إجراءات استباقية لهادي حفاظًا على وحدة اليمن

مسؤول يمني: الرئيس اليمني اعتمد مقاييس مشاركة المستشارين الجدد في مؤتمر الرياض ومناصرتهم للشرعية

مسيرة  لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير في مدينة إب اليمنية (غيتي)
مسيرة لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير في مدينة إب اليمنية (غيتي)
TT

إجراءات استباقية لهادي حفاظًا على وحدة اليمن

مسيرة  لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير في مدينة إب اليمنية (غيتي)
مسيرة لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير في مدينة إب اليمنية (غيتي)

أثمر المؤتمر اليمني للحوار بالرياض، إلى تقريب ثلاثة مكونات سياسية إلى جانب الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وذلك بعد صدور قراره أول من أمس، بتعين حيدر العطاس، رئيسًا لوزراء جمهورية اليمن الديمقراطية في فترة إعلان الانفصال، والدكتور أحمد بن دغر، نائب الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح في رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام، سياسي وبرلماني يمني، هو أمين عام حزب العدالة والبناء، ورئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض الخاص بالحوار اليمني.
وأوضح مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، اعتمد في قراره تعيين ثلاثة سياسيين بارزين، كمستشارين في الحكومة الشرعية، على مشاركتهم في المؤتمر اليمني للحوار بالرياض، ومناصرتهم للشرعية اليمنية التي تتصدى للتمدد الحوثي، وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، مشيرًا إلى أن العطاس وبن دغر شاركا في المؤتمر الرياض، وأسهما بفعالية عالية، بينما كان جباري، عضو في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذي أختتم بتتويج إعلان الرياض.
وقال المسؤول اليمني، إن ما يحدث الآن على المشهد السياسي اليمني، خصوصا بعد تحرير عدن، وتعيين ثلاثة مستشارين سياسيين بارزين، للرئيس هادي، هو عودة الاصطفاف بشكل واضح إلى الحكومة الشرعية، وهو الأمر الذي كانت تنادي به الأحزاب اليمنية منذ جلسات الحوار الوطني، نحو اتجاهين، الأول الولاء للوطن، والثاني الاعتراف بالشرعية مهما كان لديها من قصور.
وأشار المسؤول اليمني إلى أن الشرعية اليمنية، تضم مسؤولين بارزين في حزب المعارضة اليمنية في الخارج، وكذلك في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه علي عبد الله صالح، حيث كان العطاس معارضا في الخارج حتى وقوع الانقلاب الحوثي بمساعدة الرئيس المخلوع صالح في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، وكان يمتاز بالطرح العقلاني والواقعي، إذ انضمامه إلى صفوف الحكومة الشرعية، ضربة للمعارضة في الخارج.
وأضاف «عمل الدكتور أحمد بن دغر، على مناصرة شرعية عبد ربه منصور هادي، حيث أعلن عن موقفه كونه نائب الرئيس المخلوع صالح في حزب المؤتمر الشعبي العام، وأصدر بيانين، الأول كتبه من الرياض ويحمل اسمه، والثاني كتبه من القاهرة، ويحمل اسم المؤتمر، وذلك حول رغبتهم بالمشاركة في مؤتمر الحوار اليمني بالرياض».
ولفت المسؤول اليمني إلى أن حيدر العطاس، والدكتور أحمد بن دغر والجباري، حضرا مؤتمر الرياض، وأسهما بفعالية كبيرة، واتفقوا على النقاط الأساسية التي أيدها اليمنيون مع الشرعية والحكومة، وهو المقياس الكبير الذي اعتمد عليه الرئيس اليمني هادي في تعيينهم كمستشارين، لمناصرتهم للشرعية اليمنية.
وذكر المسؤول اليمني، أن عبد العزيز جباري، كان عضوا في اللجنة التحضيرية لأعمال المؤتمر اليمني بالرياض، وأسهم في إنجاح إعلان الرياض، وجرى اختيارهم ليمثل الحكومة الشرعية في حوار جنيف الذي اختتم بالفشل، تحت مظلة الأمم المتحدة، حيث استهدفت الميليشيات المتمردة على الشرعية، جباري، وذلك بسرقة منزله خلال أعمال اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض، وأيضًا تفجير منزله خلال مشاركته في جنيف.
وأكد المسؤول اليمني، أنه بدأ العمل الفعلي لإعلان الرياض، وذلك من خلال استعادة بعض مؤسسات الدولة، والبدء في إخراج الميليشيات من بعض المدن اليمنية، ودعم وتنظيم المقاومة الرسمية والشعبية تحت القيادة الشرعية ودمجها مع الجيش الوطني الموالي للشرعية، وحشد الدعم والتأييد الإقليمي والدولي لأعمال الإغاثة والعمل الإنساني وتوسيع نطاقها ورفع مستواها وتوفير الخدمات الأساسية بما يضم وصول هذه الإغاثة لمستحقيها.
وأضاف «تضمنت أعمال بدء إعلان الرياض، في استعادة الأمن والسلم واستيعاب أفراد المقاومة الشعبية ضمن هيكل الجيش والأمن، واستخدام كل الأدوات العسكرية والسياسية لإنهاء التمرد واستعادة مؤسسات الدولة والأسلحة المنهوبة».
وفي سياق متصل, ينظر البعض إلى تعيين الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، أول من أمس، لثلاث من الشخصيات السياسية كمستشارين له، على أنه خطوة باتجاه كسب بعض الأطراف على حساب أطراف أخرى، بينما ينظر إليه البعض الآخر، على أنها إجراءات استباقية لأي خطوات مستقبلية قد تقدم عليها جماعات أو فصائل في اليمن وبالأخص في الجنوب، ولذلك يطرح البعض أن هذه خطوة من أجل الحفاظ على اليمن، وفي هذا السياق، يقرأ الكثير من اليمنيين، عادة، قرارات التعيينات على أساس مناطقي، ثم سياسي، فالقرار صدر بتعيين المهندس حيدر أبو بكر العطاس، وهو أول رئيس وزراء لدولة الوحدة اليمنية التي قامت في 22 مايو (أيار) عام 1990، وكان رئيسا لمجلس الشعب التأسيسي في الشطر الجنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، والعطاس ينتمي لمحافظة حضرموت وهو شخصية سياسية ذات ثقل كبير، وإلى جانب البعد المناطقي في تعيينه، هناك الأسباب السياسية القوية التي تدعم التعيين، لكون العطاس واحدا من أبرز الشخصيات اليمنية الجنوبية المعارضة في الخارج منذ ما بعد حرب صيف عام 1994، وحتى اللحظة، وكان، وما زال، يمثل صوتا وموقفا سياسيا بارزا للكثير من قوى الحراك الجنوبي في الداخل، وهو الحراك الذي تتفق كافة فصائله، تقريبا، على هدف «فك الارتباط» بين الشمال والجنوب، وخلال الأشهر الماضية على الانقلاب على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي من قبل الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبد الله صالح، كان للعطاس حضور بارز في إدانة ذلك الانقلاب، ثم تأييد عملية «عاصفة الحزم» التي قامت بها قوات التحالف بقيادة السعودية، رغم أنه لم يكن على تقارب كبير مع هادي، ولم يكن، في نفس الوقت، يقف ضده، خاصة بعد ابتعاد هادي عن صالح، وأصبح الرجل التوافقي، محليا وخارجيا، لقيادة اليمن في المرحلة الانتقالية.
وفي هذا السياق، أكد مراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن تعيين العطاس مستشارا لهادي، يهدف إلى وضع معالجات للقضية الجنوبية ووضع الجنوب الخاص في المعادلة اليمنية، بعيدا عن التطرف وتحسبا لقيام بعض الأطراف المحلية أو الإقليمية، بتحريض أطراف في الساحة الجنوبية على اتخاذ إجراءات ومواقف من طرف واحد، تدخل البلاد في أتون صراع مسلح، تكون تلك الأطراف هي المستفيد الأكبر منه، وذلك بانعدام الاستقرار وشيوع الفوضى والاقتتال، كما يقرأ المراقبون تعيين الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وهو ينتمي لمحافظة حضرموت، أيضا، ونائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه المخلوع صالح، وقد انشق عليه وانضم إلى الشرعية، بأنه تدعيم وتقوية للأجنحة والشخصيات المنشقة عن المخلوع وتأكيد لها على أنها يمكن أن تسهم في إعادة إعمار ما خلفته الحرب من دمار، من خلال المشاركة في العملية السياسية وعدم تحميلها تبعات تصرفات المخلوع وبعض القيادات الموالية له داخل الحزب، هذا عوضا عن المغزى والهدف الجنوبي من التعيين، وفيما يتعلق بتعيين عبد العزيز جباري، مستشارا لهادي، فجباري شخصية سياسية وبرلمانية وقبلية ينتمي لمحافظة ذمار، التي يسميه البعض في اليمن بـ«كرسي الزيدية»، لكنه شخصية منفتحة لم يجد نفسه في صف صالح أو الحوثي، وإنما إلى جانب الشرعية وبرزت قدراته السياسية، في الآونة الأخيرة، ليكون في مقدمة الصفوف المعارضة لانقلاب الحوثيين، لذلك يعتقد المراقبون في الساحة اليمنية أن تعيينه، تأكيد آخر، من هادي، على بقاء اليمن موحدا وعلى عدم استهداف الزيدية كمذهب سياسي، موجود في الساحة اليمنية منذ مئات السنين، وأيضا، عدم استهداف المنتمين للمناطق الشمالية والزيدية، على وجه الخصوص، رغم أن البعض، في الساحة اليمنية، يلعب على ورقة الشطرية، من خلال الحديث عن أن منصب رئيس الجمهورية ومنصب النائب، هما من نصيب الجنوب، إضافة إلى أبرز الشخصيات السياسية الموجودة، حاليا، لكن هناك طروحات ترد على ذلك بالقول إن الجنوب «ظلم وهضم، طوال أكثر من عقدين وإن من حق الجنوبيين تصدر المشهد السياسي، على الأقل، حفاظا على الوحدة اليمنية»، وهي وجهة نظر.
وقال مراقبون ومهتمون بالشأن اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن «تعقيدات الوضع في اليمن، والتي تزايدت بصورة خطيرة مع الانقلاب على الشرعية، تحتم على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أن يدرس خياراته وقراراته بتأن وحذر شديدين وأن يحسن اختيار الشخصيات، خاصة وأنه في مرحلة حرب»، مع الأخذ بالاعتبار كل الحسابات السياسية والمناطقية والشطرية والقبلية»، ويرى هؤلاء المراقبون أن اليمن يعيش على حقل ألغام من المشكلات والضغائن والتناقضات التي خلفها حكم المخلوع صالح للبلاد، لأكثر من ثلاثة عقود، فقد بنى حكمه على التوازنات أو «اللعب على رؤوس الثعابين»، كما قال يوما ما، كما يؤكد المراقبون أن صالح طالما بقي حيا أو طليقا، لن يترك هادي أو أي رئيس آخر يعمل بسلام في اليمن، حسب قولهم.



عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)

على هامش مشاركته في «منتدى الدوحة»، ناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مسؤولين قطريين، سبل دفع «الشراكة» بين مصر وقطر، إلى جانب تنسيق المواقف بشأن المستجدات في المنطقة.

ويشارك عبد العاطي، في فعاليات النسخة رقم 23 من «منتدى الدوحة»، التي انطلقت، السبت، في العاصمة القطرية، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبمشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم.

ويعقد وزير الخارجية المصري سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من نظرائه ومسؤولين مشاركين، لبحث تعزيز التعاون الثنائي، وتنسيق المواقف إزاء تطورات المنطقة، لا سيما ما يتعلق بجهود تثبيت الاستقرار، ودعم مسارات السلام والتنمية، حسب «الخارجية المصرية».

وأشاد عبد العاطي بالزخم الذي تشهده العلاقات المصرية - القطرية على مختلف الأصعدة، وثمَّن خلال لقائه رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «التعاون بين بلاده والدوحة في المجالات المختلفة، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووقَّعت مصر وقطر، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم» بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح (شمال غربي مصر)، بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار أميركي. (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية).

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وقتها، إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري، «يشكل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

وعلى صعيد تنسيق المواقف بشأن الأوضاع في المنطقة، شدد وزيرا خارجية مصر وقطر على أهمية «مواصلة جهود تنفيذ اتفاق (شرم الشيخ) للسلام بكافة مراحله، وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومنع أي خروقات»، إلى جانب «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق».

وسبق محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره القطري، لقاؤه بمسؤولين قطريين، ضم وزير المالية، أحمد الكواري، ووزير التجارة والصناعة، الشيخ فيصل آل ثاني، ووزير المواصلات، الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد آل ثاني، لبحث «تعزيز التعاون المتنامي بين القاهرة والدوحة في المجالات الاقتصادية والتجارية والخدمية»، حسب «الخارجية المصرية».

وشدد عبد العاطي على «حرص بلاده على دفع الشراكة مع الدوحة، بما يحقق المصالح المشتركة، ويفتح آفاقاً أوسع للتعاون»، مؤكداً أهمية «تعزيز التواصل المؤسسي بين الوزارات والهيئات المختصة، بما يسهم في الارتقاء بجهود التنمية والاقتصادية في الدولتين».

وزير الخارجية المصري خلال لقائه وزراء المالية والتجارة والصناعة والمواصلات القطريين في الدوحة (الخارجية المصرية)

وباعتقاد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير يوسف الشرقاوي، أن زيارة عبد العاطي للدوحة ولقاءاته مع مسؤولين قطريين «تعكس النمو المتزايد لمستوى العلاقات السياسية بين البلدين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حرصاً بين القاهرة والدوحة، على رفع مستوى التعاون، خصوصاً في المجالات التجارية والاستثمارية، ليرتقي إلى مستوى التنسيق السياسي القوي في هذه المرحلة».

ويتصدر الجانب الاقتصادي مسارات التعاون الثنائي بين مصر وقطر، وفق الشرقاوي، الذي أشار إلى أهمية «استفادة الدوحة من مناخ الاستثمار المشجع في مصر الفترة الحالية»، وقال إن هذا القطاع يمكن أن يشكل «قاطرة لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين».

وخلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت قطر عن «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة، بقيمة 7.5 مليار دولار».

وإلى جانب تعزيز «الشراكة المصرية - القطرية،» شدد الشرقاوي على أهمية «التنسيق المستمر بين الجانبين فيما يتعلق بقضايا المنطقة، خصوصاً الوضع في غزة»، وقال إن «القاهرة والدوحة، تعملان لحشد الجهود الدولية، لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للسلام في غزة».

كما ناقش وزير الخارجية المصري، مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورج برانديه، خلال «منتدى الدوحة»، السبت، «التعاون المشترك، من خلال مبادرات وأفكار مبتكرة لدعم جهود التنمية»، كما بحث مع أمين عام منظمة التعاون الرقمي، ديما اليحيى، «تعزيز التعاون بين الدول النامية في قضايا التكنولوجيا والحوكمة الرقمية».


نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
TT

نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)

تشهد الساحة السياسية اليمنية تحوّلاً لافتاً في الوعي والتنظيم النسوي داخل الأحزاب والمكوّنات السياسية، بعد سنوات طويلة من التهميش والإقصاء؛ إذ أعلنت قيادات نسائية حزبية تبنّي خطة جديدة لتعزيز حضور المرأة في الحياة السياسية، وتمكينها من الوصول إلى مواقع القرار، بما في ذلك الحصول على حقائب وزارية، ورفع تمثيلها داخل الهياكل الحزبية إلى 30 في المائة كمرحلة أولى، ترتفع تدريجياً إلى 50 في المائة.

وجاءت هذه الخطوات عقب ثلاثة أيام من النقاشات الواسعة في لقاء نظّمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عدن، وشاركت فيه ممثلات ثمانية من أبرز الأحزاب والكيانات السياسية اليمنية. اللقاء كشف حجم الاحتقان داخل الأطر الحزبية نتيجة استمرار تغييب النساء عن المواقع القيادية، رغم الدور الواسع الذي لعبته اليمنيات خلال الحرب والأزمات المتتالية.

واتفقت المشاركات على وضع خطط داخلية واضحة لتمكين القيادات النسوية من حقائب وزارية وقيادة مؤسسات حكومية، إلى جانب إطلاق برامج تدريب وتأهيل متخصصة لإعداد كوادر نسائية قادرة على المنافسة.

اليمنيات يطمحن لرفع تمثيلهن داخل الهيئات الحزبية إلى 50% (إعلام محلي)

كما أقرت المشاركات اعتماد «كوتا نسائية» لا تقل عن 30 في المائة في التعيينات القيادية داخل الأحزاب، مع مراجعة اللوائح الداخلية التي تمثّل عائقاً أمام وصول النساء إلى مراكز صنع القرار.

وتجاوزت المشاركات التباينات السياسية بين أحزابهن، مؤكدات الحاجة إلى إعداد ميثاق أخلاقي يحمي المرأة داخل العمل الحزبي والسياسي، ويفرض التزامات واضحة على المكوّنات في ما يتعلق بترشيح النساء للمناصب، ودعم صعودهن في هياكل الأحزاب.

تحرير القرار الحزبي

ناقشت المشاركات اليمنيات بعمق الوضع المؤسسي للمرأة داخل أحزابهن، والعوائق البيروقراطية والتنظيمية التي تعوق مشاركتها الفاعلة، إضافة إلى التحديات العامة المرتبطة بالعمل السياسي في ظل الحرب التي أشعلها انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية قبل أحد عشر عاماً.

وأشارت المتحدثات إلى ضعف آليات التواصل والتنسيق بين الكوادر النسوية، وغياب السياسة الحزبية الواضحة لتمكين المرأة، إلى جانب محدودية حضور النساء في دوائر صنع القرار داخل الأحزاب.

دعم أممي لمشاركة المرأة في العملية السياسية وبناء السلام (إعلام محلي)

من جانبها، أكدت دينا زوربا، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن، خلال اللقاء، أن القيادات النسوية داخل الأحزاب يتحملن دوراً محورياً في دعم وصول النساء إلى مناصب القرار العليا، من خلال تقديم المرشحات للمناصب الحكومية والمشاركة النشطة في العملية السياسية وبناء السلام.

وحثّت زوربا المشاركات على مواجهة التحديات الهيكلية في مؤسساتهن الحزبية، والعمل على تحسين الوضع المؤسسي للمرأة باعتباره خطوة أساسية لضمان وصولها إلى القرار السياسي.

كما أوضحت أن رفع مشاركة المرأة في الأحزاب ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل ضرورة لحماية العملية السياسية نفسها، مؤكدة أن أي عملية بناء سلام لا تشمل النساء تظل ناقصة وغير قابلة للاستمرار.

ووفقاً للمنظمين، فقد هدفت الجلسات النقاشية إلى خلق منصة حوار سياسية تجمع النساء القياديات، وتتيح لهن فرصة صياغة حلول عملية قابلة للتطبيق على المدى القريب. وشملت الجلسات عروضاً تحليلية حول موقع المرأة داخل الهياكل الحزبية، ونقاشات جماعية لتحديد مقاربات فعّالة لتعزيز دور النساء في صياغة مستقبل البلاد.

موقف رئاسي داعم

قدّمت القيادات النسوية عدداً من التوصيات المتعلقة بتحسين الدور المؤسسي للنساء داخل الأحزاب اليمنية، والارتقاء بكفاءتهن في مواقع اتخاذ القرار، وتعزيز مسؤولية الأحزاب تجاه قضايا النساء داخل المكوّنات السياسية. وأكدت التوصيات ضرورة تفعيل دوائر تمكين المرأة داخل الأحزاب، وتبنّي آليات واضحة تضمن وصول أصوات النساء وأولوياتهن إلى مسارات صنع القرار.

وفي السياق ذاته، تماشياً مع المطالب النسوية، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى ضرورة إشراك المرأة في الحكومة وتمكينها من قيادة حقيبة وزارية، مؤكداً أن تغييب النساء عن مواقع القرار يمثل خللاً قانونياً ومؤسسياً يجب معالجته فوراً.

التزام حكومي يمني بتمثيل المرأة في موقع القرار السياسي (إعلام حكومي)

وشدد العليمي على أن المرأة اليمنية كانت وما تزال شريكاً أساسياً في الصمود والبناء، وأن مطالبتها بحقها في التمثيل السياسي ليست مِنّة من أحد، بل حق أصيل يجب الاعتراف به. وقال: «ليس من العدل أن تتحمل المرأة الأعباء كافة، في حين تغيب عن مواقع صنع القرار تماماً». وأضاف أن بقاء الحكومة بلا حقيبة وزارية نسائية أمر غير مقبول، خاصة في بلد تشكل النساء فيه أكثر من نصف عدد السكان.

ويبدو أن هذه التوجهات، إلى جانب الجهود الأممية، تمهد لمرحلة جديدة من المشاركة النسوية، قد تعيد رسم الخريطة السياسية المستقبلية، خصوصاً إذا التزمت الأحزاب بتنفيذ ما أعلنته من خطط ومراجعات داخلية.


تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.