حفل «أوسكار 2023» يحِن إلى أناقة العصر الذهبي لهوليوود

الموضة والسينما... علاقة بُنيت على الإبهار والاتجار

النجمة الأميركية هالسي في إطلالة بالون الأسود الساحر (أ.ف.ب) - الممثلة كيت هادسون لدى وصولها  إلى حفل فانيتي فير بفستان  من تصميم تامارا رالف (أ.ف.ب)
النجمة الأميركية هالسي في إطلالة بالون الأسود الساحر (أ.ف.ب) - الممثلة كيت هادسون لدى وصولها إلى حفل فانيتي فير بفستان من تصميم تامارا رالف (أ.ف.ب)
TT

حفل «أوسكار 2023» يحِن إلى أناقة العصر الذهبي لهوليوود

النجمة الأميركية هالسي في إطلالة بالون الأسود الساحر (أ.ف.ب) - الممثلة كيت هادسون لدى وصولها  إلى حفل فانيتي فير بفستان  من تصميم تامارا رالف (أ.ف.ب)
النجمة الأميركية هالسي في إطلالة بالون الأسود الساحر (أ.ف.ب) - الممثلة كيت هادسون لدى وصولها إلى حفل فانيتي فير بفستان من تصميم تامارا رالف (أ.ف.ب)

كانت مصممة أزياء استوديوهات هوليوود الشهيرة إديث هيث سابقة لأوانها. لم تُصمم أزياء مفعمة بالأنوثة والغموض سجلت لمرحلة مهمة في عصر هوليوود الذهبي فحسب، بل كانت أيضاً سابقة لأوانها لأنها توقعت أن يتحول حفل الأوسكار إلى أكبر منصة عرض أزياء في العام. في عام 1970 صرَحت: «سيأتي وقت سيُصبح فيه حفل توزيع جوائز الأوسكار أعظم عرض أزياء في العالم... ستتبع أزياء صممها كبار المصممين من كل العالم وتعرضها أجمل نساء العالم... نجمات هوليوود». أمر استغرق وقتاً وبضعة عقود ليصبح واقع حفل الأوسكار إلى ما عليه الآن، شاء البعض أم كره. فالحفل السنوي لم يعد عن السينما فحسب، بل أيضاً عن الأزياء والمجوهرات، بدليل أن التغطيات التي يحصل عليها جانب الأزياء يُغطي أحياناً على جانب السينما والأفلام. خارج مسرح دولبي في هوليوود، لوس أنجلوس حيث يقام الحفل، وخارج مقر حفل «فانيتي فير» الذي يقام بعد توزيع الجوائز، يصطف الصحافيون على كل المداخل. يتصيدون وصول النجوم وهم يحملون ميكروفونات متأهبة لأجوبة قد تكون مقتضبة لكنها شافية. تتوقع أن تكون هذه الأسئلة عن الأفلام، لكنك تتفاجأ أن أغلبها يتمحور حول الأزياء. من مصمم الفستان؟ وما هي دار المجوهرات؟ وما إلى ذلك.

الحفل السنوي لم يعد عن السينما فحسب، بل أيضاً عن الأزياء والمجوهرات، بدليل أن التغطيات التي يحصل عليها جانب الأزياء تتجاوز أحياناً جانب السينما والأفلام

النجم البريطاني هيو غرانت أعلن أمس عن استيائه من هذا الوضع ببلاغة. عندما سألته صحافية عن البدلة التي يلبسها آملة أن يقول لها اسم الدار أو المصمم. رد: أنا أرتدي بدلة. جارته ضاحكة وهي تسأله مرة أخرى: من هو مصممها؟ ليأتي الرد: صممها خياط لا أتذكر اسمه. كان واضحاً أنه يرفض أن يُصبح طرفاً في هذه اللعبة بأي شكل من الأشكال. لكن إذا كان هيو غرانت قد عبَر عن غيظه من الوضع بصراحة، فإن باقي النجوم قرروا أن يركبوا الموجة ويستفيدوا منها. أصبح بعضهم سفراء لهذه البيوت، يحصلون على كل التسهيلات للحصول على أجمل الأزياء وآخر ما خطوطها ليتألقوا بها على السجاد الأحمر. وحتى عندما لا يكونوا تحت أنظار أي بيت من بيوت الأزياء العالمية، فهم يُكلفون خبراء أزياء ليكونوا صلة الوصلة بينهم، حفاظاً على صورتهم وعلى مكانتهم أيضاً.
هذا العام كان عيد ميلاد الحفل الـ70 أو بالأحرى العام الذي تم بثه على شاشات التلفزيونات وأصبح بإمكان الجميع متابعته. منذ انطلاقه في عام 1929، كان حريصاً على أن يحافظ على أناقته.
هذه كانت مكتوبة من قبل الاستوديوهات الكبيرة بلغة واضحة: أن يرتدي النجوم بدلات مع ربطات «بابيون» والنجمات بأزياء ساحرة تستحضر الغموض والأنوثة في الوقت ذاته. كانت غالبية الفساتين من إبداع مصممي ومصممات الأفلام يعملون في الاستوديوهات مثل هيلين روز وإديث هيد وغيرهما ممن كانوا العمود الفقري في السينما إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه من دون أزياء لا تكتمل الصورة على الإطلاق.
إديث هيد مثلاً هي التي صممت أغلى فستان شهده حفل الأوسكار، ألا وهو فستان الراحلة غرايس كيلي. كان باللون الأزرق السماوي وصممته لها من الحرير الذي قُدر ثمنه بـ4000 دولار في ذلك الوقت، أي في 1955.
بدورها صممت هيلين روز فستان غرايس كيلي لحفل الأوسكار عام 1956. كان رائعاً إلى حد أن النجمة طلبت منها تصميم فستان زفافها الذي أقيم في العام نفسه. كان السيناريو المكتوب تقليدياً بمفهوم اليوم. أن تظهر النجمات في الحفل بأجمل شكل لكن من دون إثارة صادمة. كان ذلك في وقت كانت فيه الاستوديوهات تحظى بقوة تُتيح لها التدخل في كل صغيرة وكبيرة، بما في ذلك حياة نجومها الشخصية وعلاقاتهم الحميمة. بالنسبة للأزياء كانت تريد أن تحافظ النجمات على صورة تثير الحلم وبعيدة المنال في الوقت ذاته. لكن في الستينات ومع ظهور حركات نسوية واجتماعية وسياسية بدأت هذه الاستوديوهات تفقد السيطرة بالتدريج. في السبعينات أيضاً انسحبت إيديث هيث من الساحة وسلمت المشعل لمساعدها بوب ماكي. كانت لهذا الأخير نظرة مختلفة تماماً عن الجمال والأناقة. بدأ يُدخل الأقمشة الشفافة على الأزياء والخطوط الضيقة التي تُبرز تضاريس الجسم بشكل واضح. ثم مع تنامي الحركات النسوية والاجتماعية والسياسية بدأت الأزياء تأخذ دوراً مختلفاً، خصوصاً مع رغبة النجمات في التحرر من القيود التي كانت تفرضها عليهن الاستوديوهات قديماً. في عام 1973، مثلاً اختارت جين فوندا تايورا من إيف سان لوران تعبيراً عن رفضها لحرب فيتنام. عندما سُئلت عن سبب اختيارها لتايور عوض فستان كما جرت العادة، ردت: «أردت شيئاً يُعبر عني. هذا ليس وقت استعراض الفساتين، إنه وقت الجد». كانت هذه أول مرة تدخل فيها السياسة مناسبة كبيرة.
لكن بالنسبة لمصممي باريس وميلانو، فإن عيونهم تفتحت على أهمية السجاد الأحمر وحفل الأوسكار بالذات ومدى سحر النجمات منذ الستينات. في عام 1961 نجحت إليزابيث تايلور أن تطلق اسم مصمم شاب اسمه مارك بوهان كان قد تسلم لتوه مقاليد دار «ديور» إلى العالمية. توطدت العلاقة بين النجمات وبيوت أزياء معينة منذ ذلك الحين. لكن صناع الموضة لا يكتفون. هم دائماً يطمحون إلى كسب المزيد. ربطهم ثنائيات مع نجمات مثل غريس كيلي وديور، وأودري هيبورن وجيفنشي فتحت شهيتهم لدخول السينما بقوة بتصميم أزياء الأفلام، من جيورجيو أرماني إلى جياني فيرساتشي وغيرهما. ومع ذلك ظلت العلاقة إلى حد التسعينات من القرن الماضي، تراعي المفاهيم القديمة من الجانبين. يمكن القول إن 1995 كان العام الذي وُلدت فيه العلاقة كما نراها الآن. كان ذلك عندما ظهرت النجمة أوما ثورمان بفستان من «برادا» على السجاد الأحمر. كانت هذه اللحظة هي التي رسَخت مكانة الموضة في مناسبات السينما. ليس لأنها أكدت قوة تأثير النجوم على تسويق منتجاتهم فحسب بل لأنها فتحت شهية النجمات على الموضة كجانب يستثمرن فيه جمالهن وقوتهن للحصول على عقود مجزية. فليس اعتباطاً أن ريهانا تعتبر أغنى مغنية. فهي لم تحقق المليارات من ألبوماتها الغنائية بل من استثماراتها في مجالي الأزياء والماكياج.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».