جولات سياحية ماراثونية حول العالم

دليلك إلى أفضل الأماكن المخصصة لرياضة الركض

جولات سياحية ماراثونية حول العالم
TT

جولات سياحية ماراثونية حول العالم

جولات سياحية ماراثونية حول العالم

كان الإقبال على ماراثون لندن هذا العام قياسيا لدرجة تعزز القناعة بأن رياضة العدو تزداد انتشارا بين كثير من فئات العمر المختلفة. ولم يقتصر الماراثون على العدائين المحترفين، بل إن الأغلبية كانت للهواة الذين يجمعون بين الاستمتاع بالرياضة واكتساب اللياقة البدنية أيضا.
كثير من الشركات السياحية وجدت فرصة في تنظيم جولات سياحية حول العالم تتضمن برامج سباقات ماراثونية تختلف في مسافاتها وقدراتها. وهي تفتح الفرصة لهواة العدو في السفر إلى مواقع خلابة مع ممارسة رياضتهم المفضلة أيضا، وهي فرصة لمن يريد أن يبدأ هذه الرياضة بالمشاركة في رحلات مخصصة للمبتدئين توفر لهم أساسيات التحضير لممارسة العدو بعد عدة أيام من التدريبات الأساسية. وتتوفر رحلات في كل أنحاء العالم لهواة العدو بعضها يقع في مناطق أثرية في آسيا وأميركا الجنوبية.
وهذه نخبة من بعض برامج السياحة المخصصة لهواة العدو وهي متاحة طوال شهور العام:
* معسكر صيفي فرنسي في شامونيه: ويقبل على هذا المعسكر المهتمين باللياقة البدنية ويحضره دوريا مدربين ومتخصصين في العلاج الطبيعي والتغذية. ويستمر البرنامج لمدة أسبوع واحد ويشمل دورات للعدو في غابات صنوبرية فوق بلدة شامونيه الفرنسية. ويقع المعسكر في شاليهات تقع في منطقة ليه بوا بالقرب من شامونيه. وتصلح هذه العطلة لمن يستطيع العدو لمسافة عشرة كيلومترات. ويستفيد المشارك من النصائح حول تحضيرات العدو واللياقة والتغذية. وتقام دورات هذا المعسكر في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول)، وهي تشمل الوجبات الغذائية والسفر إلى اقرب مطار للمنطقة وهو مطار جنيف.
* إذا كانت مسافة عشرة كيلومترات أبعد من قدراتك يمكن المشاركة في برامج شركة «فياتور» الأوروبية التي تنظم رحلات سياحية للمعالم الأوروبية تشمل برامج عدو قصير المدى. من البرامج المتاحة جولة في مدينة فلورنسا الإيطالية مع العدو لمسافة خمسة أميال، أو جولة في العاصمة الإيطالية روما مع جولة عدو مسافتها أربعة أميال. وهناك أيضا جولات مماثلة تقدمها الشركة في مدن أوروبية أخرى من بينها مدريد وكوبنهاغن.
* جولات في بورما: وهي تقام في منطقة بأغان السياحية التي تضم كثيرا من الآثار والقرى والمزارع. وهي منطقة مسطحة يسهل العدو عليها ويمكن اختيار المسافة الملائمة للعدو من المشاركين في هذه الدورات والتي تصل إلى نصف ماراثون وعشرة كيلومترات. وتستمر الدورات لمدة خمس ليالٍ مع السفر الجوي والإفطار وتقام خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وهي تقام في مناخ آمن بعيد عن الطرق العامة يوفر الاستمتاع بالبيئة الآسيوية الأصيلة.
* تحدي قبرص: وهي سباقات تقام في شهر نوفمبر من كل عام وتسمى تحدي قبرص الدولي، وتستمر لمدة أربعة أيام. وهي سباقات بدأها رياضي فائز بماراثون لندن في عام 1983 اسمه مايك غراثون، وهو يدير الآن شركة سياحية تعمل على الإنترنت لتنظيم سياحة العدو. ويشمل التحدي في قبرص العدو لمسافة 3.7 ميل لتحقيق أفضل زمن، وسباق لصعود التلال مسافته 6.8 ميل، يتبعه سباق نصف ماراثون، وأخيرا سباق لمسافة عشرة كيلومترات على الساحل. ويمكن للمشارك الاسترخاء بعد ذلك لبقية أيام الأسبوع. وتجري سباقات قبرص في مناطق ومحميات طبيعية وتوفر الشركة رحلات الطيران إلى قبرص ووجبات الإفطار.
* آثار ألانكا: رحلات إلى البيرو في أميركا الجنوبية تشمل جولات بين آثار ألانكا تنظمها شركات سياحية على مدى يومين. ويقطع العداءون المشاركون مسافة عشرة كيلومترات يوميا على مدى اليومين. ويستغرق استخراج التصاريح للأجانب نحو ستة أشهر مما يجعل التحضير لمثل هذه الرحلات يستغرق نحو العام في التجهيز. والرحلة التالية لآثار ألانكا سوف تعقد خلال شهر أغسطس 2016. وتقام الرحلات لمدة ثمانية أيام وتبدأ رحلات الطيران إلى بيرو من مدريد أسبوعيا إلى مدينة ليما ثم برحلة داخلية أخرى إلى موقع معسكر الإقامة.
وبعد عدة رحلات سياحية وخوض كثير من السباقات حول العالم يكون السائح مستعدا لإمكانية المشاركة في ماراثونات العالم الشهيرة التي تتبع روزنامة سنوية تبدأ في طوكيو وتنتهي في نيويورك. وبشكل مواز تقام أيضا ماراثونات حول العالم للمعاقين.
وهذا العام أقيم ماراثون طوكيو في شهر فبراير (شباط) الماضي، ثم ماراثون لندن في شهر أبريل (نيسان) الماضي وشارك فيه رقم قياسي من العدائين والعداءات بلغ 37 ألفا و675 عداءً. وسيطر الكينيون والإثيوبيون على ماراثون لندن هذا العام.
وأقيم ماراثون بوسطن بعد لندن في شهر أبريل أيضا، وفي النصف الثاني من العام تقام ماراثونات برلين وشيكاغو ونيويورك والتي تمثل فيما بينها مجموعة أهم ستة ماراثونات في العالم.

* عربيا

وعلى الصعيد العربي يدخل إلى روزنامة هذا العام ماراثون بترا في الأردن وماراثون بيروت في لبنان. والأول يقام في شهر سبتمبر المقبل بينما يقام ماراثون بيروت في شهر نوفمبر. ويمثل الحدثان فرصا سياحية لزوار الأردن ولبنان خلال فصلي الخريف والشتاء للاستمتاع بمناخ معتدل وضيافة سياحية من الطراز الأول.
وخلال هذا الصيف سوف تقام أيضا عدة ماراثونات أوروبية أهمها في شهر يونيو ماراثون شمس منتصف الليل في مدينة ترومسو بالنرويج، وفي شهر يوليو (تموز) يقام ماراثون ألباين السويسري في مدينة دافوس. أما أهم سباقات شهر أغسطس في أوروبا فهو ماراثون هلسنكي في فنلندا.
وتقام ماراثونات أوسلو وموسكو وبرلين ووارسو خلال شهر سبتمبر المقبل بينما يزدحم شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بالماراثونات الأوروبية بداية من بروكسل وكولون وبودابست في بداية الشهر وحتى أمستردام ولشبونه وفرانكفورت ولوبيانا وفينيسيا ودبلن في منتصف ونهاية الشهر. وفي شهر نوفمبر تقام ماراثونات أثينا وإسطنبول وباليرمو وفلورنسا وسان سباستيان في إسبانيا.
وهناك ثلاثة ماراثونات عربية في دولة الإمارات العربية المتحدة تكتسب شهرة متزايدة ويمكن التحضير للمشاركة فيها، وهي ماراثون دبي ونصف ماراثون رأس الخيمة ونصف ماراثون الشيخ زايد الدولي، والأخير توقف مرحليا خلال العامين الماضيين. ويقام ماراثون دبي في شهر يناير (كانون الثاني) من كل عام، وبدأ دوراته في عام 2000. وفي عام 2007 أعلنت إدارة السباق أنها سوف تخصص جائزة قدرها مليون دولار لكسر الرقم العالمي في ماراثون دبي وربع مليون دولار للفائز الأول ومثلها للفائزة الأولى. وحتى الآن تحقق ثاني أسرع رقم قياسي في العالم ولكن الرقم القياسي لم يكسر بعد. ويسيطر العداءون من كينيا وإثيوبيا على بطولات ماراثون دبي.
ويقام نصف ماراثون الشيخ زايد الدولي في أبوظبي في شهر يناير أيضا منذ عام 2008. وسجل العداءون في نصف ماراثون رأس الخيمة كثيرا من الإنجازات منها قطع المسافة في أقل من 59 ثانية في عام 2009.
ويقام أكثر من مائة ماراثون سنويا في أرجاء العالم بخلاف سباقات نصف الماراثون والمسافات الأقل، وهي توفر مزيدا من الفرص لهواة الجمع بين السياحة والرياضة في آن واحد.

* تحضيرات العدو تمنع الإصابة، وتحسن الأداء قبل بداية أي سباق للعدو لا بد من إجراء تحضيرات التسخين لإعداد الجسم، ويمكن الاستعانة بمدرب للإشراف على هذه التحضيرات التي تتراوح بين عدة دقائق قبل العدو لأي مسافة، وعدة أيام قبل المشاركة في سباقات طويلة المدى.
وهناك دورات لإعداد العدائين تسمى «العدو للمبتدئين»، وهي تشمل تمرينات شد العضلات والمشي ثم العدو مع شخص أو أشخاص آخرين. ويمكن البداية بالمشي أولا ثم العدو الخفيف. ولا بد من التوقف عند الشعور بالتعب. ولا يجب توقع اكتساب اللياقة اللازمة في وقت قصير، فالفارق يحدث أحيانا بعد أربعة إلى ستة أسابيع.
ومن بين نماذج البرامج المخصصة للمبتدئين:
- اليوم الأول: تمرينات شد العضلات قبل المشي لمدة خمس دقائق ثم العدو لمدة دقيقة واحدة.
- اليوم الثاني: المشي لمدة دقيقة ثم الاستراحة والعدو لمدة دقيقتين.
- اليوم الثالث: المشي لمدة دقيقة والعدو لمدة ثلاث دقائق.
- يستمر العداء في زيادة فترة التمرين حتى تصل إلى المشي لمدة عشر دقائق والعدو لمدة 30 دقيقة.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.