الرئيس منصور: القاهرة كانت تود أن تتفهم واشنطن حقيقة ما جرى مبكرا

وفد الكونغرس يؤكد أن زيارة وزير الدفاع المصري إلى روسيا لا تشكل تهديدا لأميركا

عدلي منصور
عدلي منصور
TT

الرئيس منصور: القاهرة كانت تود أن تتفهم واشنطن حقيقة ما جرى مبكرا

عدلي منصور
عدلي منصور

أعرب الرئيس المصري عدلي منصور، عن حرص القاهرة على علاقاتها بالولايات المتحدة الأميركية، موضحا أن هذا الحرص يرتبط بشكل مباشر بمدى حرص واشنطن على ذات العلاقة، وما يرتبط بها من مواقف وأهداف ومصالح.
وأضاف منصور، خلال لقائه أمس السيناتور الديمقراطي تيم كاين، رئيس اللجنة الفرعية لعلاقات الشرق الأدنى وجنوب ووسط آسيا بلجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأميركي (عضو عن ولاية فرجينيا)، أن «مصر كانت تود أن تتفهم الولايات المتحدة مبكرا حقيقة ما جرى في مصر، كما أنها كانت تود أيضا وهي تحارب حربا حقيقية ضد الإرهاب في سيناء وباقي أنحاء مصر أن تجد من الدول الصديقة استمرارا لدعمها التقليدي». فيما ذكرت مصادر مصرية مطلعة، أن اللقاء تناول عدة موضوعات من بينها العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وواشنطن.
والتقى السيناتور كاين، المشير عبد الفتاح السيسي، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع، كما التقى وزير الخارجية نبيل فهمي.
وقال عضو الكونغرس خلال لقائه المشير السيسي: «نحن لا نرى الزيارة المصرية إلى روسيا تهديدا لنا على الإطلاق». وأوضح كاين في تصريحات صحافية على هامش اللقاء، أن «الولايات المتحدة تريد أن تجد في مصر الكثير من الشركاء الجدد، ومن المهم أن تكون العلاقات جيدة بين البلدين». وقال بيان صحافي عسكري إن «اللقاء مع المشير السيسي تناول تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاسها على الأمن والاستقرار بالمنطقة، ومناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في ضوء علاقات التعاون العسكري بين مصر والولايات المتحدة».
وقام وزيرا الدفاع والخارجية المصريان منتصف فبراير (شباط) الجاري، بزيارة إلى روسيا في إطار اجتماع 2+2 الاستراتيجي بين الدولتين، تركزت الأضواء بشأنها على ما تردد عن صفقة أسلحة عسكرية روسية لمصر، عدها خبراء عسكريون بمثابة «صفعة» للإدارة الأميركية، خاصة بعد مواقفها المراوغة من ثورة 30 يونيو (حزيران) العام الماضي التي أطاحت بحكم الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
من جانبه، أكد السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أن «السيناتور كاين قدم التهنئة للرئيس عدلي منصور على إنجاز الدستور الجديد وإقراره»، واصفا إياه بالإنجاز الهام، ومثنيا على ما تضمنه من نصوص تحمي حقوق المرأة والأقليات، ضمن أمور أخرى، وموضحا أن نسبة المشاركة في الاستفتاء تعد مؤشرا إيجابيا.
وتابع البدوي أن كاين أعرب عن تأييد مجلس الشيوخ للعلاقة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الغالبية العظمى من الأعضاء - وباستثناء حالات فردية معدودة - يأملون في تطويرها ويتطلعون لذلك في مستقبل قريب، ومؤكدا أن «الولايات المتحدة تدرك أهمية مصر ودورها في المنطقة».
وأضافت مصادر مصرية مطلعة أن «لقاءات السيناتور أمس مع قيادات السلطة الحاكمة في البلاد، أكدت حرص واشنطن على العلاقات الثنائية مع القاهرة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية بما يخدم مصالح البلدين»، لافتة إلى أن اللقاءات تناولت ظاهرة الإرهاب في العالم بصفة عامة، وفي منطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة، وأهمية تضافر جهود البلدين ثنائيا ودوليا لمواجهة هذه الظاهرة، وما تمثله من تهديد للقيم الديمقراطية ولجهود بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية في المنطقة.
من جهة أخرى، التقى الرئيس منصور أمس رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري، وقالت الرئاسة المصرية إن «الحريري حرص خلال اللقاء على تقديم التهنئة للرئيس منصور على إنجاز الاستحقاق الأول من خارطة المستقبل، والمتمثل في الاستفتاء على الدستور»، متمنيا لمصر النجاح في بلورة واستكمال كافة استحقاقاتها، فضلا عن التعرف عن قرب على الرؤية المصرية إزاء قضايا المنطقة.
وأشارت مؤسسة الرئاسة إلى أن منصور أكد دعم مصر الكامل للبنان الموحد، موضحا أن مصر تتابع عن كثب أعمال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي بدأت عملها في لاهاي يوم 16 يناير (كانون الثاني) الماضي، وتأمل أن توفق في إرساء العدالة والتوصل إلى نتائج بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري.
وعلى صعيد الأزمة السورية، قالت مؤسسة الرئاسة، إن «الرئيس أكد أن مصر ساندت الثورة السورية منذ بدايتها، وأن مصر نفسها في حالة ثورة منذ ثلاث سنوات، إلا أن هذا الدعم المصري لا ينسحب على ما تحولت إليه بعض مكونات المعارضة والثورة من تطرف وتشدد يُمثلان خطرا على سوريا ولبنان والمنطقة بأسرها، ومن ثم فإننا نُشجع الحل السياسي في سوريا، ولكن ليس على حساب التطلعات المشروعة للشعب السوري في الحرية والديمقراطية والعدالة ولا على حساب وحدة الأراضي السورية».
في ذات السياق، أكد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أهمية تطوير العلاقات مع لبنان خلال لقائه مع الحريري أمس، حيث تناول اللقاء تطورات المشهد الداخلي اللبناني ومسار الأزمة السورية وانعكاساتها الإقليمية على دول الجوار.
وتعد هذه أول زيارة للحريري للقاهرة منذ الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك في فبراير عام 2011. وقال السفير بدر عبد العاطي إن «الوزير فهمي شدد خلال اللقاء على أهمية تطوير العلاقات بين مصر ولبنان بما يليق بالروابط التاريخية بينهما»، مضيفا أن فهمي أكد أن مصر لن تتوانى عن التعاون مع أشقائها العرب للتصدي إلى كل المحاولات الرامية إلى التقسيم الطائفي والمذهبي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».