أدونيس: عصر النهضة تسمية خاطئة ولا إبداع عربياً بلا قطيعة

في زيارته الأولى إلى السعودية ضمن الاحتفاء بعام الشعر العربي 2023

أدونيس خلال محاضرته في الرياض (أكاديمية الشعر العربي على «تويتر»)
أدونيس خلال محاضرته في الرياض (أكاديمية الشعر العربي على «تويتر»)
TT

أدونيس: عصر النهضة تسمية خاطئة ولا إبداع عربياً بلا قطيعة

أدونيس خلال محاضرته في الرياض (أكاديمية الشعر العربي على «تويتر»)
أدونيس خلال محاضرته في الرياض (أكاديمية الشعر العربي على «تويتر»)

قال الشاعر السوري أدونيس إن الحقبة الزمنية التي أطلق عليها عصر النهضة هي تسمية خاطئة، وإنها لم تكن في المحصلة إلا استعادة لتجربة أدبية عربية قديمة، أو استعارة من عثمانية جديدة، بدأت منذ تعرف العرب على الغرب، وتحولوا إلى مجرد أسواق ومستهلكين.
وخلص أدونيس إلى أن الإبداع العربي، شعرياً وفكرياً، لن يتحقق إلا بقطيعة كاملة مع الاستعادة والاستعارة، معتبراً الشعر والفن مفتتحاً لآفاق جديدة في العلاقات بين الكلمات والأشياء، وبين الإنسان والعالم، تعميقاً لهذه القطيعة، وتمهيداً للسير نحو عصر إبداعي عربي آخر.
وخلال محاضرة «الشعر والحياة»، وهي الأولى له في السعودية، التي يزورها على هامش احتفاء وزارة الثقافة السعودية بعام الشعر العربي 2023، وجّه أدونيس شكره لوزارة الثقافة ولأكاديمية الشعر العربي على الدعوة، وقال: «أتاحت لي أن أكون بينكم، أنتم الذين تنظرون إلى بلدكم كأنه عمل فني، وتحولونه إلى قصائد وتماثيل وموسيقى وعمران، وكل ما يزيد الحياة جمالاً، إنها لحظة تؤاخي بيننا جميعاً على أكثر من مستوى وأفق».

حضر محاضرة أدونيس جمهور كثيف من مثقفين سعوديين وعرب (أكاديمية الشعر العربي على «تويتر»)

وحكى أدونيس خلال المحاضرة التي عقدت (الأربعاء) في مدينة الرياض، ووسط حضور كثيف من مثقفين سعوديين وعرب، عن لحظاته البِكر في الحياة والشعر، وقال إن طفولته الطبيعية والأدبية كانت بالقرب من مكان أثير ابتكرت فيه الأبجدية، في بيت طيني، يذكر بالطين الآدمي الأول، وفي السادسة عشرة من عمره، عرف المدرسة، بعد أن كان والده هو مدرسته الوحيدة، التي تعلم فيها القرآن وحفظ معظمه، وتعلم معه الخط والشعر، وعاش مع شعراء الجزيرة العربية، في الدواوين والأماكن، في الحجاز، والطائف، ونجد، والمدينة، ومكة.
وأشار إلى أن الأرض التي ولد عليها هي أرض الشعر واللغة، الجزيرة العربية، التي عدّها بين الأوطان الكبرى للشعر العظيم الفريد في العالم كله. وأضاف: «في هذا الأفق، أقول إن علاقتي بهذه الأرض الطيبة، الجزيرة العربية، لا تحدّها اللغة أو الشعر، إنما هي علاقة حياتية في مستوى الكينونة، وهي مليئة إلى جانب أخواتها في المنطقة بأسرار حضارية كبرى إنسانية ومعرفية، لم تكتشف بعد، و(منطقة العلا) في القلب من هذه القارة العمودية».
وقال أدونيس إن الخطوات التي قام بها بعض المبدعين العرب في سيرورة حياتهم، منذ ما سمّي خطأ بعصر النهضة، مروراً بخمسينات القرن العشرين المنصرم وما تلاها، هي خطوات أساسية في افتتاح أفق جديد في الكتابة الشعرية العربية والتأسيس لطرق جديدة في التعبير، غير أن ثقافة الذكورة، والثقافة السائدة بتقاليدها، وخنادقها، وآفاقها، بقيت تتبع وتثبّت وتكرر، مشيراً إلى أن ما سمّي بعصر النهضة لم يكن في المحصلة إلا استعادة من جهة واستعارة من جهة ثانية.
وقال أدونيس إن البنية الثقافية التقليدية السائدة توحّد بين اليمين واليسار على صعيد الممارسة، وتلك ظاهرة يفترض على المختصين أن تدرس وتحلل بدقة. وأضاف: «من جهة الاستعادة فإن شوقي الذي سمي أمير الشعراء، إذا وضع على طاولة واحدة مع الشعراء الذين استعادهم، البحتري وأبي تمام والمتنبي والشريف الرضي تمثيلاً لا حصراً، سيكون موقع شوقي لا شيء، لأنه لم يضف أي جديد على أي مستوى، إنما استعاد الصياغة بلغة عالية، ولو قارنت، فسأكون من جهة صلاح جاهين لا شوقي».
واستكمل: «من اليسار، فإن محمد مهدي الجواهري المسمى شاعر العرب الأكبر، لو ناقشنا لغته الشعرية، لرأينا أن الجواهري استعاد البلاغة العربية القديمة، بلاغة المديح والهجاء، وكساها شكلاً يسارياً، وحين المقارنة بينه وبين الشاعر مظفر النواب، سأكون من جهة النواب».
وبشأن الاستعارة، قال أدونيس: «كلكم يعرف أن العرب منذ تعرفوا على الغرب، خرجوا من العثمانية القديمة، ودخلوا في عثمانية جديدة، ونجح الغرب في أن ينتج العرب ثقافياً في آلته»، داعياً إلى الخروج من الاستعادة والتكرار، ومن الاستعارة التقنية، التي حولت العرب إلى مجرد أسواق ومستهلكين.
وأكد أدونيس أن الإبداع اليوم في العالم العربي لن يتحقق شعرياً وفكرياً إلا بقطيعة كاملة مع الاستعادة والاستعارة، معتبراً الشعر والفن إبداعاً يفتتح آفاقاً جديدة في العلاقات بين الكلمات والأشياء، وبين الإنسان والعالم، تعميقاً لهذه القطيعة والسير بها نحو التأسيس لعصر إبداعي عربي آخر، يكون فيه الجسد مديناً للشعر وكتبه وموسيقاه وطرق تعبيره وأبعاده، داعياً الشاعر المبدع، بدلاً من أن يتجول في رؤوس الشعراء والمفكرين وقراءة ما يفكرون به ويكتبون عنه، أن يسافر في أجسام الآخرين، كاشفاً وقارئاً وراوياً.



فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

ركاب على متن قطار مترو باريس يشيرون إلى برج إيفل (رويترز)
ركاب على متن قطار مترو باريس يشيرون إلى برج إيفل (رويترز)
TT

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

ركاب على متن قطار مترو باريس يشيرون إلى برج إيفل (رويترز)
ركاب على متن قطار مترو باريس يشيرون إلى برج إيفل (رويترز)

تواصَل، السبت، الاضطراب في حركة القطارات السريعة الفرنسية غداة إعلان شركة السكك الحديدية عن تعرّضها «لهجوم ضخم» أتى قبل ساعات من حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية باريس 2024، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسجّلت حركة القطارات السريعة تحسناً، السبت، لكن الاضطرابات ما زالت قائمة.

وسيشهد الخطان الشمالي الغربي والجنوبي الغربي تشغيل قطارين سريعين من ثلاثة، بينما سيشهد الخط الشمالي 80 في المائة من الحركة المعتادة للقطارات السريعة، وفق تقديرات شركة السكك الحديدية «إس إن سي إف».

وأوضحت أن الحركة عبر الخط الشرقي ستجري كالمعتاد، مرجحة أن تستمر الاضطرابات، الأحد، على الخط الشمالي، وأن يشهد الخط الأطلسي تحسّناً.

إلا أن شركة «إس إن سي إف» أكدت أن «كل عمليات النقل للفرق والمعتمدين» للمشاركة في أولمبياد باريس، مؤمّنة.

وتعرضت الشركة إلى «هجوم ضخم» ليل الخميس – الجمعة، ما تسبب باضطراب كبير في حركة القطارات أثّر على 800 ألف مسافر قبل حفل الافتتاح. وقالت، الجمعة، إن «العديد من الأعمال الخبيثة المتزامنة» أثرت على خطوطها الأطلسية والشمالية والشرقية.

وفتحت النيابة العامة في باريس تحقيقاً في الهجمات. وأفاد مصدر مقرب من التحقيق بأن العملية كانت «محضّرة بشكل جيد»، وتقف خلفها «الهيكلية ذاتها»، بينما أكد مصدر مقرّب من الملف أن أي طرف لم يعلن مسؤوليته.

وأوضحت الشركة، الجمعة، أن «حرائق متعمدة» أُضرمت في محطات الإشارات في كورتالين على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب غربي باريس، وفي كرواسي على بعد 200 كيلومتر شمال العاصمة، وبايني سور موزيل على بعد 300 كيلومتر إلى الشرق، متحدثة عن «هجوم واسع النطاق».

على خط الجنوب الشرقي، تمكن عمال السكك الحديدية من «إحباط عمل خبيث» في أثناء قيامهم بعمليات صيانة ليلية في فيرجيني، على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب شرقي باريس. ورصد العمال أشخاصاً وأبلغوا قوات الدرك، ما دفعهم إلى الهروب، وفق جان بيار فاراندو، رئيس مجلس إدارة الشركة.

وأعلن فاراندو، الجمعة، أن «الهجوم الضخم» على شبكة القطارات السريعة يؤثر على 800 ألف راكب.

وأضاف: «من المتوقع أن يستمر الوضع طوال عطلة نهاية الأسبوع على الأقل في أثناء إجراء الإصلاحات»، موضحاً أن الحرائق استهدفت أنابيب «تمر عبرها العديد من الكابلات المستخدمة في محطات الإشارات» و«علينا إصلاح الكابل تلو الآخر».

وندد الوزير المنتدب للنقل باتريس فيرغريت بـ«عمل إجرامي مشين».

وقع الهجوم قبيل حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث كان العديد من المسافرين يعتزمون التوجه إلى العاصمة، كما أنه سبق عطلة نهاية أسبوعٍ تشهد حركة واسعة في وسائل النقل في موسم العطل الصيفية.

ولجأ موظفو شركة السكك الحديدية إلى إجراءات استثنائية داخل محطات القطار لتسهيل الحركة، مثل السماح بصعود عدد من الركاب يفوق عدد المقاعد، أو عدم التأكد من حيازة كل منهم تذكرة.