الخطر يحدق بقلعة صلاح الدين في سوريا بعد تضرّرها من الزلزال

قلعة صلاح الدين في محافظة اللاذقية السورية (أ.ف.ب)
قلعة صلاح الدين في محافظة اللاذقية السورية (أ.ف.ب)
TT

الخطر يحدق بقلعة صلاح الدين في سوريا بعد تضرّرها من الزلزال

قلعة صلاح الدين في محافظة اللاذقية السورية (أ.ف.ب)
قلعة صلاح الدين في محافظة اللاذقية السورية (أ.ف.ب)

على تلّة من الحجارة التي انهارت من أحد الأبراج إثر الزلزال، يقف المشرف على قلعة صلاح الدين، زهير حسون، ويشير بحسرة إلى تشقّقات أصابت الموقع المُدرَج على قائمة التراث العالمي المهدد، على غرار مواقع أثرية عدة في سوريا تضررت بفعل الكارثة.
وألحق الزلزال المدمّر الذي ضرب في السادس من فبراير (شباط) سوريا وتركيا المجاورة، وأودى بحياة أكثر من خمسين ألفاً في البلدين، أضراراً بقرابة أربعين موقعاً أثرياً وتاريخياً في أنحاء سوريا، وفق المديرية العامة للآثار.
وتراوحت الأضرار بين انهيارات كاملة وجزئية في الأسوار الخارجية لقلاع تاريخية وأبراجها، وتصدعات وتشققات أصابت أسقف وجدران مواقع أثرية وتهدّد مستقبلها، إلى جانب تضرّر في البنية الإنشائية لكنائس ومساجد ومتاحف يعود بعضها إلى القرون الوسطى.
ويقول حسون لوكالة الصحافة الفرنسية «دقّ ناقوس الخطر أبراج القلعة كلها، وانهار أحدها بالفعل بعد الزلزال»، موضحاً أن «زنة كل حجر طنّ على الأقل، وأي جزء ينهار من القلعة باتجاه الوادي، تستحيل إعادته مرة أخرى».
على حافة سور متصدّع، يمشي حسون بحذر وهو يعبر تحت ثلاث قناطر متصدّعة بدورها، وسقطت منها حجارة. ثم يُشير بيده إلى واجهة القلعة العملاقة التي يعود بدء بنائها إلى القرن العاشر وتحمل بصمات من حقبات عدة وقد خرقها صدع كبير من أولها إلى آخرها.
ويوضح «ثمّة انهيارات مقبلة في القلعة لا محالة، ولا شيء يحول بينها وبين ذلك إلا بعض الوقت أو أي هزّة خفيفة مقبلة أو حتى أمطار غزيرة تدخل الشقوق وتملؤها».
وتمتد قلعة صلاح الدين الواقعة في ريف اللاذقية (غرب) على مساحة 55 دونماً، وهي واحدة من أكبر خمس قلاع أثرية في البلاد، ومدرجة على لائحة التراث العالمي منذ 2006 ولائحة التراث المهدّد منذ 2013.
وخلافاً لقلاع حلب (شمال غرب) والمرقب (غرب) والحصن (وسط)، التي طالتها أضرار كبيرة خلال النزاع، بقيت قلعة صلاح الدين بمنأى عن تداعيات الحرب.
وظلت مقصداً للزوار والسياح إلى أن علّقت السلطات السورية الزيارات إليها بعد الزلزال «حرصاً على سلامة وافديها».
في المتحف الوطني وسط دمشق، يستعرض المدير العام للآثار والمتاحف، نظير عوض، خريطة الأماكن الأثرية المتضررة، ويرسم دوائر حمراء حول محافظات حلب وإدلب واللاذقية وطرطوس وحمص وحماة، الأكثر تأثراً بالزلزال.
ويقول عوض «رصدنا أكثر من أربعين موقعاً متضرراً»، لافتاً إلى أنّ «الضرر الأكبر في قلعة حلب وفي المدينة القديمة، إضافة إلى تشققات وصدوع وانهيارات في قلاع وأبنية وخانات وجوامع وكنائس تاريخية في المدن المنكوبة».
ويُضيف «بعض الأضرار لا تحتمل التأجيل وتحتاج إلى تدخل إسعافي كي لا نخسر كنوزاً تاريخية لا تقدر بثمن».
وتفقّد وفد من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) الأضرار التي لحقت بقلعة حلب ومدينتها القديمة ومدارسها.
وبحسب مديرية الآثار، تعمل المنظمة على تقدير حجم الأضرار «تمهيداً لوضع أولويات التدخل العاجل للأماكن المتضررة ودراسة تمويل بعض المشاريع التي تحتاج إلى تدخل إسعافي عاجل».
وألحق الزلزال أضراراً بقلعة حلب التي تعد نموذجاً للعمارة العسكرية الإسلامية في القرون الوسطى. وتسبب بسقوط أجزاء من الطاحونة العثمانية داخل القلعة وسقوط أجزاء من الأسوار الدفاعية الشمالية الشرقية، وكذلك من قبة منارة الجامع الأيوبي» الواقع داخل القلعة، عدا عن تشققات وتصدّعات.
يصرّ عوض «نحن في حاجة ماسة إلى خبراء زلازل دوليين لتقييم الوضع عن كثب وبدقة»، منبهاً من أن «المواقع لن تصمد طويلاً ما لم نسعفها على الحال».
ولم تقتصر الأضرار على مواقع أثرية في مناطق سيطرة الحكومة، بل طالت كذلك مواقع أخرى في إدلب وشمال حلب تحت سيطرة فصائل متطرفة ومعارضة. وينقل عوض عن مصادر محلية وجود «أضرار جسيمة» لحقت بمواقع عدّة.
ومن بين المواقع المتضررة بشدّة، دير القديس سمعان العامودي في شمال حلب، حيث شاهد مصور وكالة الصحافة الفرنسية حجارة مكومة فوق بعضها بعضاً.
ويشير المؤرخ فايز قوصرة لوكالة الصحافة الفرنسية إلى تضرر القسم الغربي من الموقع الأثري، وتحطّم واجهته الشرقية المقوسة، فضلاً عن بعض الأعمدة.
وسُمي الموقع نسبة إلى القديس سمعان العمودي، الذي أمضى وقته ناسكاً في القسم الجنوبي من الدير الذي تحول لاحقاً مقصداً للحجاج.
وفي مدينة حارم في إدلب، التي تعد من المناطق الأكثر تضرراً بالزلزال والتي دمرت عشرات المباني فيها، لحقت أضرار جزئية بقلعة حارم التي يعود بناؤها إلى الحقبة البيزنطية.
وتهدمت أجزاء من جدرانها وأقواس 12 محلاً تجارياً تابعاً لها.
ويقول المدرس في مدينة حارم والمهتم بمتابعة شؤون الآثار فراس منصور لوكالة الصحافة الفرنسية «أن يتهدم بناء فهذا أمر طبيعي، أما قلعة قاومت عمارتها كل الضغوط فإنه لأمر غريب ومحزن».


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

الولايات المتحدة​ رجل يحمي نفسه من المطر أثناء سيره على طول رصيف شاطئ هنتنغتون (أ.ب)

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

ألغت الولايات المتحدة التحذير من خطر حدوث تسونامي، الذي أصدرته في وقت سابق الخميس في كاليفورنيا، بعدما ضرب زلزال بقوة 7 درجات.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )
شؤون إقليمية فرق الإنقاذ التي تبحث عن ناجين وسط الركام بعد الزلزال الذي ضرب مدينة كاشمر في شمال شرقي إيران يونيو الماضي (أرشيفية - إيسنا)

زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب غرب إيران

قالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن زلزالاً بقوة 5.6 درجة ضرب غرب إيران، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا عمارات على النيل في وسط العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)

هزة أرضية بقوة 4.8 درجة تضرب شمال مصر

سجلت مصر اليوم هزة أرضية بقوة 4.8 درجة على بعد 502 كيلومتر شمالي دمياط في شمال شرقي البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

يعكف علماء على مراقبة سلوك الحيوانات باستخدام أجهزة تعقب متطورة تُثبّت على أجسادها، وترتبط بقمر اصطناعي جديد يُطلق العام المقبل

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.