أصدرت القيادة الأوروبية في البنتاغون، أمس الخميس، أول صور فيديو، رفعت عنها السرية، للحادث الذي أدى إلى سقوط الطائرة الأميركية المسيرة في البحر الأسود، بعد صدمها من طائرة مقاتلة روسية. ويُظهر مقطع الفيديو الملون الذي تبلغ مدته 42 ثانية، تمريرتين عاليتي السرعة لطائرة روسية مقاتلة من طراز «سو - 27»، وقيامها في كل مرة برش الوقود من حمولتها، على الطائرة الأميركية، «ريبر أم كيو - 9».
وقال البنتاغون إنه في المرور الأخير للطائرة الروسية، قامت بصدم الطائرة المسيرة، من دون أن تظهر في اللقطات عملية التصادم. وأضاف البنتاغون أن كاميرا المسيرة تعطلت لمدة 60 ثانية تقريباً، ثم يُستأنف الفيديو، ويظهر المروحة التالفة للطائرة. ولم يصدر بعد أي تعليق روسي على نشر البنتاغون للفيديو، علماً بأن موسكو كانت نفت ارتكابها أي مخالفات، وألقت باللوم في تحطم الطائرة في البداية، على «مناورات خاطئة» من قبل مشغلي الطائرات المسيرة الأميركية.
واتهم وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن روسيا بـ«السلوك الخطير والمتهور وغير المهني»، ملقياً باللوم على موسكو في إسقاط الطائرة من دون طيار. وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن للصحافيين، يوم الأربعاء، في رحلة إلى إثيوبيا: «سنقوم بتنسيق وثيق مع الحلفاء والشركاء في نهاية التحقيق... لا يمكنني الحديث في هذه المرحلة عن الدافع أو النية».
هذا وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها قامت بالتخلص من المواد والمعلومات السرية التي جمعتها الطائرة قبل سقوطها في البحر، للحد من إمكانية تسرب المعلومات الاستخبارية والتقنية، في حال تمكن الروس من انتشال حطامها. وقال مسؤول بوزارة الدفاع إن البنتاغون «محا» عن بعد معلومات استخباراتية حساسة من الطائرة.
من ناحيتها، أكدت روسيا أنها ستحاول استعادة حطام طائرة التجسس الأميركية. لكن سكرتير مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف، قال إنه «لا يعرف ما إذا كنا سنكون قادرين على الحصول عليها أم لا، لكننا بحاجة إلى القيام بذلك، وسنعمل بالتأكيد على ذلك».
وقال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، للصحافيين في البنتاغون، إن الطائرة من دون طيار غرقت في المياه بعمق 4 إلى 5 آلاف قدم، مما جعل تعافيها صعباً. وقال إن مسؤولي وزارة الدفاع لم يقرروا ما إذا كانوا سيحاولون انتشال الأنقاض. ولا يوجد لدى البحرية الأميركية حالياً أي سفن في البحر الأسود. وقال ميلي: «ربما ليس هناك الكثير للتعافي، بصراحة». «فيما يتعلق بفقدان أي شيء من الذكاء الحساس، وما إلى ذلك، كالمعتاد، سنتخذ إجراءات مخففة، لذلك نحن واثقون تماماً من أن كل ما كان ذا قيمة لم يعد ذا قيمة».
إلى ذلك أجرى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، مكالمة هاتفية نادرة مع نظيره الروسي سيرغي شويغو، في أعقاب حادث التصادم، فيما بدا أنه مسعى أميركي للتحرك بسرعة، للحد من تداعيات الحادث وخفض التوتر المتزايد أصلاً بين البلدين. وقال أوستن إنه اتصل بشويغو يوم الأربعاء لـ«تنقية الجو». لكن أوستن أضاف أن «مجرد إجراء محادثة أمر مهم بالنظر إلى الأحداث». وأضاف أوستن: «كما قلت مراراً وتكراراً، من المهم أن تكون القوى العظمى نماذج للشفافية والتواصل، وستواصل الولايات المتحدة الطيران والعمل حيثما يسمح القانون الدولي بذلك».
وأبلغ وزير الدفاع الروسي نظيره الأميركي بأن «تزايد» النشاط الاستخباراتي الأميركي ضد روسيا أدى إلى حادثة المسيرة، على ما أعلنت موسكو. وقال شويغو لنظيره الأميركي أوستن إن «تزايد النشاط الاستخباراتي ضد مصالح الاتحاد الروسي»، إضافة إلى «عدم التقيد بمنطقة حظر الطيران» المعلنة من موسكو، أديا إلى الحادثة مع مسيرة أميركية، وفق بيان لوزارة الدفاع.
وحذّرت وزارة الدفاع الروسية من أنها سترد «بشكل متناسب» على أي «استفزاز» أميركي في المستقبل. وجاء في بيان لوزارة الدفاع أن «تحليق طائرات استراتيجية أميركية غير مأهولة قبالة سواحل القرم هو ذو طبيعة استفزازية، ما يهيّئ الأجواء لتصعيد الأوضاع في منطقة البحر الأسود». وأشارت الوزارة إلى أن روسيا «ستستمر بالرد بشكل مناسب على كل الاستفزازات». وتنفي روسيا أن تكون تسبّبت عمداً بتحطّم المسيّرة الأميركية.
بدوره، قال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، إنه أجرى محادثة مع نظيره الروسي، الجنرال فاليري غيراسيموف. وقال متحدث باسم الجنرال ميلي، في بيان قصير، إنهما ناقشا «العديد من القضايا الأمنية المثيرة للقلق». يشار إلى أنه منذ غزو روسيا لأوكرانيا، تجنب الجنرال غيراسيموف عموماً التحدث إلى الجنرال ميلي، لكنهما تحدثا مرة واحدة في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
على صعيد آخر، وفي تغيير لموقف قادة البنتاغون من الحرب الدائرة في مدينة باخموت، أشادوا بتمسك القوات الأوكرانية بالدفاع عنها، حيث تركز روسيا جهودها الحربية في الأسابيع الأخيرة. وقال الجنرال ميلي، بعيد انتهاء اجتماع «مجموعة الدفاع الأوكرانية»، إن الروس في باخموت لا يحققون سوى «تقدم تكتيكي صغير»، مقابل «تكلفة باهظة». في حين أثنى الوزير أوستن على «شجاعة» الجنود الأوكرانيين لعدم تنازلهم عن المدينة. ويأتي تغيير الموقف من التمسك بالمدينة، التي لا يزال يسكنها نحو 3 آلاف مدني، بحسب رئيس الإدارة العسكرية الأوكرانية في دونيتسك، بافلو كيريلينكو، بعد المعلومات التي تؤكد أن الأوكرانيين ينجحون في استنزاف القوات الروسية، لإفشال هجوم الربيع المرتقب. وقال أوستن بعد الاجتماع يوم الأربعاء: «تأمل روسيا في سحق أوكرانيا في حرب استنزاف، لكن تم تزويد أوكرانيا من قبل أكثر من 40 دولة». وقال إن روسيا تعتمد على إيران وكوريا الشمالية في الإمدادات، مضيفاً أن روسيا لم يعد لديها أصدقاء وقدرات دفاعية.
من ناحية أخرى، أعلن صندوق النقد الدولي أنه حقق «تقدماً جيداً للغاية»، في مناقشات المساعدات مع المسؤولين الأوكرانيين هذا الأسبوع في بولندا. وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أنه من المرجح أن يتم الإعلان عن برنامج الإقراض بقيمة 15.6 مليار دولار في الأيام القليلة المقبلة.
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إن روسيا تواجه «حرب عقوبات»، وذلك في أول خطاب رئيسي يلقيه أمام أقطاب الأعمال منذ إصداره الأمر بنشر عشرات الآلاف من قوات بلاده في أوكرانيا العام الماضي.
وأضاف بوتين أن روسيا تعيد توجيه دفة اقتصادها بسرعة نحو الدول التي لم تستهدفها بالعقوبات، وقدم الشكر لقادة الأعمال على جهودهم لمساعدة الدولة الروسية.
قادة {البنتاغون} يتواصلون مع نظرائهم الروس قبل الإفراج عن فيديو تصادم الطائرتين
موسكو تعزو حادث المسيّرة إلى تزايد النشاط «الاستخباراتي» الأميركي
قادة {البنتاغون} يتواصلون مع نظرائهم الروس قبل الإفراج عن فيديو تصادم الطائرتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة