كيف يؤثر ارتفاع ضغط الدم على الدماغ والكليتين؟

كيف يؤثر ارتفاع ضغط الدم على الدماغ والكليتين؟
TT

كيف يؤثر ارتفاع ضغط الدم على الدماغ والكليتين؟

كيف يؤثر ارتفاع ضغط الدم على الدماغ والكليتين؟

يُعد ارتفاع ضغط الدم حالة طبية شائعة تؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم. ففي حين أن ارتفاع ضغط الدم يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الصحية، إلا أنه يمكن أن يكون له تأثير كبير بشكل خاص على الدماغ والكليتين، وفق تقرير جديد نشره موقع «onlymyhealth» الطبي المتخصص؛ الذي استكشف آثاره على هذين العضوين الحيويين وناقش أهمية التحكم به.

ضغط الدم والدماغ

الدماغ هو عضو معقد يتطلب إمدادًا ثابتًا بالأكسجين والمواد المغذية ليعمل بشكل صحيح. فالأوعية الدموية التي تسمى الشرايين تزود الدماغ بهذا الأكسجين والمواد المغذية الأساسية. وعندما يرتفع ضغط الدم يمكن أن تتلف هذه الشرايين وتضيق ما يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم إلى الدماغ.
وبمرور الوقت، يمكن أن يتسبب هذا الانخفاض في تدفق الدم بتلف الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ، ما يؤدي إلى حالة تعرف باسم مرض الأوعية الدموية الصغيرة. ويمكن أن يؤدي مرض الأوعية الدموية الصغيرة إلى ضعف إدراكي، بما في ذلك صعوبات في الذاكرة والتفكير واتخاذ القرارات. كما يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم أيضًا إلى زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية؛ وهي حالة طبية طارئة خطيرة تحدث عندما ينقطع أو ينخفض تدفق الدم إلى الدماغ. وارتفاع ضغط الدم هو السبب الرئيسي للسكتة الدماغية ويمثل أكثر من 50 % من جميع الحالات.
يمكن أن تسبب السكتة الدماغية مجموعة من الإعاقات، بما في ذلك الشلل وصعوبات النطق والضعف الإدراكي. وفي بعض الحالات، يمكن أن تكون السكتات الدماغية قاتلة.
وبالإضافة إلى مرض الأوعية الدموية الصغيرة والسكتة الدماغية، يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم أيضًا إلى زيادة خطر الإصابة بالخرف؛ وهي حالة تؤثر على الذاكرة والتفكير والسلوك؛ فلقد وجدت الدراسات أن الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم أكثر عرضة للإصابة بالخرف من أولئك الذين يعانون من ضغط الدم الطبيعي.

ضغط الدم والكلى

تعتبر الكلى من الأعضاء الحيوية المسؤولة عن تصفية الفضلات من الدم وتنظيم توازن السوائل في الجسم. وتلعب الكلى أيضًا دورًا مهمًا في تنظيم ضغط الدم. فعندما يرتفع ضغط الدم يمكن أن تتضرر الأوعية الدموية في الكلى، ما يؤدي إلى حالة تسمى تصلب الكلية. كما يمكن أن يقلل تصلب الكلى من قدرة الكلى على تصفية الفضلات من الدم، ما يؤدي إلى تراكم السموم في الجسم.
وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي تصلب الكلى إلى مرض الكلى المزمن (CKD)؛ وهي حالة تفقد فيها الكلى تدريجياً قدرتها على العمل بشكل صحيح. ويمكن أن يؤدي مرض الكلى المزمن إلى مجموعة من الأعراض، بما في ذلك التعب واحتباس السوائل وارتفاع ضغط الدم.
ان ارتفاع ضغط الدم هو السبب الرئيسي الثاني لمرض الكلى المزمن، ويمثل حوالى 25 % من جميع الحالات. وفي بعض الحالات، يمكن أن يتسبب ارتفاع ضغط الدم أيضًا في إصابات الكلى الحادة وفقدان مفاجئ لوظائف الكلى يمكن أن يهدد الحياة.

إدارة ارتفاع ضغط الدم

تبرز آثار ارتفاع ضغط الدم على المخ والكليتين أهمية التحكم به؛ ففي حين أن ارتفاع ضغط الدم يمكن أن يكون حالة صعبة للإدارة، إلا أن هناك العديد من الخطوات التي يمكن للأشخاص اتخاذها لتقليل مستويات ضغط الدم وتقليل مخاطر حدوث مضاعفات؛ فالتغييرات في نمط الحياة هي خط الدفاع الأول ضد ارتفاع ضغط الدم. يمكن أن تشمل هذه التغييرات الحفاظ على وزن صحي وتناول نظام غذائي متوازن وتقليل تناول الملح وممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتجنب التدخين والاستهلاك المفرط للكحول.
وفي بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة إلى الأدوية للتحكم في ارتفاع ضغط الدم. هناك عدة أنواع مختلفة من أدوية ضغط الدم، كل منها يعمل بطريقة مختلفة لخفض مستوياته. يمكن لطبيبك مساعدتك في تحديد الدواء الأفضل لك بناءً على احتياجاتك الفردية وتاريخك الطبي.
وتعد المراقبة المنتظمة لمستويات ضغط الدم ضرورية أيضًا للتحكم بارتفاعه. لذا يجب أن يخضع الأشخاص المصابون بارتفاع ضغط الدم لفحص ضغط الدم بانتظام واتباع توصيات أطبائهم للعلاج.


مقالات ذات صلة

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».