تحذيرات من تحول مرض الحصبة في اليمن إلى وباء خارج السيطرة

عاملون صحيون يقدمون اللقاحات في إحدى المناطق اليمنية (الأمم المتحدة)
عاملون صحيون يقدمون اللقاحات في إحدى المناطق اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

تحذيرات من تحول مرض الحصبة في اليمن إلى وباء خارج السيطرة

عاملون صحيون يقدمون اللقاحات في إحدى المناطق اليمنية (الأمم المتحدة)
عاملون صحيون يقدمون اللقاحات في إحدى المناطق اليمنية (الأمم المتحدة)

حذرت مصادر طبية يمنية من تحول انتشار مرض الحصبة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية إلى وباء لا يمكن السيطرة عليه، إذ ستمتد تأثيراته إلى كل مناطق البلاد، نتيجة منع سلطة الميليشيات حملات تطعيم الأطفال ضد الأمراض القاتلة، واستخدامها المساجد ووسائل الإعلام لتحريض السكان على عدم تطعيم أبنائهم، تحت مزاعم أن اللقاحات «مؤامرة دولية».
وقد حذرت مصادر طبية يمنية من تحول انتشار مرض الحصبة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية إلى وباء لا يمكن السيطرة عليه، إذ ستمتد تأثيراته إلى كل مناطق البلاد، نتيجة منع سلطة الميليشيات حملات تطعيم الأطفال ضد الأمراض القاتلة، واستخدامها المساجد ووسائل الإعلام لتحريض السكان على عدم تطعيم أبنائهم، تحت مزاعم أن اللقاحات «مؤامرة دولية».
الطبيب اليمني جمال عبد المغني ذكر في بلاغ وزعه على وسائل الإعلام أن مرض الحصبة في طريقه للتحول من حالات مرضية يتم استقبالها في المستشفى، إلى وباء متفشٍ بشكل كبير جداً، وقال إن انتشار مرض الحصبة في طريقه للتحول إلى وباء يشبه وباء «كورونا» في ذروة انتشاره، وحذر من أنه إذا لم يكن هناك خطط مدروسة مثل السماح بدخول أكبر كمية ممكنة من اللقاحات، بالإضافة إلى السماح بتسيير الحملات الميدانية للمتطوعين إلى البيوت، وتلقيح الأطفال ضد أمراض الطفولة القاتلة فإن الكارثة ستقع، وفق قوله.
وسخر الطبيب عبد المغني من حملة العداء التي أظهرتها الميليشيات الحوثية ضد اللقاحات، ومنعها حملات التطعيم التي كانت تنفذ بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة ومنظمة الصحة العالمية، وقال إن على مسؤولي وزارة الصحة في حكومة الانقلاب مشاهدة الكم الهائل من الأطفال المصابين بهذا الوباء بشكل يومي.
ومن جهتها أكدت الطبيبة اليمنية سهام عبد القادر، انتشار فيروس الحصبة بشكل كبير، وأعادت أسباب ذلك إلى الانخفاض في تغطية اللقاح، والتأخر في أنشطة التحصين، وعدم تنفيذ حملات تغطية «من منزل إلى منزل»، وقالت إنه بخلاف ذلك فإن الحصبة ستشكل قريباً تهديداً للأطفال في كل منطقة من مناطق البلاد.
ونبهت الطبيبة اليمنية المسؤولين عن قطاع الصحة في مناطق سيطرة الحوثيين إلى أنهم لن يفيقوا إلا بعد فوات الأوان، ووصفت من يحرض الناس على عدم تطعيم أطفالهم بأنه شريك في قتل هؤلاء الأطفال.
أما عاصم شرف، وهو أحد الأطباء الخريجين حديثاً، فيقول إن المستشفى الذي يعمل فيه بصنعاء يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الإصابة بمرض الحصبة ومضاعفاتها من التهابات رئوية بين الأطفال، وبيّن أن معظم الحالات تأتي من محافظات صعدة والجوف والبيضاء، وأن كل الحالات المصابة لم تتلقّ اللقاحات بسبب حملات التحريض عليها في تلك المناطق.
هذه التحذيرات ترافقت مع إطلاق سكان قرى المرخام والعوارض والمغرزة في عزلة حجر اليماني التابعة لمديرية المحابشة في محافظة حجة نداء استغاثة جراء تفشي مرض الحصبة الألمانية قائلين إنهم لم يعرفوا هذا الوباء من قبل، وذكروا في مناشدة وزعت على وسائل الإعلام أن عدد الوفيات من الأطفال قد بلغ عشرة، في حين تم إسعاف خمسة عشر آخرين من قرية المرخام، وحدها إلى مستشفى المحابشة، وأنه لا يزال هناك عشرات الحالات المصابة في المنازل نتيجة عدم قدرة أسرهم على نقلهم إلى المستشفيات.
السكان ناشدوا «كل الجهات المعنية ومنظمات الصحة العالمية وكل الضمائر الحية»، للتدخل السريع، وتوفير العلاجات وكل المستلزمات الطبية المجانية؛ لمعالجة كل الحالات المصابة في هذه المناطق، والتخفيف من معاناة السكان في هذه المناطق.
هذه الأوضاع المتردية تزامنت وتأكيد رئيس منظمة «أطباء بلا حدود» كريستوس كريستو، أنه رأى الكثير من الأطفال المصابين بعدوى الحصبة، ونقل عن الفرق الطبية القول إن السبب الرئيسي للزيادة في هذه الحالات هو الفجوة الكبيرة في اللقاحات الروتينية، وانخفاض مستوى التطعيم بين الأطفال.
وقال إنه من الواضح أن هناك حاجة لتوسيع نطاق أنشطة التطعيم، وأنه قد أتيحت له الفرصة لمناقشة هذا الموضوع مع وزير الصحة في حكومة الانقلابيين الحوثيين، وأكد أنهم سيبذلون الجهود لتوفير اللقاحات للجميع.
وخلال زيارته عدداً من المستشفيات التي تديرها المنظمة في مناطق سيطرة الميليشيات، ذكر الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود» أن الأقسام الطبية غالباً ما تكون مزدحمة، وتعمل بأكثر من 100 في المائة من طاقتها الاستيعابية، وقال إنه شاهد في محافظة حجة عدداً كبيراً من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد المصحوب بمضاعفات.
وذكر أنه كان من الممكن منع وقوع الكثير من هذه الإصابات لو حصلت الأمهات الحوامل على الرعاية الصحية أثناء الحمل، وحصل الأطفال على الغذاء الضروري وخدمات الرعاية الصحية في الوقت المناسب.


مقالات ذات صلة

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

صحتك الأحماض الدهنية توجد بشكل طبيعي في عدة مصادر غذائية (الجمعية البريطانية للتغذية)

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

كشفت دراسة أجرتها جامعة جورجيا الأميركية عن أن الأحماض الدهنية «أوميغا-3» و«أوميغا-6» قد تلعب دوراً في الوقاية من 19 نوعاً مختلفاً من السرطان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الزواج يقلل احتمالية الإصابة بالاكتئاب (رويترز)

دراسة: المتزوجون أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص غير المتزوجين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 80 في المائة مقارنة بالمتزوجين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك يلعب الضوء دوراً كبيراً في رفاهيتنا وصحتنا النفسية والعقلية (رويترز)

كيف يؤثر الضوء على صحتك العقلية؟

للضوء دور كبير في رفاهيتنا وصحتنا النفسية والعقلية. ولهذا السبب يميل كثير منا إلى الشعور بمزيد من الإيجابية في فصلَي الربيع والصيف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الدراسة وجدت أن درجة حرارة الجسم لدى المصابين بالاكتئاب تكون أعلى من درجة حرارة غير المصابين بالمرض (رويترز)

دراسة تكشف عن وجود علاقة بين الاكتئاب ودرجة حرارة الجسم

كشفت دراسة علمية جديدة أن درجة حرارة الجسم لدى المصابين بالاكتئاب تكون أعلى من تلك الخاصة بغير المصابين بالمرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك نقضي ما يقرب من ثلث حياتنا في النوم ومع ذلك لا يزال كثير منا لا يعرف كيفية القيام بذلك بشكل صحيح (أرشيفية - رويترز)

لهذه الأسباب نحتاج إلى الضوضاء لنتمكن من النوم

هناك عدة أسباب قد تجعلنا نحتاج أو نريد الضوضاء للنوم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.