرنسية مع انخفاض الصادرات الروسية، وهو ما أرجعه التقرير إلى أن «روسيا ستعطي الأولوية لتزويد قواتها المسلحة، وسيظل الطلب من الدول الأخرى منخفضاً بسبب العقوبات التجارية عليها، وزيادة الضغط من الولايات المتحدة وحلفائها على عدم شراء الأسلحة الروسية».
وتعد روسيا خامس أكبر منفق على السلاح في العالم، بعد أن وصل إنفاقها قبل بدء الحرب إلى 4.1 في المائة من الناتج المحلي، ليصبح العام الثالث على التوالي في نمو التسلح الروسي، كما تعد أكبر قوة نووية عالمياً، وفقاً لعدد الرؤوس النووية التي تمتلكها.

مأزق أوروبي
ومنذ بداية الحرب الأوكرانية أعادت الدول الأوروبية تقييم قدراتها العسكرية من مخزون الأسلحة والذخيرة ومنظومات الصواريخ، وأيضاً خطوط الإمداد وحتى معدل الإنفاق العسكري، إذ واجهت تلك الدول مأزقاً حقيقياً مع انطلاق الهجوم الروسي في فبراير (شباط) من العام الماضي. وبيَّنت إحصاءات لحلف «الناتو» أن 9 دول فقط من أصل 30 دولة في الحلف تمكنت من الوصول إلى نسبة إنفاق عسكري تبلغ 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2022، وهي النسبة التي يطالب الحلف أعضاءه بتخصيصها للشؤون الدفاعية.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أكد المستشار الألماني أولاف شولتس أن بلاده سوف تمتلك أكبر جيش أوروبي تقليدي في «الناتو» بفضل الاستثمارات الضخمة التي أقرها، بعد الموافقة على إنشاء صندوق استثنائي بقيمة 100 مليار يورو، بينما تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تمتلك بلاده حالياً أقوى الجيوش داخل الاتحاد الأوروبي، بتخصيص أكثر من 400 مليار يورو بين عامي 2024 و2030 للإنفاق العسكري، بينما أعلنت بريطانيا زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2.5 في المائة من الناتج المحلي بحلول عام 2030.
أما بولندا، فقد أقرت قانوناً يسمح بزيادة حجم الجيش من 114 ألف فرد إلى 250 ألف فرد خلال 12 سنة، كما سارعت لشراء الأسلحة من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بعد زيادة إنفاقها العسكري إلى 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، بما يعادل تقريباً 100 مليار يورو، في حين قررت المجر التي تجمعها بروسيا علاقات جيدة، إعادة النظر في ميزانيتها العسكرية، وفقاً لتصريح رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، بضرورة «إضافة زيادة جذرية» في القدرات الدفاعية لبلاده.
من جانبهما، قررت فنلندا والسويد -على الرغم من قربهما الجغرافي من موسكو- الانضمام إلى حلف «الناتو»، وقررت الدنمارك تخصيص 940 مليون يورو إضافية لقواتها المسلحة خلال عامي 2022 و2023.
وعلى الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي، كانت واشنطن على موعد مع زيادة قياسية في إنفاقها العسكري، ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي تم إقرار ميزانية الدفاع الأميركي لعام 2023، بمبلغ 858 مليار دولار، بزيادة 45 مليار دولار عن الميزانية التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن، وذلك بهدف زيادة رواتب الجنود بنسبة 4.6 في المائة، وزيادة الإنفاق على الأسلحة والطائرات، في ظل استمرار الدعم الأميركي لأوكرانيا.

تحولات جوهرية
أما أبرز التحولات الجوهرية التي فرضتها الحرب، فقد شهدتها أوكرانيا التي أصبحت –حسب تقرير «معهد استوكهولم»- ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم في عام 2022، نتيجة للمساعدات العسكرية من الولايات المتحدة وكثير من الدول الأوروبية، في أعقاب الغزو الروسي في فبراير 2022. ووفقاً للتقرير فقد شهدت أوكرانيا ارتفاعاً لإنفاقها الدفاعي بنسبة 72 في المائة، منذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في 2014، على الرغم من أنها استوردت من عام 1991 حتى نهاية 2021، شحنات محدودة من الأسلحة الرئيسية.
ويرى ريتشارد وايتز، كبير زملاء ومدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد «هدسون» بالولايات المتحدة، أن الحرب الروسية الأوكرانية فرضت على العالم وعلى القارة الأوروبية واقعاً مغايراً لما عهدته على مدى عقود، وأنها «وضعت حداً لما عُرفت بحقبة ما بعد الحرب الباردة». وأضاف وايتز لـ«الشرق الأوسط» أن الحرب «غيرت نظرية الأمن الأوروبي برمتها»، والتي كانت تراهن على أن القارة بمأمن من قتال واسع على أراضيها، واستطاعت منذ تسعينات القرن الماضي أن تأسس جسور تعاون مع روسيا، إلا أنها واجهت موقفاً مفاجئاً باندلاع الحرب على الحدود الشرقية لحلف «الناتو»، بينما كثير من الدول الأوروبية الكبرى غير مستعدة عسكرياً لمواجهة الموقف الذي فرضته موسكو.
وأوضح الخبير العسكري الأميركي أن الغزو الروسي لأوكرانيا «أشعل سباق التسلح عالمياً من جديد»؛ خصوصاً لدى الدول الأوروبية، ودفعها إلى التخلي عن سياسة خفض الإنفاق العسكري التي كانت متبعة منذ الحرب الباردة، وبدأت دول كثيرة في تعديل خططها المستقبلية لكي تواجه تحديات تعزيز جيوشها الوطنية، وتوفير احتياجاتها من الأسلحة والذخائر، في ظل زيادات ضخمة في ميزانيات الدفاع للسنوات الخمس المقبلة.
وحسب تقرير حول الدروس المستفادة في العام الأول من الحرب في أوكرانيا، أجراه معهد Royal United Services Institute (RUSI) البريطاني، ونشر في الأول من مارس الحالي، فإن الدول الأوروبية «واجهت مأزقاً حقيقياً لتوفير إمدادات القوات الأوكرانية، من أجل الصمود في وجه الهجومي الروسي»، وأوضح أن ألمانيا التي كان شطرها الغربي وحده يمتلك آلاف الدبابات في الثمانينات من القرن الماضي، لديها الآن 321 دبابة فقط.
وفي مفارقة لافتة، أضاف التقرير أن «عدد القذائف التي أطلقتها القوات الروسية في منطقة دونباس بأوكرانيا من قذائف المدفعية الثقيلة في أسبوع واحد، يعادل ما استخدمته قوات الجيش الفرنسي في 13 عاماً من التدريب والانتشار في أفغانستان ولبنان ومالي والعراق، وأن الوضع يبدو أكثر حرجاً» بالنسبة للمملكة المتحدة التي لا يكاد يصل مخزونها بالكامل من قذائف المدفعية «عيار 155 ملم» إلى ما يطلقه الجيش الروسي في يومين فقط في منطقة دونباس.

مراجعة العقائد العسكرية
لم تفرض مجريات الحرب في أوكرانيا سباقاً للتسلح فحسب؛ بل فرضت إعادة النظر في كثير من التصورات بشأن المواجهات المسلحة في العالم بشكل عام، وعلى الجبهة الأوروبية بشكل خاص، وهو ما يعتقد اللواء أركان حرب ياسر هاشم، رئيس القسم السياسي العسكري بمعهد الأمن العالمي وشؤون الدفاع (IGSDA)، أنه سيغير كثيراً من القرارات السياسية والعقائد العسكرية الأوروبية في المرحلة المقبلة، بالنظر إلى أن تكتيكات الحرب التقليدية واستخدام الأسلحة الثقيلة، والعمليات البرية التي تجيدها القوات الروسية: «فرضت على الدول الأوروبية مراجعة خططها، سواء في التسليح أو الإنفاق العسكري وتدريب القوات».
وأضاف هاشم لـ«الشرق الأوسط» أن سباق التسلح العالمي «صار حقيقة وواقعاً»، وأن كل المؤشرات تؤكد أن العالم «يتجه إلى تنافس مفتوح لامتلاك أدوات القوة المناسبة التي تسهم في تأمين متطلبات أمن كل دولة»، وأن الحرب الروسية الأوكرانية دفعت كل دول العالم، وفي القلب منها الدول الأوروبية، إلى مراجعة خططها المستقبلية، وخصوصاً الدول المجاورة لروسيا، والتي «ربما تكون هدفاً في مرحلة تالية من المواجهات».
وتابع الخبير العسكري بأن «الحرب الروسية- الأوكرانية تأتي في صدارة الأسباب التي دفعت باتجاه سباق تسلح عالمي؛ لكنها ليست الوحيدة»؛ مشيراً إلى أن هناك موجات عالمية لتحديث الصناعات العسكرية وتحديث ترسانة الأسلحة، وغالباً ما يحدث ذلك كل 20 عاماً، والعالم يمر حالياً بواحدة من تلك الموجات التحديثية لأنظمة التسليح.
ويشير هاشم كذلك إلى أن ما يثيره النشاط الكبير للصين في رفع قدراتها العسكرية وتأهيل جيشها بصورة لافتة، يساهم في زيادة حدة الترقب أميركياً وعالمياً؛ خصوصاً في ظل وجود حلفاء لواشنطن على الصعيد الآسيوي يحذرون من مخططات بكين، ومن بينهم اليابان وكوريا الجنوبية.

سباق آسيوي للتسلح
وعلى الرغم من أن الجبهة الآسيوية تبدو بعيدة، على الأقل جغرافياً، عن نطاق المواجهات العسكرية في أوكرانيا، فإن سباقاً للتسلح لا يقل ضراوة في شرق أكبر قارات العالم؛ خصوصاً مع اتجاه الصين إلى تحديث ترسانتها العسكرية. ففي مارس الماضي أمر الرئيس الصيني شي جينبينغ، بتحديث القوات المسلحة بشكل كامل بحلول عام 2035، مشدداً على أن يصبح الجيش الصيني قوة عسكرية «متفوقة عالمياً» بإمكانها «خوض الحروب وتحقيق النصر فيها» بحلول عام 2049.
وفي هذا الصدد، يقول ريتشارد وايتز إن آثار الصراع «لن تقتصر على جيران أوكرانيا، فالصين والهند وتايوان والولايات المتحدة تراقب من كثب الآثار المترتبة على آلاف الكيلومترات إلى الشرق، لدرجة أن بعض المسؤولين الأميركيين يتحدثون عن التعامل مع المسارح الأمنية الأوروبية والآسيوية على أنها مترابطة، أو ربما في مرحلة ما على أنها واحدة».
ويعتقد وايتز أن الصين «ما زالت متأخرة جداً» عن بلوغ مستوى المخزون النووي الأميركي الذي يحتوي 5500 رأس نووي، ولكن في الوقت نفسه ينظر إلى تسارع وتيرة التسلح النووي الصيني على أنه «أحد أخطر التهديدات للتفوق العسكري الغربي». وأشار إلى أن الولايات المتحدة تحتفظ بتفوق كبير في كثير من القدرات البحرية؛ إذ لديها 11 حاملة طائرات مقابل حاملتين للصين، كما تتفوق في أعداد الغواصات والمدمرات والطرادات والسفن الحربية الكبيرة العاملة بالطاقة النووية.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إنها تتوقع أن تضاعف الصين حجم ترسانتها النووية 4 مرات بحلول نهاية العقد الحالي، وأن الصين «تنوي على الأغلب أن يكون لديها ألف رأس نووي على الأقل بحلول عام 2030»، وهو ما وصفته وسائل إعلام صينية رسمية بأنه «محض تكهنات متهورة ومتحيزة».

طموحات الصين
في المقابل، يرى اللواء ياسر هاشم أن «الصين تسير بخطى كبيرة لإثبات وجودها على الساحة العسكرية الدولية، فهي تمتلك واحدة من أكبر الصناعات العسكرية عالمياً، كما أنها تتحرك وفق هدف استراتيجي واضح، وهو حرمان الولايات المتحدة من الوجود بحرية في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادي، وتشكيل تهديد على القواعد الأميركية في كوريا الجنوبية واليابان». كما يعتقد أن «الصين حتى الآن تتبع أسلوب رد الفعل العسكري المتمهل؛ لكنها تتحرك بوتيرة متسارعة لبناء قدرات عسكرية كبيرة، مثل زيادة حاملات الطائرات، ومضاعفة أعداد قطعها البحرية، وهي تخوض سباقاً استراتيجياً قوياً مع واشنطن، وتسعى لتعويض فارق القدرات التسليحية لصالح الولايات المتحدة عبر امتلاك تقنيات متقدمة، وتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في خدمة الأغراض العسكرية».
وتتوقع البحرية الأميركية أن يزداد عدد السفن الحربية التي تمتلكها البحرية الصينية بنسبة 40 في المائة بين عامي 2020 و2040. وتنشر الصين بيانات رسمية لإنفاقها العسكري؛ لكن تقديرات الغرب للدعم المالي الذي تقدمه الصين لقواتها المسلحة أعلى من الأرقام التي تعلنها بكين بكثير. ويعتقد على نطاق واسع في الغرب أن الصين تنفق على قواتها المسلحة أكثر من أي بلد آخر عدا الولايات المتحدة.
وليس بعيداً عن الصين، قررت اليابان زيادة إنفاقها العسكري إلى الضعف تقريباً خلال السنوات الخمس المقبلة، بينما تخطط كوريا الجنوبية للحصول على التكنولوجيا النووية للاستخدامات العسكرية، من أجل الدفاع عن نفسها أمام جارتها الشمالية.
كما قررت تايوان تمديد مدة الخدمة العسكرية من 4 أشهر إلى سنة، من أجل الاستجابة العاجلة لأي خطر طارئ، بينما قررت إندونيسيا الحصول على طائرات «رافال» الفرنسية، وشراء مقاتلات «إف 35» الأميركية. وذكر معهد كوريا الجنوبية لتحليلات الدفاع، في تقرير نُشر في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن «كوريا الشمالية تسعى لتنفيذ خطة لامتلاك 300 سلاح نووي في السنوات المقبلة، بينما قدر معهد استوكهولم الدولي العام الماضي، أن لدي بيونغ يانغ 20 سلاحاً نووياً، وما يكفي من المواد الانشطارية لتكوين 55 سلاحاً نووياً». وإذا نجحت كوريا الشمالية في تحقيق هدفها فستتفوق على دول نووية كبرى، مثل فرنسا والمملكة المتحدة، وتأتي في الترتيب بعد روسيا والولايات المتحدة والصين في تصنيفات المخزون النووي. ودفعت تلك التقديرات رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، إلى التعهد بتعزيز قدرات بلاده العسكرية؛ مشيراً إلى أن بلاده «يمكن أن تنشر أسلحة نووية تكتيكية أو تمتلك أسلحة نووية خاصة بها».



في ذكرى 7 أكتوبر... «إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة»

TT

في ذكرى 7 أكتوبر... «إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة»

دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

بعد يومين اثنين من هجوم «حماس» على البلدات والمواقع العسكرية القائمة في غلاف غزة، يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، طلب عدد من الضباط الإسرائيليين الاجتماع بنظرائهم من أجهزة الأمن الفلسطينية، وأبلغوهم بأن «إسرائيل التي يعرفونها حتى اليوم لم تعد قائمة. ستتعرفون على إسرائيل أخرى».

لم يقولوا هذه الكلمات بلهجة توحي بمضمون العداء والتهديد. لكنها قيلت بمنتهى الصرامة. كان الوجوم طاغياً على الوجوه. فهؤلاء الضباط يعرفون بعضهم جيداً. هم الطاقم الذي يمثّل حكومة إسرائيل، من جهة، والحكومة الفلسطينية، من جهة ثانية، والمهمة الموكلة إليه هي القيام بما يعرف على الملأ بـ«التنسيق الأمني» بين الطرفين. اجتماعات هؤلاء الضباط مستمرة منذ توقيع اتفاقات أوسلو وإقامة السلطة الفلسطينية قبل 30 سنة، وهي تُعقد تقريباً بشكل يومي.

وعلى عكس الانطباع السائد لدى كثيرين، لم يقتصر التنسيق بينهم أبداً على الملفات الأمنية. كانوا يجتمعون في البداية لغرض تطبيق الاتفاقات ومنحها طابعاً إنسانياً. اهتموا بقضايا تحسين العلاقات التجارية والاجتماعية والاقتصادية، وأيضاً الأمنية. اهتموا ذات مرة بمنح تصاريح العودة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين عادوا من الشتات واستقروا في الوطن. واهتموا بتسهيل خروج وعودة الطلبة الفلسطينيين الجامعيين وجلب عمال فلسطينيين إلى إسرائيل واستيراد البضائع الفلسطينية إلى إسرائيل أو تصديرها إلى الخارج. نظموا دوريات مشتركة لضمان سلطة نفاذ القانون التي كان فيها الضباط والجنود يتناولون الطعام معاً، وصاروا فيها يتقاسمون رغيف الخبز.

دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

وقد شهدت العلاقات بينهما طلعات ونزلات كثيرة، وكان عليهم أن يمتصوا الأحداث العدائية. ففي الطرفين توجد قوى حاربت الاتفاقات ولم تطق سماع عبارة «عملية السلام». بدأ الأمر عام 1994 بمذبحة الخليل التي نفذها طبيب إسرائيلي مستوطن، والتي رد عليها متطرفون فلسطينيون بسلسلة عمليات انتحارية في مدن إسرائيلية. وعندما تمكن اليمين المتطرف في إسرائيل من اغتيال رئيس الوزراء، اسحق رابين، بهدف تدمير الاتفاقات مع الفلسطينيين، حصل تدهور جارف في العلاقات بين الطرفين.

وعندما فاز بنيامين نتنياهو بالحكم، أول مرة سنة 1996، زاد التوتر وانفجر بمعارك قتالية بين الجيش الإسرائيلي وبين ضباط وجنود في أجهزة الأمن الفلسطينية. وعند اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، كادت تقع حرب بينهما. وعاد الجيش الإسرائيلي ليكرس الاحتلال وعادت الأجهزة الفلسطينية إلى قواعد منظمة التحرير وأيام الكفاح. لكن قادة الطرفين، بمساعدة الأميركيين ودول مختلفة، حاولوا تطويق الأوضاع.

وظل أعضاء فريقي التنسيق الأمني يلتقون وينسقون. تعاملوا مع بعضهم البعض على أساس المصالح المشتركة «بيزنِس»، لضمان الحد الأدنى من التواصل. وكل من الطرفين يعترف بأن الأمر ضروري وحيوي، برغم أن الشعبويين في إسرائيل يعتبرون ذلك استمراراً لاتفاقات أوسلو وتمهيداً للاعتراف بدولة فلسطينية، فيما بعض الفلسطينيين يعتبر ذلك تهادناً مع إسرائيل وتعاوناً معها «ضد المقاومة». ولكن رغم هذه الانتقادات من أطراف في الجانبين، يصمد فريق التنسيق في وجه تشويه جهوده. فالضباط من الطرفين يدركون أن فك التنسيق ثمنه باهظ، فلسطينياً وإسرائيلياً.

والجديد الآن أن الضباط الإسرائيليين يأتون إلى الاجتماعات وهم يؤكدون أنهم ينوون الاستمرار في التنسيق لكن الفلسطينيين «سيجدون إسرائيل مختلفة». كانوا صادقين. ورسالتهم هذه كانت موجهة ليس فقط للضباط أو المسؤولين الفلسطينيين، بل للشعب الفلسطيني كله... ومن خلاله إلى كل العالم.

دمار واسع في قطاع غزة بعد سنة على الحرب الإسرائيلية (الشرق الأوسط)

«واحة الديمقراطية».. لم تعد موجودة

مع مرور سنة كاملة على الحرب في غزة، يمكن القول إن إسرائيل تغيّرت بالفعل، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. مقولة الجنرالات الإسرائيليين لنظرائهم الفلسطينيين يرددها جميع القادة الإسرائيليين السياسيين سواء كانوا في الحكومة أو المعارضة، كما يرددها القادة العسكريون من كل الأجهزة. يريدون تثبيت فكرة أن إسرائيل تغيّرت في عقول شعوب المنطقة والعالم. والواقع، أن هذه الفكرة باتت حقيقة مُرّة.

فإذا كان هناك من يعتبر إسرائيل «فيلّا جميلة في غابة موحشة» أو «واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط» أو «دولة حضارية» أو «جبهة متقدمة للغرب في الشرق» أو «دولة التعاضد السكاني» أو «دولة القيم وحقوق الإنسان»، فإن كثيراً من قادتها وقسماً كبيراً من شعبها تنازلوا، كما يبدو، عن هذه المفاهيم تماماً، في أعقاب ما حصل في 7 أكتوبر. صاروا معنيين باستبدال هذه الصفات. فالفيلّا أصبحت الغابة. والواحة باتت منطقة جرداء. والدولة الحضارية باتت تتصرف كوحش جريح. والتعاضد السكاني صار جبهة واحدة ضد العرب. والقيم وحقوق الإنسان ديست بأقدام الجنود ودباباتهم وغاراتهم. كأن إسرائيل تريد أن يتم النظر إليها بوصفها جرافة تدمر كل ما ومن يعترض طريقها، أو كأنها «دولة الانتصار على كل أعدائها».

تُعبّر الأرقام في الواقع عن نتيجة هذا التغيّر في طريقة تصرف الإسرائيليين. إذ تفيد إحصاءات الحرب في قطاع غزة بأن 60 في المائة من البيوت والعمارات السكنية مدمرة، والبقية متصدعة أو آيلة إلى الانهيار وغير آمنة. وفي مقدمها المستشفيات والعيادات الطبية والمساجد والكنائس والجامعات والمدارس ومخيمات اللاجئين. كلها دُمّرت بقرارات لا يمكن سوى أن تكون «مدروسة» ولأغراض «مدروسة»، بحسب ما يعتقد كثيرون. أما حصيلة القتلى فتقترب من 42 ألفاً، ثلثاهم نساء وأطفال. والجرحى أكثر من 100 ألف. وهكذا تدخل الحرب في غزة التاريخ كواحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين، وفق تقرير لصحيفة «هآرتس» اعتمد تدقيقاً للبيانات بما في ذلك معدل ووتيرة الوفيات، إضافة إلى الظروف المعيشية للسكان في القطاع.

تقول الصحيفة إنه في الوقت الذي يتشبث فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وغيره من المتحدثين الإسرائيليين بحجتهم المفضلة، وهي اتهام المجتمع الدولي بالنفاق فيما يتعلق بالحرب في قطاع غزة، والادعاء بأنه يتجاهل الصراعات والكوارث الإنسانية الأخرى، فإن الأرقام المسجلة حتى الآن تجعل الحرب في غزة تتجاوز دموية النزاعات في كل من العراق وأوكرانيا وميانمار (بورما). وبما أن عدد سكان غزة لا يتجاوز مليوني شخص، وعدد القتلى يضاهي 2 في المائة من السكان، فإن مقارنة بسيطة مع إسرائيل تبيّن أنه لو قُتل في إسرائيل 2 في المائة من السكان لأصبح عدد القتلى 198 ألفاً.

يقول البروفسور، مايكل سباغات، من جامعة لندن للصحيفة: «من حيث العدد الإجمالي للقتلى، أفترض أن غزة لن تكون من بين أكثر 10 صراعات عنفاً في القرن الحادي والعشرين. ولكن بالمقارنة مع النسبة المئوية للسكان الذين قتلوا، فإنها بالفعل ضمن الخمسة الأسوأ في المقدمة». ويضيف سباغات، وهو باحث في الحروب والنزاعات المسلحة ويراقب عدد الضحايا في تلك الأزمات: «إذا أخذنا في الاعتبار مقدار الوقت الذي استغرقه قتل واحد في المائة من هؤلاء السكان، فقد يكون ذلك غير مسبوق».

ووفق حساباته، فإنه في الإبادة الجماعية للروهينغا في ميانمار، على سبيل المثال، قتل نحو 25 ألف شخص، وفقاً للأمم المتحدة. وفي الإبادة الجماعية للإيزيديين على يد تنظيم «داعش»، في عام 2015، تشير تقديرات الخبراء إلى أن 9100 شخص قتلوا، نصفهم من خلال العنف المباشر والنصف الآخر بسبب الجوع والمرض، بالإضافة إلى الآلاف الذين اختطفوا.

عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تشكو من أن الحكومة تتجاهل مصيرهم (أ.ف.ب)

ومنذ بدء الحرب في غزة، بلغ متوسط معدل الوفيات نحو 4 آلاف وفاة شهرياً. بالمقارنة، في السنة الأولى من الحرب في أوكرانيا، بلغ معدل الوفيات 7736 شهرياً، بينما في أكثر سنوات الحرب دموية في العراق، في عام 2015، كان عدد القتلى نحو 1370 شهرياً. في هاتين الحربين، كان العدد الإجمالي للقتلى أعلى بكثير مما كان عليه في الحرب في غزة، لكن هذين الصراعين استمرا، وما زالا مستمرين، لفترة أطول بكثير.

الحرب في غزة تبرز أيضاً بالمقارنة مع حروب تسعينات القرن العشرين، على غرار الحرب في دولة يوغوسلافيا السابقة. واحدة من هذه المناطق كانت البوسنة، وفي أسوأ عام من الصراع، 1991، كان متوسط عدد القتلى شهرياً 2097، والعدد الإجمالي للقتلى على مدى أربع سنوات كان 63 ألفاً.

الفرق الأبرز بين بقية حروب القرن الـ21 والحرب في قطاع غزة هو حجم الأراضي التي تدور فيها المعارك وعدم قدرة المدنيين غير المشاركين على الفرار من المعارك، وخاصة نسبة الضحايا بين إجمالي السكان. امتدت الجبهات في أكبر حروب هذا القرن، في سوريا والعراق وأوكرانيا، على مدى آلاف الكيلومترات ووقعت المذابح في مئات المواقع المختلفة. والأهم من ذلك، أن المدنيين في تلك الأماكن يمكنهم، حتى ولو بثمن مؤلم، الفرار إلى مناطق أكثر أماناً. ففي سوريا، غادر ملايين اللاجئين إلى بلدان أخرى، مثل الأردن وتركيا ودول أوروبية. كما غادر مئات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين مناطق خط المواجهة وانتقلوا غرباً.

أما في غزة البالغة مساحتها 360 كلم مربعاً، أي جزءاً بسيطاً من حجم أوكرانيا، فقد اندلع القتال في كل مكان تقريباً من أرجائها، ولا يزال مستمراً. لقد تم تهجير معظم سكان القطاع، لكن هروبهم إلى المناطق التي حددها الجيش الإسرائيلي كمناطق آمنة لم يساعد دائماً، وقتل العديد منهم في هذه المناطق أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن الظروف المعيشية في هذه المناطق المصنفة إنسانية، قاسية للغاية، إذ يعاني اللاجئون من الاكتظاظ والمرض ونقص المأوى الآمن ونقص الأدوية وأكثر من ذلك.

والمشكلة الأكبر أن كثيراً من هذه الفظائع تم ويتم بقرارات واعية من المسؤولين الإسرائيليين. فإذا وصلت معلومة للمخابرات الإسرائيلية أو شبهة بأن فلاناً ناشط في «حماس»، كان يتم قصف بيته على من فيه، بلا انذار أحياناً أو بإنذار وجيز. وإذا دخل عنصر يعتبر «مطلوباً»، من أي تنظيم فلسطيني، إلى مقهى، كان يتم قصف المقهى على من فيه. وحتى المسجد كان يتم تدميره أيضاً في حال اشتبهت إسرائيل بأن شخصية ما تختفي داخله.

التغيير الجديد... نظرة فوقية

في الماضي كان الإسرائيليون يقومون بمثل هذه الممارسات، لكنهم كانوا يخجلون منها. يحاولون التستر عليها. كانوا يكسرون ويجبرون. فمقابل القتل والبطش كانوا يبرزون قصصاً لجنود قدموا المساعدة. ظهر معترضون نددوا بالبطش ضد الفلسطينيين الأبرياء. أما اليوم فلم يعد هناك شيء من هذا. كثيرون في إسرائيل باتوا يقولون إنه لا يوجد في نظرهم أناس أبرياء. فالعائلات الفلسطينية تساند أولادها، ولذلك يجوز معاقبتها. الطفل الفلسطيني سيكبر ويصبح جندياً، ولذلك فلا يجب أن ترحمه.

وإذا كان شبان مخيمات اللاجئين يقاومون، فيمكن أن يتم حرمان كل سكان المخيم من الماء والكهرباء والبنى التحتية، عقاباً لهم. بات الفلسطينيون «حيوانات»، بحسب وصف وزير الدفاع يوآف غالانت المفترض أنه من يرسم سياسة الجيش. والحقيقة أن هذه النظرة الفوقية تجاه الفلسطينيين صارت سائدة اليوم في المجتمع الإسرائيلي، ورغم أن هذا الاستعلاء هو بالذات ربما ما أوقع إسرائيل في إخفاقات 7 أكتوبر. باغتتها «حماس»، بلا شك، بهجوم شديد يومها. ولولا أن مقاتلي الحركة وقعوا في مطب أخلاقي شنيع، ارتكبت خلاله ممارسات مشينة ضد المدنيين الإسرائيليين، لكان هجومهم اعتُبر ناجحاً، بغض النظر عن النتائج التي أدى إليها لاحقاً. فقد احتلوا 11 موقعاً عسكرياً وأسروا عدداً من جنود وضباط الجيش الإسرائيلي.

صور وتذكارات لإسرائيليين خُطفوا أو قُتلوا في هجوم «حماس» على موقع «سوبر نوفا» الموسيقي في غلاف غزة يوم 7 أكتوبر العام الماضي (إ.ب.أ)

لكن التغيير الذي أرادت إسرائيل أن يظهر للعرب، انسحب أيضاً على إسرائيل نفسها. لقد تغيرت تجاه الإسرائيليين أنفسهم. انتهى الخجل في السياسة الداخلية. فالائتلاف اليميني الحكومي، في نظر منتقديه، بات يسن قوانين تتيح الفساد، مثل القوانين التي تضرب استقلالية القضاء، والقانون الذي يضعف المراقبة على التعيينات الحكومية بحيث يمكن تعيين موظفين غير مؤهلين في مواقع إدارية رفيعة، والقانون الذي يوفر لرئيس الحكومة المتهم بالفساد تمويلاً لمصاريف الدفاع عن النفس في المحكمة من خزينة الدولة. أما القضاة في إسرائيل فباتوا يخافون الحكومة ويصدرون قراراتهم وفقاً لأهوائها، في كثير من الأحيان.

والأكثر من ذلك، لم تعد إسرائيل اليوم تتعامل مع حياة الإنسان الفلسطيني أو اللبناني بأنها رخصية، بل أيضاً مع حياة الإنسان الإسرائيلي. فالحكومة باتت تستخدم منظومة «بروتوكول هنيبعل»، الذي يقضي بقتل الجندي الإسرائيلي مع آسريه، حتى لا يقع في الأسر.

في معركة مارون الراس الأخيرة في الجنوب اللبناني، أمر الضباط جنودهم بخوض القتال لمنع عناصر «حزب الله» من أسر جثة جندي، وكلفها الأمر مقتل ستة جنود وجرح أكثر من عشرة. والمواطنون الإسرائيليون المحتجزون لدى «حماس» في غزة، مهملون، كما تقول أسرهم التي تتهم نتنياهو بأنه يرفض التوصل إلى صفقة تبادل تضمن إطلاق سراحهم.

وبدل احتضان عائلات هؤلاء المحتجزين، ينظم مناصرون للائتلاف اليميني الحاكم حملة تحريض عليهم ويعتدون على مظاهراتهم الاحتجاجية. وفوق ذلك كله، تبدو الحكومة وكأنها تشجع اليمين المتطرف على مهاجمة قيادة الجيش، فهي لم تحاسب مجموعات منهم نظّمت اعتداءات على معسكر للجيش، ولم تمنع حتى اعتداءات مستوطنين على الجنود الذين يحمونهم في الضفة الغربية.

إسرائيل اليوم صارت خانقة أيضاً للإسرائيليين الذين يفكرون بطريقة مختلفة عن الحكومة. كلمة سلام صارت لعنة. والخناق يشتد حول حرية الرأي والتعبير. واتهام المعارضين بالخيانة صار أسهل من شربة ماء.

والتغيير الأكبر، على الصعيد الداخلي، هو أن رئيس الحكومة ورؤساء ووزراء ائتلافه الحكومي، يعملون على المكشوف لتغليب مصالحهم الذاتية والحزبية على مصالح الدولة. ويقول منتقدو نتنياهو إنه يعرف أن الجمهور لا يريده في الحكم وينتظر أن تنتهي الحرب حتى يسقطه، ولذلك هو يعمل، ببساطة، على إطالة الحرب ليبقى في السلطة.

في ذكرى 7 أكتوبر، تبدو إسرائيل بالفعل وكأنها تغيّرت. قيادتها الحالية مصممة على تأجيج الصراع أكثر وتوسيعه. لا يهدد ذلك فقط بمزيد من التأجيل للتسوية مع الفلسطينيين، بل يخاطر أيضاً بحروب فتاكة قادمة تورثها إسرائيل لأبنائها وبناتها.