«ميكروبات الكنغر» لتقليل الاحتباس الحراري؟

قد تساعد ميكروبات صغار الكنغر في توفير حل محتمل للمشكلة البيئية لغاز الميثان الناتج عن الأبقار؛ حيث وجد فريق بحثي من جامعة ولاية واشنطن الأميركية، خلال دراسة نشرت في العدد الأخير من دورية «التحفيز الحيوي والتكنولوجيا الحيوية الزراعية»، أن الميكروبات المعزولة من براز الكنغر أدت إلى تثبيط إنتاج الميثان في جهاز محاكاة لمعدة بقرة، صممه الباحثون.
وبعد أن أضاف الباحثون ميكروبات صغار الكنغر ومثبط الميثان المعروف إلى المعدة المصممة، أنتجت حمض الأسيتيك بدلاً من الميثان. وعلى عكس الميثان، الذي تتخلص منه الماشية على شكل انتفاخات، فإن حمض الأسيتيك له فوائد للأبقار لأنه يساعد على نمو العضلات.
إن الحدّ من تجشؤ انبعاثات غاز الميثان من الماشية ليس بالأمر المضحك، فالميثان هو ثاني أكبر مساهم في الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهو أقوى بنحو 30 مرة في تسخين الغلاف الجوي من ثاني أكسيد الكربون، ويُعتقد أن أكثر من نصف غاز الميثان المنبعث في الغلاف الجوي يأتي من القطاع الزراعي. والحيوانات المجترة، مثل الماشية والماعز، هي المساهم الأكثر أهمية، علاوة على ذلك، تتطلب عملية إنتاج الميثان ما يصل إلى 10 في المائة من طاقة الحيوان.
وحاول الباحثون تغيير النظام الغذائي للأبقار، بالإضافة إلى إعطائهم مثبطات كيميائية لوقف إنتاج الميثان، لكن البكتيريا المنتجة للميثان سرعان ما أصبحت مقاومة للمواد الكيميائية، وحاولوا أيضا تطوير لقاحات، لكن ميكروبيوم (النظام الميكروبي) للبقرة يعتمد على مكان تناول الطعام، وهناك أنواع كثيرة جدا من البكتيريا المنتجة للميثان في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن تؤثر التدخلات أيضا سلبا على العمليات البيولوجية للحيوانات.
وخلال دراسة باحثي جامعة ولاية واشنطن للتخمير والعمليات اللاهوائية، صمموا كرشا صناعيا، وهو أكبر حجرة معدة موجودة في الحيوانات المجترة، لمحاكاة هضم الأبقار، واستخدموها في التجارب التي قادت لهذا الاكتشاف.
تقول بيرجيت أرينج، الأستاذة في مختبر المنتجات الحيوية والعلوم، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة واشنطن، في 14 فبراير (شباط) الماضي: «مع عديد من الإنزيمات القادرة على تكسير المواد الطبيعية، فإن هذا الكرش لديه قدرات مذهلة».
وبحثا عن كيفية التغلب على البكتيريا المنتجة للميثان، علمت أرينج أن حيوانات الكنغر لديها بكتيريا منتجة لحمض الأسيتيك، بدلاً من إنتاج الميثان، وتتبّع طلابها بعض حيوانات الكنغر وأخذوا عينات، وعلموا أن عملية إنتاج حمض الأسيتيك المتخصصة تحدث فقط في صغار الكنغر وليس لدى البالغين، الذين لا يملكون القدرة على فصل البكتيريا المحددة التي قد تنتج حمض الأسيتيك، واستخدم الباحثون خلطة تم تطويرها من براز الكنغر الصغير.
وبينما اختبر الباحثون نظامهم في محاكاة الكرش، فإنهم يأملون في تجربته على أبقار حقيقية في وقت ما في المستقبل. تقول أرينج: «الخلطة البكتيرية كانت جيدة للغاية، ولا شك في أنها واعدة، وقد يكون من المثير للاهتمام حقا معرفة ما إذا كان يمكنها أن تستمر لفترة طويلة من الزمن، لذلك سيكون علينا فقط منع إنتاج الميثان من وقت لآخر، وبعد ذلك، يمكن أن تكون ممارسة دائمة».
ويثني الدكتور علي زين الدين، أستاذ العلوم البيئية بجامعة القاهرة، على النتائج التي توصل لها الباحثون، لكونها تحاول علاج أحد أسباب الاحتباس الحراري. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «عند الحديث عن مشكلة الاحتباس الحراري، يتم التركيز على ثاني أكسيد الكربون، لكونه يبقى في الغلاف الجوي لمدة قرن أو أكثر، ولا يتم الالتفات كثيرا للميثان، لأنه يظل عالقا لمدة عشر سنوات فقط، لكن مع استمرار تجديد مخزونه في الغلاف الجوي، يظل أحد أسباب الاحتباس الحراري، التي لا يتم الالتفات لها كثيرا».
ووفق زين الدين، فإن الميثان مسؤول عما يقرب من ثلث الـ1.2 درجة مئوية (2.2 درجة فهرنهايت) التي ارتفعت بها درجات الحرارة.