الكشري... طبق مصر الأشهر يتحول إلى حقل تجارب

السوريون قدموه داخل الخبز المحمص... واللحم أضيف إليه

الكشري من أشهر الأطباق في المطبخ المصري (شاترستوك)
تم إدخال اللحم بمختلف أنواعه إلى الكشري بما في ذلك الكبدة (شاترستوك)
فتة الكشري مع الخبز المحمص (الشيف خالد عبد الفتاح)
الكشري من أشهر الأطباق في المطبخ المصري (شاترستوك) تم إدخال اللحم بمختلف أنواعه إلى الكشري بما في ذلك الكبدة (شاترستوك) فتة الكشري مع الخبز المحمص (الشيف خالد عبد الفتاح)
TT

الكشري... طبق مصر الأشهر يتحول إلى حقل تجارب

الكشري من أشهر الأطباق في المطبخ المصري (شاترستوك)
تم إدخال اللحم بمختلف أنواعه إلى الكشري بما في ذلك الكبدة (شاترستوك)
فتة الكشري مع الخبز المحمص (الشيف خالد عبد الفتاح)
الكشري من أشهر الأطباق في المطبخ المصري (شاترستوك) تم إدخال اللحم بمختلف أنواعه إلى الكشري بما في ذلك الكبدة (شاترستوك) فتة الكشري مع الخبز المحمص (الشيف خالد عبد الفتاح)

كيف لطبق الكشري التقليدي أن يتخلى عن شكله المتعارف عليه، المكون من الأرز والعدس والبصل المقلي، ومزيج من الصلصة والحمص، ليواكب موجات التجارب التي تطرأ على الطهي وطرق إعداده وتقديمه.
بحث محبو الكشري وصانعوه خلال السنوات القليلة الماضية عن طرق مختلفة تجدد من مذاقه، حيث هبت رياح الابتكار على الطبق الأثير لدى قطاعات واسعة من المصريين، وحملت وصفات تجريبية إليه نكهات جديدة وطرق طهي مختلفة، في محاولة لتجديد طعمه، والذهاب به إلى مناطق شهية لم يطرقها من قبل، وجذب فئات مختلفة إليه.
أحد مظاهر إعادة اكتشاف الكشري كانت بإضافة اللحم إليه، حيث أصبح معتاداً أن تتضمن قائمة الطعام في مطاعم الكشري تقديم طبقها الشعبي مضافاً إليه قطع الكبدة، السجق، شاورما اللحم، شاورما الدجاج، في الطبق ذاته.
يقول الشيف خالد المحمدي، عضو جمعية الطهاة المصريين، لـ«الشرق الأوسط»: «يظل الكشري بمذاقه المعتاد أحد الأطباق الأكثر شهرة على موائد المصريين، ولكن لم يمنع ذلك من تقديمه كطبق تقليدي مع لمسة عصرية، أو مبتكرة».
ويرى أن «الطعام التقليدي يجب الابتكار فيه، لذا نجد أن الكشري خلال السنوات الماضية خضع للتطوير، الذي يصب في النهاية لصالح المذاق»، لافتاً إلى أنه «بدأ يضاف إليه اللحوم والدواجن وهي الإضافات التي أقبل عليها الكثيرون لتجربة طبق الكشري المفضل مع ما يروق لهم من أصناف».
ويضيف: «انتشار المطاعم السورية واللبنانية في مصر مؤخراً ساهم في مزج الكشري المصري بالشاورما السورية واللبنانية بشكل خاص، لا سيما أنها تجد شهرة كبيرة لدى المصريين»، لافتاً إلى أن زيادة عدد المطاعم المتخصصة في تقديم الكشري، والمنافسة بينها عملت على مزيد من الابتكارات.
وأضاف الشيف: «رأينا في الآونة الأخيرة أن هناك من يقدم الكشري بجبن (الموتزاريلا)، أو داخل الخبز السوري المحمص، كشكل مبتكر من (ساندويتشات الرول)، كما توسعت بعض المطاعم في تقديم (فتة الكشري) بالخبز المحمّص بالفرن، وذلك في استغلال لشهرة طبق الفتة السوري، الذي يحظى برواج كبير بين فئات المصريين».
ويلفت المحمدي إلى تقديمه من خلال مسابقات الطهي المختلفة التي يشارك بها للكشري بشكل مبتكر، من خلال استخدامه الصوص الأبيض بدلاً من الصلصة الحمراء، فيما تظل باقي المكونات كما هي بطريقة الإعداد التقليدية، وهو ما أكسبه مذاقاً وشكلاً مختلفين.
ويتابع: «قد يشعر البعض أن الكشري يقدم بإضافات ليس لها علاقة ببعضها البعض، أو يحمل أصنافاً متناقضة، لكنها تحمل في النهاية توليفة تم ابتكارها لإرضاء ذواقة الطبق الشعبي».
لا تقتصر ابتكارات طبق الكشري على شكل الطبق فقط، ولكن تمتد كذلك إلى أساسيات طهيه ونضجه. يقول الشيف خالد عبد الفتاح، عضو جمعية الطهاة المصريين، لـ«الشرق الأوسط»: «طبق الكشري من الأطباق الأكثر شهرة في مصر، وجميع الجنسيات الأجنبية والعربية التي تزورها يترددون بشكل دائم على مطاعم الكشري الشهيرة للاستمتاع بمذاقه».
ويقول: «بعض مطاعم الفنادق أضافته على قوائم طعامها، وهو ما دفع صنّاع الطبق الشعبي إلى البحث عن تجديده، والابتكار في المكونات التي تضاف إليه، مدفوعين أيضاً إلى ذلك لكون مزاج المصريين دائماً يميل إلى تجريب الجديد».
ويضيف: «رغم أن إعداد الكشري بالمنزل يعد سهلاً للغاية وتجيده كثير من ربات المنزل المصريات، فإن أخريات خاصة من السيدات العاملات ينصرفن عن إعداده منزلياً، لأنه يتطلب منهن الكثير من الأواني والمزيد من الوقت، لكون مكوناته تتطلب أن تطهى كل منها على حدة، لذلك ظهرت مؤخراً طريقة إعداد سهلة وسريعة للكشري، بجمع المكونات كلها داخل إناء واحد، وطهيها سوياً، تعرف باسم (كشري الإناء الواحد)، لتقليل الوقت في عمله، وتجنب المجهود الكبير إلى جانب تحقيق المذاق الشهي».

- الكشري على طريقة الشيف خالد عبد الفتاح
* المكونات
2 كوب أرز، 1 كوب حمص، نصف كوب عدس، كوب شعرية، معكرونة وإسباغيتي، و2 فص ثوم، ملعقة ملح، ملعقة فلفل، ملعقة كمون، بصل.
* الطريقة:
- يوضع العدس في إناء ويضاف إليه ماء ساخن ويترك لمدة ساعة، قبل وضعه على النار.
- يقطع البصل شرائح رفيعة لسهولة القرمشة وعدم تشربه الزيت عند التحمير، وعليه يرش قليلاً من الملح مع ملعقة من النشا للقرمشة، ويقلب ثم يحمَّر في الزيت.
- يتم وضع مقدار من زيت تحمير البصل في إناء، ويوضع على النار، ثم توضع الشعرية وتحمَّر إلى أن تأخذ اللون الذهبي، ثم يضاف إليها الأرز، مع الثوم والملح والفلفل والكمون، ثم يضاف الماء.
- بعد الغليان توضع المعكرونة، ثم الإسباغيتي، تغطى المكونات من دون تقليب، وتترك على النار حتى تنضج جميع المكونات ويضاف الحمص والعدس والبصل حسب الرغبة، إلى جانب صلصة الطماطم.


مقالات ذات صلة

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

مذاقات أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات يعمل الشيف حسين فياض وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام»

فيفيان حداد (بيروت )
مذاقات القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

«الحلو إيه» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

حكايةُ الكنافة بالشكولاته في دبي نجمة الإنترنت الشهية

تخدع التسمية؛ ففي لبنان مثلاً تعني الكنافة كعكة محشوَّة بجبن تعلوه حلوى أقرب إلى «النمّورة»، وسط كثافة القَطر المتدلّي، عادةً، إلا لمَن يفضِّل الحدّ من الحلاوة

فاطمة عبد الله (بيروت)
مذاقات بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» في أبوظبي

أعلن فندق «روزوود أبوظبي» افتتاح «المجلس من بيير هيرميه»، الذي سيكون الوجهة الفريدة من نوعها في قلب «جزيرة الماريه».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي )
مذاقات حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

تُكمل كلود قريطم طريق جدّها ووالدها مع شقيقتها، مُتجاوزةً تحدّيات لبنان الاقتصادية والأمنية، بالإصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل الإرث.

فاطمة عبد الله (بيروت)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
TT

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

«الحلو إيه؟» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات متلاحقة، والعقد الماضي كان الأبرز من حيث تغيير البصمة الأصلية لمذاق الحلويات.

وعزا بعض المطلعين على سوق الطعام تغيير ذوق المصريين في «الحلو» إلى «ضيوف» مصر من الجاليات العربية، خاصة السوريين المعروفين بمهارات الطهي، سواء في الحلو أو الحادق، بينما أرجع آخرون الفضل إلى مواقع التواصل التي أشعلت المنافسة وفرضت ثقافة «التريند».

ظلت «التحلية» على الطريقة المصرية تُزينها أصناف محدودة حتى سنوات قريبة، كان الأمر مقتصراً على وصفات يمكن تحضيرها في المنزل، مثل البسبوسة، والكنافة، والجلاش المحشي بالمكسرات، والكيك، وأم علي، حتى الأرز بلبن وسكر، إن خلا المطبخ من مكونات الزبد والدقيق والبيض والسميد.

كشري حلو (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الوصفات عينها كانت متوفرة لدى محال الحلوى الشهيرة التي لا يزورها إلا ميسورو الحال، وكانت تقدم الغربي أولاً، الممثل في قطع الكيك المُزين بالكريم شانتي والفاكهة الطازجة، وربما طبقات الشوكولاتة، ثم تسللت وصفات الحلوى الشرقية، وباتت منافساً يتقاسم السوق.

تبدل الحال الآن، وظهرت أصناف عدة لا يمكن إدراجها وفقاً للتصنيف الكلاسيكي للحلوى بين «الشرقي والغربي»، وحلّت «تريندات الحلو»، التي كان لضيوف مصر من الجاليات العربية عظيم الأثر في صعودها، حتى بات المصري يتطلع بعد الأكل لصحن القشطوطة أو الكاساتا بالبستاشيو، أما إذا كنت من عشاق المغامرات فعليك بصحن السعادة أو ما يطلق عليه تجارياً «طلب السيروتونين»، وهو طبقات من أنواع حلوى عدة، مثل الأرز بلبن مع البسبوسة والأيس كريم.

وعن تطور ذوق المصريين في الحلويات، ترى ريم عمرو، مستشارة تسويق وصاحبة شركة متخصصة في تطوير العلامات التجارية للحلويات، أن ثقافة «التحلية» لدى المصريين باتت أكثر ارتباطاً بالمتعة بعدما تنوعت الاختيارات، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «صناعة الحلوى في مصر تعود لأكثر من قرن من الزمان، وثمة علامات كلاسيكية يتخطى عمرها مائة عام، مثل جروبي، وتسيباس، وسيموندس، جميعها كانت محالاً يمتلكها أجانب، لذلك اعتمدوا في البداية الكيك أو الحلوى الغربية فقط».

وأضافت: «تطور بعد ذلك مفهوم الحلواني، وباتت الحلويات الشرقية مثل البسبوسة والكنافة والبقلاوة تظهر كمنافس بفضل الانفتاح الثقافي، خصوصاً مع ظهور علامات تجارية، مثل (العبد) ذات الأصول المصرية الخالصة، وكذلك (عبد الرحيم قويدر) الذي تمتلكه عائلة مصرية منحدرة من أصول سورية، لينقسم مفهوم التحلية لدى المصريين بين الشرقي والغربي».

وتشير مستشارة التسويق إلى أن «لكل موسم حلوى خاصة به، مثل حلوى (المولد النبوي) وكعك العيد وكيك الكريسماس، كل هذا يعكس العلاقة العاطفية المتأصلة في الثقافة المصرية، التي تربط بين تناول الحلو والشعور بالسعادة».

وتلفت إلى أنه «خلال السنوات العشر الماضية تطور ذوق المصريين وباتت تفضيلاتهم تشمل أصنافاً غير مألوفة، وتصاعد التغيير بالتوازي مع استقبال مصر للأشقاء العرب من سوريا وليبيا والعراق، وأخيراً السودان».

وتنوه إلى أن «الوجود السوري كان حاضراً في سوق الحلويات قبل استقبال مصر للسوريين الفارين من الحرب، وخلال العقد الماضي تأصل هذا الحضور بوصفات الكنافة على الفحم والكنافة بالجبن، بالإضافة إلى البقلاوة التركية التي يبرع الطهاة السوريون في تحضيرها».

وقالت: «الحضور السوري في البداية كان يتماشى مع الأصناف الشرقية المعروفة لدى المصريين، غير أنه مع مزيد من الاندماج ظهرت محال مثل (بلبن) الذي رفع شعار التجديد بأطباق حلوى، مثل الطسطوسة المكونة من طبقات الكيك الغارق في الزبدة مع الكنافة والكريمة والقشدة».

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

عدّت ريم ما يشهده الذوق المصري في «الحلو» تغييراً ناتجاً عن «الانفتاح الثقافي والاندماج المجتمعي». وقالت: «مع هذا الاتجاه تأصل مفهوم المقهى الذي يقدم حلوى أكثر عصرية، مثل الكاب كيك والوافل والبراونيز والدوناتس والمافن، وارتبطت هذه الثقافة أكثر بجيل الشباب».

ثقافة «التريند»

كما تعزو ريم تنوع مذاقات الحلو لدى المصريين إلى «التريند»، وقالت إن «السوشيال ميديا ساهمت في اشتعال المنافسة بين صنّاع الحلوى، ولم تعد السوق مقتصرة على الأسماء الرنانة، بينما دخل المنافس العربي والهواة، كما اتسعت السوق واحتضنت رغبات الشباب بأفكار غير تقليدية».

وأضافت أن «حالة الزخم هذه لحقت بها أفكار جاذبة، بعضها يعود إلى ثقافة المحافظات المصرية، مثل المدلعة التي تعود أصولها إلى طنطا، ثم ظهرت حلوى المقلوبة والمدلوقة والشرقانة والغرقانة والمكشكشة والمدحرجة والمكسوفة والمكشوفة، وصولاً إلى الهايصة واللايصة».

وترى خبيرة التسويق «أن كل هذه الاتجاهات ما هي إلا طرق لجذب انتباه المستهلك، لأن جميعها تتكون من طبقات الحلوى التقليدية مثل البسبوسة مع طبقات القشدة والكنافة وتوليفات أخرى تأخذ اسماً غير مألوف بهدف الجذب فقط، ولا يمكن تسميتها بصفة التجديد».

وتقول الطاهية المصرية ملك ذكري، مؤسسة علامة «كيكة»، إن الاندماج الثقافي بين المطبخ المصري والعربي أثرى سوق الحلوى، وخلق فرصاً واعدة. وأضافت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن ذوق المصريين بات أكثر تقبلاً للاتجاهات العصرية، كما غدا يتوق للتجارب العصرية والذوبان في مذاقات تنتمي لثقافات مختلفة، غير أن الأصالة والجودة هي معيار جذب المصريين أصحاب المزاج والذوق».

وتضيف ذكري أن تطوير مفهوم التحلية تأثر بمنصات التواصل الاجتماعي، وتقول: «عندما يشاهد المستهلك (تريند) يشعر بالرغبة في التجربة بحثاً عن الشعور بالانتماء للمجموعة، وهو سلوك يعزز الثقة بالنفس، غير أن الإقبال المؤقت لا يعني الاستمرارية، لا أعني بحديثي أن التطور مرفوض ويؤثر على هوية المطبخ المصري، بينما أعني أن ثمة اتجاهات تصعد وتنتشر بوتيرة متسارعة ثم تختفي نهائياً، الرهان هنا هو الجودة وتقديم مذاق مبتكر يبقى في الخيال ويدفع صاحبه لتكرار التجربة».

وتضرب ذكري مثالاً بحلوى «الكروكي»، وهي مزيج من طبقات الكرواسون مع الكوكيز، وتقول: «المزج بين رقائق الكرواسون والقوام الهش المقرمش للكوكيز أضاف تجربة لاقت استحسان المستهلك، لذلك اعتمدها عدد من صناع الحلوى، سواء في المحال الشهيرة أو أصحاب المشروعات الصغيرة».