«صول»... إطلالة سينمائية على الألم والأمل في سوريا

الفيلم عُرض ضمن مهرجان الإسماعيلية

المخرجة زهرة البودي مع جابي بطل فيلمها أثناء التصوير
المخرجة زهرة البودي مع جابي بطل فيلمها أثناء التصوير
TT

«صول»... إطلالة سينمائية على الألم والأمل في سوريا

المخرجة زهرة البودي مع جابي بطل فيلمها أثناء التصوير
المخرجة زهرة البودي مع جابي بطل فيلمها أثناء التصوير

أثار عرض الفيلم السوري «صول» بـ«مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة» ضمن برنامج «أفلام البورتريه» مزيجاً من الشجن والتعاطف، بقصة بطله، إذ يتتبع الفيلم على مدى سنوات حالة الشاب جابي (34 عاماً)، الذي وُلد كفيفاً وأُصيب بمرض نادر في العظام، مما جعله ضيفاً دائماً على المستشفيات، لكنه يتجاوز متاعبه كلها، ويجد في الموسيقى وسيلة للحياة، فينطلق في العزف وإقامة الحفلات الموسيقية، بل ويفتتح معهداً لتعليم الموسيقى التي تظل حاضرة في مشاهد الفيلم لتضفي أجواء من الحيوية، لذا استخدمت مخرجته السورية زهرة البودي، السلم الموسيقي تعبيراً عن المشاعر المتباينة التي يمر بها البطل، واختارت منه عنواناً لفيلمها، الذي واجهت مشقة كبيرة في تمويله وتصويره.
عُرض الفيلم بالمهرجان في غياب مخرجته، التي لم تتمكن من حضور عرضه الأول، بينما أُقيمت ندوة بحضور الناقد المصري مصطفى الكيلاني المنتج المشارك للفيلم.
وتواصلت «الشرق الأوسط» مع المخرجة التي تقيم بمدينة اللاذقية، وأشارت إلى أن «ظروفاً حالت دون حضورها المهرجان الذي شاركت به عام 2016 بفيلمها الوثائقي الأول (سالي)»، مؤكدة أنها «تابعت بفرحة ردود فعل الحضور وإشادتهم بالفيلم، لكن فرحتها تظل ناقصة، لعدم حضورها هذا الحدث العزيز على قلبها» على حد تعبيرها، مشيرة إلى أن «وجود المنتج المشارك مصطفى الكيلاني جعلها تشعر بأنها موجودة».
8 سنوات استغرقها العمل على الفيلم، وهي فترة طويلة، قالت عنها المخرجة السورية: «عطلتني ظروف الحرب من جهة، ونوبات المرض التي أصابت جابي من وقت لآخر. تعلقت بهذا العمل بشدة وكبرت معه، وحينما أنهينا الفيلم شعرت بحزن لأن (الوثائقي) مختلف تماماً عن (الروائي)، فصانع (الوثائقي) هو القائم بالقصة كلها، وقد أخذ مني وقتاً وجهداً وحياة لكنني سعيدة بذلك».

وتشير البودي إلى أن «الظرف السياسي الذي مر بسوريا كان له تأثير في الفيلم من الناحية الاقتصادية، ولعل من أصعب الأشياء التي مرت بنا محاولات تأمين فرص تمويل حتى يظهر الفيلم للنور. كنت أحتاج أدوات أهم، واضطررت للتصوير بكاميرا ليست احترافية، ولم نصور مشاهد خارجية بالشوارع، إلا بعد عام 2021 مع هدوء الأوضاع؛ لأن الوضع قبل ذلك لم يكن آمناً؛ لذا ركزنا على تصوير المشاهد الداخلية أولاً، إضافة للمراحل الصحية لجابي، فقد مر بأطوار عديدة، ذات مرة كنا نصور حفلاً ثم تعرض لانتكاسة فاضطررنا للذهاب إلى دمشق وبقي بها لفترة، هذا الشيء جعل مسيرة الفيلم تطول، لكن الثلاث سنوات الأخيرة هي التي عملنا خلالها على مراحل بناء الفيلم الفنية».
لم تتوقع المخرجة السورية الشابة أن يستغرق الفيلم كل هذه السنوات: «حينما تعرفت على جابي قبل عام 2014 كانت الفكرة أن أصور فيلماً قصيراً عن شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة يتمتع بموهبة موسيقية، وحينما بدأت أنزل معه كل يوم، صرنا صديقين بشكل أكبر، وتطورت الفكرة، واختلف جابي كثيراً فكرياً، ومن يتابع الفيلم بدقة يدرك ذلك. جابي عمره اليوم 34 سنة، وقد تم تشخيص مرضه بـ(متلازمة العظم البلوري)، وهو مرض نادر يصيب حالة من مليون، وهي جملة يقولها بالفيلم (أنا الواحد على مليون)، حيث يتعرض لكسور متكررة، وفي مرحلة من الفيلم كان يستطيع الوقوف والمشي، إلى أن وصل لمرحلة بتر إحدى قدميه، والقدم الأخرى كانت مكسورة، ونبحث عن جهة تتبنى حالته، فلم تعد بسوريا إمكانية لمزيد من العلاج؛ نتيجة الحصار الاقتصادي وظروف الحرب».
تظهر أسرة جابي بالفيلم تسانده وتدفعه لمزيد من النجاح، وبشكل خاص والدته التي لم تتخلَّ عن ابتسامتها وقوتها، وتؤكد المخرجة: «عائلة مترابطة بالفعل، وتقف بقوة وراء جابي، ولم أنقل سوى الحقيقة التي رأيتها، كما أن الفيلم لا توجد به مادة أرشيفية، سوى مشهد في عمر 15 عاماً في بداية عزف البطل على الأورغ، لذلك أتوجه بالشكر لمدير التصوير فادي جوان وهو صديقي، وكان لي أصدقاء كانوا داعمين بكل النواحي».
وتستعد المخرجة لعرض الفيلم في سوريا وسط الجمهور، وبحضور جابي وأسرته، وقد سبق لزهرة البودي إخراج ثلاثة أفلام قصيرة هي: «سالي» و«أحلام صغيرة» و«رغبات».


مقالات ذات صلة

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)
سينما «بالرغم من» ‫(مهرجان ڤينيسيا السينمائي)

شاشة الناقد: فيلم افتتاح «ڤينيسيا» 81 مبهر وموحش

يختلف جمهور اليوم عن جمهور 1988 عندما خرج ما بات الآن الجزء الأول من هذا «بيتلجوس بيتلجوس». آنذاك كان الفيلم جديداً في الفكرة والشخصيات

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
TT

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً، ما بين حفلات غنائية وموسيقية وعروض مسرحية، بالإضافة إلى أنشطة فنية ورياضية متعددة.

وشهدت النسخة الثانية تعاوناً بين إدارة المهرجان والهيئة العامة للترفيه، ممثلة في إدارة «موسم الرياض»، بتقديم عروض مسرحية في العلمين قادمة من «موسم الرياض»، من بينها مسرحيات «السندباد» لكريم عبد العزيز، ونيللي كريم، و«التلفزيون» لحسن الرداد، وإيمي سمير غانم، إلى جانب حفلات غنائية منها حفل الفنان العراقي كاظم الساهر.

ومنحت الشراكة بين «موسم الرياض» و«العلمين الجديدة»، زخماً كبيراً للفعاليات، حسب الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «تقديم العروض المسرحية يُعدّ من أهم الإضافات التي شهدها المهرجان في نسخته الثانية العام الحالي، خصوصاً مع وجود نجوم كبار شاركوا في هذه العروض».

عمر خيرت مع إسعاد يونس ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأضاف عبد الرحمن أن «من بين الأمور المميزة في العروض التي تضمّنها المهرجان عدم اقتصار المسرحيات على النجوم، ولكن أيضاً على الشباب، على غرار مسرحيتي (الشهرة)، و(عريس البحر)، وهما العرضان اللذان لاقيا استحسان الجمهور، ما انعكس في نفاد تذاكر المسرحيات خلال ليالي العرض».

يدعم هذا الرأي الناقد الفني خالد محمود، الذي يشير إلى أهمية التعاون بين الجانبين بما ينعكس إيجاباً على المحتوى الفني المقدم للجمهور، مشيراً إلى أن «في النسخة الثانية من مهرجان (العلمين الجديدة) تحقق جزء كبير من الأحلام والطموحات التي جرى الحديث عنها بعد انتهاء الدورة الأولى، عبر مشاركة نجوم عرب في الحفلات على غرار ماجدة الرومي، وكاظم الساهر، بعد غياب لفترة طويلة».

وأشار محمود إلى «تنوع الحفلات الغنائية والفعاليات المصاحبة للمهرجان، خصوصاً فيما يتعلّق بالاستعانة بفرق الفنون الشعبية من مختلف المدن المصرية لتقديم عروضها في المهرجان بحفلات متنوعة»، لافتاً إلى أن «غياب البث المباشر للحفلات كان بمثابة نقطة ضعف لا بدّ من تجاوزها في النسخة المقبلة».

وتضمن المهرجان، الذي افتتح حفلاته الغنائية محمد منير في يوليو (تموز) الماضي، فعاليات جماهيرية كثيرة، منها الاحتفال بأبطال مصر الحاصلين على ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية، بالإضافة إلى إطلاق فعاليات مهرجان «نبتة»، الذي قدم أنشطة فنية وترفيهية للأطفال بمشاركة فنانين، من بينهم أحمد أمين وهشام ماجد.

محمد منير خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

ومن بين الحفلات الفنية الكبرى التي شهدها المهرجان، حفلات عمرو دياب، وتامر حسني، وعمر خيرت، وفريق «كايروكي»، بجانب تصوير عشرات الحلقات التلفزيونية مع نجوم الفن من مصر والعالم العربي الذين شاركوا في المهرجان.

وشهدت سماء مدينة العلمين الجديدة عروضاً جوية بالطائرات في الأيام الأخيرة للمهرجان، فيما قدمت فرق متعددة من جهات وأقاليم مختلفة عروضاً مجانية لمسرح الشارع.

إحدى فرق الفنون الشعبية ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأعلنت «اللجنة العليا» للمهرجان، في بيان، السبت، انتهاء الفعاليات بعد تحقيقه «خدمة توعوية وتثقيفية وسياسية وتنموية ومجتمعية للدولة المصرية وأبنائها بتنفيذ عدد غير مسبوق من الفعاليات الشاملة، ومشاركة جميع أطياف المجتمع المصري وفئاته العمرية والصحية والاقتصادية والتعليمية، واستقبال زوار من 104 جنسيات لدول أجنبية، وكذلك عدد كبير من المسؤولين والدبلوماسيين العرب والأجانب».

ويتوقف محمد عبد الرحمن عند إعلان المهرجان تخصيص 60 في المائة من الأرباح لدعم فلسطين للتأكيد على أن «تأثير المهرجان ليس فنياً ترفيهياً فقط، بل يحمل رسالة مجتمعية مهمة».

ويشير خالد محمود إلى «ضرورة استفادة المهرجان مما تحقّق على مدار عامين بترسيخ مكانته بين المهرجانات العربية المهمة، الأمر الذي يتطلّب مزيداً من التوسع في النُّسخ المقبلة التي تتضمن التخطيط للاستعانة بنجوم عالميين لإحياء حفلات ضمن فعالياته».