السعودية تؤهل مستشفى عدن.. ورفع مستويات الرقابة على المساعدات الإنسانية

أطباء سعوديون متطوعون بدأوا إجراء عمليات جراحية

السعودية تؤهل مستشفى عدن.. ورفع مستويات الرقابة على المساعدات الإنسانية
TT

السعودية تؤهل مستشفى عدن.. ورفع مستويات الرقابة على المساعدات الإنسانية

السعودية تؤهل مستشفى عدن.. ورفع مستويات الرقابة على المساعدات الإنسانية

كشف وزير في الحكومة الشرعية اليمنية عن تبني السعودية إعادة تأهيل المستشفى المهجور في محافظة عدن من جديد، ليكون المحطة الرئيسية الأولى لاستقبال المصابين والجرحى، جراء استهداف الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وذلك بعد سيطرتهم خلال الفترة الماضية على المدن الجنوبية اليمنية، وإطلاق رصاص القناصة، وكذلك الصواريخ بشكل عشوائي على المدنيين.
يأتي ذلك تزامنًا مع وصول طبيبين سعوديين إلى اليمن في تخصصات جراحة، المخ والأعصاب، وأيضًا جراحة التجميل، لتقديم العمليات الجراحية للمصابين بصورة عاجلة.
وقال عبد الرقيب سيف فتح، وزير الإدارة المحلية اليمني وعضو اللجنة العليا للإغاثة، خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، إن «المباحثات التي جرت بين اللجنة العليا للإغاثة ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أمس، تناولت موضوع معالجة طلبات الأطباء اليمنيين للجرحى؛ وذلك بعد دعوة المركز للأطباء اليمنيين في الداخل والخارج لسرعة حضورهم لتقديم خدماتهم الطبية».
وأشار عبد الرقيب سيف فتح إلى أن الاجتماع تطرق إلى تفعيل أدوات الرقابة على المساعدات الإنسانية والإغاثية التي توجه إلى عدن وبقية المحافظات اليمنية، والاستفادة القصوى لما يقدمه المركز من جهود في هذه الناحية، مبينًا أن الإشراف على المساعدات يأتي عبر المنظمات التابعة للحكومة الشرعية في اليمن.
وذكر وزير الإدارة المحلية أن «الاجتماع تطرق إلى جانب علاج الحالات المستعصية خارج محافظة عدن»، كاشفًا عن قيام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لتهيئة مستشفى الجمهورية بمحافظة عدن كمستشفى إقليمي مرجعي يخفف من معاناة الجرحى وسفرهم للخارج، مع ذهاب الحالات المستعصية فقط للسفر خارج البلاد للعلاج، وتابع «لدى المركز خطة متكاملة لتأهيل مستشفى عدن ليكون أداة مساعدة لعلاج الكثير من الحالات الحرجة، ويستوعب نحو ألف سرير».
وحول المساعدات الإغاثية التي تصل إلى اليمن، قال إن «الحكومة الشرعية وجهت لتحويل المساعدات الإغاثية من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن؛ وذلك بسبب استيلاء الميليشيات عليها وتركها في مخازن تابعة لهم». وتابع: «قبل أن تحرر عدن، كان هناك بواخر تصل إلى ميناء المعلا باتجاهها إلى ميناء الحديدة، التي بدورها استقبلت نحو 26 باخرة متنوعة ما بين باخرة وأدوية وأغذية، ومحروقات، إلا أن القوى الانقلابية لم توزعها على المحافظات المستهدفة».
وفي سياق ذي صلة، قال وزير الإدارة المحلية اليمني، إن «المباحثات التي شهدتها العاصمة القطرية الدوحة بين وزراء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مع وزير الخارجية الأميركي سيتطرق إلى الأزمة اليمنية»، لافتًا إلى أن «الملف اليمني في حالة بحث لدول الخليج بقيادة السعودية»، موضحًا أن «حكومة الكفاءات اليمنية من خلال توجيهات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، تؤكد أن السلام والحوار هو المخرج وليس قيام الحروب، إلا أن تلك الحوارات لا بد أن تجري مع وجود مرجعيات واضحة ومحددة وهي المبادرة الخليجية، والقرارات الأممية فيما يتعلق بالأزمة اليمنية.
وتابع وزير الإدارة المحلية اليمني: «المشكلة الرئيسية أن القوى الانقلابية تريد أن تجعل الحوار مضيعة للوقت وفرض مزيد من هيمنتها على بعض المحافظات اليمنية، وأن الحكومة اليمنية الشرعية تدعم أي جهد لإنهاء الأزمة اليمنية، كما أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي تدعم هذا الاتجاه، بدليل استجابة قوات تحالف إعادة الأمل إلى أكثر من هدنة إنسانية بعد طلب الرئيس هادي».
من جانب آخر، كشف الدكتور سعد القرني، الأمين العام للهيئة العالمية لأطباء عبر القارات التابعة لرابطة العالم الإسلامي، عن مغادرة طبيبين سعوديين متطوعين إلى اليمن لتقديم المساعدات الطبية العاجلة للمصابين، موضحًا أن التخصصات التي ستطلقها تقدم عليها الأطباء هي سبعة تخصصات: «جراحة المخ والأعصاب، وجراحة العيون، وجراحة الوجه والفكين، وجراحة التجميل، وجراحة الأوعية الدموية، وتخصص التخدير، وأطباء العناية المركزة»، موضحًا أن أعمال الهيئة كافة تأتي بالتنسيق التام مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وذكر القرني خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن «طبيبين سعوديين ذهبا إلى عدن بتخصصات جراحة المخ والأعصاب، والتجميل»، مشيرًا إلى أن خدمات الهيئة كافة ستقدم في محافظتي مأرب وعدن.
وعن العدد الأولي التقريبي للرحلات التي ستسير إلى تلك المحافظتين، قال الأمين العام للهيئة العالمية لأطباء عبر القارات، إنه «سيجري تسيير إرسال ما بين 8 و11 طبيبًا للرحلات»، موضحًا أنهم سيقدمون العلاج لمدة 10 أيام متواصلة، متوقعًا في السياق ذاته، أن يجري تسيير نحو 15 رحلة فأكثر يتدفق من خلالها الأطباء المعالجين لليمن.
وحول جنسيات الأطباء، قال إن «أكثر الأطباء الذين تقدموا هم من الجنسية السعودية، وهم متطوعون، بينما تقدم أطباء آخرون من جنسيات أخرى، وهي اليمنية كما أن الهيئة العالمية لأطباء عبر القارات سجلت طلبات من أطباء عرب، منهم سوريون ومصريون، وسودانيون».
وأشار الدكتور سعد القرني إلى أن النظام في الهيئة العالمية لأطباء عبر القارات يمنح مكافأة للأطباء الذين يعملون لمدة تزيد على 10 أيام وفق سلم مكافأة محدد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.